أسواق وقضايا الطاقة

أسعار البنزين في مصر: قراءة من منظور المتغيرات الراهنة

جاءت الحرب علي غزة وما صاحبها من توترات في البحر الأحمر وتأثر حركة الملاحة والشحن، لتؤكد المخاوف العالمية من أزمة الطاقة والتخوف من اتساع دائرة الصراع، بالإضافة إلى تفاقم أزمة الوقود عالميًا وتأثر بها العديد من دول العالم، حيث انعكست تبعاتها على الاقتصاد العالمي، وحدوث موجة حادة من التضخم العالمي، وبالتالي ارتفاع تكلفة الاستيراد لمختلف دول العالم، حيث يبلغ متوسط سعر البنزين عالميًا حاليًا حوالي 1.31 دولارًا لكل لتر بنزين. وعليه باتت أسعار البنزين محط أنظار العالم وذلك بعد الزيادات الحادة التي شهدتها مختلف دول العالم جراء أزمة الطاقة العالمية

منذ حوالي 5 سنوات وتحديدًا من بداية أكتوبر من عام 2019، بدأت مصر تطبيق آلية للتسعير التلقائي لبعض المنتجات والمشتقات البترولية، وذلك بعد ما تبنت الحكومة المصرية برنامج نفذته على عدة سنوات بهدف تحرير أسعار الوقود، وعليه تجتمع لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية لتحديد الأسعار الجديدة  كل 3 شهور. حيث تشهد أسعار الوقود في مصر مراجعة كل 3 أشهر، وفقًا لآلية تعتمد على سعر برميل النفط في السوق العالمية، وتحركات الدولار أمام الجنيه.

أسعار النفط الخام وعلاقتها بأسعار البنزين عالميًا

بشكل عام، هناك العديد من العوامل التي تحدد سعر البنزين والتي من أهمها: أسعار النفط الخام والتي تتحكم بشكل كبير فى تحديد أسعار البنزين داخل مختلف دول العالم، وعلى سبيل المثال نجد أن سعر النفط الخام يتدخل بنسبة حوالي أكثر من 55% فى تحديد سعر البنزين داخل الولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلى تكاليف التكرير والتصفية، وتكاليف التوزيع والتسويق، وبالتالي تُشكل أسعار النفط الخام العامل الأكثر تأثيرًا فى تحديد أسعار البنزين، وهذا يعني أنه كلما كان اعتماد الدولة على استيراد النفط الخام زاد تأثر أسعار البنزين لديها بتقلبات سوق النفط العالمي، كما أن النفط سلعة عالمية.

ولذلك نجد أن الصعود الحاد الذي شهدته أسعار النفط عالميًا منذ نهاية عام 2021 وبداية التعافى الاقتصادي قبل أن تسجل مستويات غير مسبوقة في نهاية فبراير من العام الماضي 2022 وذلك في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية. وذلك قبل أن تهدأ حدة الارتفاع مؤخرًا على خلفية مخاوف تباطؤ الطلب على النفط الخام، كان لها التأثير الأكبر فى ارتفاع أسعار البنزين عالميًا، ولكن مع بداية الحرب في غزة عادت الأسعار للارتفاع ولكن بمعدلات بطئية نسبيًا (حوالي 6 دولار للبرميل الواحد).

وأمام ما تقدم، تعتمد حدة الأزمة الاقتصادية على مدى اتساع الحرب في غزة وتداعياتها على حركة النفط الخام، والذي قد يتسبب في ارتفاع أسعار النفط قد إلى أكثر من 100 دولارًا للبرميل النفطي الواحد مقارنة بنحو 86 دولار حاليًا، كما قد يتسبب استمرار الحرب علي غزة إلى ارتفاعات كبيرة في أسعار الطاقة، ومن المتوقع أن تظل أسواق النفط في حالة من الترقب والتقلب مع تطورات الأزمة الراهنة. ويوضح الشكل التالي حركة أسعار البنزين.

وهنا يجب الإشارة إلى أن أي اختلاف بين البيانات السعرية وما قد يراه المواطن علي أرض الواقع، ربما يعود إلى التغير في أسعار صرف العملات أمام الدولار الأمريكي من جهة، وكذلك الفارق بين سعر الصرف الرسمي وسعر الصرف في السوق من جهة أخرى، وعليه يمكن القول إن معادلة تسعير المنتجات البترولية تتكون من 3 مدخلات رئيسية وهي

  • أسعار النفط العالمية.
  • أسعار صرف الدولار الأمريكي.
  • أعباء التداول.

وبالتالي جاءت ارتفاع أسعار النفط الخام (فوق 80 دولارًا للبرميل) ليفوق توقعات موازنات العديد من دول العالم للعام الحالي، وهو ما يشكل مكاسب لخزائن بعضها، ويتسبب في ضغوط على دول أخري والتي تعتمد على الاستيراد لتوفير الوقود والمنتجات البترولية لأسواقها المحلية.

آلية تسعير الوقود في مصر:

فى أكتوبر من عام 2019، اعتمدت الدولة المصرية آلية جديدة من أجل التسعير التلقائي والعادل والتي تهدف إلى تحرير أسعار الوقود، وذلك من خلال ربطه بالأسعار العالمية للنفط الخام، ومن أجل خفض تكلفة دعم المواد والمنتجات البترولية في الموازنة العامة للدولة المصرية. مصر تستورد غالبية احتياجاتها من المنتجات والمشتقات البترولية، وبالتالي فإنها تواجه ضغوطات مالية كبيرة، وذلك بسبب الارتفاع الضخم في أسعار النفط منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية. وعليه فإن لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية هي المسؤولة عن تحديد أسعار البنزين الجديدة في مصر، وتهدف لجنة التسعير إلى تحقيق البيع لتلك المنتجات بشكل عادل، وفيما يلي أهم النقاط الرئيسة والتي تعتمد عليها طريقة وكيفية تحديد أسعار البنزين الجديدة من خلال لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية:

  • يتم تحديد الأسعار طبقًا لمعادلة سعرية.
  • تتضمن المعادلة السعرية الربط بين أسعار خام برنت وأسعار الصرف وكذلك التكلفة.
  • تم ربط أسعار المنتجات البترولية في السوق المحلية بالأسعار العالمية وذلك في ضوء التكلفة بشكل تلقائي.
  • يتم مراجعة سعر بيع المنتجات البترولية، فى السوق المحلية على ألا تتجاوز نسبة التغيير فى سعر البيع المستهلك ارتفاعًا أو انخفاضًا عن 10% من سعر البيع الساري.
  • يتم ربط سعر بيع المنتجات البترولية بالسوق المحلية باستثناء البوتاجاز والمنتجات البترولية المستخدمة من قبل قطاعى الكهرباء والمخابز.
  • تطبق آلية التسعير التلقائى على المنتجات البترولية تسليم المستهلك شاملًا الضريبة على القيمة المضافة باستثناء البوتاجاز والمنتجات البترولية المستخدمة من قبل قطاعى الكهرباء والمخابز.

وعليه تأخذ اللجنة في اعتبارها، خلال مراجعة الاسعار، التطورات التي تشهدها الأسواق العالمية، وحركة أسعار النفط العالمية خلال الفترة التي تسبق قرارها. وبشكل عام ووفقًا للتغيرات التي  الذي تحدث لأهم مؤثرين ومحددين لتكلفة إتاحة وبيع المنتجات البترولية فى السوق المحلية وهما:

  • السعر العالمي لبرميل خام برنت.
  • وتغير سعر الدولار أمام الجنيه.

ونص قرار تشكيل اللجنة -التي حُدد لها الاجتماع بشكل دوري كل 3 أشهر للنظر في أسعار البنزين في مصر والمشتقات النفطية الأخرى- على مراجعة أسعار المنتجات النفطية بأنواعها وفقًا لمعادلة سعرية تراعي 3 مكونات رئيسة وهي أسعار النفط العالمية من خام برنت، وسعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصري، واحتساب قيمة النقل والتكرير والأعباء الأخرى، الشكل التالي يوضح الزيادات الأخيرة في أسعار الوقود اليوم.

تعتمد مصر على سد احتياجاتها من المواد البترولية من الإنتاج المحلي ثم استيراد المتبقي من الخارج وذلك لسد الفجوة بين الإنتاج المحلى والاستهلاك.

واقع المنتجات البترولية في مصر:

الدولة تستورد الجزء الأكبر من احتياجاتها من المنتجات البترولية من الخارج، بإجمالي يصل إلى نحو حوالي 100 مليون برميل سنويًا، وهو رقم كبير للغاية، ولنا أن نتخيل في هذا الصدد أن الموازنة العامة للدولة 2021-2022، كانت قائمة على حساب سعر برميل البترول على أساس 60 دولارًا للبرميل الواحد (حاليًا يتم احتسابه علي حوالي 80 دولارًا للبرميل)، وهو السعر الذي كان سائدًا خلال تلك الفترة التي تم إعداد موازنة الدولة خلالها، بل كان متوقعًا أن يستمر هذا السعر خلال العام المالي الماضي.

وفقًا لما سبق، ينعكس تأثير زيادة أسعار النفط سلبيًا على الموازنة العامة للدولة، إذ خصصت الحكومة دعمًا للمواد البترولية بقيمة 119.41 مليار  بموازنة العام المالي 2023-2024 مقابل 58 مليار جنيه في العام المالي السابق 2022-2023 بزيادة قدرها نحو 61 مليار و 325 مليون جنيه بنسبة زيادة 105.6%، وحددت الموازنة أن دعم البترول تم احتسابه على أساس متوسط سعر للبرميل الواحد يبلغ 80 دولارًا (فرق سعري حالي ومتغير حوالي 7 دولارًا للبرميل)، ومن شأن كل زيادة بقيمة دولار واحد في سعر برميل النفط عن السعر المحدد بالموازنة أن تؤدي إلى تغير في حجم الدعم المخصص لذلك البند بحوالي أكثر من 4 مليارات جنيه.

والنظر إلي استهلاك مصر من السولار (الذي لم يتم تحريكه خلال العديد من المناسبات) يوميًا يبلغ حوالي 42 مليون لتر، بمثابة 1.25 مليار لتر كل شهر، أي نحو حوالي 15 مليار لتر سنويًا من السولار، والدولة تحملت في 3 أشهر فقط حوالي نحو 4.25 جنيه دعم على كل لتر سولار، سنجد أن الدولة تتحمل دعم يصل إلي حوالي 178 مليون جنيه، ولكن القيادة السياسية ذهبت إلي قرار تثبيت سعر السولار لفترات طويلة سابقة (بالرغم من زيادة الفجوة السعرية بين تكلفة توفيره وسعر بيعه في السوق المحلي)، كون أي زيادة في أسعار السولار قد تؤدي إلي ارتفاع في جميع السلع والمواصلات، مع توجيه الحكومة بضرورة ترشيد استهلاك الوقود بنسبة حوالي 50%. ولذلك ووفقًا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي للحكومة تقرر عدم المساس بسعر رغيف الخبز المدعم وعلى إن تتحمل الدولة فرق الزيادة (الافران التي تعمل بالسولار) حيث يحصل المواطن (صاحب البطاقة التموينية)على رغيف الخبز الواحد بقيمة 5 قروش وتتحمل الدولة باقي تكلفة الرغيف (تتجاوز أكثر من جنيه).

واستكمالًا لما سبق، نجد إنه هناك فجوة بين معدلات الإنتاج والاستهلاك والطلب المحلي من النفط الخام ومشتقاته البترولية ومن اعتماد الدولة المصرية على الواردات النفطية، ولذلك نجد إنه هناك إحتمالية كبيرة في إن تُساهم ارتفاع مستويات أسعار النفط في زيادة فاتورة الواردات النفطية بما قد يؤثر على الاحتياطي النقدي المصري بشكل سلبي، ويضغط على قيمة الجنيه مقابل الدولار وبالتالي قد يؤثر على معدلات التضخم المرتفعة بالفعل. حيث بلغت قيمة صادرات النفط الخام نحو حوالي أكثر من 2332 مليون دولار بنهاية العام المالي 2022-2023 مقابل واردات بترول خام تبلغ حوالي 3277 مليون دولار، ويوضح الشكل التالي حركة أسعار البنزين خلال الفترة الماضية.

أمام ما تقدم، تراجعت قيمة واردات مصر من النفط ومشتقاته في العام الماضي بنسبة حوالي 6% على أساس سنوي، وذلك على خلفية انخفاض أسعار النفط الخام عالميًا، وذلك بعد ارتفاعها في عام 2022 بسبب الحرب الروسية الأوكرانية. حيث بلغت قيمة واردات مصر النفطية حوالي 11.8 مليار دولار في عام 2023، بتراجع حوالي 746 مليون دولار عن الفاتورة المسجلة في عام 2022، والبالغة حوالي 12.5 مليار دولار، كما هو موضح في الشكل التالي.

وبشكل عام، عملت الدولة المصرية في عام 2023 على تحقيق الاستقرار للسوق المحلية، إذ تمت تلبية الاحتياجات المحلية للمواطنين وقطاعات الدولة المختلفة من المشتقات النفطية والغاز الطبيعي.

سجلت صادرات مصر من النفط الخام ارتفاعًا في العام الماضي، لتصل إلى حوالي 0.075 مليون برميل يوميًا، مقارنة مع 0.071 مليون برميل يوميًا في عام 2022.

واستكمالًا لما سبق، من المتوقع أن يرتفع إنتاج النفط في مصر خلال العام الحالي وفق الخطط المصرية الطموحة لرفع معدلات الإنتاج بنسبة حوالي 11% من حوالي 590 ألف برميل يوميًا إلي حوالي 650 ألف برميل يوميًا من النفط الخام، وذلك من خلال زيادة الرقعة الاستكشافية ورفع معدلات الإنتاج الحالية.

مصر الأرخص عالميًا في أسعار البنزين

وعلى الرغم من الزيادة الحالية؛ فلا تزال أسعار البنزين في مصر في قائمة الأرخص عربيًا؛ إذ إن معدل السعر الجديد البالغ 12.50 جنيهًا (0.27 دولارًا / السعر الحالي) للتر بنزين 92 الأكثر تداولًا. حيث احتلت مصر المركز رقم 14 على مستوى العالم فى الدول الأرخص فى أسعار الوقود وذلك في نهاية العام الماضي، فيما احتلت دولة مثل المملكة العربية السعودية (الدولة الأكثر إنتاجًا للنفط الخام بحوالي 10.7 مليون برميل من النفط الخام يوميًا) المركز رقم 22 عالميًا و دولة الأمارات العربية المتحدة فى المركز رقم 45 عالميًا (كانت أسعار البنزين في الإمارات لشهر فبراير الماضي قد شهدت ارتفاعًا، مع ارتباك أسعار النفط العالمية، على خلفية تزايد المخاوف من التوترات الجيوسياسية بسبب هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، وتعطّل حركة الشحن)، وفي منتصف فبراير من العام الماضي جاءت مصر فى المركز السابع كأرخص دولة بالعالم فى أسعار بيع البنزين، ولكن تحتل مصر حاليًا المركز الرابع بمتوسط سعر لتر بنزين بلغ حوالى 0.27 دولار (حتي بعد الزيادة الحالية)، وجاءت دولة فنزويلا فى المركز الأول فى ترتيب أرخص دول العالم فى بيع البنزين (الدولة الأكبر في حجم الاحتياطي المؤكد من النفط الخام بحوالي 302 مليار برميل من النفط)، تليها إيران وليبيا ومصر والجزائر والكويت، والجدير بالذكر إن السعر المتوسط للبنزين عالميًا يبلغ حوالي 1.31 دولار للتر الواحد (ما يعادل بين 60 جنيها وحتى 64 جنيهًا)، وجاءت هونج كونج فى الترتيب الأول عالميًا من حيث الأغلي عالميًا بحوالي 2.941 دولارًا للتر، كما موضح بالشكل التالي.

ووفقًا لما سبق، نجد أنه تصدرت 7 دول قائمة أقل أسعار البنزين عالميًا، من بينها 4 دول عربية، جاءت ضمن المنافسة وذلك بفضل حالة الاكتفاء التي تشهدها فيما يتعلق بإنتاج النفط الخام ومنهم ليبيا والجزائر والكويت، أو عوامل أخرى منها دعم الوقود وإدارتها لملف المنتجات والمواد البترولية بشكل قوي واقتصادي ومنهم الدولة المصرية، مما يجعلها قادرة على السيطرة على أسعار المشتقات والمنتجات البترولية بشكل ناجح (ولذلك نجد إن التحريك يظل بمستويات بطئية نسبيًا). ونجد أن فنزويلا تحظى بلقب أرخص دولة في البنزين عالميًا، وذلك بفضل انخفاض سعر عملتها المحلية بحوالي 10%، بالإضافة إلي تخفيف العقوبات المفروضة على النفط الفنزويلي بهدف جلب المزيد من المنتجات النفطية المكررة، وذلك ما فسر سعي جو بايدن الرئيس الأمريكي إلى التفكير في تخفيف تلك العقوبات، وذلك من أجل رفع مستويات واردات النفط الفنزويلي إلي واشنطن، وذلك في ظل أزمة وقود طاحنة ضربت واشنطن وذلك منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية. ونجد أن ليبيا تحتل المركز الأول في قائمة الأرخص بين الدول الأفريقية كما هو موضح بالشكل التالي، ولكنها تُعد ثاني أرخص دولة في البنزين على مستوى العالم، وذلك لأنها تسعى للحفاظ على مستويات أسعار الوقود لديها دون تحريك منذ سنوات طويلة، في ظل أزمات سياسية قاسية تضرب البلاد وبالإضافة إلى معدلات الإنتاج الليبي من النفط الخام والذي وصل إلى مستوي حوالي 1.215 مليون برميل يوميًا.

بالإضافة إلى ما سبق، مصر رغم كونها فى المركز الرابع (الترتيب الحالي) ضمن قائمة الأرخص عالميًا من حيث ثمن اللتر، الإ أنها على عكس الدول التي تأتي قبلها فهى ليست على قائمة الأكبر من حيث احتياطيات النفط الخام، فعل سبيل المثال تحتل فنزويلا المركز الأول من حيث احتياطيات النفط الخام بحوالي 302 مليار برميل، وإيران تحل ثالثًا بحوالي 209 مليار برميل من النفط الخام، بينما تأتي مصر فى المركز رقم 28 عالميًا  بحوالي 3.3 مليار برميل، وعند النظر إلى مستويات الإنتاج نجد أن مصر تقع فى المرتبة 24 عالميًا بحوالي 590 ألف برميل يوميًا وذلك مقارنة بمستويات الإنتاج فى الولايات المتحدة الأمريكية والتي تقع فى المرتبة الأولي بحوالي 11.3 مليون برميل من النفط الخام يوميًا، وبالنظر إلى عدد السكان فإن مصر تسبق جميع الدول العشرين الأرخص عالميًا من حيث سعر البنزين وذلك بنحو حوالي 104 مليون نسمة فيما عدا نيجريا حيث يبلغ عدد سكانها حوالي 219 مليون نسمة وتحتل المركز التاسع عالميًا على قائمة الأرخص والخامس أفريقيًا فيما تبلغ احتياطاتها النفطية المؤكدة حوالي 36 مليار برميل أي أكثر بحوالي 10 أضعاف الاحتياطيات المصرية النفطية.

وأيضًا نجد أنه هناك فروقًا ملحوظة ما بين الدول على مستوى العالم، فعلى سبيل المثال تكون الأسعار في الدول الغنية والكبري مرتفعة وذلك بالمقارنة مع الدول النامية والأقل دخلًا، أما الدول المنتجة والمصدرة للنفط فتكون الأسعار أقل منها بكثير، وتعود تلك الفروق في أسعار الوقود إلى الدعم الحكومي للبنزين وحجم الضرائب، فيشتري جميع دول العالم النفط بنفس الأسعار العالمية ولكنها فيما بعد تفرض ضرائب مختلفة مما يؤدي إلى اختلاف أسعار التجزئة للبنزين وبالإضافة إلى أسعار صرف الدولار الأمريكي. نجد علي سبيل المثال دولة مثل ألمانيا يصل بها السعر إلي حوالي 1.95 دولارًا للتر وهو رقم كبير نسبيًا، كما هو موضح في الشكل التالي.

ومن هنا يجب إلقاء الضوء علي أبرز مظاهر أزمة أسعار البنزين عالميًا:

  • اتساع الفجوة بين أسعار الوقود (متوسط السعر العالمي) وسعر النفط العالمي إلي ما يقارب حوالي 45 دولارًا للبرميل.
  • تراجع مخزونات العديد من الدول الكبري المنتجة للنفط وبالتالي انعكس ذلك علي أسعار الديزل والبنزين فى العالم.
  • القرار الروسي الأخير بالحظر لمدة حوالي 6 أشهر على صادرات البنزين، وذلك اعتبارًا من شهر مارس الجاري، وذلك للحفاظ على استقرار الأسعار في ظل تزايد طلب المستهلكين والمزارعين، ولإتاحة الفرصة لصيانة المصافي في ثاني أكبر مصدر للنفط في العالم، وتُعد الدول الأفريقية أكبر مستوردي البنزين الروسي، من بينها نيجيريا وليبيا وتونس.
  • قيام العديد من الدول الكبرى المنتجة للنفط مثل المملكة العربية السعودية والإمارات وغيرهما بزيادة أسعار أنواع الوقود المختلفة.
  • بعض الدول قامت برفع مستويات أسعار البنزين بحوالي 4 مرات خلال العام الماضي مثل الأردن والإمارات.
  • وصول معدلات التضخم إلى مستويات قياسية فى العديد من دول العالم مثل الولايات المتحدة الأمريكية والتي وصل بها معدل التضخم إلي مستويات لم تشهدها البلاد منذ عقود، فوصل سعر جالون البنزين إلى حوالي 5 دولارات وذلك للمرة الأولى فى تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية قبل الوصول إلى حوالي 4 دولارات.
  • تعانى القارة الأوروبية من عجز واضح فى إمدادات المنتجات البترولية والذي بلغ حوالي أكثر من مليون برميل يوميًا، وسجلت تكلفة لتر البنزين فى بعض دول القارة أكثر من حوالي 2.8 دولارًا فى بداية الحرب الروسية الأوكرانية، بالإضافة إلى دخول الحظر على المنتجات البترولية الروسية حيز التنفيذ.

خلاصة القول، تطورات خطيرة شهدها ملف النفط والطاقة العالمي وذلك منذ عام 2022، حيث تُعد الأسواق النفطية العالمية مرتبطة ببعضها البعض، فتأثر سعر النفط العالمي سيؤثر على أسعار البنزين وغيره من المشتقات والمنتجات البترولية في جميع دول العالم، وبصفة خاصة فمصر كبقية دول العالم تأثرت بالارتفاعات السعرية والتي شهدتها أغلب الأسواق النفطية على مستوى العالم. ولكن الدولة المصرية بذلت جهودًا كبيرًا بهدف الحفاظ على السيطرة على أسعار البنزين والمشتقات البترولية وتحملت عبئًا ماليًا كبيرًا وذلك لدعم المواد البترولية بالإضافة إلى القدرة المصرية على توفير المنتجات البترولية محليًا وهو ما قلص الإعتماد على الاستيراد بشكل كبير، وذلك لوجود خطة إستراتيجية لتحقيق الإكتفاء الذاتي من المشتقات البترولية خلال العام الجاري وذلك عن طريق التوسع في إنشاء معامل التكرير وهو الأمر الذي سيساعد الدولة فى إطالة حالة الاستقرار والاستدامة فى ملف المنتجات والمواد البترولية، وبالإضافة إلى زيادة معدلات الحفر الاستكشافي.

+ posts

دكتور مهندس متخصص في شؤون النفط والطاقة

د. أحمد سلطان

دكتور مهندس متخصص في شؤون النفط والطاقة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى