مقالات رأي

«سيظل بعيد المنال»!

«حتى لو نجحت إسرائيل، في إبرام اتفاقيات تطبيع مع جميع الدول العربية، فإن السلام الدائم والعادل والشامل في الشرق الأوسط، سيظل بعيد المنال، ما لم تقم الدولة الفلسطينية، وفق قرارات الشرعية الدولية». تمثل هذه الجملة في خطاب الرئيس عبدالفتاح السيسي أمام القمة العربية ببغداد أمس رسالة لأطراف عديدة لم يحدث أن كانت بمثل ذلك الوضوح من قبل. الأهم أنها رسالة من رئيس مصر التي تعرف وحدها كيف يكون السلام وتكلفة ما دونه على دول المنطقة كافة، بما فيها إسرائيل نفسها. كما أنها تأتى في وقت استثنائي يحمل الكثير من المخاطر على المنطقة بأسرها، من الوارد أن يفهم البعض أن الرسالة موجهة لمتخذي القرار في المنطقة وللمعنيين بأمر الاستقرار فيها، وفى مقدمتهم الولايات المتحدة.

إنها بالفعل رسالة تذكير وتحذير لهؤلاء جميعا، فالمنطقة لا تتحمل «لهوا» بمقدراتها ولا استسهالا في طرح مبادرات أقل ما توصف به أن تنم عن درجة غير مسبوقة من المراهقة السياسية، ولا لعبا بأعواد الثقاب في منطقة تمتلئ ببراميل الوقود السياسي القابل للانفجار في أي لحظة.

الكلمة تستهدف إذن أطرافا كثيرة. أتصور أن أهم طرف تستهدفه هو الشعب الإسرائيلي نفسه، كونه يتعرض لأكبر عملية خداع يقوم بها رئيس حكومته لأهداف ما عاد خافيا على ذلك الشعب أنها أهداف شخصية تماما لنتنياهو. يعرف الشعب الإسرائيلي كم يكره نتنياهو السلام كما تفهمه كل شعوب العالم وليس كما يفهمه نتنياهو.

نتنياهو يتخيل أن بإمكانه اغتصاب السلام بالقوة كما يغتصب الأرض وأرواح البشر! يتخيل أن حذف الفلسطينيين جغرافيا من خريطة المنطقة وإنسانيا من لائحة الجنسيات الموجودة في العالم يمكن أن يجلب للإسرائيليين السلام. يتخيل أن تطبيعا مع الدول العربية يمكن أن يتم وأن يجلب سلاما لإسرائيل وللمنطقة ولو على جثة الفلسطينيين أرضا وشعبا.

الرئيس السيسي يقول باختصار للإسرائيليين إن كل ما يقوم به نتنياهو هو أضغاث أحلام سيدفع الجميع ثمنها غاليا، فما هكذا يكون السلام الحقيقي مع نتنياهو، وبتلك الأحلام «سيبقى السلام بعيد المنال».

نقلًا عن جريدة الأهرام

+ posts

رئيس وحدة دراسات الرأي العام

د.صبحي عسيلة

رئيس وحدة دراسات الرأي العام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى