الحرب الروسية الأوكرانيةأسواق وقضايا الطاقةالأمريكتان

المعادن الحرجة في أوكرانيا: السباق الأمريكي نحو السيطرة على موارد المستقبل

في 28 فبراير 2025، شهد البيت الأبيض مشادة كلامية مثيرة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونائبه جيمس فانس من جهة، والرئيس الأوكراني فولوديميز زيلينسكي من جهة أخري، وذلك في اجتماع استثنائي حضره عدد من الصحفيين. وأثناء الاجتماع، اتهم “ترامب” “زيلينسكي” بأنه يقامر بإشعال حرب عالمية ثالثة، وهو الأمر الذي أدى إلى توتر الأجواء بشكل كبير. وعلى إثر هذه المشادة غادر الرئيس الأوكراني البيت الأبيض، وقد أشار المتحدث باسم البيت الأبيض إلى أن اتفاق المعادن الذي كان من المفترض أن يُوقع بين الولايات المتحدة الأمريكية وأوكرانيا لم يتم التوصل إليه بسبب هذا التوتر.

في سياق التنافس الدولي المحموم على المعادن الحرجة التي تُعد من الموارد الاستراتيجية الأساسية التي تدخل في صناعة مجموعة واسعة من المنتجات التكنولوجية الحديثة، مثل: الهواتف الذكية، والسيارات الكهربائية، وأجهزة الحواسيب؛ اقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إطارًا جديدًا للتعاون بين الولايات المتحدة وأوكرانيا. هذا الإطار يعتمد على ربط تقديم المساعدات الأمريكية لأوكرانيا بالحصول على حق الوصول إلى هذه المعادن النادرة، التي تُشكل أحد الركائز الأساسية للتطور التكنولوجي والعسكري في العصر الحديث.

يتجه العالم نحو صراع جديد بين القوى الكبرى لن يقل ضراوة عن الحروب من أجل السيطرة عن الموارد الطاقية التقليدية، فالتحديات التي تفرضها الأزمة المناخية من ناحية ومتطلبات الثورة الرقمية بتقنياتها المتقدمة في مختلف مناحي الحياة المعاصرة من ناحية أخرى تدفعان العالم نحو صدام جيوسياسي، بين دول تسعى إلى امتلاك الموارد الأساسية لكسب هذه الرهانات. 

بذلك تكون معالم تشكيل خريطة سياسية جديدة مسألة وقت فقط، في ظل توالي المؤشرات الدالة على صراع محتدم حول الموارد الجديدة. وبينما تحظى المعادن باهتمام سياسي متزايد أصبحت مندمجة في منافسة أوسع نطاقًا، مع تركيز الدول بصورة متزايدة على التخفيف من نقاط الاختناق والضعف وتعزيز الاكتفاء الذاتي وحتى تجارة الموارد والمواد الخام.

والواقع أن سلاسل توريد المعادن من الاستكشاف الجيولوجي والاستخراج من المنبع وعمليات التصنيع إلى المصب لا تتشكل من قبل الأسواق، بل من الأطر السياسية التي صيغت في العواصم الوطنية، وبدأت هذه الأطر بالفعل في تشكيل أنشطة الصناعة وتدفقات التجارة وحتى الابتكارات التكنولوجية بصورة ملموسة.

وعليه، فإن فهم المسار المستقبلي لقطاع المعادن الحرجة يتطلب تحليلًا متناسبًا للواقع السياسي الجاري، وهذا يشمل كيفية تحديد الدول والسياسات أي المعادن الحاسمة أو الاستراتيجية، وكيف يتم تقييم ومطاردة أمن المعادن فضلًا عن التهديدات التي تواجهها، وكيف تتفاعل الأهداف السياسية المتنوعة والمتناقضة في بعض الأحيان في ما يتصل بسلاسل توريد المعادن وتؤثر في التوترات السياسية والنزاعات الدولية.

وفي إطار هذا التوجه العالمي، عبر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن اهتمامه بتوقيع صفقة مع أوكرانيا تمنح الولايات المتحدة إمكانية الوصول إلى معادنها الأرضية النادرة. على وجه الخصوص، أشار ترامب إلى رغبة بلاده في الحصول على معادن نادرة من أوكرانيا تصل قيمتها إلى حوالي 500 مليار دولار، وهو مبلغ ضخم يعكس الأهمية الجيوسياسية والاقتصادية لهذه المعادن. وتسعى واشنطن بشكل أساسي إلى تنفيذ هذا الاتفاق لفتح المجال أمام تعاون استراتيجي بين البلدين في هذا المجال الحيوي.

وتُعد صفقة المعادن بين الولايات المتحدة وأوكرانيا جزءًا لا يتجزأ من سياسة “ترامب” لتوظيف القوة الاقتصادية في تحقيق أهداف سياسية، مع إضفاء طابع اقتصادي على الدعم الأمريكي لأوكرانيا، مما يجعل المساعدات العسكرية والاقتصادية مرتبطة بشكل أكبر بمصالح الولايات المتحدة الاقتصادية في المنطقة. من جانب آخر، فإن أوكرانيا، التي تواجه تحديات اقتصادية وأمنية جراء النزاع المستمر مع روسيا، قد تجد في هذا التعاون فرصة لتعزيز علاقاتها الاقتصادية مع الولايات المتحدة وتحقيق فوائد اقتصادية طويلة الأمد من خلال تصدير المعادن النادرة.

في إطار مساعيها لتعزيز نفوذها الاقتصادي والجيوسياسي، قدمت إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عرضًا لأوكرانيا يتضمن منح الولايات المتحدة 50% من ملكية المعادن الأرضية الحرجة في البلاد، وذلك في مقابل نشر القوات الأمريكية لحمايتها في حال تم التوصل إلى اتفاق مع روسيا لإنهاء الحرب. وفي ظل الحاجة المتزايدة لهذه المعادن في الصناعات التكنولوجية والعسكرية، خاصةٍ في ظل الهيمنة الصينية على هذا القطاع، فإن هذا العرض يعد خطوة استراتيجية بالغة الأهمية بالنسبة للولايات المتحدة.

بدلًا من أن تدفع الولايات المتحدة ثمن هذه المعادن النادرة، ستتمكن أوكرانيا من استخدام اتفاقية الملكية كوسيلة لسداد مليارات الدولارات من الأسلحة والدعم الذي قدمته واشنطن لها منذ بداية الحرب مع روسيا في فبراير 2022. هذا الحل يمثل طريقة غير تقليدية لتسوية الديون التي تراكمت على أوكرانيا، وفي نفس الوقت يتيح للولايات المتحدة الوصول إلى الموارد المعدنية الثمينة التي تشكل ركيزة أساسية للأمن التكنولوجي والصناعي.

جاء هذا المقترح عندما قدم وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت، مسودة عقد للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. لكن “زيلينسكي” رفض توقيع الوثيقة، مشيرًا إلى أنه بحاجة إلى وقت لدراستها والتشاور مع آخرين بشأنها. هذا الرفض لا يعكس بالضرورة رفضًا تامًا للصفقة، بل يشير إلى أهمية المسألة بالنسبة لأوكرانيا، حيث إنها تتعلق بمصير ثرواتها الطبيعية وقدرتها على استعادة الاستقرار الاقتصادي بعد الحرب.

الأمر اللافت هو أن هذا المقترح الأمريكي ليس بعيدًا عن تصورات كييف نفسها. ففي أكتوبر الماضي، كان الرئيس “زيلينسكي” قد اقترح بالفعل فكرة شراكة استراتيجية مع الدول الحليفة لاستغلال الثروات المعدنية لأوكرانيا. وهذا يعكس رغبة أوكرانيا في الاستفادة من مواردها الطبيعية لتعزيز قدرتها الاقتصادية في المستقبل.

أمام ما تقدم، تحمل هذه الخطوة أهمية استراتيجية خاصة في ضوء ما تمتلكه أوكرانيا من ثروات معدنية هائلة. إذا تمت الموافقة على هذه الصفقة، فإن أوكرانيا قد تتحول إلى قوة عالمية في قطاع المعادن النادرة، ما يعزز مكانتها في الاقتصاد العالمي. في الوقت ذاته، يسعى “ترامب” من خلال هذا العرض إلى توفير بدائل موثوقة للولايات المتحدة لتقليل اعتمادها على الصين في هذه المعادن الحيوية، وبالتالي تعزيز أمنها الاقتصادي والتكنولوجي.

بشكل عام، تعد أوكرانيا واحدة من القوى العالمية البارزة في مجال الموارد المعدنية، حيث تمتلك نسبة كبيرة من إجمالي المعادن النادرة على مستوى العالم بفضل تنوع تضاريسها الجيولوجية. والجدير بالذكر، تستحوذ أوكرانيا على حوالي 5% من الاحتياطيات العالمية المؤكدة من المعادن الحرجة (مختلفة الأنواع)، كما هو موضح في الشكل التالي.

استكمالًا لما سبق، تقدر قيمة احتياطيات أوكرانيا من المعادن الحرجة، بما في ذلك الليثيوم، بما يتراوح بين 3 تريليونات و11.5 تريليون دولار، مما يعكس حجم الموارد التي تمتلكها البلاد. تحتوي الأراضي الأوكرانية على نحو 20 ألف مستودع طبيعي يحتوي على 116 نوعًا من المعادن، ومن بينها معادن استراتيجية في مجالات متعددة، من الطاقة النووية إلى صناعة الفضاء، التي تسهم في جعل أوكرانيا قوة اقتصادية وجيوسياسية محورية في اقتصاد المعادن الحرجة. 

كما تحتل أوكرانيا مكانة رائدة في إنتاج الليثيوم، العنصر الأساسي في صناعة البطاريات والسيراميك والزجاج، حيث تمتلك واحدة من أكبر الاحتياطيات المؤكدة في أوروبا بحوالي 500 ألف طن. إضافة إلى ذلك، تحتل أوكرانيا المرتبة الخامسة عالميًا في إنتاج الغاليوم، المستخدم في صناعة أشباه الموصلات والصمامات الثنائية الباعثة للضوء، فضلًا عن كونها مصدرًا رئيسيًا لغاز النيون عالي النقاء، الذي يستخدم في صناعة الرقائق الإلكترونية.

هنا تجدر الإشارة إلى إن أوكرانيا استغلت حوالي 15% فقط من احتياطيات المعادن الحرجة المسجلة وذلك قبل الغزو الروسي، إلا أن الحرب عطلت هذه الاستفادة ويُخشى أن تؤثر على تطور الصناعة في البلاد. من بين المعادن التي تبرز بشكل خاص هي التيتانيوم، الذي يُعد من أهم المعادن في قطاعات حيوية مثل الفضاء والطب والسيارات والصناعات البحرية. وتُعد أوكرانيا أكبر مالك لاحتياطيات التيتانيوم في أوروبا، حيث تمتلك 7% من الاحتياطيات العالمية.

في مجال المعادن الاستراتيجية الأخرى، تحتوي أوكرانيا على رواسب مؤكدة من الزركونيوم والأباتيت المستخدمين في التطبيقات النووية والطبية، والبريليوم الذي يُستخدم في صناعات الطاقة النووية والفضاء والإلكترونيات، إضافة إلى اليورانيوم الذي يُعتبر أساسيا للقطاعين النووي والعسكري. وتشتهر أوكرانيا أيضًا باحتياطياتها الضخمة من خام الحديد والمنجنيز، وهما معدنان أساسيان لإنتاج الصلب الأخضر، حيث كانت البلاد قد وفرت في عام 2021 نحو 43% من واردات الاتحاد الأوروبي من ألواح الصلب. علاوة على ذلك، تحتل أوكرانيا مراتب متقدمة في أوروبا من حيث حجم الرواسب من المعادن غير الحديدية، مثل النحاس (الرابعة في أوروبا)، والرصاص (الخامسة)، والزنك (السادسة)، والفضة (التاسعة).

كما تتمتع أوكرانيا باحتياطيات النيكل والكوبالت في منطقتي كيروفوهراد ودنيبروبتروفسك، التي تعد نسبيًا آمنة من الناحية الجغرافية. وتشكل احتياطيات الجرافيت في البلاد حوالي 20% من الموارد العالمية. إن أوكرانيا، مع احتياطياتها الهائلة والمتنوعة من المعادن الاستراتيجية، تحتل مكانة رائدة بين أكبر 10 منتجين عالميًا لعدد من المعادن الأخرى، مثل البروم والمغنيسيوم المعدني والمنجنيز وحديد الزهر والكاولين.

تسيطر الصين حاليًا على ما بين 85 إلى 90% من عمليات استخراج وتكرير المعادن النادرة، بما في ذلك 92% من صناعة المغناطيسات المشتقة منها. وقد تمكنت بكين من تحقيق هذه السيطرة بفضل استثمارات استراتيجية طويلة الأجل، وسياسات صناعية رشيدة، وتكلفة عمالية منخفضة مقارنة مع الدول الأخرى، فضلًا عن تساهل الأنظمة القانونية في مجالات الصناعات الثقيلة والبيئة.

إزاء هذه الهيمنة الصينية، ينظر المسؤولون الأميركيون والأوروبيون إلى الموارد المعدنية في أوكرانيا كوسيلة لكسر هذا الاحتكار، وهو ما يشير إلى تحول في خريطة التوازنات الجيوسياسية والاقتصادية في العالم. ولكن، تنفيذ هذه الخطط الأميركية يواجه تحديات معقدة، مثل الحاجة إلى استكشاف المزيد من المناطق المعدنية لتحديد الاحتياطيات بدقة، فضلًا عن التحديات الأمنية الناتجة عن استمرار الصراع مع روسيا في المناطق الشرقية والجنوبية من أوكرانيا، حيث تحتدم المواجهات العسكرية.

وبالفعل، فإن تقدم القوات الروسية في هذه المناطق قد منح موسكو السيطرة على احتياطيات مهمة من المعادن النادرة، لاسيما قربها من مناجم الليثيوم في منطقة دونيتسك. وعليه، أن أحد الأسباب الكامنة وراء الدوافع الروسية للحرب في أوكرانيا يتجاوز الأبعاد السياسية والأمنية، إذ يبدو أن السيطرة على هذه الموارد الاستراتيجية كانت أحد أهدافها المعلنة وغير المعلنة.

من جانب آخر، كانت السيطرة الروسية على شبه جزيرة القرم في عام 2014 خطوة استراتيجية ضمن هذا السياق، حيث منح ضم القرم موسكو السيطرة على احتياطيات ضخمة من الغاز الطبيعي في المياه الإقليمية الأوكرانية، تصل قيمتها إلى نحو 13 تريليون متر مكعب، مما يعزز من أهمية هذه المنطقة من الناحية الجيوسياسية.

بالإضافة إلى دوافع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإتمام صفقة المعادن والمرتبطة بالتنافس التكنولوجي العالمي، فإن واشنطن ترى في هذا الاتفاق جزءًا من مسار تسوية الحرب الروسية الأوكرانية، وهي تدرك أن هذا هو التوقيت المناسب لإنجاز الاتفاق، كما تعتقد أن الرئيس الأوكراني “زيلينسكي” بات في موقف ضعف في الوقت الحالي، كما أنها تريد إنجاز الاتفاق سريعًا، وذلك في ضوء أن الكثير من المعادن الأوكرانية، بحسب البيانات الجيولوجية المتاحة، تقع في مناطق شرق أوكرانيا، وهي المناطق التي تشهد المواجهات العسكرية مع روسيا.

أمام ما تقدم، هناك العديد من السينوريوهات المحتملة لتلك الصفقة والتي يمكن تلخيصها في النقاط التالية:

السيناريو الأول: إعادة المفاوضات والتوصل إلى اتفاق مع أوكرانيا: في هذا السيناريو، يتم التوصل إلى اتفاق بين الولايات المتحدة وأوكرانيا، حيث توافق كييف على منح الولايات المتحدة نسبة من احتياطياتها المعدنية مقابل الحماية العسكرية الأمريكية. قد يؤدي هذا الاتفاق إلى تعزيز التعاون بين البلدين، خاصةً في ظل الصراع المستمر مع موسكو. ويمكن أن تكون هذه الصفقة منطلقًا لشراكة استراتيجية طويلة الأمد تشمل أيضًا تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الدولتين. كما ستسهم في تقليل الاعتماد الأوروبي والصيني على المعادن النادرة من أوكرانيا وتوفير بدائل للأسواق العالمية.

السيناريو الثاني: الرفض الأوكراني الكامل: في هذا السيناريو، ترفض أوكرانيا بشكل كامل توقيع الاتفاق بسبب عدة عوامل، أبرزها المخاوف من فقدان السيادة الاقتصادية على مواردها المعدنية المهمة. قد يكون هناك أيضًا معارضة محلية وشعبية واسعة لمثل هذه الصفقة، خاصة إذا اعتبرت بأنها تتضمن تقديم تنازلات غير مبررة في المجال الأمني أو الاقتصادي. إضافة إلى ذلك، قد تظل أوكرانيا تعتبر أن هذا المقترح غير كافٍ لضمان الحماية الكافية من التهديدات الروسية. وهذا السيناريو يمكن أن يؤدي إلى المزيد من التوترات في العلاقات مع الولايات المتحدة، خاصة إذا تزامن مع صراعات داخلية أو اضطرابات سياسية.

السيناريو الثالث: استمرار المفاوضات ووسطية الحل: في هذا السيناريو، تستمر المفاوضات بين الولايات المتحدة وأوكرانيا حول شروط الاتفاق، مع بعض التعديلات والتنازلات من الجانبين. قد يتطلب هذا السيناريو مزيدًا من الوقت والضغط الدولي لإيجاد صيغة توافقية. على سبيل المثال، قد يتضمن الاتفاق إشراك أطراف أخرى، مثل الاتحاد الأوروبي أو حلف شمال الأطلسي (الناتو)، لتوفير ضمانات أمنية إضافية لأوكرانيا وتوسيع نطاق التعاون في القطاعات الاقتصادية الأخرى. كما يمكن أن تتم صياغة الاتفاق بشكل يضمن وجود ضمانات متوازنة لحماية حقوق أوكرانيا مع توفير استفادة فعلية للولايات المتحدة من ثرواتها المعدنية.

السيناريو الرابع: التدخل الروسي في الصفقة: في هذا السيناريو، يمكن أن يكون هناك تدخل روسي في المحادثات حول الصفقة بين الولايات المتحدة وأوكرانيا. بالنظر إلى أن العديد من احتياطيات المعادن الاستراتيجية تتواجد في المناطق الشرقية والجنوبية من أوكرانيا، والتي تحتدم فيها الحرب مع القوات الروسية، قد تسعى موسكو للضغط على كييف لإفشال هذه الصفقة أو فرض سيطرتها على هذه المناطق لتقويض أي إمكانية للاستفادة من هذه الثروات في المستقبل. يمكن أن تشمل هذه الضغوط زيادة الهجمات العسكرية على المواقع الاستراتيجية أو حتى تعزيز عمليات الاستيلاء على الأراضي التي تحتوي على المعادن الحرجة.

خلاصة القول، يعكس صراع المعادن بين الولايات المتحدة وأوكرانيا تحولًا استراتيجيًا بالغ الأهمية في العلاقات الدولية، حيث يسعى كل طرف إلى تعزيز نفوذه الاقتصادي والجيوسياسي من خلال السيطرة على أحد الموارد الأكثر قيمة في العصر الحديث: المعادن الحرجة والتي أصبحت السيطرة عليها تشكل جزءًا أساسيًا من الصراع بين القوى الكبرى، إذ إن من يمتلكها يمتلك قدرة على التأثير في صناعة المستقبل. ولا يعد الخلاف بين الرئيسين الأمريكي والأوكراني حول هذا الاتفاق مجرد خلاف على الصفقة نفسها، بل يعكس أيضًا التباين في الأهداف الاستراتيجية بين الأطراف المعنية. بينما يسعى ترامب إلى تحقيق مصالح الولايات المتحدة الاقتصادية والجيوسياسية من خلال السيطرة على المعادن النادرة التي تشكل عنصرًا حيويًا في الصناعات المستقبلية، ويواجه زيلينسكي ضغوطًا كبيرة بين تلبية مطالب الولايات المتحدة ومراعاة مصالح بلاده وأمنها الاقتصادي والسياسي في ظل الحرب المستمرة مع روسيا.

+ posts

دكتور مهندس متخصص في شؤون النفط والطاقة

د. أحمد سلطان

دكتور مهندس متخصص في شؤون النفط والطاقة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى