
إيجبس في نسخته الثامنة: كيف تُسهم القاهرة في تعزيز أمن الطاقة العالمي؟
تنطلق النسخة الثامنة من مؤتمر ومعرض مصر الدولي للبترول (إيجبس) 17 فبراير 2025، تحت شعار “بناء مستقبل آمن و مستدام للطاقة”. وتُشكل تلك النسخة قاعدة انطلاق بنظرة شاملة لكافة موارد الطاقة بالتعاون بين قطاعى البترول والكهرباء كفريق عمل واحد لرسم مزيج الطاقة الأمثل لمصر، وذلك من خلال العمل التكاملى بين الوزارتين، مع التركيز على أهمية كفاءة استخدام الطاقة والحفاظ على مواردها والاستخدام السليم لها لخلق قيمة اقتصادية مضافة منها.
وتأتي النسخة الثامنة في وقت يبحث فيه العالم عن إمدادات آمنة من الطاقة، وضرورة العمل على توفير سُبل وطرق مختلفة لتنويع مصادر الطاقة. وعليه، يجمع المؤتمر بين قادة الطاقة على المستوى العالمي، وخبراء الاستدامة والصحة والسلامة والبيئة؛ وذلك لاستكشاف كيفية قيام مشغلي النفط والغاز بدمج ممارسات الاستدامة في نماذج أعمالهم، وأماكن العمل الخاصة بهم ضمانًا لتحقيقهم تأثير إيجابي على المستوى العالمي، وعلى موظفيهم، والمجتمعات التي يعملون بها.
حيث يُشكل عام 2025، عامًا حاسمًا بالنسبة لقطاع الطاقة العالمي بشكل كامل، وذلك لأن الحرب الروسية الأوكرانية التي اندلعت في فبراير 2022 أحدثت إرباكًا وتغييرات هيكلية في الاستثمارات النفطية وقطاع الطاقة بشكل كامل، وجاءت الحرب على غزة وتوترات الشرق الأوسط لتُسهم في تعقيد المشهد العالمي للطاقة بشكل عام.
الطاقة وضرورة تعزيز التعاون الدولي
تعد الطاقة ركيزة أساسية للتنمية البشرية، فهي المحرك الذي يدفع عجلة التقدم والتطور. ومع ذلك، فإن التفاوت في الوصول إلى الطاقة يمثل تحديًا كبيرًا يهدد تحقيق أهداف التنمية المستدامة، مما يستدعي بذل جهود مضاعفة لتوفير الطاقة بأسعار معقولة وبشكل مستدام للجميع. لقد شكل التفاوت في الوصول إلى الطاقة محركًا رئيسًا للتفاوتات الاقتصادية العالمية منذ الثورة الصناعية، حيث أسهم في تعزيز التبادل التجاري بين الدول، وفي الوقت نفسه، أدى إلى زيادة التنافس على الموارد الطاقوية وتشكل تحالفات جديدة، مما جعل من الأمن الطاقوي قضية مركزية في العلاقات الدولية.
أمام ما تقدم، تواجه توقعات أسعار النفط في 2025 العديد من التحديات، في مقدمتها التوترات الجيوسياسية التي قد تهدد بانقطاع الإمدادات، بالتزامن مع مخاوف من تراجع الطلب عالميًا. وعليه، تواجه أسواق النفط العالمية احتمالية وجود فائض في العرض في عام 2025 مع نمو الإنتاج من خارج مجموعة “أوبك بلس”. وعليه، تتزايد التوقعات بشأن مستقبل أسعار النفط خلال العام المقبل 2025، في ظل مشهد عالمي متغير، وتواجه توقعات أسعار النفط في 2025 العديد من التحديات، في مقدمتها التوترات الجيوسياسية التي قد تهدد بانقطاع الإمدادات، بالتزامن مع مخاوف من تراجع الطلب عالميًا، حيث تتداخل التحولات الاقتصادية والتطورات الجيوسياسية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط.
إن المخاطر الجيوسياسية تخلق حالة من عدم اليقين بشأن الإمدادات النفطية؛ إذ إن هناك ثلاث قضايا رئيسة، وهي: استمرار توترات الشرق الأوسط، والصراع بين روسيا وأوكرانيا، وكذلك فوز دونالد ترمب بالانتخابات الأمريكية الأخيرة، وهو ما قد يشدد العقوبات على إيران وفنزويلا.
بشكل عام، يواجه قطاع الطاقة العالمي العديد من التحديات والتي تجعل من أزمة الطاقة التي تعيشها معظم دول العالم مستمرة لسنوات لن تكون قليلة؛ وذلك بسبب نقص الاستثمارات في زيادة معدلات إنتاج النفط والغاز الطبيعي وفي الاستكشافات النفطية. وبالتالي أدى إلى اضمحلال الكثير من مصادر الطاقة الذي سيتسبب بنقص الإمدادات في العالم في السنوات المقبلة. وعلى الرغم من إدراك العالم لحقيقة أن تراجع الاستثمارات طويلة الأجل في النفط والغاز الطبيعي زاد من تحديات قطاع الطاقة، فإن ما عمق الأزمة هو الصراعات الجيوسياسية في المناطق المنتجة وبالأخص المناطق المحيطة بدول المنبع الرئيسة، بالإضافة إلى التوترات في ممرات النفط العالمية.
تأسيسًا على ما تقدم، فإن من أولى تداعيات التنافس على مصادر الطاقة في المنطقة تسريع وتيرة الانتقال لتحقيق أمن الطاقة واستقرار الأسعار والمرونة الوطنية على المدى الطويل، حيث أدت تداعيات السيطرة على مصادر الطاقة إلى التأثير السيادي على القرارات السياسية والاقتصادية عالميًا تحت مصطلح (أمن الطاقة)، ويشير مصطلح (أمن الطاقة) إلى (الارتباط بين الأمن القومي للدولة وتوافر الموارد الطبيعية لاستهلاك الطاقة)؛ لذلك فإن مصادر الطاقة في العالم على أبواب إعادة هيكلة نوعية لأسعار النفط القائمة على معادلة العرض والطلب في ظل التنافس الدولي عليها، لرسم خريطة الطاقة (النفط الخام والغاز الطبيعي) في العالم خلال العقود القادمة. حيث من المتوقع زيادة الطلب على الطاقة (جميع مصادر الطاقة) بما يُعادل حوالي 351 مليون برميل بحلول عام 2050، كما هو موضح في الشكل التالي.
استنادًا إلى ما سبق، إن استقرار إمدادات الطاقة لا يؤثر فقط على النمو الاقتصادي في العالم، ولكنه يُعد محورًا حاسمًا في تعزيز الأمن القومي وتحسين مستويات رفاهية المواطنين في جميع الدول؛ إذ إن التعاون في مجال الطاقة يمكن أن يُسهم في تعزيز قدرتها على مواجهة التحديات المستقبلية في قطاع الطاقة. في خضم الأزمات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية التي يشهدها العالم، وسعي المجتمع الدولي بكافة مكوناته ومنظماته لتحقيق التنمية المستدامة، يبرز تعزيز أمن الطاقة بكافة أوجهه ومفاهيمه وأهدافه ومتطلباته كمحور للعمل الإقليمي والدولي. حيث يتطلب ضمان وصول المستهلك إلى خدمات الطاقة بشكل آمن ومستدام اقتصاديًا واجتماعيًا وبيئيًا، إدارة الموارد الطبيعية بكفاءة، وتوظيف عائداتها المالية في عملية التنمية المستدامة في الدول المنتجة لضمان استمرار استخراج هذه الموارد واستخدامها على نحو مستدام.
أهمية النسخة الثامنة على المستوى الدولي
أصبح مؤتمر ومعرض “إيجبس” بمثابة منصة إقليمية ودولية مهمة تجمع ممثلي الحكومات وصُناع القرار ورؤساء شركات البترول العالمية والمستثمرين والممولين؛ بهدف مناقشة الفرص الاستثمارية المتاحة في أسواق الطاقة العالمية، حيث سيعقد لثاني مرة تحت مسماه الجديد، وهو مؤتمر ومعرض مصر الدولي للطاقة كمنصة أكثر شمولًا تتبنى كافة الموضوعات الخاصة بصناعة الطاقة.
منذ عام 2017 (عام الانطلاق)، يشهد مؤتمر ومعرض مصر الدولي للبترول (إيجبس) منحنى نمو تصاعديًا ومستمرًا منذ انطلاقه، وهو ما جعله يحتل موقعًا رائدًا على مستوى مصر وإقليم شمال أفريقيا وحوض البحر المتوسط؛ إذ إن النمو الملحوظ كان نتيجة اتباع الاستراتيجية الطموحة التي طبقتها الدولة المصرية لإطلاق مجموعة من الإمكانيات بهدف تحقيق أعلى قيمة لقطاع الطاقة المصري، وهو ما يُعد دافعًا ومحركًا للتنمية المستدامة في الدولة المصرية.
ولذلك، من المتوقع أن تشهد النسخة الثامنة إقبالًا كبيرًا للمشاركة الكبيرة من العديد من الشركات العالمية المعنية بملف الطاقة بمساراتها المختلفة وتحدياتها وحلولها، حيث أدى تحول المؤتمر لمنصة للطاقة إلى زيادة وتحفيز كبرى الشركات في العالم إلى المشاركة الفعلية والمؤثرة. وبالنظر إلى حجم المشاركة المتوقعة في النسخة الثامنة سنجد زيادة نسبة المشاركة الدولية للشركات، بالإضافة إلى زيادة عدد المؤتمرات المصاحبة والمساحة المخصصة للمعرض وعدد المشاركين، حيث من المتوقع وصول إجمالي الحضور إلى حوالي 47 ألف مشارك من مختلف دول العالم، كما هو موضح في الشكل التالي.
وعليه، يمكن القول إن النسخة الثامنة تأتي في وقت تكافح فيه كبرى شركات الطاقة العالمية من أجل البقاء، وذلك كنتيجة لزعزعة الاقتصاد العالمي والحرب الروسية الأوكرانية وحرب العقوبات بين الأطراف المتنازعة فيما يتعلق بملف الطاقة العالمي. حيث أدت إلى حدوث خلخلة كبيرة في أمن الطاقة العالمي، وذلك منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير من عام 2022، ومع اقتراب الأزمة الروسية الأوكرانية من عامها الثالث، بالإضافة إلى الحرب على غزة، وتداعيات تلك الحرب وتوسع رقعتها، والتهديدات المستمرة بمسارات والممرات المهمة في حركة براميل النفط، بالإضافة إلى تداعيات تولي دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية والصراع المتوقع مع دول “أوبك” بشأن حركة أسعار النفط.
ولذلك، تحول ملف الطاقة إلى أولوية لجميع حكومات العالم، وأصبح من أهم أدوات التصعيد والمساومة السياسية في الفترة الراهنة، ومرت العديد من دول العالم –ولا تزال- بظروف صعبة وقاسية بسبب الارتفاع الحاد في مستويات أسعار الطاقة. حيث تُعد أزمة الطاقة التي تجتاح العالم، أخطر وأشد أزمة مرت وتمر على العالم منذ الحرب العالمية الثانية حتى الآن.
بشكل عام، سيظل النفط (ومشتقاته المختلفة) متربعًا على عرش صدارة مصادر الطاقة العالمية المختلفة وذلك بحلول عام 2050، وبنسبة حوالي 27%، ويأتي بعده الغاز الطبيعي بنسبة حوالي 25%، بينما ستحتل الطاقة المتجددة المرتبة الثالثة كمصدر للطاقة في عام 2050 وذلك بنسبة قد تصل إلى حوالي 23%، ومن ثم الفحم الطبيعي بما يقارب من حوالي 20%، وأخيرًا الطاقة النووية بنسبة حوالي 5%، وذلك في ظل النمو العالمي المطرد، وفي ظل العقبات الفنية والطبيعية والسياسية والاقتصادية التي تواجه بعض مصادر الطاقة وسلامة إمداداتها.
وعليه، يجب التركيز على رفع كفاءة واستهلاك واستدامة جميع مصادر الطاقة، لا السعي إلى محاربة بعضها وتقنين بعض آخر منها، ولذلك فإن التكامل بين جميع مصادر الطاقة أصبح حتميًا وضرورة ملحة لتجنيب العالم خطر شح للطاقة، ومن الممكن أن يؤدي إلى إحداث حالة من الركود لخططها التنموية، ويقوض تطورها ومدنيتها.
استنادًا لما سبق، تعزيزًا لدور مصر كمركز إقليمي للطاقة، سيجمع مؤتمر ومعرض مصر للطاقة القادة وصناع القرار والمبتكرين لإطلاق العنان لفرص الاستثمار وتسريع التقدم التكنولوجي وتشكيل مستقبل قطاع الطاقة.
وعليه، هناك ملف مهم وهو التعاون في منطقة البحر المتوسط، حيث من المتوقع أن يشهد المؤتمر توقيع العديد من الشراكات الهامة في ملف الغاز الطبيعي وبالأخص بين مصر وقبرص في ملف التكامل الطاقي حيث تُعد القاهرة نقطة عبور مهمة للغاز القبرصي إلى دول القارة الأوروبية في ظل الوضع المتهالك لصناعة الغاز الأوروبية، بما تمتلكه مصر من امكانات ضخمة ومحطات إسالة استراتيجية في المنطقة. وذلك بحضور الرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليدس، بدعوة من الرئيس السيسي، حيث سيتم توقيع اتفاقيات هامة لتعزيز التعاون الإقليمي بين البلدين في مجال الغاز الطبيعي في اطار الدور المحوري لمصر كمركز اقليمي للطاقة والتي تتيح الاستفادة من موارد الغاز القبرصي باستغلال البنية التحتية المصرية لإعادة تصديره من خلال مصر، تحقيقا للمنفعة الاقتصادية للبلدين وشركاء الاستثمار من شركات الطاقة العالمية.
ومن المتوقع تناول العديد من الموضوعات المهمة فى النسخة الثامنة من المؤتمر، ومن ضمنها: سبل زيادة الإنتاج من البترول والغاز الطبيعي، وتطويع التكنولوجيات الحديثة فى عمليات البحث والاستكشاف والبحث السيزمى وخاصةً بإستخدام الذكاء الصناعى وزيادة مشاركة الكيانات العاملة فى الكهرباء والطاقة المتجددة وقطاع الأعمال العام والبيئة فى فعاليات المؤتمر وسبل الاستفادة من الخبرات والتجارب المختلفة، بالإضافة إلى الإنتقال الطاقى العادل ودور الغاز الطبيعى كوقود للمرحلة الانتقالية وأهمية الطاقات الخضراء وخاصةٍ الهيدروجين، فضلاً عن كفاءة استخدام الطاقة وتنمية الحقول المتقادمة وبرامج التدريب للكوادر الشابة وتنمية مهاراتهم وإعدادهم لمستقبل الطاقة، إلى جانب أوضاع أسواق البترول والطاقة العالمية والتحديات التى تواجه الصناعة واستقرار واستدامة الامدادات وأهمية دور التعاون والشراكة فى مواجهة التحديات وتحقيق الأهداف.
علاوة على ذلك، يتميز “ايجبس” هذا العام بطابعه المختلف، والمشاركات التي تعكس التكامل بين مختلف وزارات ومؤسسات الحكومة المصرية في قطاع الطاقة، حيث سيعقد رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي مائدة مستديرة موسعة في ثاني أيام المؤتمر مع شركات الطاقة العالمية يشارك فيها المهندس كريم بدوى وزير البترول والثروة المعدنية و الدكتور محمود عصمت وزير الكهرباء والطاقة المتجددة.
إجمالًا لما سبق، تكتسب النسخة الثامنة أهمية خاصة في ظل الديناميكيات الإقليمية المتغيرة التي دفعت الدولة المصرية إلى تعزيز دورها كمركز للطاقة، وذلك من خلال الاكتشافات الغازية التجارية في المياه المصرية وباحتياطيات مؤكدة اقتصادية كبيرة وواعدة، والتي ساهمت في لعب دور رئيس في وصول مصر لمرحلة الإكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي، بالإضافة إلى تعزيز دور مصر كنقطة عبور استراتيجية للغاز في المنطقة، وذلك لما تتمتع به الدولة المصرية من مقومات ضخمة وبني تحتية في صناعة الغاز المسال.
وعليه، يُعد التكامل بين دول شرق المتوسط هو الطريق الآمن لفك طلاسم الغاز في المنطقة، و”إيجبس” أصبح المنصة الأولي للشراكات الاستراتيجية في العالم. وتُقدم النسخة الثامنة من مؤتمر “إيجبس” في ثوبه الجديد، فرصة واعدة للدولة المصرية لعرض الجهود المصرية كمركز إقليمي لتجارة الطاقة، حيث تأتي في توقيت حيوي لمناقشة التحديات والفرص الاستراتيجية التي تواجه قطاع الطاقة العالمي. بالإضافة إلى ضرورة مناقشة العديد من الموضوعات الأساسية في ملف الطاقة العالمي وكيفية تعزيز مفهوم أمن الطاقة، ومنها:
- تأمين إمدادات الطاقة والحفاظ على أمن مساراتها وممرات الطاقة الحيوية في العالم.
- مناقشة التحديات التي تواجه أسواق الطاقة العالمية وحلولها الممكنة.
- تشجيع الاستثمارات ومناقشة سبل التمويل والاستثمار.
- المساواة في الطاقة، واستدامة موارد الطاقة.
كيف يُساهم مؤتمر إيجبس في تقديم حلول لتحديات سوق الطاقة العالمي؟
تأتي النسخة الثامنة من مؤتمر ومعرض مصر الدولي تأكيدًا لدور مصر الريادي في ملف الطاقة العالمي، بالإضافة إلى أنها تُشكل نقطة انطلاق حقيقية لحوار استراتيجي فعال؛ بهدف رسم خارطة طريق لقطاع الطاقة العالمي من أجل تحقيق مستقبل مستدام وآمن، وفرصة واعدة لخبراء قطاع الطاقة على مستوى العالم لتبادل الأفكار والرؤى لتحقيق نظام بيئي أكثر شمولية بما يراعي المعايير الاجتماعية واﻟﺒﻴﺌﻴﺔ الحالية. ذلك بالإضافة إلى أن نجاح تنظيم هذا الحدث العالمي في النسخ السابقة وذلك منذ عام 2017، أعطى زخمًا كبيرًا وأهمية للنسخة الجديدة، وذلك من خلال جذب المزيد من المشاركات الدولية لتحقيق أقصى استفادة لصناعة البترول والغاز في مصر، والتي تطمح لجذب المزيد من الاستثمارات العالمية والمحلية في هذا القطاع الحيوي، وفى ظل النجاحات الكبيرة للدولة المصرية بعد عام 2014.
وعلاوة على ذلك، تأتي النسخة الثامنة في وقت تشهد فيه الدولة المصرية العديد من الاكتشافات التجارية العملاقة في مياه شرق المتوسط، حيث حققت الدولة في قطاع الطاقة العديد من النجاحات على كافة الأصعدة خلال الفترة ما بين عامي 2014-2025، وذلك من خلال الاستفادة من الموقع الاستراتيجي والأصول والبنية التحتية، وبفضل استراتيجية الدولة المصرية وقطاع الطاقة المصري، وليصبح من أكثر القطاعات التي شهدت نهضة لا مثيل لها محليًا وعالميًا.
وقد أصبحت القاهرة جزءًا من حل أزمة الطاقة في العالم، وذلك ما أكدته نتائج الإنجازات التي تمت على أرض الواقع خلال السنوات الماضية، فقد نجحت الدولة المصرية على مدار السنوات الماضية في التحول بخطى متسارعة إلى مركز إقليمي للطاقة، حيث لعبت العديد من العوامل دورًا كبيرًا في تعزيز دور مصر بسوق الغاز العالمية، ومن بينها تعديل التشريعات، وتعيين وترسيم الحدود، وسداد المتأخرات والمستحقات للشركات الأجنبية، والاستفادة من الموارد الغنية التي لم تكتشف بعد، مثل ثروات البحر الأحمر.
ومن أهم ما يميز هذا الحدث العالمي، هو أنه يضم عددًا كبيرًا من المؤتمرات الرئيسة التي تهدف إلى مناقشة جميع الجوانب المتعلقة بملف الطاقة العالمي، مثل الجانب التقني والاستراتيجي والاستثماري ومبدأ الاستدامة، كما أنه يسلط الضوء على أهمية دور المرأة وتنمية قدرات الشباب في قطاع الطاقة العالمي.
مجمل القول، تُعد النسخة الثامنة من مؤتمر إيجبس نسخة استثنائية في تاريخ صناعة الطاقة العالمية، ونقطة انطلاق حقيقية لفترة حرجة تمر بها الأسواق العالمية للطاقة، وعام مليء بالنقاشات الاستراتيجية والتي سترسم معالم مستقبل الطاقة في السنوات المقبلة. وعليه يمكن القول إن معرض ومؤتمر مصر الدولي للبترول (إيجبس) في ثوبه الجديد يعكس رؤية الدولة المصرية نحو الاهتمام بكافة مصادر الطاقة وتأمين إمدادتها ومساراتها المختلفة. حيث تُشكل النسخة الثامنة بوابة السوق المصرية -أحد أكثر الأسواق الواعدة في ملف الطاقة العالمي– وبالأخص في قطاع الغاز الطبيعي، ورسالة إلى جميع دول العالم، بأن مصر ليست دولة مُنتجة للطاقة فقط، ولكنها دولة محورية ولاعب رئيس في معادلة الطاقة العالمية، بما يُمثل فرصة حقيقية لعرض التجربة المصرية في ملف الطاقة، وتنويع مصادرها والوصول إلى معادلة طاقة متزنة يبحث العالم عنها في الوقت الراهن.
وفي الأخير، إن تنظيم مصر لتلك النوعية من المؤتمرات العالمية والمتخصصة يعكس رؤية القيادة السياسية وحالة الاستقرار التي تنعم بها في ظل حضور سنوي للرئيس عبد الفتاح السيسي في الافتتاح الرسمي لمؤتمر إيجبس، بالإضافة إلى الحضور القوي لكبرى الشركات العالمية والعديد من الخبراء وكبار صانعي القرار العالميين فيما يتعلق بملف الطاقة العالمي.
دكتور مهندس متخصص في شؤون النفط والطاقة