
“المونيتور”: لماذا تسعى موسكو للتدخل في الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي؟
عرض- نرمين سعيد
تصريحات روسية متلاحقة ألقت الضوء على أن موسكو تبحث لنفسها عن موطئ قدم في عملية السلام في منطقة الشرق الأوسط ومن هذه التصريحات ما أدلى به الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول أن الصراع بين إسرائيل وغزة يهدد أمن روسيا وتلاه تصريح آخر في 19 مايو الماضي حذرت فيه وزارة الخارجية الروسية إسرائيل من أن وقوع المزيد من الضحايا المدنيين في غزة سيكون “غير مقبول”. كما أكد رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الدوما الروسي، ليونيد سلوتسكي ، على استعداد روسيا لاستضافة مفاوضات حول تسوية فلسطينية إسرائيلية.
وحسب المونيتور فإن موسكو تحرص على توسيع مشاركتها في عملية السلام في الشرق الأوسط، وفي 21 مايو ، أعربت وزارة الخارجية الروسية عن دعمها لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس ودعت إلى عقد اجتماع عاجل للجنة الرباعية للشرق الأوسط لمنع العودة إلى الصراع.
وحسب ما تقدم فإن رد الفعل الروسي على الأحداث الأخيرة يكشف عن رغبتها في توسيع دورها الدبلوماسي في عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية.
وعلى مدار الصراع، انخرطت روسيا في دبلوماسية مكوكية مع الأطراف المتحاربة وأصحاب المصلحة الخارجيين لتسهيل وقف إطلاق النار.
وقد تشكلت تطلعات روسيا إلى القوة في الشرق الأوسط مع انتهاء الحرب الأهلية السورية، حيث حاولت روسيا تعزيز مكانتها كقوة عظمى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من خلال الوجود الدبلوماسي في مسارح أخرى مثل ليبيا والخليج العربي وإسرائيل وفلسطين.
كما يعتبر المسؤولون الروس مؤتمر مدريد لعام 1991، الذي شارك في رعايته الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة لتسهيل الحوار الإسرائيلي الفلسطيني، إنجازًا مهمًا لروسيا في المنطقة ويطمح إلى البناء على إرثه.
وحسب المحللين الروسي، فإن هناك تفاؤلا متزايدا بشأن التعاون الأمريكي الروسي في دفع عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية. حيث إن استعداد روسيا للتعاون الدبلوماسي مع الولايات المتحدة التي تتخطى الأمم المتحدة أمر مثير للاهتمام، خصوصًا أن موسكو أكدت مرارًا على أن السلطة العليا للأمم المتحدة هي الحَكَم في النزاع خلال نزاع غزة.
وفي هذا الإطار قال كيريل سيمينوف، الخبير غير المقيم في مجلس الشؤون الدولية الروسي ، لـ “المونيتور”: “يمكن لروسيا والولايات المتحدة لعب دور في استئناف المفاوضات بين إسرائيل وفلسطين”. لا يعتقد سيمينوف أن الحالة السيئة للعلاقات الأمريكية الروسية ستعيق التعاون بشأن إسرائيل وفلسطين، حيث تفاوض البلدان على حدود منطقة خفض التصعيد في جنوب سوريا في عام 2017 حتى مع بقاء العلاقات الثنائية متوترة للغاية.
ولكن حتى إذا كان التعاون بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن المكاسب الإسرائيلية الفلسطينية، فإن مؤتمر السلام الذي تستضيفه موسكو بين إسرائيل وفلسطين قد يسفر عن القليل من النتائج الملموسة.
ولكن على الرغم من أن روسيا تقدم نفسها على أنها صاحب مصلحة غير متحيز في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وتبرر دورها الدبلوماسي من خلال تسليط الضوء على قربها الجغرافي من الشرق الأوسط، إلا أن المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين ينظرون إلى طموحات روسيا الدبلوماسية بشك.
وفي هذا الإطار قال ميكي أهارونسون ، الزميل البارز في معهد القدس للأمن والاستراتيجية ، للمونيتور إن روسيا تحاول إحياء اللجنة الرباعية للشرق الأوسط لأنها تريد الانضمام إلى منتدى دولي مرموق بعد أفول نجمها في الآخرين منذ عام 2014.
وقد أيد السفير الفلسطيني في روسيا عبد الحفيظ نوفل علنا دعوة موسكو لاستئناف اللجنة الرباعية للشرق الأوسط. ويشك خبراء ومسؤولون فلسطينيون آخرون بشكل متزايد في قدرة الرباعية على دفع قضيتهم. وحو ذلك قال أمجد عراقي، محلل السياسات في أحد مراكز الأبحاث الفلسطينية، لـ “المونيتور” إن سعي اللجنة الرباعية للشرق الأوسط لحل الدولتين متجذر في التفكير في حقبة التسعينيات ولا يعكس الحقائق على الأرض.
وأشار العراقي إلى أن الرباعية تفرض شروطا صارمة على حماس لكنها لا تضغط بشكل كاف على إسرائيل ولذلك ينظر العراق إلى مبادرة السلام العربية، التي تروج لها روسيا أيضًا، على أنها قديمة بنفس القدر ويعتقد أن مصداقيتها قد تضاءلت بسبب اتفاقيات إبراهيم والعلاقات العربية الإسرائيلية غير الرسمية التي سبقت تلك الخطوة نحو التطبيع.
وفي الوقت الذي تواجه فيه روسيا صراعًا شاقًا لتحقيق اختراق دبلوماسي في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، قد تتجه موسكو في النهاية نحو تعزيز الحوار بين الفلسطينيين. ولها عدة سوابق في ذلك حيث استضافت روسيا مؤتمرات داخلية فلسطينية لـ 12 فصيلا رئيسيا في 2011 و2017 و2019، وفي أكتوبر 2020، سافر وفد من حماس إلى موسكو لتنشيط هذه المحادثات. بغض النظر عن نجاح أو فشل مناوراتها الدبلوماسية، فإن روسيا طرف معني في الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي.
باحث أول بالمرصد المصري