علوم وتكنولوجيا

الإدارة التكنولوجية للعالم بعد أزمة كورونا

الحقيقة أنها أزمة لم تنته بعد ولكن يمكن القول أنها أزمة مؤقتة وغير ممتدة، فقد كانت أزمة مفاجئة من ناحية كما انتشر الفيروس في وقت قصير في العديد من دول العالم كما كانت المعلومات في بداية انتشاره قليلة جدا مما أحدث ربكة لصناع القرار في العالم، ولكن بعد الانتهاء من الأزمة يمكننا الخروج بالعديد من الدروس المستفادة للدول في إدارة الأزمات ولأنها لم تنته بعد فإنه يجب الانتظار حتى نهايتها للخروج بتلك الدروس.

ولكن في هذا المقال، أركز بالأكثر على درس مستفاد أصبح واضحا للعيان وهو استخدام الدول للتكنولوجيا خاصة الذكاء الاصطناعي في إدارة هذه الأزمة، وقد قدمت الصين نموذجا في هذا المجال، لاستخدامها الروبوت في توصيل الطلبات للمنازل، واستخدامها الدرونز في مراقبة المخالفين للإجراءات الاحترازية، فضلا عن استخدامها في رش المطهرات بالجو، بالإضافة إلى استخدام الإنترنت وخاصة ابتكار تطبيقات على الموبايل لتوفير معلومات عن الفيروس ودرجة انتشاره والاجراءات الوقائية الواجب اتباعها والمستشفيات الواجب التوجه إليها، واستخدام العملة الإليكترونية لشراء المستلزمات بها عبر شبكات الانترنت، وقد كان هذا فرصة لشركات التسويق عبر الإنترنت في تحقيق العديد من المكاسب عن غيرها من الشركات التي تنتج وتسوق عبر المتاجر.

ومن هنا يمكن القول أن نجاح الصين في إدارة الأزمة كان بسبب تقدمها التكنولوجي كذلك قدرتها على استثمار هذا التقدم عن غيرها من الدول وخاصة أمريكا والدول الأوروبية وروسيا.

وهنا يمكن التساؤل حول الطريقة المستقبلية لإدارة العالم سياسيا واقتصاديا؟ حيث فرضت هذه الأزمة عزلة على دول العالم ووقف التبادل التجاري بدون اتخاذ قرارات برفع التعريفات الجمركية وحتى بدون سقوط العولمة كما كان متوقعا لها قبل هذه الأزمة.

وبالتالي من المتوقع مستقبلا أن نرى سياسيين افتراضيين عبارة عن ريبوت يرشح نفسه في الانتخابات كما حدث في روسيا خلال الانتخابات الرئاسية في عام 2018 ، حيث رشح مرشحة اسمها “Alice” للرئاسة. وأدارت حملتها باستخدام شعار مثل “الرئيس الذي يعرفك أفضل” وحصلت على بضعة آلاف من الأصوات. كما رشح في الانتخابات البلدية في اليابان عام 2018، احتلت آلة اسمها “Michihito Matsuda” المركز الثالث بألف صوت في إحدى البلديات التابعة للعاصمة طوكيو. كما تم إنشاء آلة اسمها “Sam” في نيوزيلندا للترشح في الانتخابات الرئاسية للعام الحالي 2020.

كما يمكن أن نرى برلمانات افتراضية، تجتمع عبر شبكات الإنترنيت وتناقش مشروعات القوانين المختلفة دون الاجتماع في مقر البرلمان، فضلا عن توقع برلمانيين افتراضيين من الريبوت تجد طريقها إلى البرلمان من خلال أصوات البشر، بسبب فقد الثقة في الساسة من ناحية أو رغبة في مواكبة التطور التكنولوجي في إدارة الدولة ومن ثم العالم. وقد يشهد العالم إدارة مثالية أو استمرارا للصراع لأن من سيمد هؤلاء الساسة الافتراضيين بالمعلومات هم البشر، وقد تستطيع الآلة في فترة من الفترات تطوير نفسها ذاتيا وقد تجنح لتحقيق العدل أو لاستمرار الظلم في إدارة العالم.

كما سوف يتطور الذكاء الاصطناعي في تشكيل أحزاب افتراضية تدار بالآلة، ليكون هناك أعضاء بالحزب أو رئيس للحزب ريبورت قادر على تقديم برامج مقبولة للناخبين من البشر أو أعضاء يقدمون خدمات للناس في الشارع لكسب تأييدهم وأصواتهم.

وسوف يتبع هذا التطور في إدارة العالم تغير في مفهوم القوة في العلاقات الدولية بناء على امتلاك تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، فضلا عن ترتيب القوى الكبرى في النظام العالمي، أيضا سمكن توقع إدارة العلاقات بين الدول بالشراكة بين الآلة والإنسان.

وكما كان لاستخدام العملات  الإليكترونية في التداول في الصين، أن يجعل تعميمها بين الدول المختلفة أمرا حتميا بالإضافة إلى تشكيل مؤسسات اقتصادية تكنولوجية جديدة تدار بالمعلومات العملاقة وتدير الاقتصاد الدولي بشكل أفضل من مؤسسات مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

ومن ثم فقد بعثت أزمة الصين برسائل جديدة وطريقة مختلفة في إدارة العالم تكنولوجيا، وقد كانت الأزمة اختبار لوعي البشر بأهمية اللجوء للتكنولوجيا لتحقيق أمنهم الصحي وأمن أسرهم ودولهم، وقد كان اختبار آخر لمدى قدرة الشعوب على الدفع بالحكومات لاتخاذ قرارات بعينها لحمايتهم من الأوبئة وهذا ما سيتكرر كثيرا في غيرها من الأزمات الداخلية وايضا الأزمات على المستوى الدولي.

أخيرا يمكن القول أن إدارة العالم بعد أزمة كورونا، سوف تختلف وسوف يدخل العالم في موجة متسارعة نحو استخدام التكنولوجيا في إدارة الدول داخليا وإداة العلاقات الدولية والعالم خارجيا.

+ posts

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى