علوم وتكنولوجيا

أوبنهايمر: الرهان الأمريكي الرابح في مانهاتن

لا شك أن العالم الحالي بتقسيماته وموازين قواه التي تشكلت بعد الحرب العالمية الثانية ما هو إلا نتاج لجهد علمي ضخم بُذل في القرن الماضي ووصل ذروته في أربعينياته، وتوج في النهاية بإنتاج سلاح نووي. لقد كانت أصوات أول اختبار لهذا السلاح بمثابة الصرخات الأولى لولادة عالَم جديد كما وصفها البعض. إن تاريخ العالم بمساراته وأحداثه اللاحقة المتتابعة قد صيغ في معادلة انشطارية لتفاعل متسلسل، لعبت فيه ذرة يورانيوم بمواصفات خاصة دورًا كبيرًا في تشكل سحابة على هيئة فطر تحوي أسفلها نارًا ودمارًا وموجات انفجارية شديدة.

لقد أنتج البشر سلاحًا لدمار البشر والحجر والشجر والكائنات الحية الأخرى، لم يكن هذا السلاح ليظهر للنور إلا من خلال جهود علمية، صاحبتها إرادة سياسية، ودعمتها تدابير وإجراءات أمنية شديدة، في ظل ميزانية هي الأكبر على الإطلاق وصفها البعض حينها بأنها أكبر مقامرة علمية في التاريخ.

يأتي طرح فيلم “أوبنهايمر” للمخرج العالمي “كريستوفر نولان” بدور العرض السينمائية وتحقيقه أعلى الإيرادات منذ أسبوع عرضه الأول وحتى هذه اللحظة وسط إقبال كثيف لمشاهدته ليلقي الضوء على أحد رجال “مشروع مانهاتن” الأمريكي، مسلطًا الضوء على معركة أخلاقية دارت في ذهن مدير المشروع “روبرت أوبنهايمر” قبل أن تدور في ساحات القتال على أرض الواقع. ويلقي العمل السينمائي الضوء على صناعة البطل، ثم محاكمته، وكأنه يعطي رسالة مفادها أن العلم والسياسة يلتقيان إلا أن المسارات اللاحقة قد تختلف. 

معرفة واجبة وتساؤلات حاضرة

أثناء قراءتك لهذا المقال فإننا أمام احتمالين: الأول هو أنك إما شاهدت الفيلم، والثاني هو أنك لم تشاهده. وسواء هذا أو ذاك، فإنك على الأقل قد سمعت عنه أو شاهدت الإعلان الترويجي الخاص به في أي وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي أو في أي وسيلة إعلامية أخرى. إذا كنت ممن لم يسعفهم الوقت لأن يجد ما يقارب ثلاث ساعات وهي مدة عرض الفيلم فإنك أمام فرصة جيدة لكي تتسلح بالمعرفة التاريخية والعلمية حول هذه الحقبة من الزمن والتي صنعت تاريخ العالم بل وغيرت مساره. أنت أمام فرصة لتستزيد من المعرفة من خلال سطور هذا المقال الذي سيجيب عن بعض التساؤلات التي قد تجول بخاطرك عن الأحداث التاريخية في تلك الفترة، والنشاط العلمي المحتدم من أجل الوصول إلى سلاح نووي.

فبينما العالم منقسم إلى فريقين اختار التاريخ لكل منهما اسمًا ما بين جبهة للحلفاء وجبهة أخرى للمحور، دارت رحى الحرب العالمية الأولى التي راح ضحيتها الكثير من القتلى وخلفت العديد من الجرحى، لم يكد العالم يلتقط أنفاسه حتى اندلعت شرارة الحرب العالمية الثانية التي وضعت أوزارها بإلقاء القنبلة الذرية على مدينتي هيروشيما ونجازاكي باليابان. ما بين الحربين وما بين النزال الضاري في ميادين القتال وساحات المعارك كانت هناك معارك أخرى ليست أقل وطأة تجري داخل أروقة المعامل وأجهزة الاستخبارات وداخل الغرف السياسية المغلقة، معركة تجري في ألمانيا وأخرى تجري في مانهاتن، الأولى سميت باسم “نادي اليورانيوم”، والثانية عرفت باسم “مشروع مانهاتن”، والهدف من كليهما أن يحسم كل فريق الحرب لصالحه باستخدام المعرفة العلمية لإنتاج سلاح جديد فتاك.

مشروع نادي اليورانيوم الألماني  

مشروع الأسلحة النووية الألماني عبارة عن برنامج علمي منظم صممته ألمانيا لإنتاج أسلحة نووية من أجل استخدامها لمحاربة قوات الحلفاء في الحرب العالمية الثانية. في ديسمبر 1938، اكتشف “أوتو هان” ومساعده الانشطار النووي، والذي يحدث بعد قذف اليورانيوم بالنيوترونات، أظهر هذا الاكتشاف للحكومة الألمانية أن أسلحة الدمار الشامل يمكن صنعها من كمية صغيرة نسبيًا من مادة اليورانيوم، مما دفعهم إلى إنشاء أول “نادي يورانيوم” أو Uranverein”” بعد رؤية فوائد سلسلة التفاعلات النووية للأغراض العسكرية.

دعت المجموعة العديد من الفيزيائيين الألمان المرموقين على أمل إيجاد طريقة للحصول على تفاعل نووي متسلسل بشكل مستدام يمكن أن يكون له تأثير كبير على المنطقة المستهدفة. ومع ذلك بعد ثلاثة أشهر من العمل، تم إنهاء المجموعة بسبب استدعاء ثلاثة من الباحثين إلى التدريب العسكري، مما أنهى أعمال “نادي اليورانيوم الأول”. 

تم تشكيل “نادي اليورانيوم الثاني” بعد شهر من إنهاء الأول، واستمر في العمل حتى نهاية الحرب العالمية الثانية في عام 1945، وحظي المشروع بالعديد من الأسماء البارزة من العلماء على رأسهم “أوتو هان” و”هايزنبرج” من أجل التغلب على الولايات المتحدة في السباق لصنع سلاح نووي. يعد “هايزنبرج” واحدًا من أهم علماء الفيزياء في التاريخ الحاصلين على جائزة نوبل؛ نظرًا لإسهاماته في فيزياء الكم، إلا أنه بعد أن خلص إلى أن تخصيب اليورانيوم-235 هو الطريقة الأفضل والوحيدة لصنع سلاح نووي تلقى المشروع ضربة قوية ودعمًا أقل، خاصة وأن ذلك قد يستهلك وقتًا طويلًا وبالتحديد مع خطأ حساباته عن كمية اليورانيوم-235 (اليورانيوم المخصب) اللازمة لصنع سلاح نووي والتي قدرها بالأطنان بدلًا من كيلوجرامات، وبالتالي لن يتم الوصول إلى سلاح نووي قبل عام 1945.

لذا قرر الجيش قطع كل الأشياء التي لن تعطي نتائج مفيدة في المستقبل القريب، وقد أسفر هذا عن خسارة أخرى تمثلت في خسارة العديد من الفيزيائيين اليهود الذين قرروا العمل مع قوات الحلفاء. وفي النهاية، لم يتمكن نادي اليورانيوم الثاني من التغلب على الولايات المتحدة في سباق الأسلحة النووية، لقد بدأت ألمانيا السباق إلا أنها لم تكمله.

مشروع مانهاتن

كان مشروع مانهاتن برنامجًا غير مسبوق وسريًا للغاية لحكومات الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، سارعت فيه الولايات المتحدة لتطوير ونشر أول أسلحة ذرية في العالم قبل ألمانيا النازية من خلال تكامل الجهود وتنظيمها وتقديم الدعم الكافي لها (المقصود بالجهود هنا، الجهود الأمريكية بالإضافة إلى جهود مشروع سبائك الأنابيب ومختبرات نهر تشوك وهي الأسماء الحركية لمشروع بحث وتطوير سري أطلقته المملكة المتحدة بمشاركة مع كندا لتطوير سلاح نووي خلال الحرب العالمية الثانية).

أصبح استخدام الولايات المتحدة لهذه الأسلحة ضد اليابان في أغسطس 1945 أحد أهم الأحداث التاريخية في القرن العشرين؛ إذ تم رصد ميزانية ضخمة للمشروع تجاوزت ملياري دولار، وحُشدت له جهود علمية وأمنية وسياسية من أجل الفوز في السباق الذي بدأه الألمان. كان المشروع إيذانًا ببدء العصر النووي وخلف موروثات دائمة يتردد صداها في كل مكان حولنا اليوم، اختار الجنرال “ليزلي جروفز” الفيزيائي النظري “روبرت أوبنهايمر” ليكون مديرًا للمشروع، وحمل المشروع اسم مانهاتن على الرغم من عدم وقوعه في مدينة نيويورك ووجوده في صحراء نيومكسيكو.

ويمكن القول إن المشروع بكل دقة قد تبلور في ثلاثة مواقع رئيسية: هانفورد بواشنطن، لوس ألاموس بنيو مكسيكو، وأوك ريدج بتينيسي. أسفر مشروع مانهاتن في النهاية عن ولادة الطفل الصغير بصحة جيدة (القنبلة الأولى “قنبلة هيروشيما” – الفتى الصغير)، وولادة القنبلة الثانية بشكل ناجح “الرجل السمين” (قنبلة نجازاكي)، وتجدر الإشارة إلى أن القنبلة الأولى كانت من اليورانيوم والثانية كانت من البلوتونيوم. وتشير الخريطة في الشكل رقم (1) إلى المواقع التي تم إلقاء القنابل الذرية عليها باليابان. 

شكل (1): خريطة لليابان تظهر المدن حيث أسقطت الولايات المتحدة قنابلها الذرية عام 1945

أسباب فشل مشروع نادي اليورانيوم الألماني ونجاح مشروع مانهاتن

كان مشروع الأسلحة النووية الألماني هو المكافئ الألماني لمشروع مانهاتن للولايات المتحدة، على الرغم من أنه كان من المفترض أن يتسابق الاثنان لمعرفة من يمكنه صنع سلاح نووي يمكن استخدامه للمساعدة في كسب الحرب، لكن لماذا فازت الولايات المتحدة في السباق على الرغم من أن ألمانيا كانت لها انطلاقة كبيرة بسبب اكتشافها الانشطار النووي قبل أن يكون لدى الولايات المتحدة وألمانيا بعض العلماء الأكثر ابتكارًا؟ هناك عدة أسباب تبدو واضحة على رأسها سببان أساسيان:

السبب الأول: كان مشروع مانهاتن منسقًا بشكل لا يصدق، مع ما يقارب 120 ألف عامل في المشروع في أكثر من 37 مصنعًا ومنشأة تطوير مختلفة في جميع أنحاء الولايات المتحدة. بينما تظهر الولايات المتحدة هذا الالتزام الكبير، يبدو أن الألمان لا يعتقدون أن هذا الاستثمار سينجح، لقد حدوا من الأموال المخصصة لمشروع الأسلحة النووية الألماني مما تسبب في تخلف الألمان في السباق. 

  • السبب الثاني: هروب بعض أعظم العقول الفيزيائية من ألمانيا خوفًا من هتلر، هؤلاء العلماء اللامعون انتقلوا للعمل في مشروع مانهاتن وساعدوا بشكل كبير جهود الولايات المتحدة، أدت هذه العوامل إلى أن تقود الولايات المتحدة العالم إلى العصر النووي بدلًا من ألمانيا. 

الانشطار النووي والاندماج النووي

تعتمد كل من فكرة الانشطار والاندماج النووي على وجود فرق في الكتلة، هذا الفرق في الكتلة يتحول إلى طاقة وذلك طبقًا لمعادلة أينشتاين الشهيرة (الطاقة تساوي فرق الكتلة مضروبًا في مربع سرعة الضوء).

يقصد بالانشطار النووي تفاعل نووي يحدث داخل نواة الذرة (ذرة ثقيلة) بعد أن نطلق عليها نيوترونات ونتيجة لهذا التفاعل تنشطر الذرة إلى ذرات أصغر منها في الكتلة بالإضافة إلى انطلاق كمية كبيرة من الطاقة وعدد من النيوترونات يتراوح من 2 إلى 3 نيوترونات. وتستخدم الطاقة النووية الناتجة من هذا التفاعل سلميًا في توليد الكهرباء داخل مفاعلات القوى النووية. ولكي يستمر التفاعل، فإن النيوترونات الناتجة تعمل على استهداف ذرات أخرى ليتكرر التفاعل، وبالتالي نحصل على طاقة نووية بشكل مستدام. 

إذا تم استخدام هذا التفاعل لأغراض عسكرية فإنه يتم صنع ما يُعرف بالقنبلة النووية أو القنبلة الذرية، لكي يحدث هذا التفاعل بهذا الشكل وبتلك الطريقة فإن الذرة الثقيلة المستخدمة في بداية التفاعل يشترط أن تكون “ذرة قابلة للانشطار” وعلى هذا فإن هناك مسارين لصنع سلاح نووي وليس مسارًا واحدًا كما اقترح “هايزنبرج” مما أثر بالسلب على تقدم المشروع الألماني ووقوعه في فخ طول المدة. 

  • المسار الأول: وهو تخصيب اليورانيوم أو بالأحرى استخدام نظير اليورانيوم-235.
  • المسار الثاني: وهو استخدام البلوتونيوم-0239.

كلا المسارين يتطلب استخدام عمليات باهظة الثمن وغير مثبتة، ولم يكن النجاح مضمونًا بأي حال من الأحوال، ونتيجة لذلك، تم اتخاذ قرار في مشروع مانهاتن بالمضي قدمًا في كلا المسارين وإنشاء ثلاثة مواقع رئيسة لدعم المشروع. 

تجدر الإشارة إلى أن العالم “شادويك” هو من قام باكتشاف النيترونات عام 1932، كما أن الأبحاث التي قام بها “أوتو هان” و”شتراسمان” وقدم أو أكد تفسيرها كل من “ليز مايتنر” وقريبها “فريتش” قد نجحت بشكل كبير في الوصول إلى فكرة تفسير الانشطار النووي، لقد حاز “أوتو هان” على جائزة نوبل إلا أن الجائزة قد ظلمت “مايتنر” في حين أنصفها العلم.

 تجدر الإشارة إلى أن أينشتاين فور علمه بحقيقة الانشطار وأنه قد يمكن أن ينتج عنه قنبلة أو سلاح نووي فتاك قام بإخبار الرئيس الأمريكي “روزفلت” برسالته الشهيرة بمساعدة “زيلارد” وذلك لتحذيره خوفًا من أن يقع السلاح أولًا في يد النازيين مما يضع العالم بأسره أمام كارثة كبيرة. 

على الجانب الآخر، فإن الاندماج النووي هو نوع من التفاعلات النووية يتم فيه اندماج نواتين خفيفتين لكي تتكون نواة أثقل في الكتلة وتنطلق طاقة كبيرة تعرف باسم طاقة الاندماج النووي، وهي طاقة أكبر بكثير من طاقة الانشطار، إلا أن عملية دمج نواتين تحتاج قدرًا كبيرًا من الطاقة وذلك للتغلب على قوى التنافر بين النواتين (النواة موجبة الشحنة، والشحنات المتشابهة تتنافر ولكي تندمج نحتاج للتأثير عليها بقوى خارجية). ونتيجة لأن الطاقة الناتجة عن الاندماج النووي كبيرة جدًا فقد عارض “أوبنهايمر” مشروع تطوير قنبلة هيدروجينية بسبب الدمار الهائل الذي تخلفه.

نهاية القصة ونقدها

إذا كنت ممن أسعفهم الحظ وشاهدت الفيلم فلن أحدثك بعبارات الثناء عن العمل السينمائي وروعته وتوقيت عرضه في ظل أحداث عالمية حالية ساخنة قد تزداد سخونتها نوويًا في أي لحظة، ولن أخوض معك جدالًا في هل هذا العمل هو الأروع لمخرجه أم أنه ليس الأفضل في سلسلة أعماله على الإطلاق؟ وهل الفيلم يخلو من أخطاء أم أنه فقط ذلك المشهد الذي ظهر فيه العلم الأمريكي وهو يضم نجومًا بعدد ولاياتها الخمسين في حين أن عددها في ذلك الحين كان ثمانية وأربعين فقط؟ ولن أدخل معك في تفاصيل النفي الذي قدمه حفيد “أوبنهايمر” لواقعة التفاحة المسمومة ووصفه الواقعة بأنها ادعاء غير صحيح. 

لن أشير أيضًا بعبارات المديح في وصف عبقرية ذلك العالم الفذ والإداري المتميز الذي نجح في فهم الفيزياء (أسس مدرسته لعلومها النظرية والتي ارتادها الطلاب فيما بعد) وغيرها من العلوم الأخرى والتي كان له فيها قراءات متعددة، ولن أشير بأصابع النقد إلى أن الفيلم لم يركز على أن أمريكا كان من الممكن ألا تلقي قنبلتيها على المدينتين اليابانيتين خاصة في ظل استسلام ألمانيا وخسائر اليابان الشديدة في هذا التوقيت، ولن أركز على الآثار التي خلفتها القنبلة الذرية على الإنسان والبيئة والممتلكات في كلا المدينتين، لكن كلي يقين أنك تعلم حجم القتلى والضحايا. 

لن أخوض معك نقاشًا وإن كان له وجهة نظر جديرة بالاحترام في أن الأمريكيين قد قاموا بتجربة سلاح نووي (مصنوع من البلوتونيوم) في تجربة “ترينتي” دون أن يكون لديهم تأكيد واضح من أن هذا السلاح قد يؤدي إلى حرق الغلاف الجوي للأرض وهي راوية يتحيز لها الروس بشكل كبير، مستشهدين “بإنريكو فيرمي” وهو عالم فيزيائي ينسب له بناء أول نموذج لمفاعل نووي عام 1942. 

لن أشير بأصابع الفخر الوطني الروسي وكيف أنهم نجحوا بجهود علمية وجهد استخباري كبير من أجل الوصول إلى معلومات ثمينة لولاها لما وصل العالم إلى ما يُعرف بما يسمى “حالة التوازن بالردع”. لا شك أن كل ما سبق قد أشار له البعض، ولا شك أيضًا أن هناك تساؤلات وعبارات معينة في سيناريو الفيلم قد لفتت انتباهك منها على سبيل المثال:

  • هل الحياة مكونة من جسيمات أم موجات؟
  • الآن أصبحت أنا الموت مدمر العوالم.
  • لطالما حلمت بالجمع بين الفيزياء ونيومكسيكو.
  • العبقرية ليست ضمانة للحكمة.
  • الهواة يسعون للحصول على الشمس فيحترقون، بينما القوة تبقى في الظل. 
  • أنت شخص مهم ليس لذاتك فقط، بل لأنك مهم للجميع.
  • لا ترتكب خطيئة ثم تشعر بالأسف على العواقب.
  • إنه ليس سلاحًا جديدًا بل عالم جديد.

مثلما جذب انتباهك بعض العبارات فحتمًا قد جذبك بعض المواقف والاستنتاجات مثل: 

  • إدارة مجموعة من العلماء والباحثين تحتاج لقائد من طراز خاص.
  • نظرة العالِم تختلف عن نظرة السياسي ولكل منهما معادلته الأخلاقية التي تحمل متغيرات مختلفة في الحكم على الأمور.
  •  مثل العالم “هايزنبرج” بثقله تخوفًا واضحًا من قبل نخبة علماء مانهاتن في سباق الوصول إلى السلاح النووي.
  • اختيار الجنرال “جروفز” وتعيينه “لأوبنهايمر” مديرًا للمشروع كان اختيارًا صائبًا.
  • توقّع حدوث تغيير يشكل العالم من جديد لن يستطيع فرد واحد أن يقوم به. 
  • دور علماء الفيزياء النظرية دور لا يمكن إنكاره بجانب علماء الفيزياء التجريبية.
  • في مشروع مانهاتن، اشتعلت المعارك في العقول والمعامل قبل غرف السياسة وقبل ساحات القتال.
  • صناعة السلاح أحدثت توازنًا للقوى في العالم بعد وصول روسيا له. 
  • موقف “أوبنهايمر” من القنبلة الهيدروجينية أكسبه أعداء سياسيين.
  • الانتماء الوطني وتضافر الجهود والتخطيط بشكل جيد يؤدي للوصول إلى أهداف لا يمكن الوصول لها بالطرق التقليدية.
  • العمل الأمني والاستخباري جزء لا يتجزأ من أي نظام علمي ذي طبيعة حساسة.

في النهاية، لا شك أن تساؤلات أخرى بخلاف السابقة قد لاحت في ذهنك مثل: كيف لأمة قد تبني بطلًا (أبو القنبلة الذرية) وكيف لها أن تسمح بهدمه؟ كيف لبطل أن يمثل أمام جلسة استماع لمدة شهر كامل من التحقيقات بسبب صراع أخلاقي، واستدعاء لماض قديم تحمل اتهامات وارتباطات أو ميولًا شيوعية، وبسبب موقفه من تطوير القنبلة الهيدروجينية، وبسبب التحريض عليه من قبل خصومه؟. 

الخاتمة 

  • لكي تنجح الجهود العلمية في البحث والتطوير وتؤتي ثمارها النووية فلا بد لها أن تتكامل فنيًا وعلميًا وإداريًا وأمنيًا واستخباريًا وسياسيًا، لذا فإن تلك النخبة التي اختيرت في مانهاتن كانت على موعد مع التاريخ لأنها تكاملت. 
  • قد توضع خطط الحرب داخل غرف العمليات العسكرية إلا أن حسم المعركة ذاتها قد يأتي من معمل صغير أو معلومة بسيطة، وتلك هي قوة العلم والمعرفة.
  • كان “أوبنهايمر” هو الرجل الأنسب والأصلح للمشروع إلا أن “مانهاتن” ليس “أوبنهايمر” فقط، “مانهاتن” كان تضافرًا لكل الجهود، كان إرادة سياسية نفذتها إدارة جيدة تم انتقاء عناصرها بعناية. 
  • المعادلة الأخلاقية السياسية تختلف بشكل كبير في حساباتها ومتغيراتها عن المعادلة الأخلاقية العلمية حتى وإن كان الهدف النهائي لكليهما العزة والانتماء والفخر الوطني، فلكل منهما منظور من زاوية مختلفة وفقًا لرؤيته.
  • هناك أفراد قد يصنعون أمة وآخرون قد يقوضون أركانها أو يعطلون مسيرة تقدمها. 
  • تقنية الانشطار النووي التي نجح نخبة علماء العالم في مانهاتن في فهم أغوارها هي التي دفعت العلماء فيما بعد لتطوير المفاعلات النووية ونشر الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية التي نعرفها الآن.

د.سامح شعبان

باحث ببرنامج السياسات العامة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى