
خطوات على الطريق.. ماذا أنجزت مصر خلال عشر سنوات لتعزيز حقوق الإنسان؟
إن حقوق الإنسان هي حقوق عالمية وغير قابلة للتصرف، متأصلة في البشر كافة، وأساسها احترام كرامة كل شخص وقيمته، فهي ضمانات قانونية تحمي الأفراد والجماعات من كل فعل يشكل تدخلًا في حرياتهم الأساسية واستحقاقاتهم وكرامتهم الإنسانية. ويرسي القانون الدولي لحقوق الإنسان التزامات تتقيد الدول باحترامها والتصرف بطرق معينة أو الامتناع عن أفعال معينة؛ من أجل تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية للأفراد أو الجماعات، جاء ذلك في صلب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام1948؛ وتم تنظيم العمل بعد ذلك في شكل سلسلة من المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان صدقت عليها دول العالم، إضافة إلى المعاهدات الإقليمية والدساتير المحلية التي تتبناها الدول لتكفل بها الحقوق والحريات لمواطنيها.
ولمصر باع كبير في تعزيز وحماية حقوق الإنسان، من خلال جهودها المبذولة في تطوير القانون الدولي لحقوق الإنسان، من خلال المشاركة في صياغة الإعلان العالمي والعهدين الدوليين لحقوق الإنسان، والمشاورات والأعمال التحضيرية لصياغة الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان. وأيضًا انضمت مصر لـ 8 اتفاقيات دولية أساسية لحقوق الإنسان، وشاركت في جهود تطوير الآليات الدولية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة بما فيها مجلس حقوق الإنسان الذي شغلت عضويته عدة مرات، بجانب انتخاب العديد من الخبراء المصريين في عضوية هيئات معاهدات حقوق الإنسان، هذا بالإضافة إلى الصدارة المصرية لتطوير المنظومتين العربية والأفريقية في المجال الحقوقي؛ من خلال استحداث الآليات أو بالانضمام لعدد من المعاهدات والاتفاقيات التي تنظم العمل فيما بينهم.
وتحتفل الدولة المصرية بمرور عشر سنوات على قيام ثورة 30يونيو، والتي تعد ملحمة شعبية قام بها المصريون في يونيو 2013 وفتحت طريقًا جديدًا لمسيرة من البناء والتنمية الحقيقية والحديثة على كافة المستويات، ومنها ملف حقوق الإنسان؛ فمنذ 30 يونيو ومصر تمضي قدمًا في ملف حقوق الإنسان، بما يتوافق مع المعايير الدولية، وحققت نجاحًا ملموسًا في مسيرة التنمية، ودعم مسيرة الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، والتصدي للإرهاب بكل صوره وأشكاله، والقضاء علي أي تصرفات يكون من شأنها المساس بالاعتراف بحقوق المواطن المصري أو التمتع بها أو ممارساتها.
ونحن في هذا التقرير معنيون بالوقوف على أهم المحطات التي اتبعتها الدولة المصرية خلال العشر سنوات الماضية والتي كان من شأنها تعزيز واحترام حقوق المواطنين المصريين، سواء أكانت حقوقًا سياسية مدنية، أو حقوقًا اقتصادية واجتماعية وثقافية، وأيضًا حقوق المرأة والشباب وكبار السن والفئات الخاصة؛ بنظرة أكثر عمقًا نستطيع من خلالها تقييم وضعنا الحالي لضمان مستوى أعلى من التمتع بالحرية والحقوق للمواطنين المصريين.
ملامح البيئة التشريعية والمؤسسية لحقوق الإنسان في مصر
لقد ظهرت أولى نتائج ثورة 30 يونيو في إقرار دستور 2014 والذي جاء معبرًا عن حقوق المواطنين ووضع الضمانات للوفاء بهذه الحقوق، واعتبر هذا نقطة تحول في المجال الحقوقي؛ فقد أكد الدستور على أن النظام السياسي يقوم على احترام حقوق الإنسان وترسيخ قيم المواطنة والعدالة والمساواة، واتخذ الدستور منحى أكثر تقدمًا في مجال ضمان الوفاء بالالتزامات الدولية لمصر في مجال حقوق الإنسان، حيث قرر -لأول مرة- وضعًا خاصًا للاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، وذلك بنصه على أن “تلتزم الدولة بالاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي تصدق عليها مصر، وتصبح لها قوة القانون بعد نشرها.
وأيضا كفل الدستور للنساء والأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة قدرًا غير مسبوق من الحقوق التي لم تكن موجودة في السابق؛ فالبنية التشريعية بها عديد من الضمانات الواجبة لتعزيز حقوق المواطنين إلى جانب تعزيز الاتساق بين القوانين الوطنية من جانب، والمبادئ والضمانات الواردة في الدستور والاتفاقيات الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان المنضمة إليها مصر من جانب آخر. هذا بالإضافة إلى إدخال التعديلات على التشريعات القائمة واستحداث الجديد بما يتماشى مع طبيعة الظروف، تحت قاعدة أساسية تبنتها الدولة الحديثة وهي احترام وتعزيز حقوق المصريين.
هذا وتمتلك مصر بنية مؤسسية قادرة على تعزيز وحماية حقوق الإنسان، أبرزها إنشاء اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان في نهاية عام 2018 والتي مثّلت إضافة مهمة لجهود تعزيز البنية المؤسسية الداعمة لاحترام وحماية حقوق الإنسان في مصر، ولتعزيز تنفيذ الالتزامات الدولية والإقليمية لمصر في ملفها الحقوقي. وترتكز “استراتيجية التنمية المستدامة رؤية مصر 2030” التي تعتمد عليها البنية المؤسسية على إعمال الحقوق الأساسية للمواطن بوصفه جوهر العملية التنموية، وتسعى إلى تحقيق التنمية الشاملة من خلال بناء مجتمع عادل يتميز بالمساواة والتوزيع العادل لفوائد التنمية وتحقيق أعلى درجات الاندماج المجتمعي لكافة الفئات وتعزيز مبادئ الحوكمة.
وعلى مستوى التخطيط الاستراتيجي، تم إطلاق أول استراتيجية وطنية متكاملة لحقوق الإنسان، والتي مثلت خطوة كبيرة للأمام؛ إذ تشتمل على برنامج وخطة عمل محددة على مدار 5 سنوات من عام 2021 وحتى 2026، وتستهدف تعزيز كافة حقوق الإنسان المدنية والسياسية، الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، بجانب تعزيز حقوق المرأة والطفل وذوي الإعاقة والشباب وكبار السن، في إطار الالتزام بالدستور والتشريعات الوطنية والاتفاقيات الدولية والإقليمية المنضمة إليها مصر.
أولًا: الحقوق السياسية والمدنية
- دعم المساواة بين الجنسين:
عملت الدولة على ترجمة اهتمامها بحقوق المرأة وتمكينها في وضع قوانين وإطلاق استراتيجيات وبرامج تنفيذية تعزز من تمثيل المرأة وتمكينها، والانطلاق في عام 2021 نحو تقدم المرأة للتعيين في مجلس الدولة والنيابة العامة، وشغل المرأة نسبة 28% من مجلس النواب، ونسبة 14% من مجلس الشيوخ، ونسبة 25% من الحقائب الوزارية وغيرها من الإجراءات التي أسهمت في تدعيم المساواة بين الجنسين.
ذلك بالإضافة إلى إصدار التشريعات والقرارات لضمان حماية المرأة من جميع أشكال العنف ضدها، وأيضًا يعمل المجلس القومي للمرأة على قضية مناهضة العنف ضد المرأة بجميع أشكاله، ويحرص على توعية المرأة بحقوقها خاصة عندما تتعرض لأي شكل من أشكال العنف من خلال قنوات الاتصال المختلفة، حيث تم افتتاح نحو 28 وحدة لمكافحة العنف والتحرش داخل الجامعات، و8 وحدات استجابة طبية داخل المستشفيات الجامعية، وجارٍ التوسع في إنشاء تلك الوحدات الصحية لتقديم المساندة والدعم للسيدات، هذا بجانب العديد من المشروعات التي تضمن التمكين الاقتصادي للسيدات والعديد من المبادرات الطبية التي تضمن صحة أفضل للسيدات وغيرها
- الحق في الحرية الشخصية:
تعد الحرية الشخصية من الحقوق الطبيعية المقدسة للإنسان، لا يمكن أن يرد عليه قيد إلا في أحوال التلبس بالجريمة أو بإذن من جهة قضائية مختصة، سواء كان القيد قبضًا أو تفتيشًا أو حبسًا أو منعًا من التنقل، أو كان غير ذلك من القيود على الحرية الشخصية. وقد أقر الدستور المصري مبدأ الحرية الشخصية بوصفها حقًا طبيعيا، وهي مصونة لا تمس، إلا وفق قيود معينة وضوابط حرص النص الدستوري على تفصيلها.
- إنهاء حالة الطوارئ:
لقد أعلن الرئيس السيسي إلغاء حالة الطوارئ في جميع أنحاء مصر لأول مرة منذ سنوات طويلة في 25 أكتوبر2021، وهو ما أدى إلى إلغاء الصلاحيات الواسعة لرئيس الجمهورية والحكومة التي كانت تسمح باتخاذ إجراءات استثنائية بموجبه، من بينها: وضع قيود على حرية الأشخاص في الاجتماع والانتقال والمرور في أماكن أو أوقات معينة، وإحالة المتهمين إلى محاكم أمن الدولة، وحظر التجول في بعض المناطق، ومراقبة الرسائل أيًا كان نوعها، ومراقبة الصحف والنشرات والمطبوعات والمحررات والرسوم وكل وسائل التعبير والدعاية والإعلان قبل نشرها وضبطها ومصادرتها وإغلاق أماكن طباعتها، فضلًا عن تمكين الجيش من فرض الأمن واعطائه صفه الضبطية القضائية على المدنيين، وتحرير المحاضر والمخالفات. فقد تم إلغاء كل هذه الإجراءات الاستثنائية والصلاحيات الواردة بقانون الطوارئ والتي كانت تطبق من أجل حماية أمن وسلامة البلاد من أي خطر أو تهديد داخلي أو خارجي بعد أن استقرت أحوال البلاد وتم القضاء على الإرهاب.
- إعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسي:
في 27 أكتوبر من عام 2017، أعلن الرئيس السيسي تشكيل اللجنة الخماسية، وذلك للعفو عن المسجونين بقرار رئاسي وفقًا للمادة 155 من الدستور المصري والذي يعطي لرئيس الجمهورية الحق في إصدار قرارات بالعفو الرئاسي للمسجونين بأحكام نهائية، هذا وقد توسعت في العمل لإعداد قوائم تضم المحبوسين على ذمة قضايا ولم يصدر بشأنهم أحكام، جدير بالذكر أن اللجنة توقفت فترة عن العمل، ولكن عاد نشاط اللجنة من جديد بعد إلغاء حالة الطوارئ، وتفعيل الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان في حفل إفطار الأسرة المصرية أبريل 2022 ولكن هذه المرة مع توسع قاعدة عملها من خلال التعاون مع الأجهزة المختصة ومنظمات المجتمع المدني المعنية؛ هذا وقد تم الإفراج عن أكثر من 1500 مسجون حتى مايو 2023 طبقًا لإحصاءات لجنة العفو الرئاسي.
هذا وقد حققت خطوة إعادة تشكيل اللجنة تأثيرًا إيجابيًا على حالة حقوق الإنسان في مصر، وعكست وجود إرادة سياسية لإنهاء ملف المحبوسين، ووجود حالة من الانفتاح على تحقيق تقدّم في حقوق الإنسان، بداية من إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي إنهاء حالة الطوارئ، وبدء عمل الحوار الوطني وتفاعل لجنة العفو الرئاسي الإيجابي مع طلبات الإفراج التي ترسلها الأحزاب، وتعاونها مع منظومة الشكاوى بالمجلس القومي لحقوق الإنسان، فضلًا عن تعاون أجهزة الدولة مع اللجنة والعمل على سرعة تصفية هذا الملف. هذا وتعمل اللجنة على إعادة المفرج عنهم لأعمالهم وجامعاتهم لاستكمال تعليمهم، حيث إن ذلك يحقق عدة أهداف للدولة، من خلال الاستفادة من طاقاتهم وتوجيهها في الطريق الصحيح، سواء بالمساعدة في عودة البعض إلى أعمالهم، أو توفير فرص عمل، حتى لا يتركوا فريسة لظروف اقتصادية واجتماعية صعبة.
- إطلاق الحوار الوطني: –
أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي الدعوة إلى الحوار الوطني خلال حفل إفطار الأسرة المصرية في شهر رمضان أبريل 2022 تحت شعار “وطن يتسع الجميع”، كآلية جديدة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030، هذا وقد شملت قاعدة المشاركة في الحوار الوطني جميع ممثلي المجتمع المصري بكافة فئاته ومؤسساته. ولقد كان هناك حرص كبير من إدارة الحوار الوطني للوصول إلى جميع مناطق الجمهورية، بالتنسيق مع كافة التيارات السياسية الحزبية والشبابية؛ وذلك لضمان حوار وطني فعال يضم المعارضين قبل المؤيدين، من أجل مناقشة أولويات العمل الوطني في الفترات الراهنة والمقبلة.
وجود الحوار الوطني بالأساس هو دليل واضح على اتساع صدر الدولة لسماع الجميع وتناول كافة الرؤى، إعمالًا بالمبدأ التشاركي الذي يضمن تنظيم عمل كل مؤسسات الدولة الرسمية منها وغير الرسمية جنبًا إلى جنب، وبالتوازي فيما بينها لضمان تحقيق أهداف التنمية المنشودة على مستوى كافة القطاعات.
هذا وقد حددت إدارة الحوار الوطني ثلاثة محاور رئيسة تنظم طبيعة عمله؛ وهي: المحور السياسي، والمحور الاقتصادي، بالإضافة إلى المحور المجتمعي. وتم تقسيم المحور السياسي إلى خمس لجان، حيث تم الاتفاق على إضافة لجنتين وهما (لجنة متخصصة في الأحزاب السياسية، ولجنة متخصصة للنقابات والمجتمع الأهلي)، وذلك بالإضافة إلى اللجان الثلاث السابق إقرارها وهي (لجنة مباشرة الحقوق السياسية والتمثيل النيابي، ولجنة المحليات، ولجنة حقوق الإنسان والحريات العامة)، بالإضافة إلى ثماني لجان في المحور الاقتصادي آخرها لجنة متخصصة في السياحة، وجرى تشكيل ست لجان منبثقة عن المحور المجتمعي.
إن وجود لجنة معنية بحقوق الإنسان داخل الحوار الوطني هو ترجمة حقيقية وواقعية لأهمية هذا الملف على المستوى الرسمي والمستوى الشعبي، ودليل على الإرادة السياسية الأكيدة لتفعيل الإطارين الدستوري والتشريعي لحماية الحقوق والحريات العامة؛ فقبل بدء جلسات الحوار في مايو 2023، تم تنظيم عدد من اللقاءات بين المنسق العام للحوار الوطني وعدد من قادة المنظمات الحقوقية التي عزمت على المشاركة في جلسات لجنة حقوق الإنسان والحريات العامة التي عُقدت بالفعل على مدار يومي 9 أبريل و 14 أبريل 2023؛ وذلك للنقاش حول بعض القضايا التي تهم حركة حقوق الإنسان المصرية.
فقد تناولت -ولا تزال- لجنة الحقوق والحريات عددًا من الموضوعات الهامة على رأسها الحبس الاحتياطي، والسلامة الجسدية، والحق في الحياة، وحرمة الحياة الخاصة، وكذلك قضايا حرية الرأي والتعبير سواء في الصحف أو وسائل الإعلام، وما يرتبط بذلك من قانون حرية تداول المعلومات، وكذلك الحريات الأكاديمية، أي حرية المجتمع الجامعي والأساتذة والطلاب للتفاعل مع المجتمع الجامعي في الخارج في أي دولة، وتبادل الأبحاث والزيارات وتنظيم أنشطة مشتركة، وعدم التمييز وإقرار المساواة بين المواطنين.
- حقوق السجناء:
هذا وقد تضمنت حقوق السجناء تغيير الفلسفة العقابية، وتعديل قانون السجون في مارس 2022 والتي شملت حزمة واسعة من التطوير الشامل لمنظومة السجون، ومن بينه تغيير مسمى السجون الوارد في القانون القديم، إلى مراكز إصلاح وتأهيل عمومية، أو مراكز إصلاح جغرافية، أو مراكز إصلاح وتأهيل خاصة، وكذلك تغيير اسم السجناء إلى نزلاء، ومأموري السجون إلى مديري مراكز تأهيل، وقطاع السجون إلى قطاع الرعاية الاجتماعية.
هذا وقد تم تصميم مراكز الإصلاح والتأهيل الجديدة وفقًا لأسلوب علمي وتكنولوجيا متطورة، استخدم خلالها أحدث الوسائل الإلكترونية، وتم الاستعانة في مراحل الإنشاء والتجهيز واعتماد برامج الإصلاح والتأهيل، للتعامل مع المحتجزين وتأهيلهم؛ لتمكينهم من الاندماج الإيجابي في المجتمع عقب قضائهم فترة العقوبة.
وتتضمن خطط إعادة التأهيل المطبقة بتلك المراكز، برامج متكاملة، وتشمل الاهتمام بالتعليم وتصحيح المفاهيم والأفكار، وضبط السلوكيات، وتعميق القيم والأخلاقيات، وصولًا لتحصين النزيل من الانحراف مرة أخرى، وحماية مجتمعه من أي خطورة إجرامية محتملة كانت تسيطر على سلوكه. ولا تقتصر برامج الرعاية الاجتماعية على النزلاء فقط وإنما تمتد لأسرهم أثناء فترة عقوبتهم؛ وذلك من خلال إدارة الرعاية اللاحقة، والتي تقوم أيضًا بمتابعة حالات المحكوم عليهم عقب الإفراج عنهم.
ولقد حرصت وزارة الداخلية في سبيل توفير مقومات إعادة تأهيل النزلاء على اتخاذ كافة الإجراءات التنسيقية مع الوزارات المعنية، ومن بينها إبرام بروتوكول تعاون مع وزارة التربية والتعليم يتم بمقتضاه تشغيل المدارس الثانوي “الصناعي والزراعي” بمراكز الإصلاح والتأهيل، وكذا التنسيق مع وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، لإعداد أماكن للتدريب والتأهيل على المهن الفنية المختلفة؛ وذلك في إطار برامج علمية قائمة على توجيه طاقة النزيل للمهنة التي يصلح لها، وإتاحة فرص عمل له أثناء فترة العقوبة، بما يعود عليه وعلى أسرته بعائد مالي، يتم توجيهه وفقًا لاحتياجاته، والاحتفاظ بجزء منه كمكافأة تمنح للنزيل عند خروجه، تساعده على مواجهة متطلباته المعيشية، فضلًا عن إقامة عدد من المشروعات الإنتاجية الصناعية والزراعية والحيوانية داخل المراكز، وبما ينعكس إيجابيًا أيضًا على حجم الإنفاق التي تتحمله الدولة في إدارة مراكز الإصلاح ورعاية النزلاء؛ وذلك عبر تحقيق الاكتفاء الذاتي في احتياجاتها من بعض المنتجات الأساسية، فضلًا عن الإسهام في تلبية احتياجات المواطنين بأسعار مخفضة.
- حرية التعبير والرأي وحرية وسائل الإعلام والصحافة وضمان استقلالها وحيادها:
تنطوي حرية الرأي والتعبير على حقين متكاملين: الأول «حق حرية الرأي»، والثاني «حق حرية التعبير عنه» ولا يمكن الفصل بينهما أو ممارسة أحدهم دون الآخر، فحرية التعبير هي انعكاس لحرية الرأي وبموجبهما ينتقل الفرد من مرحلة اعتناق الرأي إلى مرحلة التعبير عن محتواه. ولهذا نصت المادة 65 في دستور 2014 أن حرية الفكر والرأي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه قولًا أو كتابة أو تصويرًا أو غير ذلك من وسائل النشر.
وبالتالي جاءت الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي أطلقها الرئيس السيسي في سبتمبر 2021، تتضمن تطوير سياسات وتوجهات الدولة في التعامل مع عدد من الملفات ذات الصلة بحقوق الإنسان، والبناء على التقدم الفعلي المحرز خلال السنوات الماضية في مجال تعظيم الحقوق والحريات والتغلب على التحديات في هذا الإطار، هذا وقد رسخت الاستراتيجية الوطنية مبدأ حرية الرأي والتعبير بداية من جمع الأفكار حتى الانتهاء منها في نسختها الأخيرة والذي اعتمد على مشاركة المجتمع المدني والأحزاب والبرلمان والحكومة، حيث راعت هذه الاستراتيجية في إعدادها أن تحصل على كافة الآراء سواء مجتمع مدني أو أصحاب المصلحة.
هذا بالإضافة إلى إطلاق الحوار الوطني في أبريل 2022 فهو دعوة للتواصل الفعال بين جميع أطياف المجتمع وقواه السياسية، الاقتصادية، والمجتمعية، وسماع وجهات النظر المختلفة وخلق فرص تبادل الرؤى والمقترحات للوصول بمساحات مشتركة نحو الجمهورية الجديدة. ومثل ذلك خطوة إيجابية لتعزيز حرية الرأي والتعبير؛ كونه اعتمد على فتح قنوات الحوار والتواصل بين مختلف الأفكار والآراء والسعي لإيجاد حلول للقضايا والمشكلات التي يواجهها المجتمع المصري.
ذلك بالإضافة إلى وجود 585 صحيفة مسجلة، و27 قناة، و94 موقعا إلكترونيًا إخباريًا تستطيع ممارسة عملهم بحرية. ولكن لابد من التأكيد أنه على الرغم من التطورات التي تشهدها حرية الرأي والتعبير في مصر إلا أن الدولة لم تزل في طريقها لتحقيق أكبر قدر ممكن من هذا الحق، خصوصًا وأن الرأي والتعبير يعد من أهم الحقوق الواجب تطويرها بما يضمن مستوى أعلى من التمتع بها؛ فعملية تطوير حقوق الإنسان مستمرة ومستدامة حسب طبيعة كل مرحلة تمر بها المجتمعات.
- حرية الدين والمعتقد
تعمل الدولة على كفالة حرية الأفراد في اعتناق المعتقدات وممارسة الشعائر الدينية، إلى جانب استمرار وزارة التربية والتعليم في مراجعة المناهج الدراسية بهدف تعزيز قيم ومبادئ حقوق الإنسان والتأكيد على المساواة واحترام الآخر ورفض التمييز، هذا إلى جانب تكثيف حملات التوعية بين الشباب لتعزيز التسامح وقبول الآخر ونبذ العنف والكراهية ودعم قيم المواطنة والانتماء ونبذ التعصب والأفكار المتطرفة.
هذا بالإضافة إلى دور وزارة الأوقاف في تنفيذ خطط تجديد الخطاب الديني واحترام الأديان وتفنيد الأفكار المتطرفة وذلك من خلال إصدار الكتب وعقد الدورات التدريبية للأئمة والواعظات؛ هذا بالإضافة إلى تعزيز الشراكات بين وزارة الأوقاف ووزارة التربية والتعليم لتنفيذ البرامج التدريبية والندوات التثقيفية للمعلمين والمعلمات في عدد من المحافظات، وأيضا وزارة الشباب والرياضة والمجلس الأعلى للإعلام.
ثانيًا: الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
- الحق في الصحة:
بدأ تطوير القطاع الصحي في مصر خلال السنوات العشر الماضية، فشهد تطورًا ملحوظًا، بداية من نص المادة (18) من دستور 2014 على أن “لكل مواطن الحق في الصحة وفي الرعاية الصحية المتكاملة وفقًا لمعايير الجودة”. كذلك حرصت الدولة في رؤيتها للتنمية المستدامة “رؤيـة مصـر 2030” علـى ضمان جـودة الخدمات الصحية المقدمة، وأن يتمتع كل المصريين بحياة صحية سـليمة آمنة؛ مــن خلال تطبيــق نظام صحي متكامل يتميز بالإتاحة، والجودة، وعدم التمييز، وقادر على تحسين المؤشرات الصحية عن طريق تحقيق التغطية الصحية الشاملة لجميـع المواطنين، وبالتالي تم اسـتحداث منظومة التأمين الصحي الشامل بموجب القانون رقم 2 لسنة 2018، والذي أحدث بدوره نقلة نوعية لتطوير خدمات الرعاية الصحية، والارتقاء بكفاءتها وجودتها وتلبية لاحتياجات المواطنين بشكل متكامل.
هذا بالإضافة إلى الدور الكبير التي قامت به وزارة الصحة والسكان أثناء فترة كورونا، حيث تبنت الحكومة المصرية خطة استباقية من خلال التوسع في الحملات التوعوية، فضلًا عن وضع بروتوكولات لتشخيص الحالات وكذلك بروتوكولات العلاج والتي تم وضعها من قبل اللجنة العلمية لمكافحة فيروس كورونا المستجد، وأيضًا إطلاق القوافل الطبية ضمن مبادرة حياة كريمة لاسيما في المناطق النائية والمحرومة من الخدمات الطبية والقري الأكثر احتياجًا، بالإضافة إلى توجيه استثمارات بقيمة 3.676 مليارات جنيه في العام المالي 2022/ 2023 لتطوير 148 مستشفى ومركزًا طبيًا متخصصًا.
ولا يمكننا إغفال الدور الرئيس للمبادرات الصحية الرئاسية، والتي أسهمت بدورها في تحقيق الرعاية الصحية الشاملة، من خلال التركيز على مكافحة الأمراض الأكثر تأثيرًا على المواطن بهدف خفض معدلات انتشارها مثل: مبادرة 100 مليون صحة، ومبادرة القضاء على فيروس سي، والكشف المبكر عن الأنيميا والتقزم، بالإضافة إلى مبادرات صحة المرأة، ومبادرة الكشف المبكر عن الاعتلال الكلوي.
- الحق في التعليم:
تسعى الدولة إلى إعادة بناء منظومة التعليم بشكل عام، وهو ما يترتب عليه بناء شخصية مصرية قوية علميًا وتعليميًا، من خلال نقل فكر الطالب من مجرد شخص يتلقى المعلومة إلى التعلم والمشاركة في التحصيل، حيث تم الاعتماد على وضع مناهج دراسية متطورة للتعليم الأساسي؛ استطاعت إحداث تغيير في فهم الأطفال.
أما في نظام التعليم الثانوي العام، استطاعت الحكومة تغيير ضوابط تقييم الطلاب وإلغاء فكرة الحفظ والتلقين واستبدلها بالفهم والتطبيق، واستحداث نمط اختبارات جديدة ساعدت على تقييم الطلاب بشكل علمي مختلف. وفى آخر 7 سنوات، نجحت الدولة في إنشاء 20 مدرسة رسمية دولية، تتيح نموذجًا تعليميًا دوليًا، يعتمد أحدث المناهج التعليمية العالمية، هذا إلى جانب التوسع في إنشاء المدارس المصرية اليابانية حتى وصلت 40 مدرسة، وتوسعت الوزارة في إنشاء مدارس المتفوقين في العلوم والتكنولوجيا حتى وصلت لأكثر من 15 مدرسة.
وفيما يخص التعليم الفني، تم تطوير مناهج التعليم الفني من خلال تنفيذ 33 برنامجًا دراسيًا خلال عام 2020، ثم أضافت 15 برنامجًا في عام 2021، ثم 37 برنامجًا دراسيًا في 2022، ليصل الإجمالي 85 منهجًا مطورًا. وبلغ إجمالي عدد المدارس الفنية التي تطبق النظام الجديد 107 مدارس في 2019، ثم زادت لـ 118 مدرسة في 2020، وعدد 453 مدرسة في 2021، و881 مدرسة في 2022 بكل أنواع التعليم الفني الصناعي، والتجاري، والزراعي، والفندقي.
هذا بالإضافة إلى التعليم الجامعي، حيث اهتمت الدولة بتطوير التعليم الجامعي، وظهر ذلك من خلال إنشاء وتطوير الجامعات المصرية، والارتقاء بالمنظومة التعليمية الجامعية، فلقد زادت الجامعات الحكومية بنسبة 17.4%، ووصلت 27 جامعة في 2020، وزادت الكليات والمعاهد بنسبة 23.2%، لتصل إلى 494 كلية ومعهدًا في 2020، وزيادة البرامج والتخصصات التي تخدم سوق العمل لتصل إلى 188 برنامجًا في عام 2020. وتمكنت الدولة من زيادة الجامعات الخاصة والأهلية لتصل إلى 35 جامعة في عام 2020.
- الحق في الضمان الاجتماعي:
عملت الحكومة المصرية على سد الفجوات في تغطية برامج الحماية الاجتماعية وعملت على زيادة الوعي بإيجابيات تنظيم الأسرة، حيث تم تطوير شبكة الحماية الاجتماعية تستهدف الأسر التي تعاني من الفقر وغير القادرة على تلبية احتياجاتها الأساسية وكفالة حقوقها الصحية والتعليمية، ومد شبكة الحماية الاجتماعية لتشمل الفئات التي ليس لها قدرة على العمل والإنتاج مثل كبار السن أو من لديهم إعاقة تمنعهم من العمل، هذا وقد بلغت قيمة الدعم والحماية الاجتماعية 356 مليار جنيه وفقا لتقرير اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان وتتمثل شبكة الحماية الاجتماعية في عدد من البرامج منها:
- برنامجي تكافل وكرامة:
هو برنامج للمساعدات النقدية المشروطة تم إطلاقه في عام 2015 تابع لوزارة التضامن الاجتماعي ويقدم مساعدات للأسر الفقيرة والأكثر احتياجًا، وذلك عن طريق استهداف الأسر التي لديها مؤشرات اقتصادية واجتماعية منخفضة تحول دون إشباع احتياجاتها الأساسية وكفالة حقوق أطفالها الصحية والتعليمية. وقد وصل إجمالي المستفيدين من البرنامج 200 ألف أسرة ليصل عدد إجمالي أفراد المستفيدين إلى ما يزيد على 20 مليون فرد. هذا ويمثل تكافل وكرامة مظلة للتأمين الاجتماعي وتحقيق الحد الأدنى من الدخل الأساسي للأسر التي لديها مخاطر مرتبطة بالفقر أو البطالة أو الإعاقة أو الحوادث الطارئة من خلال دعم نقدي أو في شكل المعاشات الاجتماعية للمستحقين، وإتاحة فرص توليد دخل من خلال تأهيل القادرين على العمل ودمجهم في سوق العمل.
- مبادرة حياة كريمة:
تعمل مبادرة حياة كريمة على تحسين مستويات المعيشة والاستثمار في رأس المال البشري وتطوير خدمات البنية التحتية ورفع جودة خدمات التنمية البشرية، هذا وتعمل المبادرة على توفير الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم والمياه والصرف الصحي للقرى الأشد فقرًا والفئات الأولى بالرعاية.
لقد أُطلقت المبادرة في 2019، واعتمدت في تقسيم الجمهورية إلى مراحل على المسوح والإحصائيات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري. جدير بالذكر أن هناك معايير اعتمدت عليها المبادرة في تقسيم المناطق وهي المناطق التي بها ضعف في خدماتها الأساسية من شبكات الصرف الصحي وشبكات المياه وتنخفض بها نسبة التعليم وتحتاج إلى خدمات صحية مكثفة لسد احتياجات الرعاية الصحية وتسوء بها شبكات الطرق، وترتفع بها نسبة فقر الأسر القاطنة فيها.
هذا وقد بلغت نسب تنفيذ مبادرة حياة كريمة بالمجمعات الخدمية لـ 94٪ والمجمعات الزراعية 92٪ والمجمعات الصحية 90٪، فوفقا لوزارة التنمية المحلية فلقد نفذت مبادرة حياة كريمة في المرحلة الأولى 23 ألفًا و900 مشروع في 1477 قرية في 20 محافظة بتكلفة 300 مليار جنيه، فوفقا لوزارة التخطيط وفي مايو 2022 أفادت بأن المرحلة الأولى من مبادرة حياة كريمة أسهمت في انخفاض كبير في معدل الفقر بنسبة 10-14٪ في حوالي 375 قرية ريفية، فالجهود التنموية تهدف في المقام الأول إلى البحث عن أفضل السبل لخفض معدلات الفقر.
- التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي:
تم إطلاق التحالف الوطني في مارس 2022، ويضم التحالف أكثر من 30 جمعية ومؤسسة أهلية، حيث يضم ممثلًا في أعضائه كوادر إدارية وميدانية مدربة ومؤهلة تستطيع تقديم الخدمات بسرعة وكفاءة عالية، بالإضافة إلى القدرة على الوصول إلى الأسر والفئات المستهدفة وتقديم الخدمات المجتمعية لها في مختلف المحاور.
يعمل التحالف على تقديم الخدمات لأكثر من 30 مليون مصري داخل القطاعات المختلفة بالأمن الغذائي وتوزيع المواد الغذائية، وايضًا في قطاع الصحة من خلال تقديم الخدمات الطبية ذات الجودة للأهالي في أماكن وجودهم عن طريق القوافل الطبية المجمعة والمنفردة التي تنظمها المؤسسات العضوة بالتحالف، كذلك الخدمات التي تقدمها المؤسسات الطبية التي تنشئها وتديرها جمعيات ومؤسسات أهلية، وأيضًا خدمات التمكين الاقتصادي بخلق فرص عمل غير تقليدية للمرأة وذوي الهمم وكافة الفئات، فخطة الحماية الاجتماعية للتحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي ترتكز على تقديم العديد من المساعدات والتي تتنوع بين دعم نقدي ودعم غذائي، فضلًا عن توفير الرعاية الصحية والمساعدات الطبية، والاهتمام بالجانب التوعوي للمواطنين إلي جانب المساعدات الاجتماعية.
- الحق في الغذاء:
للمرة الأولى بحسب التطور الدستوري يأتي النص في الدستور المصري على أهمية الحق في الغذاء وقيمته، حيث جاء نص المادة 79 التي تضمنها الدستور المصري الجديد تنص على أن “لكل مواطن الحق في غذاء صحي وكافٍ، وماء نظيف، وتلتزم الدولة بتأمين الموارد الغذائية للمواطنين كافة. كما تكفل السيادة الغذائية بشكل مستدام، وتضمن الحفاظ على التنوع البيولوجي الزراعي وأصناف النباتات المحلية للحفاظ على حقوق الأجيال”. وبموجب هذا النص فإن تأمين الحق في الغذاء الصحي الكافي يشكل التزاما على عاتق الدولة لابد لها من العمل على تحقيقه والحفاظ عليه بشكل كامل ودائم.
وبالتالي تعمل الدولة المصرية على تحقيق الأمن الغذائي للمواطنين رغم تداعيات دولية مثل تعثر سلاسل الإمداد الدولية وارتفاع تكلفة النقل والطاقة عالميا، حيث أطلقت وزارة التموين والتجارة الداخلية خلال الـ 8 سنوات الماضية مشروعات قومية كبرى، عززت الخدمات المقدمة للمواطن، وحافظت على المخزون الاستراتيجي من جميع السلع الغذائية الأساسية، بالإضافة إلى توفير آلاف فرص العمل من خلال إنشاء المناطق اللوجستية والتجارية.
هذا وقد تم طرح أكبر مشروع قومي لإنشاء 7 مخازن استراتيجية عملاقة بالتعاون مع القطاع الخاص لزيادة مخزون السلع الأساسية وتلبية احتياجات المواطنين طوال العام، وسيتم خلال الشهر الحالي وضع حجر الأساس لأول مستودع في محافظة السويس على مساحة 10 أفدنة بتكلفة تتراوح من 800 مليون إلى مليار جنيه. وأطلقت الوزارة مشروع تطوير المكاتب التموينية وتحويلها إلى مراكز خدمة مطورة، تقدم كافة الخدمات التموينية كإصدار بطاقة وبدل تالف وبدل فاقد والفصل الاجتماعي حيث تم تطوير أكثر من 315 مركز خدمة مطور، ومستهدف الوصول إلى 600 مركز خدمة.
هذا وقد تم وضع جهاز تنمية التجارة التابع لوزارة التموين والتجارة الداخلية خطة استراتيجية لإقامة المناطق اللوجستية والتجارية وفقا للخريطة الجغرافية والسكانية لكل محافظة، وبلغ إجمالي عدد المشروعات التجارية الجاري تنفيذها 21 مشروعًا في 14 محافظة بإجمالي استثمارات تتعدى الـ 60 مليار جنيه على مدار السنوات الخمس الماضية، وتوفر ما يقرب من 450 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة بما يغطي أكثر من 60% من محافظات الجمهورية حتى الآن.
- الحقوق الثقافية:
لقد نفذت الدولة العديد من الأنشطة التي تسعى إلى تحقيق العدالة الثقافية، من خلال الوصول لكافة المواطنين في مختلف أنحاء الجمهورية، مع التركيز على المناطق الريفية والنائية والمحافظات الحدودية، حيث بدأت وزارة الثقافة في تقديم مئات العروض الفنية الموسيقية (المجانية) بمختلف أنحاء الجمهورية، رافعة شعار «الفنون والثقافة للجميع»، بالتزامن مع محاولة لنشر الثقافة السينمائية عبر برنامج «سينما الشعب»، الذي يقدم خدماته للجمهور بأسعار رمزية.
فمصر تشهد حاليًا حراكًا فكريًا، وفنيًا متنوعًا عبر مئات الأنشطة المجانية، أو التي تقدم للجمهور بأسعار رمزية، بهدف الوصول بالمنتج الثقافي الجاد والهادف إلى مختلف الشرائح العمرية، والاجتماعية في مصر، في إطار خطة الدولة لدعم أشكال الإبداع كافة بوصفه من المفردات الأصيلة لعمليات التنمية.
وتتضمن الأنشطة التي تقدمها وزارة الثقافة المصرية، مجموعة من المهرجانات الفنية، حيث من المقرر إحياء مهرجان المسرح الروماني، بمنطقة كوم الدكة بمحافظة الإسكندرية، بعد توقف استمر 3 أعوام بسبب جائحة «كوفيد – 19». إضافة إلى تنظيم الدورة 30 من مهرجان قلعة صلاح الدين للموسيقى والغناء، واستحداث مهرجان موسيقى وغنائي بمدينة رأس البر، بمحافظة دمياط، بالتعاون مع وزارة السياحة والآثار المصرية، أسوة بمهرجانات مماثلة طافت مجموعة من المحافظات خلال الفترة الماضية، مثل مهرجان دندرة الثاني بمحافظة قنا، ومهرجان أبيدوس الأول بمحافظة سوهاج، ومهرجان تل بسطة الأول بمحافظة الشرقية، ومهرجان السويس الأول بمحافظة السويس.
- حقوق ذوي الهمم:
لقد نصت المادة 8 من الدستور على أن «تلتزم الدولة بضمان حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والأقزام صحيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا وترفيهيًا ورياضيًا وتعليميًا، وتوفير فرص العمل لهم مع تخصيص نسبة منها لتعيينهم وتهيئة المرافق العامة والبيئة المحيطة بهم وممارستهم جميع الحقوق والعدالة وتكافؤ الفرص، وغيرها من النصوص الأخرى التي تكفل للمواطنين ذوي الهمم كافة الحقوق.
حيث تمثلت الجهود الحكومة في إصدار القانون رقم 11 لسنة 2019، الذي يهدف لتعزيز وتنمية وحماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وصولًا إلى القانون رقم 200 لسنة 2020 بشأن إنشاء صندوق دعم الأشخاص ذوي الإعاقة برئاسة رئيس مجلس الوزراء، بالإضافة إلى أن هناك عددًا من الوزارات والجهات الوطنية تشارك في تنفيذ أهداف “الخطة الوطنية للأشخاص ذوي الإعاقة”، والتي تشمل جوانب صحية وتعليمية وثقافية، تتكامل مع ما جاء في “الإطار الاستراتيجي والخطة الوطنية للطفولة والأمومة (2018-2030).
هذا وتتضمن الجهود الحكومية وفقًا للجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان تنفيذ مبادرة “دمج.. تمكين.. مشاركة”، التي أطلقها الرئيس السيسي في العام 2016 لدعم وتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة؛ بغرض تطويع قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لتوفير الخدمات التعليمية والصحية بسهولة لهم، والمساهمة في زيادة قدرتهم على الدخول إلى سوق العمل، فضلًا عن تيسير حياتهم عن طريق تهيئة المباني الحكومية لتصبح قادرة على استقبالهم وتقديم الخدمات لهم.
ارتباطًا بذلك، تعمل وزارة الاتصالات على تطوير تطبيقات ذكية لمساعدة الأشخاص ذوي الإعاقة على التوظيف، وهو ما أدى إلى اختيار مصر ضمن العشر دول الأكثر ابتكارًا في مجال سياسات توظيف الأشخاص ذوي الإعاقة، وكذلك لفوزها في فبراير 2017 بجائزة (Zero Project) العالمية، التي تُمنح لمشروعات من شأنها إزالة الحواجز والعوائق بين الأشخاص ذوي الإعاقة والمجتمع من خلال حلول مبتكرة. وقامت وزارة التعليم بتدريب (5400) من معلمي الأشخاص ذوي الإعاقة على استخدامات وتقنيات الحاسب الآلي لتسهيل التواصل مع الطلبة. أما على مستوى التعليم الجامعي، فصدر قرار المجلس الأعلى للجامعات رقم 651 لسنة 2016 بقبول ذوي الإعاقة السمعية بالجامعات المصرية، ودعم (24) مركزًا لذوي الإعاقة بالجامعات الحكومية، وغيرها من الممارسات التي ساهمت في تعزيز حقوق ذوي الهمم والفئات الخاصة.
ختامًا، على الرغم من الجهود والخطوات التي اتبعتها مصر خلال العشر سنوات الماضية لتطوير ملفها الحقوقي وضمان مستويات عليا من التمتع بالحريات والحقوق إلا أننا ما زلنا نواجه تحديات أصعب ومخاطر أشد تستلزم منا الوقوف ضدها لتحقيق الأهداف المنشودة في مجتمع حديث ديمقراطي يراعي فيه حقوق مواطنيه، فوفقا للسرد فإنه من المتبين أن مصر تمتلك إرادة سياسية حقيقة ترغب في تحقيق التطوير والتنمية على كافة المستويات وعلى رأسها بالطبع المواطن، لأنه جوهر هذه العملية وأساسها الثابت.
فيتضح لنا أن تعزيز حقوق الإنسان هي عملية مستمرة وتراكمية الأثر، ولا تظهر نتائجها إلا بشكل متدرج، ومهما بذل من جهد أو تحقق من إنجاز في هذا المجال فإنه وفقًا للسرعة التي يعيش فيها العالم فإنه يحتاج للمزيد والمزيد من الجهد، وتظل هناك تحديات تتعلق بتمتع الجميع بحقوقهم وحرياتهم الأساسية، وهو الأمر الذي يستلزم بذل المزيد من الجهد للتغلب على التحديات المتراكمة وتحقيق أكبر قدر من الحرية.
باحثة ببرنامج السياسات العامة