
الحبس الاحتياطي على طاولة الحوار الوطنى
يُعد ملف الحبس الاحتياطي أحد الملفات الشائكة، والذي دائمًا ما حمل جدلًا ونقدًا واسعًا من قبل القانونيين والحقوقيين بدعوى تعنت مواد القانون؛ إلا أن الانفراجة التي شهدها الملف على خلفية اهتمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، بدايةً من الإعلان عن وجود رغبة حقيقية في تحسين الأوضاع وإعلان استراتيجية حقوق الإنسان، وصولاً إلى إصدار عدة قرارات لتحسين أوضاع مراكز الاحتجاز والتأهيل بمصر، والإفراج عن عدد هائل من المحبوسين والمحتجزين احتياطيًا، وفق توصيات لجنة العفو الرئاسي التي تم تدشينها عام 2017، وتفعيلها بشكل أوسع عقب دعوة الرئيس السيسي للحوار الوطني في أبريل 2022، ولعل آخرها إعلان لجنة العفو الرئاسي يوم الاثنين 21 يوليو 2024، عن صدور قرار من نيابة أمن الدولة العليا بالإفراج عن 79 شخصًا كانوا محتجزين على ذمة قضايا مختلفة، حيث جاء الإفراج قبل يوم من بدء مناقشة الحوار الوطني لقضية الحبس الاحتياطي، كاستجابة للقوى السياسية ومناشدة مجلس أمناء الحوار الوطني السلطة التنفيذية بضرورة التخفيف من تداعيات قانون الحبس الاحتياطي بشكله الحالي، وضرورة توسيع عملية النقاش المجتمعي لصياغة بديل لهذا القانون.
يأتي قرار الإفراج عن عدد كبير من المحبوسين احتياطيًا، كجزء من توفير كل الأجواء الإيجابية لنجاح الحوار الوطني في جلسته المزمع عقدها الثلاثاء، لتعزيز مساحات الثقة في مسار الإصلاح السياسي القائم، حيث أعلن مجلس أمناء الحوار الوطني عن استكمال مناقشة قضايا حقوق الإنسان في مصر، ومن بينها القواعد المنظمة للحبس الاحتياطي، والتي بدأت منذ دعوة الرئيس السيسي في حفل إفطار الأسرة المصرية، من خلال عقد جلسات متخصصة لمناقشة قضية الحبس الاحتياطي والقواعد المنظمة لها وما يرتبط بها من مسائل، باعتبارها جزءًا أصيلاً من الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وذلك بدايةً من يوم الثلاثاء الموافق 23 يوليو الحالي، وأن تُرفع التوصيات إلى الرئيس السيسي فور انتهاء الجلسة مصحوبة بقائمة تتضمن عددًا من المحبوسين ووضعها تحت بصره. على أن تتضمن المناقشات الموضوعات التالية:
– مدة الحبس الاحتياطي
– بدائل الحبس الاحتياطي
– موقف الحبس الاحتياطي في حالة تعدد الجرائم وتعاصرها
– التعويض عن الحبس الاحتياطي الخاطئ
– تدابير منع السفر المرتبطة بقضايا الحبس الاحتياطي
نبذة تاريخية عن الحبس الاحتياطي:
إن الحبس الاحتياطي هو أمر معمول به في عديد من الدساتير والتشريعات الدولية، بغرض عدم التأثير على الشهود أو الخوف من الهرب أو العبث بالأدلة، ولكن لضمان العدالة فلابد أن يكون الحبس الاحتياطي في تلك التشريعات مقرونًا بقيود كثيرة، بل وتمنع إطلاق يد سلطات تنفيذ القانون في العمل به دون رقابة أو محاسبة أو مراجعة، وفق درجات قضائية.
وتاريخيًا فإن الحبس الاحتياطي استخدم بوجه خاص تجاه الأشخاص الذين ليس لهم مقر إقامة أو مقر عمل، ولذلك كانت السياسة التشريعية في كثير من الدول – ومنها مصر – تقتصر على استخدام الحبس الاحتياطي على الأشخاص الذين ليس لهم محال إقامة معروف أو خشية هروب المتهم مع وضع ضمانات وشروط لاستخدام هذا الإجراء وهي أن تكون الدلائل كافية على اتهامه وكانت الواقعة جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس لمدة تزيد عن ثلاثة شهور.
هذا وتتطلب إجراءات التحقيق في بعض الجرائم بقاء المتهم رهن إشارة العدالة، وذلك إما لكون المشتبه فيه ليست لديه ضمانات كافية للمثول أمام جهات التحقيق، وإما لكون الجريمة من الخطورة بمكان يصعب ترك المتهم فيها طليقًا لأن من شأن ذلك التأثير سلبًا في سير مجريات التحقيق. ولأجل ذلك أقر قانون الإجراءات الجنائية تدبيرًا احتياطيًا يتم اللجوء إليه في هذه الحالات يسمى بالحبس الاحتياطي.
جدلية الحبس الاحتياطي في المجتمع المصري:
هذا ويشهد ملف الحبس الاحتياطي في مصر جدلًا واسعًا وكبيرًا جدًا من جانب القانونيين والحقوقيين نظرًا لتعنت القوانين الحالية أو عدم اتساقها مع بعضها البعض، خصوصًا أن مواد الحبس الاحتياطي في الدستور لابد وأن تمثل توازنًا حقيقيًا بين حق الدولة في العقاب وحق المتهم في حريته الشخصية كمبدأ دستوري كونه مستمدًا من مبدأ أن الأصل في القانون أن المتهم بريء، ولكن الممارسات على أرض الواقع حولت هذا الإجراء المؤقت إلى عقوبة مسبقة قبل الحكم القضائي، وهو ما يتنافى تمامًا مع قرينة البراءة التي تعد من أصول المحاكمات الجنائية.
لقد شهد الملف الحقوقي في مصر انفراجة كبيرة خلال السنوات الثلاث الماضية، خلقت مساحة كبيرة من الحرية على مستوى كفالة الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين ومنها إطلاق الرئيس السيسي الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان في 2021 وغيرها من الآليات التي اتبعتها الحكومة لإرساء دعائم الديمقراطية؛ واعتمادًا على ما سبق فاستمرار وجود الحبس الاحتياطي يتعارض بصورة كبيرة مع الانفراجة الأخيرة للملف الحقوقي لأنه ليس من الطبيعي تقويض حق الإنسان في الحرية تحت أي مسمى لمدد تصل للعديد من السنين دونما محاكمة، وربما بعد هذه المدة يتم تبرئة المتهم وهو مشهد ينبغي ألا يتكرر في ظل إيمان القيادة السياسية المصرية بحق المواطن في الحرية والحياة؛ لذا كان الحبس الاحتياطي من أهم الموضوعات المطروحة في الحوار الوطني والذي يعول عليه بصورة كبيرة للبت في هذا الأمر في ظل بيئة تشريعية متناقضة وممارسات واقعية تتنافى مع أهداف الدولة في النهوض بالحالة الحقوقية في مصر.
وستستعرض هذه الورقة طبيعة الأزمات التى تسبب فيها الحبس الإحتياطى بالإضافة إلى السبل المطروحة لحل هذه الأزمات والتجارب الدولية التى نجحت فى هذا الشأن.
الأزمات المثارة حول الحبس الإحتياطى فى مصر:
لم يعرف القانون المصري ماهية أو تعريف الحبس الاحتياطي ولكنه أشار إليه كونه إجراءً احترازيًا كضمانة من ضمانات التحقيق، وبمقتضى هذا الإجراء يُودع المتهم في السجن خلال فترة التحقيق كلها أو بعضها، والتي قد تصل إلى عامين وهي أقصى مدة للحبس الاحتياطي طبقًا لنصوص قانون الإجراءات الجنائية.
وبالنظر إلى الدستور المصري سنجد أنه تم تناول الحبس الاحتياطي في أكثر من قانون على رأسها قانون الإجراءات الجنائية رقم 150 لسنة 1950 وتعديله الأخير الصادر في 5 سبتمبر 2020، وقانون مكافحة الإرهاب رقم 94 لسنة 2015 وقانون الطوارئ رقم 162 لسنة 1958. وقد أوكلت جميع تلك التشريعات في الكثير من الأحوال سلطة الحبس الاحتياطي لغير القضاة الجالسين ممثلين في النيابة العامة وقضاة التحقيق. بينما كان القدر شبه المحدود للحبس الاحتياطي مقررًا من قبل محاكم الموضوع. هذا الأمر بالطبع سبب الكثير من الأذى للمتهمين، فحول الحبس الاحتياطي إلى عقوبة، رغم أنه في الأصل يجب أن تحتكره الأحكام القضائية بعد الضمانات المختلفة بما يضمن حرية الأشخاص من جانب ويضمن سلامة التحقيق الابتدائي من جانب آخر.
- إننا في هذا التقرير معنيون بقانون الإجراءات الجنائية وما تناوله فيما يخص الحبس الاحتياطي، إذ يتذرع بعض قضاة محكمة الجنايات بنص المادة “380” من قانون الإجراءات الجنائية التي تقرر أن “لمحكمة الجنايات في جميع الأحوال أن تأمر بالقبض على المتهم وإحضاره، ولها أن تأمر بحبسه احتياطيًا، وأن تفرج بكفالة أو بغير كفالة عن المتهم المحبوس احتياطيًا” متغافلين عن حكم الفقرة الرابعة من المادة 143 في القانون نفسه التي وضعت حدًا أقصى لمدد الحبس الاحتياطي.
- فيما يخص المدد المحددة للحبس الاحتياطي فوفقًا للدستور بموجب نص الفقرتين الثالثة والرابعة والخامسة من المادة 143 من قانون الإجراءات الجنائية فلا يجوز أن تتجاوز مدة الحبس الاحتياطي في مرحلة التحقيق الابتدائي وسائر مراحل الدعوى الجنائية ثلث الحد الأقصى للعقوبة السالبة للحرية، بحيث لا تتجاوز ستة أشهر في الجنح وثمانية عشر شهرًا في الجنايات، وسنتين إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة هي السجن المؤبد أو الإعدام، ومع ذلك فلمحكمة النقض ولمحكمة الإحالة إذا كان الحكم صادرًا بالإعدام أو بالسجن المؤبد أن تأمر بحبس المتهم احتياطيًا لمدة خمسة وأربعين يومًا قابلة للتجديد دون التقيد بالمدد المنصوص عليها في الفقرات السابقة.
مناقشات متوقعة لمواجهة أزمة الحبس الإحتياطى:
- فى ظل التقدم التكنولوجى وتقدم علم الجريمة وغيره أصبح من الضرورى تعزيز بدائل الحبس الاحتياطى والتى نص عليها الدستور فى المادة 201 إجراءات جنائية والتى نصت على بعض البدائل للحبس وهى إلزام المتهم بعدم مغادرة مسكنه أو موطنه، أو إلزام المتهم بأن يقدم نفسه إلى مقر الشرطة فى أوقات محددة، أو حظر ارتياد المتهم أماكن محددة.
والجدير بالذكر أن هذه البدائل أصبحت لا تناسب طبيعة الحياة الحالية فى ظل التقدم الملحوظ فى مناحى الحياة حتى أصبحت هناك تدابير من غير الجائز استخدامها ولا بد من إعادة النظر فيها، مثل إلزام المتهم بأن يسلم نفسه لقسم الشرطة، حيث يمكن الاستعاضة عن ذلك بعدم مغادرة المسكن مع وضع القيود الإلكترونية، مثلما نص الدستور الفرنسى فى مادته الـ 144 من قانون الإجراءات الجنائية على: “لا يؤمر بالحبس الاحتياطى أو بإطالة مدته إلا إذا تبين من عناصر وظروف واضحة أنه يعد الوسيلة الوحيدة لتحقيق هدف أو أكثر من أهداف الحبس الاحتياطى، وأن هذه الأهداف لا يمكن تحقيقها فى حالة الخضوع للرقابة القضائية والالتزام بالبقاء فى المسكن مع الخضوع للرقابة الإلكترونية”.
- تعتبر الرقابة الإلكترونية أداة جديدة في نظام العدالة القضائية، وللاستفادة من التطور التكنولوجي في الحد من العيوب الناتجة عن حبس المتهمين احتياطيًا وتفادي عيوب العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة، أصبح بالإمكان وضع المتهم تحت المراقبة الإلكترونية بدلًا من حبسه احتياطيًا، ووضع المحكوم عليه بالمراقبة الإلكترونية بدلًا من تنفيذ العقوبة في السجون إذا كانت العقوبة المحكوم بها الحبس لمدة لا تتجاوز السنتين، ويعد هذا القانون خطوة رائدة لتفادي عيوب الحبس الاحتياطي والعقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة، وذلك عن طريق جهاز إلكتروني يثبت في معصمه أو أسفل قدمه (السوار).
جدير بالذكر أن من أهم مميزات نظام المراقبة الإلكترونية هو إعطاء صورة إيجابية لتطور المنظومة القضائية للدولة، بعدما أثبتت التجربة المقارنة الدور الفعال الذي تحققه المراقبة الإلكترونية في درء مساوئ العقوبة السالبة للحرية، وتقليل النفقات، والقضاء على اكتظاظ المؤسسات العقابية، لقد حققت التجربة الإماراتية نجاحًا مذهلاً بشأن بدائل الحبس الاحتياطي بما يضمن الحرية للمواطنين ويضمن لهم مزيدًا من الثقة في الدولة.
- ضرورة تعديل المادة 134 من قانون الإجراءات الجنائية التي تنص على أنه “لا يجوز صدور الأمر بالحبس الاحتياطي إلا في الجنايات والجنح المعاقب عليها بالحبس مدة تقل عن سنة” م134/1 من قانون الإجراءات الجنائية، بأن لا يجوز صدور الأمر بالحبس الاحتياطي إلا في الجرائم التي يصل الحد الأقصى للعقوبة فيها إلى ثلاث سنوات على الأقل على غرار التشريع الفرنسي وتشريعات أخرى، هذا بالإضافة إلى تعديل البند الرابع من الفقرة الأولى من المادة 134 من قانون الإجراءات الجنائية والذي ينص على توقي الإخلال الجسيم بالأمن والنظام العام الذي قد يترتب على جسامة الجريمة لتعارضه مع المادة 54 من الدستور والتي تنص على أن “الحرية الشخصية حق طبيعي، وهي مصونة لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس، لا يجوز القبض على أحد، أو تفتيشه، أو حبسه، أو تقييد حريته بأي قيد إلا بأمر قضائي مسبب يستلزمه التحقيق، وفي ذلك فقد حظر الدستور أي تقييد للحرية الشخصية – في عدا حالات التلبس – إلا إذا توافرت ثلاثة شروط وهي وجود أمر قضائي وأن يكون هذا الأمر مسبب وأن يستلزمه تحقيق.
- تعديل المادة 43 من قانون الإرهاب رقم 94 لسنة 2015 بحذف النص الخاص بمنح النيابة العامة أو سلطة التحقيق المختصة السلطات المقررة لمحكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة لتصبح: “تكون للنيابة العامة أو سلطة التحقيق المختصة، بحسب الأحوال، أثناء التحقيق في جريمة إرهابية، بالإضافة إلى الاختصاصات المقررة لها قانونيًّا، السلطات المقررة لقاضي التحقيق، وذلك وفقًا لنفس الاختصاصات والقيود والمدد المنصوص عليها بالمادة (143) من قانون الإجراءات الجنائية”، خاصة وأن مصر استطاعت القضاء على الإرهاب والتخلص منه نهائيًّا وبالتالي فلقد كانت هذه التشريعات ملائمة لفترات مؤقتة وآن الأوان لتغييرها ونحن على أعتاب جمهورية جديدة تمنح قدرًا أكبر للحرية والديمقراطية.
- لابد من استحداث تشريعات جديدة تقضي بتقديم التعويضات اللازمة للمواطنين الذين حبسوا احتياطيًّا وتمت تبرئتهم، لاتباع النهج الدستوري الذي تضمنته المادة 54 من الدستور والتي تنص على “تكفل الدولة تعويضًا عادلًا لمن وقع اعتداءً على حريته الشخصية”.
- استحداث لجان قضائية تعمل على تصنيف المحبوسين احتياطيًا إلى من هم على خلفيات سياسية وجنائية، وهو ما يحل جزءًا كبيرًا من الأزمات الواقعة بين الدولة والمنظمات الحقوقية ومدى كفالة الدولة لحرية الرأي والتعبير.
- حل التضارب بين المحاكم في تطبيق نصوص بعض مواد قانون الإجراءات القانونية، إذ يتذرع بعض قضاة محكمة الجنايات بنص المادة 380 من قانون الإجراءات الجنائية التي تقرر أن “لمحكمة الجنايات في جميع الأحوال أن تأمر بالقبض على المتهم وإحضاره، ولها أن تأمر بحبسه احتياطيًا، وأن تفرج بكفالة أو بغير كفالة عن المتهم المحبوس احتياطيًا” متغافلين عن حكم الفقرة الرابعة من المادة 143 في القانون نفسه التي وضعت حدًا أقصى لمدد الحبس الاحتياطي.
- لابد من ضمان الفصل بين قاضي التحقيق وقاضي الاتهام والمحكمة لأنه من غير المعقول أن يصدر قاضي التحقيق أمره بالحبس الاحتياطي فعلى غرار الدستور الفرنسي تم إصدار القانون رقم 1062 لسنة 1987، والذي عهد بسلطة إصدار الأمر بالحبس الاحتياطي إلى جهة قضائية مشكلة من ثلاثة من القضاة، ليس من بينهم قاضي التحقيق الذي يجري التحقيق مع المتهم المعروض أمر حبسه احتياطيًا. وتتولى محكمة النقض الفرنسية مراقبة مشروعية الحبس الاحتياطي.
ختامًا: لقد شهد الملف الحقوقي في مصر في فتراته الأخيرة تطورًا ملحوظًا على كافة الأصعدة ومختلف الميادين مما خلق حالة انفراج كبيرة في حياة المواطنين، وآخرها الحوار الوطني كأداة رئيسية لجمع القوى السياسية للوصول إلى حلول لكافة الأزمات التي تواجه المجتمع، وبالتالي فإنه يُعول كثيرًا على الحوار الوطني للقضاء على الأزمة الممتدة للحبس الاحتياطي.
خلاصة الأمر لا يجوز التوسع في الهدف من الحبس الاحتياطي واعتباره تدبيرًا احترازيًا، لأن ذلك يجعله في مصاف العقوبات، الأمر الذي يتعارض مع طبيعته المؤقتة، فاعتماده بصورة مستمرة يقوض حقوق المواطنين في الحرية الشخصية، لأنه لا يوجد ما يمكن أن يعادل حرية المواطن التي تساوي فقط قيمة حياته، وأنه يجب على السلطات أن تكون أكثر حرصًا على حقوق الأفراد في الحياة والحرية بصفتهم الاعتبارية كموظفين عاملين لحفظ الأمن والنظام في الدولة، ومن ثم وجب الالتزام بتشريعات حقيقية تكون ضمانة رئيسية لعدم انحراف الممارسات وجعلها تتجه في إطارها الصحيح وأن يتم التعامل مع موضوع الحبس الاحتياطي بحذر وحرص شديدين لإلغاء عمله كأداة تُصادر حريات المواطنين.
باحثة ببرنامج السياسات العامة