مصر

البكالوريا المصرية الجديدة: بين الفرص والتحديات

أعلن رئيس الوزراء، خلال اجتماع مجلس الوزراء رقم (27) المنعقد يوم الأربعاء 8 يناير 2025، عن الموافقة المبدئية على تطبيق نظام “شهادة البكالوريا المصرية” كبديل للنظام التقليدي للثانوية العامة، ولم يكن هذا الإعلان الأول فيما يتعلق بإعادة هيكلة التعليم الثانوي، حيث سبق أن صرح الدكتور مصطفى مدبولي، في اجتماع مجلس الوزراء رقم (5)  في 8 أغسطس 2024، عن بدء العمل على إعادة هيكلة التعليم الثانوي  وفق نظام المسارات، بهدف تهيئة الجيل الذي سيلتحق بالمرحلة الثانوية بحلول العام الدراسي 2027/2028، مع تطوير المناهج لتحقيق التكامل في مراحل التطوير المستهدفة بحلول عام 2030.

إلا أن التصريحات الأخيرة كشفت عن تحول جوهري، حيث تقرر اعتماد نظام البكالوريا المصرية بداية من العام الدراسي المقبل 2025/2026، ليحل محل نظام المسارات، ومع هذا التحول في الرؤية والخطط، تبرز تساؤلات مهمة حول الاختلافات بين نظام البكالوريا المصرية وأنظمة البكالوريا الدولية، إلى جانب فرص تطبيق هذا النظام ومتطلباته، والتحديات التي قد تعيق تنفيذه بالشكل الأمثل، فضلًا عن التوصيات التي يمكن أن تدعم نجاح هذه التجربة وتضمن تحقيق أهدافها.

تسعى مصر بخطى واثقة نحو تطوير منظومتها التعليمية عبر تقديم شهادة “البكالوريا المصرية” كبديل لنظام الثانوية العامة التقليدي، في محاولة لمحاكاة النماذج العالمية الناجحة مثل البكالوريا الدولية (IB) والبكالوريا الفرنسية. هذه الخطوة الطموحة تهدف إلى تحسين جودة التعليم وتعزيز تنافسية الطلاب المصريين على المستوى العالمي. ولكن، هل يحمل هذا النظام الجديد بين طياته آمالًا كبيرة أم أنه مجرد قفزة غير محسوبة نحو مستقبل مجهول؟

لا يمكن إنكار أن تقديم البكالوريا المصرية يمثل تحولًا جذريًا في الفكر التعليمي، فبدلًا من التركيز على الحفظ والتلقين، يسعى النظام الجديد إلى تنمية المهارات النقدية عبر التعلم متعدد التخصصات. علاوة على ذلك، يوفر هيكل البكالوريا المصرية فرصًا أكثر مرونة من النظام الحالي المتبع في الثانوية العامة والذي يصنف بأنه (عالي المخاطر) بحسب تقارير البنك الدولي ذات الصلة.

على النقيض، تواجه البكالوريا المصرية المقترحة تحديات واضحة عند مقارنتها بالأنظمة العالمية مثل البكالوريا الدولية والفرنسية، ففي حين تسعى البكالوريا الدولية إلى إعداد طلاب بمهارات شاملة تؤهلهم للمنافسة عالميًا من خلال منهج متكامل متعدد التخصصات، تجمع البكالوريا الفرنسية بين المعرفة المتعمقة والتخصص الأكاديمي المبكر، وعلى الرغم من محاولات البكالوريا المصرية الاقتراب من هذه النماذج، إلا أن الاختلافات في الهيكل الأكاديمي، وأساليب التقييم، ومستوى الاعتراف الدولي ما زالت كبيرة، فعلى سبيل المثال لا الحصر، تعتمد البكالوريا الدولية على التقييم المستمر وفق معايير عالمية دقيقة، وتحظى بقبول واسع، بينما يرتبط نجاح النظام الفرنسي بجمعه بين التقييم المستمر والنهائي في سياق أكاديمي صارم.

من جهة أخرى، تثير البكالوريا المصرية المقترحة تساؤلات حول إمكانية تحقيق الاعتراف الدولي واستدامة الفرص التعليمية، لا سيما في ظل التحديات المتعلقة بتدريب المعلمين، وتطوير المناهج، وتوفير بنية تحتية تعليمية متكاملة، ومع أن النظام الجديد يوفر خيارات مرنة وتخصصات متنوعة تلائم احتياجات سوق العمل، فإن نجاحه يتطلب جهودًا كبيرة لضمان الجودة ومواكبة المعايير العالمية، جدول (1) و (2)، وشكل (1).

جدول (1): مقارنة بين البكالوريا المصرية والدولية والفرنسية

أوجه المقارنةالبكالوريا المصريةالبكالوريا الدولية (IB)البكالوريا الدولية الفرنسية (BFI) / (BAC)
الأهداف والفلسفةتنمية المهارات النقدية والتعلم متعدد التخصصات بدلًا من الحفظ والتلقين.إعداد الطلاب للجامعات العالمية، مع التركيز على التعليم المتعدد الثقافات والتعلم الذاتي.التعليم الأكاديمي الصارم، مع التركيز على الثقافة الفرنسية والفنون والعلوم.
المرحلة التعليمية وعدد السنوات الدراسية 3-5 سنوات (4 سنوات في المرحلة الرئيسية بالإضافة إلى المرحلة التمهيدية) تبدأ بعد الانتهاء من مرحلة التعليم الأساسي والحصول على شهادة إتمام المرحلة الإعداديةبرنامج السنوات الابتدائية Primary Years Programme – PYP – الفئة العمرية: 3 – 12برنامج السنوات المتوسطة Middle Years Programme MYP – الفئة العمرية: 11-16برنامج الدبلومة Diploma Programme – DP – الفئة العمرية: 16-19برنامج متعلق بالمهنة Career-Related Programme – CRP – الفئة العمرية: 16-19يمتد من مرحلة رياض الأطفال وحتى المرحلة الثانوية في نظام البكالوريا الدولية BFI بينما يقتصر نظام الباك الفرنسي على المرحلة الثانوية ويمتد لمدة عامان فقط 
تاريخ تطبيق النظاممخطط تطبيقه خلال العام الدراسي 2025/2026تم تطبيق برنامج المرحلة الابتدائية عام 1997 والمرحلة المتوسطة عام 1994 والمرحلة الثانوية (برنامج الدبلوم) عام 1968 والمرحلة المهنية (برنامج الاستعداد للتوظيف) عام 2012يمتد تطبيقه منذ عام 1808 وحتى اليوم 
المسارات والشعب للمرحلة الثانويةشعبة طب وعلوم الحياة
شعبة الهندسة وعلوم الحاسب
شعبة الآداب والفنون (أدبي)
شعبة الأعمال (شعبة جديدة)
يختار الطالب مادة دراسية واحدة من المجموعات الدراسية (1-5) بالإضافة إلى اختيار إما مادة فنون من المجموعة (6) أو مادة دراسية أخرى من المجموعة (1-5) بالإضافة إلى (المقال المطول “مشروع بحثي ممتد Extended Essay ” ونظرية المعرفة Theory of Knowledge – TOK والابداع والنشاط والخدمة Creativity, Activity, Service – CAS “مجموعة من الأنشطة الإبداعية والفنية”)مسار S علمي يضم العلوم الهندسية، أو علم الأحياء مع الكيمياء، الفيزياء، الرياضيات. مسار ES العلوم الاجتماعية والاقتصادية والأدبية يضم المواد الاجتماعية والأدبية والاقتصادية. مسار L الأدبي يضم الأدب الفرنسي، والتاريخ، الفلسفة، الجغرافيا، بالإضافة إلى اللغات الأجنبية.   
عدد الدول أكثر من 160 دولة138 دولة
عدد الطلابحوالي 800 ألف طالب (متوقع)1.95 مليون طالب398 ألف طالب
عدد المدارسحوالي 5000 مدرسة (متوقع)أكثر من 5900 مدرسةأكثر من 600 مدرسة
نظام التقييمالتقييم المستمر واختبارات سنوية وفرص متعددة لإعادة الامتحانات.مزيج من التقييمات المستمرة والامتحانات النهائية والمشاريع البحثية الممتدة.امتحانات موحدة نهاية العام وتقييم المشاريع العملية والتطبيقية المستمرة خلال العام.
الاعتراف الدولي (فرص الالتحاق بالجامعات الدولية)قيد الدراسةمعترف به في الجامعات العالمية الكبرى، مع فرص واسعة للدراسة في أفضل الجامعات الدولية.معترف به في الجامعات الفرنسية وبعض الجامعات الدولية، خاصة داخل الاتحاد الأوروبي والدول الفرنكوفونية.
التعدد الثقافي (المواطنة العالمية)التركيز على التاريخ الوطني برامج متعددة الثقافات لتأهيل الطلاب عالميًا.ثنائي/ثلاثي اللغة والثقافة مع التركيز على الهوية الثقافية الفرنسية وبعض الانفتاح العالمي.

جدول (2): مقارنة بين المواد الدراسية في البكالوريا المصرية والدولية 

أوجه المقارنةالبكالوريا المصريةالبكالوريا الدولية (IB)
المواد الدراسية14 مادة دراسية منهم 7 مواد بالصف الأول الثانوي العام و7 مواد بالصفين الثاني والثالث الثانوي العام كالتالي:المواد الدراسية في الصف الأول الثانوي العام تشمل 7 مواد أساسية: التربية الدينية – اللغة العربية – التاريخ المصري – الرياضيات – العلوم المتكاملة – الفلسفة والمنطق – اللغة الأجنبية الأولى، بالإضافة إلى مادتين خارج المجموع وهما اللغة الأجنبية الثانية والبرمجة وعلوم الحاسب.المواد الدراسية بالصف الثاني الثانوي في نظام البكالوريا المصرية تتضمن 4 مواد منهم 3 مواد أساسية وهي اللغة العربية والتاريخ المصري واللغة الأجنبية الأولى، بالإضافة لمادة تخصص، يختار الطالب مادة واحدة كالتالي:مسار الطب وعلوم الحياة يختار الطالب ما بين مادتي الرياضيات أو الفيزياء.مسار الهندسة وعلوم الحاسب يختار الطالب ما بين الكيمياء والبرمجة.مسار الأعمال يختار الطالب ما بين المحاسبة أو إدارة الأعمال.مسار الآداب والفنون يختار ما بين علم النفس أو اللغة الأجنبية الثانية.مواد الصف الثالث الثانوي العام 3 مواد حيث تعتبر التربية الدينية مادة أساسية بالإضافة إلى المواد التخصصية وهي الطب وعلوم الحياة تشمل الأحياء مستوي رفيع والكيمياء مستوي رفيع، والهندسة وعلوم الحاسب تشمل الرياضيات مستوي رفيع والفيزياء مستوي رفيع، والأعمال تشمل الاقتصاد مستوي رفيع والرياضيات والآداب والفنون تشمل الجغرافيا مستوي رفيع وإحصاء.7مواد دراسية فقط حيث يختار الطالب مادة دراسية واحدة من كل مجموعة من المجموعات الدراسية الخمسة الأساسية، بالإضافة إلى مادة الفنون من المجموعة السادسة أو مادة دراسية ثانية من المجموعات الأساسية.يُقدم البرنامج على مستويين: المستوى العادي والمستوى العالي. يمكن للطلاب اختيار ثلاث مواد دراسية في المستوى العالي وثلاث مواد في المستوى العادي. كما يُتاح للطلاب دراسة المواد باللغة الإنجليزية، الفرنسية، أو الإسبانية حسب رغبتهم.تتوزع المجموعات الدراسية في نظام البكالوريا الدولية على النحو التالي:المجموعة الأولى: دراسات في الأدبالمجموعة الثانية: اكتساب اللغةالمجموعة الثالثة: الأفراد والمجتمعات، التي تضم فروعًا مثل الأنظمة البيئية والمجتمعات، وهي مشتركة مع المجموعة الرابعة. كما تشمل مجموعة من المواد مثل الديانات العالمية (مستوى عالي فقط)، تكنولوجيا المعلومات في المجتمع، علم الإنسان الاجتماعي والثقافي، الأعمال والإدارة، علم النفس، الجغرافيا، الاقتصاد، الفلسفة، والتاريخ.المجموعة الرابعة: العلوم، بما في ذلك الأنظمة البيئية والمجتمعات (مشتركة مع المجموعة الثالثة)، الألعاب، والتمارين الرياضية، والعلوم الصحية، بالإضافة إلى مواد مثل علوم الحاسب (مستوى عالي فقط)، تكنولوجيا التصميم، الكيمياء، الفيزياء، والأحياء.المجموعة الخامسة: الرياضيات، والتي تتضمن الرياضيات الإضافية للمستوى العالي، والرياضيات للمستوى العادي.المجموعة السادسة: الفنون، وتشمل الفنون المرئية، الموسيقى، المسرح، الرقص، والفيلم.

شكل (1): المواد الدراسية في برنامج الدبلوما في البكالوريا الدولية 

مما سبق، يتضح أن هناك فروقًا واضحة بين أنظمة البكالوريا الدولية مقارنةً بالبكالوريا المصرية، وعلى الرغم من أن النظام المصري قد طرح بعض التحديثات، إلا أن إلغاء مادة التربية الوطنية والأنشطة يستدعي القلق حول تأثير ذلك على تنمية القيم الاجتماعية والهوية الوطنية لدى الطلاب، من جهة أخرى، تركز الأنظمة التعليمية العالمية بشكل كبير على تطوير مهارات التفكير النقدي، التعدد الثقافي، والمواطنة العالمية، وهي عناصر أساسية في إعداد الطلاب لمواجهة تحديات العصر الحديث. في المقابل، يبدو أن نظام البكالوريا المصرية المقترح يظل عالقًا في نموذج يعتمد بشكل أساسي على الانغلاق على التاريخ المصري فقط بالإضافة إلى الحفظ والتلقين بفضل غياب الأنشطة والفنون، مما يقلل من قدرة الطلاب على التفكير النقدي وتطوير مهارات التحليل والاستنتاج، وقد يضعف من قدرة الطلاب على التفاعل مع القضايا العالمية المحورية.

على الرغم من الرؤية الطموحة للنظام الجديد، تواجه البكالوريا المصرية تحديات قد تحول دون تحقيق أهدافها المأمولة، ومن أبرز تلك التحديات ما يلي:

  • التحديات التشريعية: تواجه البكالوريا المصرية تحديات تشريعية كبيرة في تطبيقها، حيث تتطلب تعديلات قانونية لتواكب التحديثات في المسارات والمناهج والتقييمات، خاصة مع رفض مجلس الشيوخ والنواب للتعديلات التي قد طرحتها الوزارة مسبقًا على بعض بنود “قانون التعليم رقم 139 لسنة 1981” والخاصة بنظام تقييم الثانوية العامة، وتعددية فرص إعادة الاختبارات، معللين سبب الرفض بعدم دستورية تلك التعديلات، مما يشير إلى الحاجة لتوافق تشريعي يعزز التقدم في المنظومة التعليمية، ويعزز التنسيق بين الجهات التشريعية والتنفيذية لضمان تفعيل النظام بشكل سلس وفعّال.
  • التحديات الاجتماعية والثقافية: تمثل المقاومة المجتمعية للتغيير تحدٍ لا يمكن إغفاله وذلك بسبب الطبيعة الأكاديمية الصارمة للثانوية العامة، والتي تُعرض الطلاب وأولياء أمورهم لضغوط اجتماعية ونفسية ومادية عالية، خاصة وأن المستقبل المهني للطلاب مرهون بالتحصيل العلمي والمجموع الكلي في هذه المرحلة، الامر الذي يؤثر على فرص التقبل الشعبي للتحول إلى نظام البكالوريا المقترح ويشكل عائق يحول دون نجاح التجربة.
  • التحديات الاقتصادية: يتطلب تطبيق البكالوريا المصرية استثمارات كبيرة في تدريب المعلمين، وتحديث المناهج الدراسية، بل واستحداث مناهج جديدة، علاوة على توفير المواد التعليمية والتقنية اللازمة في ظل ضعف البنية التحتية في بعض المدارس الحكومية من المعامل والمرافق التعليمية المتقدمة، بالإضافة إلى معالجة التفاوت في الإمكانيات الاقتصادية بين المدارس خاصة بين المدن الكبرى والأقاليم.
  • التحديات الإدارية: يعتمد تطبيق نظام البكالوريا المصرية المقترح على الحاجة لتحديث المناهج، ونظرًا لما يواجه هيكل الوزارة المُعدّل من تعقيدات بما في ذلك تحويل مركز تطوير المناهج إلى إدارة مركزية، فقد يؤدي ذلك إلى مزيد من البيروقراطية، مما يعوق سرعة تنفيذ التغييرات اللازمة خاصة مع تداخل المهام والمسؤوليات وازدواجية الاختصاصات لدى بعض الإدارات العامة والمركزية. على صعيد آخر، يتطلب تطبيق البكالوريا الجديدة التنسيق الكامل بين الجهات المعنية وفي مقدمة هذه الجهات وزارة التعليم العالي، حيث تفرض البكالوريا الجديدة إعادة النظر كليًا في نظام التنسيق الحالي للالتحاق بالجامعات والمعاهد المصرية.

في النهاية، تبرز هذه التحديات كعقبات رئيسية أمام تطبيق البكالوريا المصرية بشكل فعّال، مما يتطلب العمل على معالجة كل منها بشكل شامل من خلال تطوير التشريعات، وتحسين البنية التحتية، وتوفير الدعم الاقتصادي والاجتماعي، وفي ضوء ذلك، ثمة توصيات مهمة، يمكن تناولها على النحو التالي:

  1. وضع خطة شاملة ومدروسة مع التنفيذ التدريجي وتعزيز الحوار الوطني: يُعد التخطيط الشامل حجر الأساس لتطبيق ناجح لنظام البكالوريا المصرية، لذا يجب الاستفادة من التجارب الدولية الناجحة لتجنب الأخطاء الشائعة وتكييف الدروس المستفادة مع البيئة المصرية، كما ينبغي تعزيز الحوار المجتمعي من خلال جلسات حوارية تضم الطلاب وأولياء الأمور والمعلمين والخبراء التربويين، لمناقشة الخطط ومراحل التنفيذ وجمع التغذية الراجعة لضمان التوافق المجتمعي
  2. تحديد توقيت مناسب للتنفيذ بعد دراسة كافة الجوانب والتحديات: لضمان نجاح تطبيق نظام البكالوريا المقترح، يجب مراعاة توقيت التنفيذ على أن يبدأ التطبيق الفعلي في العام الدراسي بعد القادم، حيث سيمنح هذا الإطار الزمني فرصة كافية لإجراء دراسات تفصيلية حول إمكانية التنفيذ، وتقييم التحديات، ووضع خطط للتغلب عليها، كما سيتيح الوقت اللازم لتطوير المناهج، وتدريب الكوادر، وتعيين المعلمين للمواد الدراسية المستحدثة، وتجهيز البنية التحتية بشكل كامل، فهذه الفترة الانتقالية تضمن التنفيذ المدروس الذي يُعزز من فرص النجاح ويُقلل من المخاطر المحتملة.
  3. مراجعة المواد الدراسية المقترحة وتطوير المناهج الدراسية وفق فلسفة تعليمية حديثة ومتوافقة مع نظام التعليم 2.0: يتطلب نظام البكالوريا تطوير مناهج ترتكز على فلسفة تعليمية تُشجع التخصص المبكر وتضمن دراسة المواد الأساسية التي تعزز التفكير النقدي والابتكار، لذا يجب أن تكون المناهج مرنة ومتعددة التخصصات مع إدماج مهارات حياتية وتطبيقية تساعد على ربط التعليم بسوق العمل واحتياجات المستقبل، مع التأكيد على أن تكون هذه العملية مدعومة بتفاعل مجتمعي مستمر، يتيح للأسر والمعلمين الإسهام في تحسين المناهج بما يتوافق مع القيم الثقافية والاجتماعية المصرية، وفي ظل ذلك، من المهم إعادة النظر في المواد الدراسية المقترحة لنظام البكالوريا المصرية الجديدة لضمان تكامل النظام مع احتياجات المجتمع المصري وتوجهاته الثقافية، ومراجعة إمكانية تضمين مواد التربية الوطنية والأنشطة الفنية والابداعية ضمن المنهج الدراسي بشكل متوازن، بما يسهم في تعزيز الهوية الوطنية وتنمية مهارات التفكير النقدي والإبداعي لدى الطلاب. 
  4. الاستثمار في تدريب الكوادر التعليمية والإدارية مع إشراكهم في الحوار المجتمعي: يُعد تدريب الكوادر التعليمية خطوة محورية لضمان نجاح النظام الجديد، لذلك من المهم توفير برامج تدريبية مكثفة ومتخصصة للمعلمين على المناهج الجديدة وأساليب التقييم متعددة الأبعاد، إلى جانب بناء قدراتهم في التعامل مع الأدوات الرقمية والتقنيات الحديثة، كما يجب أن يكون للمعلمين والإداريين دور فاعل في جلسات الحوار المجتمعي، حيث يمكنهم التعبير عن التحديات التي يواجهونها واقتراح الحلول، مما يعزز شعورهم بالمسؤولية والانتماء إلى عملية التطوير.
  5. تعزيز البنية التحتية التكنولوجية والتعليمية: يتطلب تطبيق نظام البكالوريا المصرية توفير بنية تحتية تعليمية متطورة تدعم أهداف النظام الجديد. يشمل ذلك تجهيز المدارس بالمرافق الحديثة مثل المختبرات العلمية، المكتبات الرقمية، ومنصات التعلم الإلكتروني، بالإضافة إلى إنشاء نظام تقييم إلكتروني متكامل، ولضمان نجاح هذه الخطوات، يجب تعزيز التواصل مع المجتمع المحلي لتوضيح كيفية استغلال هذه الموارد بشكل فعّال وتعزيز قبولها لدى الطلاب وأولياء الأمور، مع توفير دعم تقني شامل في المناطق النائية.
  6. تعزيز الشفافية والتوعية المجتمعية من خلال حملات إعلامية فعّالة: لضمان قبول المجتمع للنظام الجديد، يجب إطلاق حملات توعية شاملة عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي لتوضيح أهداف النظام ومزاياه ومراحل تنفيذه، كما يجب تنظيم جلسات حوار مجتمعية مفتوحة تُشرك مختلف الأطراف المعنية في مناقشة الخطط وتقييم التقدم من خلال الأحزاب السياسية، مما يُسهم في بناء الثقة وتعزيز الدعم المجتمعي. 

في الختام، تمثل البكالوريا المصرية خطوة جريئة نحو تحسين التعليم في مصر، لكنها ليست خالية من التحديات، لذا فإن نجاح هذا النظام يعتمد بشكل كبير على قدرة الحكومة على إدارة العملية برشاده وفعالية وضمان استدامة الجهود، وبينما يُعد هذا التحول فرصة لتغيير مستقبل الأجيال القادمة، فإن الإخفاق في التخطيط والتنفيذ قد يحول هذا الحلم إلى عبء جديد على منظومة التعليم المصري.

كاتب

د. إسراء علي

باحثة ببرنامج السياسات العامة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى