القضية الفلسطينية

الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة.. الواقع تنقله التقارير الأممية

تقديم:

سيطرت الأزمة الإنسانية في قطاع غزة على اجتماعات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، حيث برزت الأوضاع الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة منذ إعلان إسرائيل الحرب على القطاع في السابع من أكتوبر على كلمات المسؤولين الأمميين وممثلي الدول، وأيضًا في النقاشات الجارية بين الهيئات الحقوقية والفاعلين الحقوقيين من مختلف دول العالم، وقد رفعت فرانشيسكا ألبانيزي مقررة الأمم المتحدة الخاصة بالأراضي الفلسطينية تقريرها للمجلس حول طبيعة الأوضاع الحالية في قطاع غزة واستنتاجاتها المدعومة بالأدلة.

وفيما يلي أبرز ما تناوله التقرير:

• جاء عنوان التقرير “تشريح عملية إبادة”، والذي أكدت فيه “فرانشيسكا ألبانيزي” وجود أسباب منطقية للقول إنه تم بلوغ الحد الذي يفيد بأن أعمال إبادة “ارتكبت “بحق الفلسطينيين في غزة.

• يكشف التقرير تفاصيل الجرائم التي ارتكبتها قوات الاحتلال ضد سكان غزة والضفة الغربية، ما يشكل -بحسب الأدلة التي بحوزتها- جريمة إبادة جماعية موصوفة ومنسقة، حدثت بأوامر واضحة من قيادات إسرائيلية على مختلف المستويات.

• حذرت المقررة “ألبانيزي” من أنه بسبب سياسة الحصار الصهيوني فإن ربع سكان غزة مهددون بالموت، وأنه خلال الأشهر الأولى من الحرب أسقطت قوات الاحتلال على قطاع غزة أكثر من 25 ألف طن من المتفجرات، أي ما يعادل قنبلتين نوويتين.

• أشارت أيضًا أن “صور المدنيين القتلى بعد نزوحهم إلى جنوب غزة، مرفقة بتصريحات لبعض المسؤولين الإسرائيليين الكبار الذين يعلنون نيتهم تهجير الفلسطينيين بالقوة إلى خارج غزة واستبدال مستوطنين إسرائيليين بهم، تؤدي بشكل منطقي إلى استنتاج أن أوامر الإجلاء والمناطق الآمنة استخدمت كأدوات لتنفيذ إبادة وصولًا إلى تطهير عرقي”.

• شددت مقررة الأمم المتحدة الخاصة بالأراضي الفلسطينية على أن الإبادة الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في غزة هي مرحلة إضافية ضمن عملية محو طويلة يقوم بها المستوطنون الإسرائيليون، حيث أوضحت أن “جرائم الاحتلال لم تبدأ في 7 أكتوبر بل هي امتداد لمراحل من التطهير العرقي الجماعي للسكان غير اليهود في فلسطين”، مؤكدة أن ذلك حدث بين عامي 1947-1949 ومرة أخرى في عام 1967، عندما احتلت إسرائيل الضفة الغربية وشرقها، حيث شبهت ذلك بأيديولوجية عمليات الاستعمار الاستيطاني مثل تجربة الأمريكيين الأصليين في الولايات المتحدة والأمم الأولى في أستراليا.

• عددت المقررة ثلاثة أنواع من أعمال الإبادة التي يقوم بها الإسرائيليون بحق الفلسطينيين وهي:

  1. قتل أفراد في المجموعة
  2. إلحاق ضرر خطير بالسلامة الجسدية أو العقلية لأفراد المجموعة
  3. إخضاع المجموعة في شكل متعمد إلى ظروف معيشية من شأنها أن تؤدي إلى تدمير جسدي كامل أو جزئي.

جدير بالذكر أن الأنواع الثلاثة تقع ضمن الـ5 أنواع للإبادات الجماعية، وفقًا للشرعية الدولية المتعارف عليها.

• كشفت المقررة أن الاتهامات الصهيونية لحماس باستخدام أهل غزة كدروع بشرية لا أساس لها من الصحة، وأن إسرائيل هي من يستخدم المدنيين في غزة كدروع بشرية من خلال اعتبار كل شيء في غزة هدفًا لها بما فيها الكنائس والجوامع والمستشفيات.

أبرز التوصيات التي شملها التقرير:

• أصدرت المقررة الأممية مجموعة من التوصيات أهمها: التنفيذ الفوري لحظر توريد الأسلحة إلى الكيان المحتل، فضلًا عن التدابير الاقتصادية والسياسية الأخرى اللازمة لضمان وقف إطلاق النار بشكل فوري ودائم، واستعادة احترام القانون الدولي، بما في ذلك العقوبات.

• دعم جنوب أفريقيا في اللجوء إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بموجب المادة 94 (2) من ميثاق الأمم المتحدة في أعقاب عدم امتثال الكيان الصهيوني لمحكمة العدل الدولية.

• العمل على ضمان إجراء تحقيق شامل ومستقل وشفاف لتوثيق انتهاكات القانون الدولي، والتعاون مع هيئات دولية مستقلة لتقصي الحقائق، مطالبةً أيضًا بإحالة الوضع في فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية فورًا ودعم تحقيقاتها الجارية.

• دعا التقرير الدول إلى تنفيذ التزاماتها بموجب المبادئ العالمية والاختصاص القضائي، وضمان إجراء تحقيقات وملاحقات قضائية حقيقية للأفراد المشتبه في ارتكابهم أو مساعدتهم أو تحريضهم على ارتكاب الجرائم الدولية، بما في ذلك الإبادة الجماعية، ابتداءً من رعاياهم.

• طالبت بدفع التعويضات الكاملة، بما في ذلك التكلفة الكاملة لإعادة الإعمار في غزة، وبضمان حصول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا” على التمويل المناسب لتمكينها من تلبية الاحتياجات المتزايدة للفلسطينيين في غزة.

رد فعل إسرائيل حول التقرير:

لم تحضر إسرائيل الجلسة؛ إذ استنكرت كالعادة كل هذه الحجج، واصفة إياها بادعاءات، واتهمت المقررة الأممية بتحيزها الكامل للجانب الفلسطيني، حيث أعلن ممثلو “إسرائيل” لدى الأمم المتحدة في جنيف “رفضهم الكامل للتقرير”، وقالوا في بيان إنه يشكل جزءًا من “حملة تهدف إلى تقويض نظام الدولة اليهودية”.

ادّعت البعثة الدبلوماسية الإسرائيلية في جنيف أن حرب إسرائيل على حركة حماس وليست على المدنيين الفلسطينيين، وأنها اندلعت بسبب هجوم مسلحي الحركة على جنوب إسرائيل ما أدى بحسب الإحصاءات الإسرائيلية إلى مقتل 1200 شخص وخطف 253 رهينة.

• جدير بالذكر أن إسرائيل منعت المقررة الأممية فرانشيسكا ألبانيزي من دخول الأراضي المحتلة بعد تصريحات أدلت بها عن عملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر2023. ورأت “إسرائيل” أن تصريحات المقررة الأممية “معادية للسامية”.

سلمى عبد المنعم

باحثة ببرنامج السياسات العامة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى