الاقتصاد الدولي

موديز” تُخفض تصنيف الاقتصاد التُركي وتحتفظ بنظرتها المُستقبلية “السلبية” له

نشرت وكالة (موديز) للتصنيف الائتماني تقريرًا أمس الموافق الثاني عشر من سبتمبر حول النظرة المستقبلية للاقتصاد التركي في ضوء الأزمات الراهنة التي يتعرض لها. وفيما يلي عرض لهذا التقرير.

قررت الوكالة خفض التصنيف الائتماني لتركيا إلى “B2” من “B1″، كما حافظت على النظرة المستقبلية للاقتصاد التركي عند “سلبية”. ويرجع ذلك لأربعة أسباب رئيسية، وهي: 

  • العجز المستمر في ميزان المدفوعات مما يبرز أحد أهم نقاط الضعف في الاقتصاد التركي.
  • الانكماش المتزايد لاحتياطياتها المالية والنقدية في ظل مخاطر مهددة لوضعها الائتماني.
  • عدم قدرة مؤسسات الدولة على مواجهة ومعالجة هذه التحديات بفعالية.
  • المخاطر الجيوسياسية التي تتعرض لها تركيا على عدة جبهات في منطقة الشرق المتوسط وفي علاقتها مع الاتحاد الأوروبي. 

وشهد الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية لدى البنك المركزي التركي انخفاضًا خلال السنوات الماضية مسجلًا أدنى مستوياته منذ عقود كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي بسبب محاولات المصرف المركزي غير الناجحة لدعم قيمة الليرة منذ بداية عام 2020. وحتى الرابع من سبتمبر، بلغ إجمالي الاحتياطات النقدية (باستثناء الذهب) 44.9 مليار دولار، وهو ما يمثل انخفاضًا بأكثر من 40% مقارنة ببداية العام.

وبناء على ذلك، تتوقع وكالة “موديز” ارتفاع مؤشر الضعف الخارجي للدولة (EVI) -وهو مؤشر على مدى كفاية احتياطي العملات الأجنبية لتغطية مدفوعات الديون الخارجية والودائع لغير المقيمين- من 263% سجلها خلال 2019 إلى 409٪ بحلول عام 2021، مما قد يؤثر سلبًا على معنويات المستثمرين. وكلما تراجع مستوى الاحتياطي النقدي، ارتفعت احتمالية تعرض تركيا لأزمة حادة في ميزان المدفوعات بما يتسبب في اضطراب النشاط الاقتصادي وتدهور أوضاع الميزانية الحكومية.

وعلاوة على ذلك، لا يساهم ضعف سعر صرف الليرة في زيادة القدرة التنافسية للصادرات التركية كما هو الحال في العديد من البلدان الأخرى نظرًا لاعتماد الدولة على الواردات بشكل أساسي فضلًا عن استيراد بعض مدخلات الإنتاج في الصناعات المُصدرة أيضًا.

وعلى الرغم من استفادة قطاع السياحة من تراجع سعر الصرف كما حدث خلال 2019، إلا أن هذا لن يحدث خلال العام الجاري أو المقبل بضغطٍ من تداعيات وباء كورونا على هذا القطاع؛ إذ تتوقع “موديز” عدم عودة السياحة لمستويات ما قبل الجائحة إلا بحلول نهاية 2021.

وفي الوقت الحالي، تؤدي الضغوط السياسية ومحدودية استقلال البنك المركزي وبطء ردة فعل السلطات النقدية فضلًا عن عدم قدرة الحكومة على التنبؤ إلى زيادة احتمالية حدوث اضطراب في سعر الصرف وتباطؤ النمو الاقتصادي. كما أن التضخم لا يزال مرتفعًا أكثر مما ينبغي، ومع ذلك، لم يتخذ البنك المركزي سوى إجراءات متواضعة لاتباع السياسة النقدية المناسبة مما يزيد من الضغط المفروض على العملة المحلية.

وابتداءًا من النصف الثاني من عام 2019، توسعت البنوك في منح القروض بدون ضمانات لمواجهة الانكماش الاقتصادي وتشجيع عجلة الإنفاق ودعم الطلب المحلي، وهو ما شكل عبئًا على القطاع المصرفي.

وفي سياق منفصل، ارتفعت مستويات الدين الحكومي لتركيا خلال الآونة الأخيرة، ومع انتشار فيروس كورونا واتجاه الحكومة إلى الاستدانة وزيادة الإنفاق. ونتيجة لذلك، تتوقع وكالة “موديز” أن ترتفع أعباء الدين الحكومي من 32.5٪ في 2019 إلى 42.9٪ في 2020.

وفي الختام، يعكس الحفاظ على النظرة المستقبلية “السلبية” وجهة النظر القائلة بأن الاقتصاد التركي يُمكن أن يتدهور بوتيرة أسرع مما هو متوقع حاليًا في سنوات المدى المنظور، كما يشير إلى احتمالية تفاقم أزمة ميزان مدفوعات والدين العام.

+ posts

باحثة ببرنامج السياسات العامة

بسنت جمال

باحثة ببرنامج السياسات العامة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى