
ما التأثير المتوقع لتحرير سعر الصرف على تحويلات العاملين بالخارج
تعتبر تحويلات العاملين بالخارج من أهم مصادر النقد الأجنبي للاقتصاد المصري، إلى جانب الصادرات والسياحة وقناة السويس والاستثمار الأجنبي المباشر، كما إنها تُعد ثاني أكبر مورد دولاري للاقتصاد المصري عقب الصادرات.
ومع قرار السماح لسعر صرف الجنيه أن يتحدد وفق آليات السوق الذي اتخذه البنك المركزي المصري اليوم السادس من مارس 2024، فمن المتوقع أن تشهد تحويلات العاملين بالخارج زيادة في الأجل القصير.
أداء تحويلات العاملين بالخارج
تراجعت تحويلات المصريين العاملين في الخارج خلال العام المالي 2022-2023، بنسبة 30.8% على أساس سنوي، بحسب البيانات الرسمية الصادرة عن البنك المركزي المصري، التي أظهرت تراجع تحويلات المصريين العاملين في الخارج خلال العام المالي الماضي، إلى 22.1 مليار دولار، مقابل 31.9 مليار دولار في العام المالي السابق.
وحدث هذا التراجع على الرغم من كونها المركز الثاني في قائمة أكبر الموارد الدولارية للاقتصاد المصري خلال عام 2022/2023، كما يُبين الشكل الآتي:

المصدر- البنك المركزي المصري.
يتبين من الرسم أعلاه أن الصادرات احتلت المركز الأول بقيمة 39.6 مليار دولار، يليها تحويلات العاملين بالخارج عند 22.1 مليار دولار، والإيرادات السياحية بنحو 13.6 مليار دولار، ومن ثم صافي الاستثمار الأجنبي المباشر ورسوم قناة السويس عند 10 مليارات دولار و8.8 مليار دولار على الترتيب. وفيما يلي استعراضًا لأداء تحويلات العاملين بالخارج:

المصدر- البنك المركزي المصري.
ومن أجل مواجهة انخفاض تحويلات العاملين بالخارج، اتجهت الحكومة المصرية إلى طرح عدد من المنتجات الائتمانية لجذب تحويلات العاملين بالخارج عبر القنوات الرسمية، لعل من أهمها:
• مبادرة السيارات للمصريين بالخارج: بالإعفاء من كل الجمارك والضرائب والرسوم على السيارة الشخصية للمصريين بالخارج، مقابل وديعة بالدولار لمدة 5 سنوات ويتم استردادها بالكامل بالجنيه المصري بسعر صرف يوم الاسترداد.
• شركة استثمارات المصريين بالخارج: نجحت وزارة الهجرة بالتنسيق والتعاون مع الجهات المعنية ذات الاختصاص المشترك و10 من كبار المستثمرين من المصريين بالخارج، في تأسيس وإطلاق شركة مساهمة لاستثمارات المصريين بالخارج لكي تكون كيانًا جاذبًا لاستثمارات المصريين بالخارج في عدد من القطاعات الاقتصادية منها الصناعة والزراعة والسياحة والتشييد والبناء وتكنولوجيا المعلومات.
• إصدار شهادات الاستثمار الدولارية: بالتعاون مع البنك المركزي والبنوك الوطنية لإصدار الشهادات الدولارية بعائد تنافسي مرتفع والتحفيز على فتح حسابات دولاريه، حيث تم رفع قيمة الفائدة على الشهادات الدولارية، لتصل الى 7% و9% وهو أعلى عائد على الدولار في العالم.
• توفير وحدات سكنية للمصريين بالخارج بأسعار مخفضة بالتعاون مع وزارة الإسكان. وإطلاق أول وثيقة معاش بالدولار للمصريين بالخارج “معاشك بكرة بالدولار”، بهدف توفير حماية تأمينية للمصريين في الخارج بالإضافة إلى مميزات الادخار التراكمي بالعملة الأجنبية وتتيح اختيارات مختلفة للحصول على قيمة الوثيقة عند الوصول إلى سن الاستحقاق المتفق عليه حسب رغبة حامل الوثيقة.
• مبادرة التسوية التجنيدية للمصريين بالخارج: وتم العمل بها لمدة شهرين حتى 14 أكتوبر 2023، وقد لاقت إقبالًا واسعًا من المصريين في الخارج سواء الدارسين أو العاملين أو مزدوجي الجنسية في الأعمار ما بين 19-30 عامًا لاستكمال الأوراق الثبوتية للمصريين في الخارج نظير سداد مبلغ 5 آلاف دولار أو يورو، ويتم دراسة إعادة العمل بها خلال الفترة المقبلة وجار العمل على تدشين تطبيق إلكتروني يضم كل المحفزات وخدمات المصريين بالخارج، بالتعاون مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
انعكاسات ايجابية
من المرجح أن ينعكس قرار ترك سعر صرف الجنيه المصري لآليات العرض والطلب إيجابيًا على الاقتصاد المصري نظرًا لعودة تحويلات العاملين بالخارج للقطاع المصرفي بدلًا من تحويلها في السوق السوداء، حيث جذب سعر الصرف المرتفع في السوق الموازية العديد من التحويلات الخارجية نظرًا لارتفاعه في الأسواق الرسمية.
ومن شأن ارتفاع تحويلات العاملين في الخارج أن تساعد في زيادة وتعزيز وضع الاحتياطي النقدي المصري الذي وصل إلى 35.310 مليار دولار في نهاية شهر فبراير الماضي مقارنة بنحو 35.250 مليار دولار في نهاية شهر يناير 2024 بارتفاع قدره 60 مليون دولار، وهو ما سيعزز الثقة في الاقتصاد المصري من جديد.
والجدير بالذكر أن هذا السيناريو قد تحقق عقب قرار التعويم الذي اتخذه البنك المركزي المصري في نوفمبر 2016، حيث سجلت تحويلات المصريين العاملين بالخارج قفزة كبيرة خلال العام المالي 2016 / 2017 وبلغت قيمتها نحو 21.8 مليار دولار بنسبة نمو بلغت نحو 27.7%. ثم واصلت الارتفاع خلال العام المالي 2017 / 2018 لتسجل نحو 26.4 مليار دولار بنسبة نمو بلغت نحو 21%.
في الختام، تُعد تحويلات العاملين بالخارج إلى مصر فرصة هامة لتعزيز النمو الاقتصادي وتحسين مستوى المعيشة. وتتخذ الحكومة والجهات المعنية سياسات وآليات فعالة لتعزيز هذه التحويلات وتسهيل عمليات التحويل المالي، بالإضافة إلى توفير بيئة ملائمة للاستثمار وتطوير المهارات ومكافحة التحويلات غير الرسمية. من خلال تعزيز تحويلات العاملين بالخارج، للوصول إلى أقصى معدلاتها مرة أخري.
باحثة ببرنامج السياسات العامة