الصحافة الدولية

في لقاء تليفزيوني .. الملك عبد الله الثاني يقدم رؤية الأردن لكل قضايا المنطقة

أجرى الملك عبد الله الثاني، ملك الأردن، لقاءًا مع الإعلامي “مارك بيرلمان”، أذاعته “قناة فرانس 24″، حول عدد من تطورات القضايا المحلية والإقليمية والدولية الراهنة، والمتمثلة في الوضع في العراق وتأثير الاضطرابات التي تشهدها المنطقة إثر العلاقات المضطربة بين الولايات المتحدة وإيران، وكذلك القضية الفلسطينية وصفقة القرن وقضايا اللاجئين السوريين وداعش في العراق وسوريا وليبيا، وهي مجموعة القضايا التي ستكون حاضرة على طاولة لقاءات الملك الأردني عبد الله الثاني خلال زيارته المقبلة للعديد من العواصم الأوروبية. 

زيارة عبد الله لعدد من العواصم الأوروبية جاء في التوقيت المناسب

أعرب الملك عبد الله الثاني عن آمله في عدم نشوب حرب بين الولايات المتحدة وإيران، وذلك عند سؤاله عن الهدف من زيارته القادمة إلى مجموعة من العواصم الأوروبية، ومدى علاقتها بما أسماه “الموضوع الشائك” في المنطقة وهى الحرب المحتملة بين إيران والولايات المتحدة، موضحاً أنه سيتوجه إلى بروكسل وستراسبورغ وباريس خلال الأيام القليلة القادمة، لاستعراض عدد من القضايا ومن ضمنها ما يشغل قادة العالم وهو ما يحدث بين إيران والولايات المتحدة، منوهاً أن الحديث سيشمل إيران وسط حالة التهدئة، إلا أنها ستتمحور أيضاً حول العراق وكيفية دعم الشعب العراقي وتحقيق الاستقرار في المنطقة.

وعن مدى صحة القرار الأمريكي لقتل قاسم سليماني قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، أوضح أنه قرار يخص الولايات المتحدة، وأنه تم بالفعل فلا وقت لتقييمه، ولكن الأمر يتعلق بالسعي نحو التهدئة نظراً لتشابك الأحداث في المنطقة، ولذا اعتبر زيارته المقبلة “جاءت في الوقت المناسب”، في محاولة للوصل لصيغة خطاب تهدئة بعيداً عن المشاعر المؤججة التي تقود للهاوية. 

العراق والعودة للوراء مرة أخرى

يرى الملك عبد الله أن العراق كان يسير بقوة في اتجاه إيجابي خلال العاميين الماضيين، ولكن الموقف تراجع مع رحيل الحكومة، ولكن الشعب العراقي قادر على المضي قدماً، والمضي قدماً من أجل تلافي القضايا الطائفية، وأوضح أنه من المقرر خلال المباحثات التي سيجريها في أوروبا، عودة وإعادة تأسيس داعش في جنوب وشرق سوريا، إلى جانب غرب العراق، ومساعدة العراقيين للتصدي لهذا التهديد المؤثر على المنطقة والعالم بأكمله. 

تغير استراتيجية مواجهة عودة داعش في العراق

تساءل “بيرلمان” حول الفشل في محاربة داعش، في ظل ترحيب داعش بمقتل سليماني، وإيقاف حلف الناتو محاربة داعش في عملياته في العراق، وانسحاب الجنود الأمريكيين من العراق، وهو نفس سيناريو سوريا، يرى الملك عبدالله أن الحديث مفتوح حول الانتقال من مرحلة حماية قوات التحالف في العراق إلى العمل مع العراق، من أجل تجنب ومواجهة عودة داعش إلى العراق، هذا إلى جانب التعامل مع المقاتلين الأجانب الذين خرجوا من سوريا إلى ليبيا، مما يضع ليبيا على دائرة النقاش مع الدول الأوروبية نظراً للتقارب الجغرافي الليبي والاتحاد الأوروبي. 

 فيما يخص إرسال تركيا قوات عسكرية إلى ليبيا، رحب الملك عبد الله بالقرار الروسي حول ليبيا وأمله في الاسهام في تهدئة الوضع، موضحاً أن المشهد الليبي يبدو مرتبكاً، وطالب بضرورة مواجهة انتقال آلاف من المقاتلين الأجانب من إدلب إلى ليبيا، للعمل على عدم إفشال الدولة الليبية. 

التأهب لمواجهة حرب إيران بالوكالة في المنطقة

وبالحديث عن تصريحات الرئيس ترامب حول استهداف إيران 4 سفارات أمريكية في المنطقة، أوضح الملك عبد الله أن الأردن في حالة تأهب عسكري لمواجهة الحروب بالوكالة التي تقوم بها إيران في المنطقة، من خلال رصد اتصالات تتحدث عن أهداف في الأردن، موضحاً أن التهديد كان على أعلى مستوى خلال عام 2019 على أهداف معينة داخل الأردن.

وحول الهلال الشيعي، والمقصود به الهلال الإيراني بامتداداته في العراق وسوريا ولبنان، فإن النظام الإيراني الذي وصفه الملك عبد الله مسبقاً “بالقوى الإقليمية” يواجه ضغوط من التحديات الداخلية التي تواجه الشعب ووضع الاقتصاد الصعب، في ظل ما وصفه بيرلمان بالنظام الهش الذي يحاول أن يبرز قوة إيران الخارجية مقابل الاحتجاجات الداخلية، فيما أعطى الملك عبد الله روشتة لمواجهة الاحتجاجات الأخيرة في إيران لارتفاع الأسعار وبسبب حادثة الطائرة الأوكرانية، أنه يجب على الجميع العمل على الاقتصاد الداخلي وهو ما يمثل تحد كبير بالنسبة لإيران والشعب الإيراني.

دور عمان في تقريب وجهات النظر بين طهران وواشنطن

أوضح الملك عبد الله أن رحيل السلطان قابوس سيكون له آثر سيفتقده العالم في التقريب بين الشعوب وكصوت حيادي في المنطقة، وأن تكون عمان
حلقة قوية للتواصل ما بين إيران والعالم العربي والمجتمع الدولي، موضحاً اقتناعه التام أن عُمان ستستمر بالقيام بهذا الدور الإيجابي.

العلاقات الأردنية الإسرائيلية في حالة توقف مؤقت

وعن تغير السياسات الأمريكية قبل شهرين حول المستوطنات ورغبة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نحو ضم الضفة الغربية أو أجزاء كبيرة منها، والموقف الأردني الذي حذر من التبعات الوخيمة، وتساءل بيرلمان حول أن تكون هذه التبعات متمثلة في خفض التمثيل الدبلوماسي أو قطع العلاقات، فأوضح الملك عبد الله أن الأردن ملتزم بالسلام كخيار استراتيجي، وأن العلاقات الأردنية الإسرائيلية في حالة توقف مؤقت في ظل تركيز الجانب الإسرائيلي على الداخل في ظل ما تشهده من انتخابات، وأعرب عن إرادته بتوصل إسرائيل لحكومة في القريب العاجل للمضي قدماً، لأنه من الضروري إعادة إطلاق الحوار بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والحوار بين الأردن وإسرائيل كذلك، الذي توقف منذ عامين تقريباً.

ووصف “بيرلمان” العلاقات الإسرائيلية الممتدة منذ خمسة وعشرين عاما في أدنى مستوياتها، وسببها الملك عبد الله بشأن موسم الدعاية الانتخابية الذي استمر لفترة طويلة، وأعقبه عدم وجود أي تواصل ثنائي أو خطوات ذات أثر، ولذلك عندما تكون هناك بعض القرارات الخاصة بضم الضفة الغربية، فإنها تولد الشك عن الوجهة التي يسعى إليها بعض السياسيين الإسرائيليين لكسب الحملة الانتخابية.

صفقة القرن في المنطقة الرمادية

 عن القضية الفلسطينية الإسرائيلية، أكد أن حل الدولتين هو الطريق الوحيد لتحقيق تقدم في القضية وتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط، والذي يتطلب أولاً تحقيق الاستقرار بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وبالحديث عن صفقة القرن، وقيام الرئيس الأمريكي بالعمل مع بنيامين نتنياهو للقضاء على حل الدولتين بدلاً من العمل بصفقة القرن كما يعتقد الفلسطينيين، وعن مدى إيمان الأردن بتلك الصفقة، أوضح الملك عبد الله أن المباحثات العديدة التي أجراها مع ترامب أوضحت إدراك ترامب بما هو مطلوب للجمع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وعن صفقة القرن وصفها بأن الجميع في “منطقة رمادية” وأنه يجب الكشف عن الخطة حتى يتسنى النظر إليها وتقديرها، وعليه يأتي دور الأردن ودول المنطقة، وكذلك الدول الأوروبية، وتوقع عبد الله أنه سيتم الإعلان عنها “قريباً” دون تحديد توقيت. واستكمل قائلاً كيف يتم الحديث عن الخطة دون معرفة محتواها. 

النظام السوري هو الأقوى وهناك حوار بين البلدين

يرى الملك عبد الله أن الواقع الحالي يوضح أن موقف النظام السوري برئاسة بشار الأسد هو الأقوى، وهو ما يراه المجتمع الدولي، مضيفاً أن النظام السوري عليه التحرك نحو وضع دستور جديد وتشكيل حكومة جديدة، هذا إلى جانب الحرب على داعش، وأن الأردن تعمل كجزء من المجتمع الدولي لضمان التقدم في المسار السياسي والدستوري نحو الاتجاه الصحيح، والتي تتطلب وقتاً، مما يمثل تحدياً نحو إعادة إعمار سوريا ومنح السوريين فرصة لحياة أفضل. 

وعن استئناف العلاقات الدبلوماسية بين سوريا والأردن، أشار الملك عبد الله أن هناك حوار بين الأردن ودمشق، وهو مسلك العديد من الدول.

وعن عودة اللاجئين السوريين، وفي ظل الدعم المادي الأوروبي لتركيا لإبقاء اللاجئين في تركيا، ومع فتح الحدود الأردنية السورية نظراً لوجود 1.3 مليون سوري في الأردن، تساءل بيرلمان عن تخلي المجتمع الدولي عن الأردن في تلك القضية وعدم التعامل بمبدأ بالمثل؟ أشار الملك عبد الله أن الأردن تؤمن بمسئوليتها تجاه اللاجئين، ولا تهدد بالدفع بهم تجاه أوروبا، أما عن الدعم فقد وصل الأردن الدعم الأقل العام الماضي، مما اضطرها للاقتراض من المجتمع الدولي لتوفير المسكن والرعاية للاجئين الذين يشكلون 20% من السكان.

وعن معاناة الأردن وانهاكها اقتصادياً نتيجة الالتزام بقضية اللاجئين، أوضح الملك عبد الله بأنه ستكون هناك محادثات حول الدعم خلال الزيارة إلى أوروبا. 

 واختتم الحديث بسؤال حول مدى التخوف الأردني من الحراك في المنطقة العربية الأخيرة والمتمثل في الإطاحة برؤساء الجزائر والسودان وتنحية رئيس الوزراء اللبناني وانتقاله إلى الأردن في ظل سياسة الدولة الساعية نحو توفير مستقبل أمن للشباب، ومدى التخوف إن لم يقدم المجتمع الدولي المساعدة ليتم تنفيذ الإصلاحات، أشار الملك عبد الله أنه من المتوقع أن تتطرق النقاشات المقرر عقدها في أوروبا إلى التأكيد على أهمية تأمين 60 مليون فرصة عمل في المنطقة للشباب في السنوات القليلة القادمة، وهو ما يمثل تحدياً يواجه العالم أجمع وليس في الشرق الأوسط حصرا، بل أوروبا أيضاً. وأوضح أنه لديه خطة تعافي جيدة في ظل ما تعانيه المنطقة من صعوبات وعبء اللاجئين السوريين الذي أثقل الكاهل الأردني، فقد أطلقت الحكومة عدة حزم للسير بالاقتصاد في الاتجاه الصحيح، وبدأت نتائجها تتضح ستكون نموذجا للمنطقة على المسار الصحيح، مؤكداً على الحاجة للمزيد من الدعم مما أطلق عليهم “أصدقائنا” في المجتمع الدولي لضمان تحقيق ذلك.

+ posts

باحثة بالمرصد المصري

رحمة حسن

باحثة بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى