في مقال بواشنطن بوست.. سفير بكين في واشنطن: نحتفظ بجميع الخيارات المتاحة لمنع استقلال تايوان
عرض – نرمين سعيد
يحاول العديد من الأمريكيين اليوم فهم موقف بكين بشأن الأزمة في أوكرانيا- وفي هذا الإطار نشرت صحيفة واشنطن بوست مقالًا للسفير الصيني في الولايات المتحدة الأمريكية بتاريخ الأمس الثلاثاء (15 من الشهر الجاري) تضمن رؤيته لموقف بلاده من الحرب في أوكرانيا. وقد صب المقال في خانة شرح الموقف بشكل وافٍ يزيل أي لبس ويبدد أية شائعات.
وذلك وسط وجود الكثير من المزاعم حول أن بكين كانت على علم بالعملية العسكرية الروسية قبل شنها على أوكرانيا، بل ذهبت الشائعات إلى أن بكين كانت قد حاولت إقناع الجانب الروسي بتأجيل الهجوم لحين انتهاء دورة الألعاب الشتوية التي نظمتها، وفي إطار آخر تناولت أخبار عارية من الصحة أن روسيا سعت إلى الحصول على مساعدات عسكرية من الصين.
وتفنيدًا لتلك الشائعات، أشار السفير الصيني في مقاله إلى أن الأخبار التي تناولت أن الصين كانت على علم بالعملية العسكرية هي أخبار هدفها التضليل البحت، ولا تصب سوى في خانة توجيه اللوم والغضب ناحية الصين في محاولة لتوريطها، وأي تفكير منطقي لا يقبل تلك الشائعات لأنه ببساطة كان هناك أكثر من 6000 مواطن صيني في أوكرانيا، بجانب أن الصين شريك تجاري مهم بالنسبة لكييف كما هو الحال بالنسبة لموسكو. علاوة على أن الصين هي أكبر مستورد للنفط والغاز الطبيعي في العالم، ومن هنا فإن الصراع بين روسيا وأوكرانيا لا يفيد الصين على الإطلاق، بل على العكس فإن بكين لو علمت أن الأزمة على وشك الاندلاع لكانت حاولت منعها.
وحول سياسة بلاده الخارجية، أشار السفير الصيني في مقاله إلى أن بكين ملتزمة بالسلمية والاستقلال بصفتها تصطف دومًا إلى جانب العدالة. وقياسًا على الوضع الحالي فإن بكين تتبنى موقفًا موضوعيًا وغير متحيز. وفند موقف بكين فقال إنه مبدئيًا يجب أن تراعي كافة الأطراف مبادئ ميثاق الأمم المتحدة بشكل كامل، بما يتضمنه ذلك من احترام سيادة وسلامة أراضي جميع الدول ومن ضمنها بالطبع أوكرانيا، ولكن في نفس الوقت يجب أن يوضع في الحُسبان الشواغل الأمنية التي هي حق مشروع لجميع الدول الأخرى، ويجب أخذ هذه الشواغل على محمل الجد، ودعم جميع الجهود التي تؤدي إلى التسوية السلمية للوضع الحالي.
ثم عاد السفير الصيني وتبنى لهجة أكثر حدة في مقالته حينما تحدث عن التلويح الأمريكي بفرض عقوبات على الشركات الصينية في حال دعم روسيا فقال: إن التهديدات الناجمة عن الأزمة والموجهة للكيانات والشركات الصينية والتي صرح بها الجانب الأمريكي غير مقبولة تمامًا بالنسبة لبكين، وذلك لأن لا حالة الحرب ولا فرض العقوبات بشكل عشوائي يمكن أن تسفر عن حالة من السلم في النهاية. ولذلك فإن محاولة واشنطن توظيف العصا على الشركات الصينية وعلى اقتصاد الصين مع محاولة الحصول على دعمها في نفس الوقت لن تفلح.
واستمر في تبني نفس لهجة الخطاب عندما تناول القضية التايوانية- فشرح: هناك محاولات للربط بين الوضع في أوكرانيا وتشبيهه بالحالة التايوانية لتضخيم الأمور والإشارة إلى أن ما حدث في كييف يمكن أن يتم تكراره في تايوان، وهذا النهج لن يفلح أيضًا، وما هو إلا محاولة لتعظيم مخاطر نشوب صراع في مضيق تايوان، وهو ما يجانب الصحة أيضًا بشكل كبير، لأن الوضع من الأساس ليس متماثلًا؛ فأوكرانيا دولة ذات سيادة، بينما تايوان جزء لا يتجزأ من الأراضي الصينية، وأنا أؤكد أن مسألة تايوان هي شأن داخل صيني وليس من حق أحد مناقشته.
وختم السفير الصيني لدى واشنطن مقاله بالعزف على وتر الازدواجية الغربية، فأشار إلى أنه ليس من المنطقي القبول بحالة التناقض التي نراها اليوم، فمن العبث الاعتراف بوحدة أراضي أوكرانيا في نفس الوقت الذي يتم التلاعب فيه بسيادة الصين بتناول أمر تايوان بتلك الطريقة التي بها الكثير من تعظيم الأمور. وأكد أنه على من يقومون بذلك أن يدركوا أن مستقبل تايوان يكمن في التنمية السلمية للعلاقات بينها وبين السلطات الصينية بالاستناد إلى مبدأ الصين الواحدة.
ولفت إلى أن بلاده ملتزمة أمام شعبها بإعادة التوحيد السلمي لتايوان مع الصين، في نفس الوقت الذي تحتفظ فيه أيضًا بجميع الخيارات المتاحة لمنع “استقلال تايوان” بأي شكل من الأشكال، لما في ذلك من ضمان حالة السلام والاستقرار على المدى الطويل في مضيق تايوان. بمعنى آخر يجب على بكين وواشنطن العمل معًا لاحتواء محاولات “استقلال تايوان”.