القضية الفلسطينية

مسارات التهدئة والتصعيد في قطاع غزة

تدفع متغيرات السياق الراهن الذي تتأزم معه مسارات فرض التهدئة داخل قطاع غزة، خاصة على وقع مسار التصعيد الذي سلكته إسرائيل ببدء عملياتها العسكرية في شرق مدينة رفح وإعلان قواتها السيطرة على المعبر الحدودي للمدينة الذي كانت تسيطر عليه القوات الفلسطينية قبل اندلاع أحداث 7 أكتوبر، إلى أن تتجه الأحداث، فيما يتعلق بمسارات التهدئة والتصعيد داخل القطاع، وفقًا لعدد من السيناريوهات، التي سيتعرض لها هذا المقال بشكل تفصيلي.

أولاً: تمرير اتفاق هدنة لفرض التهدئة داخل القطاع

تدفع الجهود المصرية الحثيثة في الوقت الراهن نحو إبقاء مسار الحل السياسي على طاولة التفاوض. ورغم حالة التصعيد الإسرائيلي عبر التدخل العسكري الجزئي بشرق مدينة رفح فإن الحركة المصرية بحشد الجهود بالتنسيق مع الشركاء الإقليميين والدوليين، واستضافتها لممثلين الأزمة برعاية من الشركاء الدوليين، في في جولة تفاوض بالقاهرة، تجعل فرص تمرير اتفاق هدنة لا تزال قائمة وفقًا لعدة ركائز يمكن إجمالها على النحو التالي:

  • الضغط المصري وتحذيراتها القائمة بشأن الأعمال العسكرية في رفح:

يتحسب الجانب الإسرائيلي للتصعيد المصري المحتمل في حال إذا ما تجاوزت تل أبيب الخط الأحمر الذي رسمته القاهرة بتنفيذ مخططات النزوح القسري لأهالي القطاع تجاه الأراضي المصرية في محاولة لتصفية القضية الفلسطينية، وهو ما أكدت رفضه بشكل قاطع الدولة المصرية في العديد من اللقاءات مع المسؤولين الإقليميين والدوليين. وفي هذا الإطار، تدرك المؤسسات الإسرائيلية خطورة المناورة التي يقوم بها قادة الائتلاف المتطرف في الوقت الراهن بزعامة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي يخضع لعملية ابتزاز واضحة من شركائه في الائتلاف دفعته للقفز للأمام وتجاوز المسار السياسي الذي انضجته الجهود المصرية طيلة الفترة الماضية ولاقى استحسانًا من جميع الأطراف.

وبالتالي فإن هذه المناورة الخطرة التي يقوم بها الائتلاف قد تضر بالعلاقات مع مصر التي تشكل حجر زواية استراتيجي في معادلة الاستقرار والسلام في المنطقة. وسينظر الداخل الإسرائيلي المأزوم والمستقطب في الوقت الراهن إلى هذا الأمر باعتباره فشلًا جديدًا يضاف إلى سجل الائتلاف الحالي. وينعكس ذلك في الرسالة التي بعث بها الدبلوماسيون الإسرائيليون بمقر البعثة الدبلوماسية بالقاهرة، إلى وزارة الخارجية الإسرائيلية، بحسب تقرير للقناة “13” العبرية في 6 مايو 2024، على وقع الاجتياح الجزئي لإسرائيل لمدينة رفح، حيث حذروا فيها من “حدوث خرق في العلاقات الدولية”، مؤكدين بأنهم يمرون بـ“مرحلة دراماتيكية في العلاقات مع مصر”، مشددين إنه “إذا حدث اقتحام من رفح إلى مصر فسنكون في وضع سيئ”([1]).

ومن المتصور أن تؤكد واشنطن هذا المعنى أيضًا لدى تل أبيب ودفعها نحو مسار الحل السياسي وعدم النزوع نحو السيناريو التصعيدي الذي سيقود المنطقة نحو حالة من عدم الاستقرار الذي سيضر بمصالح شركاء الدولة العبرية بالأساس.

  • استيعاب “نتنياهو” لمواقف الوزراء المتشددين داخل الائتلاف:

ينظر بعض المراقبين إلى قرار الائتلاف الإسرائيلي ببدء العملية العسكرية في رفح وتوزيع المنشورات على المواطنين الفلسطينيين بإخلاء مناطق شرق رفح باعتبارها مناورة استهدف من ورائها رئيس الوزراء الإسرائيلي “نتنياهو” تخفيف المواقف المتشددة للوزراء المتطرفين “بتسلئيل سومتريش” و”إيتمار بن غفير” من خلال تأكيد مصداقية العزم على استكمال الحرب وعدم الرغبة في إنهائها، وأن عقد اتفاق هدنة لا يعني التخلي عن تحقيق أهداف الحرب والوصول إلى نقطة “الانتصار الكامل” المرتبط بالقضاء على حركة حماس وتفكيك ترسانتها العسكرية وما تبقى لها من جيوب داخل القطاع في الجانب الجنوبي بحسب التصورات الإسرائيلية، وذلك من أجل الحفاظ على حالة التعبئة والحشد المتحققة في اللحظة الحالية من جانب الوزراء المتطرفين لدى انصارهم من التيار اليميني المتطرف، وهو ما يتعزز معه حظوظهم الانتخابية في أية انتخابات قادمة.

هذا من ناحية، أما من ناحية أخرى فيسعى نتنياهو إلى فرض مزيد من الضغط على حركة حماس ليس فقط لدفعها بمنطلق ذاتي من جانبها لتجنب سيناريو اجتياح مدينة رفح وما سيترتب عليه من إضعاف قدراتها وأصولها العسكرية، وإنما أيضًا لتحفيز الوسطاء الإقليميين على ممارسة أقصى درجات الضغط على الحركة لإبداء المرونة بشأن مقترح الهدنة والموافقة عليه.

ورغم هذا التصعيد في المواقف من جانب إسرائيل فإنها لم تعلن بشكل واضح تعليق التفاوض، حيث أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي في بيان رسمي في 6 مايو 2024، أن “مجلس الوزراء الحربي قرر بالإجماع أن تواصل إسرائيل العملية في رفح لممارسة الضغط العسكري على حماس من أجل دفع عملية إطلاق سراح الرهائن لدينا وتحقيق الأهداف الأخرى للحرب”. مضيفًا “في الوقت نفسه، وعلى الرغم من أن اقتراح حماس بعيد عن متطلبات إسرائيل الضرورية، فإن إسرائيل سترسل وفدًا من الوسطاء لاستنفاد إمكانية التوصل إلى اتفاق بشروط مقبولة لإسرائيل”. وبالفعل وصل الوفد الإسرائيلي إلى القاهرة قبل أن يغادرها مساء يوم 9 مايو للتشاور.

وهذا الموقف يمكن تفسيره في إطار رغبة “نتنياهو” في المناورة بكسب مزيد من الوقت لإنجاح محاولاته في كسب أوراق جديدة على الأرض لتعزيز موقفه التفاوضي، وكذلك توفير المرونة للتعامل مع ضغوط الداخل المنادية بعقد اتفاق لتبادل الأسرى، بالإضافة إلى إبعاد صفة “التعنت والرفض” عن موقف تل أبيب لتخفيف ضغوط الداخل والشركاء الدوليين، وبالتالي يسعى “نتنياهو” إلى الإمساك بالعصا من المنتصف من أجل تعزيز موقفه وفرض شروطه التي تضمن بقاءه واستقرار ائتلافه الحاكم. 

  • عدم تأمين ضوء أخضر أمريكي لعملية اجتياح بري “كبير” بمدينة رفح:

لا تعكس تصريحات المسؤولين الأمريكيين في إطار رد الفعل على التدخل العسكري الإسرائيلي في مناطق شرق مدينة رفح، بإعطاء الإدارة الأمريكية ضوءًا أخضر لعملية اجتياح “كبير” لمدينة رفح([2])، نظرًا للتداعيات الإنسانية الكارثية المتوقعة، وهو ما سيزيد من تعقيد الموقف إقليميًا ودوليًا، فضلًا عن تداعياته المحتملة على الداخل الأمريكي وتأثيره على الاحتجاجات الطلابية الواسعة التي تشهدها الجامعات الأمريكية.

وهي أمور لا تريدها الإدارة الأمريكية الحالية التي ستكون على موعد مع انتخابات رئاسية في نوفمبر القادم، وبالتالي يحاول الرئيس الأمريكي جو بايدن عبر مرونته الحالية مع التدخل الإسرائيلي الجزئي لرفح أن يوازن في اعتباراته المصلحية التي تحتم عليه إظهار موقف الدعم للأمن الإسرائيلي وفي الوقت نفسه مراعاة عدم اتساع نطاق التداعيات المحتملة لأي تحرك إسرائيلي داخل القطاع على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي.

  • الضغوط الاحتجاجية في الداخل الإسرائيلي:

حيث من المتوقع أن تزيد أسر الأسرى الإسرائيليين من ضغوطها الاحتجاجية ضد الائتلاف إذا ما عزمت تل أبيب على استكمال الأعمال العسكرية التي قد تؤدي إلى خسائر في صفوف ذويهم الأسرى، وانعكست مؤشرات هذا الضغط من خلال التظاهرات الاحتجاجية التي خرجت للشارع الإسرائيلي فور إعلان حماس الموافقة على مقترح الهدنة المطروح، بالإضافة إلى توجيه أهالي المختطفين والمختطفين العائدين من الأسرى رسالة حازمة إلى الوزيرين “بيني غانتس” و”غادي آيزنكوت” بشأن التواطؤ مع حكومة نتنياهو، في إفشال اتفاق الهدنة، بحسب تقرير لموقع “واللا” العبري، قائلين: “لقد أصبحتم إضافات في عرض نتنياهو الذي يخرب الصفقة ويترك المختطفين حتى الموت – اعقدوا مؤتمرا صحفيا وأعطوا أجوبة عما حدث يوم السبت”([3]).

ثانيًا: رفض المسار السياسي والبدء الجزئي للأعمال العسكرية في مدينة رفح

تدفع بعض المؤشرات نحو احتمالية استمرار إسرائيل في موقفها المعلن ببدء العملية العسكرية في مدينة رفح، ورفض المسار السياسي، ومن أبرز هذه المؤشرات:

  • المرونة الرمزية للموقف الإسرائيلي مع إعلان موافقة حماس على الهدنة:

عكست تصريحات المسؤولين الإسرائيليين المباشرة وغير المباشرة ما يمكن تسميته بـ “المرونة الرمزية” في التعامل مع موافقة حماس. وقد يأتي ذلك رغبة في نفي صفة “التعنت والرفض” عن موقفها الذي قد يضر بها داخليا وخارجيًا، مبررين هذا التفاعل المحدود من ناحية كون موافقة حماس جاءت على مقترح يتضمن بنود لا توافق عليها تل أبيب، حيث صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي “نتنياهو” في 7 مايو 2024، بأن “اقتراح الهدنة الأخير الذي قدمته حركة حماس الفلسطينية لا يفي بكثير بمطالب إسرائيل الأساسية”، مضيفا أن “الضغط العسكري لا يزال ضروريا لإعادة الرهائن المحتجزين في غزة”([4]).

  • السيطرة الميدانية على المعبر الحدودي برفح من الجانب الفلسطيني:

اعتبر العديد من التقارير الإسرائيلية وكذلك المحللين العسكريين الإسرائيليين خلال الفترة الماضية معبر رفح الحدودي وتحديدًا محور فلادليفيا أحد نقاط الضعف التي تعيق تحقيق الانتصار العسكري لتل أبيب في عدوانها على القطاع، وخاصة مخططها لاجتياح مدينة رفح. وبالتالي، قد يعكس إعلان الدولة العبرية عن السيطرة على معبر رفح الحدودي ومحور فلادليفيا في الجانب الفلسطيني، احتمالية أن تمثل تلك نقطة البداية لعملية تغلغل عسكري في كامل مدينة رفح من أجل تحقيق أحد أهداف إسرائيل من العدوان -بحسب ما أعلنته- والمرتبط بتحرير الأسرى، والقضاء على كامل عناصر حركة حماس، التي زعمت بعض التقارير والتقديرات الإسرائيلية خلال الفترة الماضية باحتمالية هروبها عبر محور فلادليفيا إذا ما أقدمت تل أبيب على تنفيذ هجومها العسكري ضد مدينة رفح.

  • تأمين مرونة “محدودة” لواشنطن في التعامل مع مخطط الاجتياح الجزئي:

تمكنت تل أبيب خلال جولات التفاوض التي أجريت في الفترة الماضية من إقناع شركائها في واشنطن بمرونة موقفها تجاه اتفاق الهدنة، وهو ما وصفه وزير الخارجية الأمريكي بـ “السخي”، على نحو عزز قدر من مرونة الموقف الأمريكي في التعامل مع مخطط الاجتياح الجزئي الذي يبدو أن تل أبيب تحاول إنضاجه بخطط تراعي من خلالها تخوفات واشنطن. وينعكس ذلك من خلال إعلانها عن التدخل العسكري الجزئي وليس الشامل في مناطق الشرق لمدينة رفح والتي تضم ما يقارب الـ 100 ألف مواطن والسماح لهم بالنزوح نحو خان يونس والمواصي، وهو ما يراعي في جانب منه تحذير واشنطن بشأن التداعيات الإنسانية المحتملة، وعلى مستوى تخوفات الشركاء الإقليميين.

فعلى الرغم من نظر بعض المراقبين إلى اختيار منطقة شرق مدينة رفح المتاخمة للحدود المصرية في الجانب الفلسطيني بأنه اختيار يمكن قراءته بالتعمد الإسرائيلي لممارسة الضغط ضد مصر للضغط على حماس للموافقة على الهدنة؛ فإن هناك اتجاهًا آخر رأى أن هذا الاختيار بالبدء بالمنطقة المشتركة مع الحدود المصرية تستهدف من خلاله تل أبيب تأمين تلك المنطقة عبر إفراغها بشكل مبدئي من الكثافة السكانية التي قد تندفع نحو الحدود المصرية تحت وطأة العمليات العسكرية في باقي مناطق مدينة رفح، وبالتالي تخفيف موجة التصعيد من جانب مصر التي رسمت خط أحمر أمام قيام إسرائيل بعملية عسكرية بمدينة رفح تدفع بالمواطنيين الفلسطينيين نحو حدودها المشتركة مع القطاع.

غير أن هذا الدفع لا يلغي الأمر الواقع الذي تحاول تل أبيب فرضه عبر سيطرتها على المعبر الذي سيتيح لها الضغط على الوسطاء الإقليميين ولا يلغي عنها شبهة احتمالية التحرك المضاد إذا ما قررت تنفيذ مخططاتها للتهجير القسري لسكان القطاع صوب الأراضي المصرية، وهو ما ستكون له تداعياته الوخيمة خاصة في ظل التحذيرات المصرية المتكررة ضد هذه المخططات التي ستكون إسرائيل هي المسؤول الأول عنها مع الواقع الجديد لإعلانها السيطرة على معبر رفح.

وفي هذا السياق، بدت المرونة الجزئية للموقف الأمريكي من خلال تصريحات المسؤولين الأمريكيين، والتي تم الإشارة فيها إلى التحفظ على أن تكون عملية الاجتياح البري “كبيرة”، وهو ما أكده المتحدث بأسم وزارة الخارجية الأمريكية في 7 مايو 2024، مؤكدًا إن الولايات المتحدة أوضحت آراءها لإسرائيل فيما يتعلق بعملية اجتياح بري “كبيرة” لمدينة رفح، مضيفًا “ما زلنا نعتقد أن اتفاق الرهائن يصب في مصلحة إسرائيل والشعب الفلسطيني، وسيؤدي إلى اتفاق وقف إطلاق نار فوري”([5]).

ثالثًا: تأمين الوصول لسيناريو “الخروج” في إطار اليوم التالي للحرب

رغم سعي الدولة العبرية للوصول إلى أقصى نقطة في أراضي القطاع، وهو المعبر الحدودي لمدينة رفح وإعلانها السيطرة عليه، فإن هذا قد لا يعكس رغبة للبقاء أو إعادة الارتباط بالقطاع وإلغاء خطة فك الارتباط التي أقرتها الحكومة الإسرائيلية في 2005. وقد أكد هذا المعنى وزير الخارجية الأمريكي “أنتوني بلينكن” الذي أكد بحسب تقرير لموقع «أكسيوس» في 22 مارس 2024، خلال لقاءه بنتنياهو بأن عليه وضع خطة «متماسكة» لليوم التالي للحرب وإلا فإنه «سيسقط في مستنقع غزة»([6]).  

وبالتالي قد يكون حاضرًا في خلفية المخططات الحالية التي ترسمها تل أبيب بشأن تعاملها مع القطاع فيما بعد الحرب سيناريو “البقاء غير المكلف”؛ بمعنى البقاء لفرض السيطرة الأمنية دون أن يكون احتلالًا بالمعنى الكامل. وقد يتحقق ذلك عبر وجود قوات لها (وهو سيناريو قد يكون أقل تفضيلًا)، وفي هذا السياق تكون السيطرة على المعابر هدف ذات أولوية، ويساعد في تحقيق هذا الهدف في الوقت الحالي المخطط (الأمريكي – الإسرائيلي) لتحويل مسار المساعدات لتكون عن طريق البحر، خاصة وأن إعلان تل أبيب السيطرة على معبر رفح البري جاء تزامنًا مع إعلان البنتاغون في 7 مايو 2024، أن الجيش الأمريكي انتهى من بناء الرصيف المؤقت قبالة سواحل غزة([7]).

وقد يتحقق كذلك عبر رسم معادلات الحكم داخل القطاع وفقًا لاعتبارات تل أبيب المصلحية التي تتعزز معها قدراتها على الردع الذي انهار مع عملية “طوفان الأقصى”، وهو ما تروج له بأنه هدف يمكنها من إعادة النازحين الإسرائيليين إلى مستوطنات غلاف غزة، وهو ما سيكون بالتأكيد عبر اشتراطها عدم تضمين أية اتفاقات هدنة مستدامة لأية بنود من شأنها أن توفر فرصًا مستقبلية لعودة حكم حركة حماس، على غرار ما حدث عام 2007.

إجمالاً، تدفع متغيرات اللحظة الراهنة بأن تكون جميع السيناريوهات مطروحة في ظل حالة عدم اليقين التي تعتري مواقف أطراف الأزمة، بيد أن التطور التصعيدي من جانب الدولة العبرية بإعلانها السيطرة على المعبر الحدودي لرفح يفرض عليها ومن ورائها واشنطن مسؤولية جديدة لمنع أية مخططات من شأنها تهجير أهالي قطاع غزة قسريًا تجاه دول الجوار، لما سيكون لذلك من تداعيات إنسانية وخيمة وسيزيد من تعقيد الموقف الذي سيجعل واشنطن ومعها تل أبيب في مواجهة العديد من دول العالم التي أكدت رفضها لأية مخططات تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، بل وسيجعل واشنطن في مواجهة احتجاجات تيار كبير في الداخل تتسع رقعته يومًا بعد يوم.

ورغم هذه التعقيدات القائمة في اللحظة الحالية فإنها لا تغلق مسار المرونة في التعامل مع اتفاق هدنة قد يقود في أحد مراحله إلى “هدنة مستدامة” تؤدي إلى وقف كامل لإطلاق النار وإنهاء الحرب، بحسب المقترح المصري الذي كان يلقى استحسانًا من جميع الأطراف. وقد يساعد على ذلك الآن انتفاء المبررات الإسرائيلية في أعقاب وصولها لأقصى نقطة في القطاع وسيطرتها على معبر رفح الحدودي من الجانب الفلسطيني، بأن التوقيع على اتفاق هدنة من شأنه أن يقود إلى وقف كامل لإطلاق النار بمثابة انتصار لحركة حماس، حيث من المتصور أن تكون التغيرات الأخيرة بكسب أرض جديدة لها رمزيتها في كونها أقصى نقطة يمكن الوصول إليها في كامل أراضي القطاع تمثل “نقطة انتصار عسكري” بالنسبة لإسرائيل يمكن أن تروجه داخليا وتكون كافية لدخولها في اتفاق تفاوضي لإطلاق سراح أسراها، ولوقف هذه الحرب المستعرة التي شنتها ضد القطاع دون طائل سوى حصد المزيد من أرواح المدنيين الفلسطينيين الأبرياء.

المصادر:


[1] מוריה אסרף וולברג, אזהרת השגרירות בקהיר: “שלב דרמטי ביחסים עם מצרים”, חדשות 13, May 6,2024. Retrieved From:

https://13tv.co.il/item/news/politics/state-policy/egypt-904045434/?pid=7&cid=902992383

[2]  بايدن يوضح لنتنياهو الموقف الأميركي بشأن اجتياح رفح، الجزيرة نت، بتاريخ 6 مايو 2024. انظر:

https://aja.ws/epqsah

[3] אורי סלע, הפכתם לניצבים, רוצים תשובות על המו”מ”: המכתב החריף של משפחות החטופים לגנץ ואייזנקוט, וואלה, May 06, 2024. Retrieved From:

https://news.walla.co.il/item/3662369

[4] Itamar Eichner and Yoav Zitun, Netanyahu says Hamas position untenable, Rafah offensive continues, Ynet, May 7, 2024. Retrieved From:

https://www.ynetnews.com/article/hyrv000wmc

[5] وزارة الخارجية: أمريكا أوضحت لإسرائيل آراءها بخصوص عملية رفح،     Swiss Info،  بتاريخ 7 مايو 2024. انظر:

https://shorturl.at/nEF17

[6] Barak Ravid, Blinken unloads on Bibi: “You need a coherent plan” or face disaster in Gaza, Axios, Mar 22, 2024. Retrieved From:

https://www.axios.com/2024/03/22/israel-gaza-netanyahu-blinken-insurgency-warning

[7] AFP, Pentagon says construction of Gaza aid pier done, but yet to be moved into place, Times of Israel, May 8, 2024. Retrieved From:

https://www.timesofisrael.com/liveblog_entry/pentagon-says-construction-of-gaza-aid-pier-done-but-yet-to-be-moved-into-place/

Website |  + posts

باحث متخصص في الشأن الإسرائيلي، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

مهاب عادل

باحث متخصص في الشأن الإسرائيلي، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى