
زيادة مخصصات الدعم كسبيل لتعزيز الحماية الاجتماعية
في ظل التحديات التي يواجهها الاقتصاد العالمي، تسعى الدولة المصرية إلى التوسع في شبكة الحماية الاجتماعية؛ للتخفيف عن المواطنين خاصة الفئات الأكثر احتياجًا، وهو ما استهدفه توجيه الرئيس عبد الفتاح السيسي بزيادة موازنة الحماية الاجتماعية من ٣٥٨,٤ مليار جنيه إلى ٥٢٩,٧ مليار جنيه، أي بنسبة زيادة ٤٨,٨٪.
وبالنظر إلى بنود الدعم المستهدفة نجد أنها تشمل الاحتياجات الأساسية للفئات الأكثر احتياجًا، ويوجه النصيب الأكبر للدعم نحو الغذاء والطاقة، فقد تم تخصيص ١٢٧,٧ مليار جنيه بالموازنة الجديدة لدعم السلع التموينية بمعدل نمو سنوي ٤١,٩٪ مقارنة ب ٩٠ مليار للسلع التموينية خلال العام المالي الحالي و١١٩,٤ مليار جنيه لدعم المواد البترولية و٦ مليارات جنيه للتأمين الصحي والأدوية، و١٠,٢ مليارات جنيه لدعم الإسكان الاجتماعي، و٣١ مليار جنيه لمعاش الضمان الاجتماعي بمعدل نمو سنوي ٢٥٪، و 28.1 مليار لدعم وتنمية الصادرات بمعدل نمو سنوي 368.3%، و 19.5 مليار جنيه لمبادرة دعم الأنشطة الإنتاجية الصناعية والزراعية لتحفيزهم ودفعهم للتوسع في الإنتاج، و٢٠٢ مليار جنيه مساهمات صناديق المعاشات.
خلال السنوات السابقة بعد بدء تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي، شهدت برامج الحماية الاجتماعية نموًا كبيرًا، فقد ارتفعت من 198.5مليار جنيه بموازنة 2014-2015 إلى نحو 327.7 مليار جنيه بموازنة 2019-2020، بنسبة نمو 65% وصولًا إلى القفزة الكبيرة في مشروع موازنة العام القادم بقيمة ٥٢٩.٧ مليار جنيه.

وقد عرفت منظمة العمل الدولية الحماية الاجتماعية بأنها “برامج تهدف إلى تقديم إعانات أو مزايا، سواء كانت نقدية أو عينية، للتأمين من عدم كفاية الدخل المرتبط بالعمل الناتج عن المرض، والعجز، وإصابات العمل، وغيرها، أو الافتقار إلى الحصول على الرعاية الصحية أو عدم تحمل تكلفتها، أو عدم كفاية الدعم الأسري، أو الفقر العام والاستبعاد الاجتماعي”، وبالتالي تعد الحماية الاجتماعية جزءًا أساسيًّا في منظومة إدارة المخاطر الاجتماعية، والتي تهدف إلى اتخاذ إجراءات بهدف حماية بعض الفئات من مخاطر سبل العيش
وقد تم تطبيق العديد من إجراءات الحماية الاجتماعية خلال الشهور السابقة كان من أهمها:
- حزمة تحسين دخول العاملين بالجهاز الإداري للدولة: في إطار حرص الحكومة على متابعة ملف الحماية الاجتماعية، ومساندة المواطن المصري في ظل الأزمات الاقتصادية، قامت الحكومة في 8 مارس 2023 باتخاذ حزمة جديدة للحماية الاجتماعية، تكلف الدولة نحو 190 مليار جنيه تضعها الدولة بهدف الانحياز إلى المواطن وضمان زيادة دخول المواطنين وأصحاب المعاشات، وكذلك زيادة معاش “تكافل وكرامة”، حيث تم رفع الحد الأدنى للأجور للدرجة السادسة لتصبح 3500 جنيه، و5000 جنيه للدرجة الخامسة، كما تم رفع الحد الأدنى لحاملي الماجستير والدكتوراة، وزيادة المعاشات بنسبة 15%، وزيادة القيمة المالية لبرنامج “تكافل وكرامة” بنسبة 25%.
- استمرار العمل في مبادرة حياة كريمة: تعد فئة المواطنين الأكثر احتياجًا من أكبر التحديات التي تواجه مختلف دول العالم بغض النظر عن مستواها الاقتصادي أو الاجتماعي، مع الاخذ في الحسبان وجود تفاوت في حجم الفئة بين دولة وأخرى. وهنا يأتي دور سياسات الحماية الاجتماعية والتي تساعد الفئات الأكثر احتياجًا على مواجهة الأزمات، والعثور على فرص العمل، والاستثمار في الصحة والتعليم، وهو ما جعل المجتمع الدولي يعترف بأهمية الحماية الاجتماعية بوصفها ضرورة اجتماعية واقتصادية وسياسية، ومنحها بذلك مكانة في أهداف التنمية المستدامة 2030، حيث أقرت في خمسة أهداف من إجمالي 17 هدف بدورها توفير الاستجابة إلى التحديات العالمية.

لذلك مازال العمل مستمرًا في تنفيذ مبادرة حياة كريمة والتي تستهدف التوسع في مظلة الحماية الاجتماعية الشاملة بالتركيز على تلبية احتياجات المواطنين في القرى الأكثر احتياجًا، وتهدف إلى تحقيق العدالة المكانية، وهو الهدف الذي يتعامل مع الفجوة التنموية الجغرافية لصالح بعض المناطق مثل ريف الوجه القبلي وبعض المناطق الأخرى.
وتتحدد أهداف المبادرة في أربعة أهداف استراتيجية وهي: بناء الإنسان، وتحسين جودة حياة المواطنين، وتحسين مستوى معيشة المواطنين الأكثر احتياجًا، وتوفير فر عمل، وتسعى إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة وبالتحديد الهدف الأول وهو القضاء على الفقر بكل صوره، والهدف العاشر الخاص بالحد من التفاوت داخل البلدان فيما بينها، وبالتالي تتوافق أهدافه مع مجمل أهداف التنمية المستدامة.
- الدعم الغذائي(يشمل تحسين منظومة التموين): خلال السنوات القليلة الماضية تم تحسين منظومة التموين المعنية بدعم المواد الغذائية، فقد اعتمدت الحكومة المصرية منهجية، منذ 2014 -2015، باستحداث منظومة نقاط الخبز غير المستخدمة بدعم نقدي بقيمة 10 قروش عن كل رغيف لم تحصل عليه، بتكلفة إضافية وصلت إلى 4.4 مليارات جنيه، وتم زيادة الدعم النقدي الشهري للفرد على بطاقات التموين من 15 إلى 18 جنيها، ثم إلى 21 جنيه في نوفمبر 2016، وفي الفترة من 2018-2019، حدثت بيانات المستفيدين من الدعم عن طريق تنقية البطاقات التموينية للوصول إلى المستحقين الحقيقيين، لتصل الزيادة من 21جنيه إلى 50 جنيها، بنسبة زيادة قدرها 140%، كما ساهمت الحكومة في توفير السلع الغذائية الأساسية بأسعار مخفضة من خلال شبكة منافذ تتكون من 1172 منفذا لفروع شركات تابعة لوزارة التموين والتجارة الداخلية، كما تعمل المنظومة الجديدة على إعادة توزيع الدعم لمستحقيه بعدالة.
كذلك تعمل مبادرات لدعم الفئات الأكثر احتياجًا مثل مبادرة “كتف في كتف” خلال شهر رمضان والتي استهدفت توزيع صناديق مواد غذائية على الأسر الأكثر استحقاقا، في كافة محافظات الجمهورية؛ لتخفيف العبء عنهم، وكذلك تقليل الآثار السلبية الناتجة عن الأزمة الاقتصادية العالمية نتيجة الأزمة الروسية- الأوكرانية.
باحثة بالمرصد المصري