
حزمة جديدة من الإجراءات الاجتماعية لدعم كافة طبقات المجتمع
في ظل ما يواجهه العالم من أزمات اقتصادية وارتفاع معدلات التضخم و ارتفاع أسعار السلع، واجهت العديد من دول العالم خلال الأعوام القليلة السابقة صدمات مالية واقتصادية عنيفة، بداية من التداعيات السلبية لجائحة كورونا مرورًا بالأزمة الروسية الأوكرانية وأخيرًا الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، مما جعل منطقة الشرق الأوسط تدخل في حالة من الاضطراب التي لم تكن مصر بمعزل عن كافة هذه الاحداث، حيث تأثر اقتصادها بكل هذه التداعيات، مما جعل الدولة تضع تخفيف الآثار الاقتصادية على المواطن المصري على رأس أولويات القيادة السياسية.
وعليه، فقد وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم الأربعاء 7 فبراير 2024، خلال اجتماعه مع الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، والدكتور محمد معيط وزير المالية، بتنفيذ أكبر حزمة اجتماعية عاجلة تشمل كافة الطبقات الاجتماعية، للتخفيف من حدة الأزمة الاقتصادية والتخفيف من الأعباء المعيشية على المواطنين، وذلك انطلاقًا من واجب الدولة لدعم المواطن في ظل الظروف الراهنة وذلك في تغريدة له عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “أكس”.
وقد شملت القرارات التي أقرها الرئيس اليوم أغلب الطبقات الاجتماعية في المجتمع، وتتمثل القرارات في التالي:
- حزمة تحسين دخول العاملين بالجهاز الإداري للدولة: في إطار حرص الحكومة على مساندة المواطن المصري في ظل الأزمات الاقتصادية، قامت الدولة باتخاذ حزمة جديدة من الإجراءات بهدف الانحياز إلى المواطن وضمان زيادة دخول المواطنين، والتي تتمثل في زيادة أجور العاملين بالدولة والهيئات الاقتصادية، بحد أدنى يتراوح بين 1000 إلى 1200 جنيه، بحسب الدرجة الوظيفية (1000 جنيه للدرجات من السادسة إلى الرابعة، و1100 جنيه للدرجات من الثالثة للأولى، و1200 جنيه للدرجات من مدير عام إلى وكيل أول وزارة)، وذلك من خلال تبكير صرف العلاوة الدورية للمخاطبين بقانون الخدمة المدنية بنسبة 10% من الأجر الوظيفي، و15% من الأجر الأساسي لغير المخاطبين، وبحد أدنى 150 جنيهًا وتكلفة إجمالية 11 مليار جنيه، وصرف حافز إضافي، يبدأ من 500 جنيه للدرجة السادسة، ويزيد بقيمة 50 جنيهًا لكل درجة، ليصل إلى 900 جنيه للدرجة الممتازة، بتكلفة 37,5 مليار جنيه، وذلك بتكلفة إجمالية نحو 65 مليار جنيه، بما ينعكس في رفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 50% ليصل إلى 6 آلاف جنيه.
- حزمة تحسين دخول قطاعات الأطباء والمعلمين وأعضاء هيئة التدريس: كما تضمنت الحزمة الاجتماعية تخصيص 15 مليار جنيه زيادات إضافية للأطباء والتمريض والمعلمين وأعضاء هيئة التدريس بالجامعات، منها 8.1 مليار جنيه لإقرار زيادة إضافية في أجور المعلمين بالتعليم قبل الجامعي، تتراوح بين 325 جنيهًا إلى 475 جنيهًا، و1,6 مليار جنيه لإقرار زيادة إضافية لأعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم بالجامعات والمعاهد والمراكز البحثية، و4,5 مليار جنيه لإقرار زيادة إضافية لأعضاء المهن الطبية وهيئات التمريض تتراوح من 250 إلى 300 جنيه في بدل المخاطر للمهن الطبية، وزيادة تصل إلى 100% في بدل السهر والمبيت، وتخصيص 6 مليارات جنيه لتعيين 120 ألفًا من أعضاء المهن الطبية والمعلمين والعاملين بالجهات الإدارية الأخرى.
- استمرار دعم أصحاب المعاشات وشملت أيضا زيادة 15% في المعاشات لـ 13 مليون مواطن، بتكلفة إجمالية 74 مليار جنيه.
- دعم معاشات تكافل وكرامة: حيث شمل التوجيه زيادة 15% في معاشات “تكافل وكرامة” بتكلفة 5,5 مليار جنيه، لتصبح نسبة الزيادة التي تحققت خلال عام 55% من قيمة المعاش. على أن يتم تخصيص 41 مليار جنيه لمعاشات “تكافل وكرامة” في العام المالي 2024/2025.
- رفع حد الإعفاء الضريبي لكافة العاملين بالدولة بالحكومة والقطاعين العام والخاص بنسبة 33%، من 45 ألف جنيه إلى 60 ألف جنيه، بتكلفة إجمالية سنوية 5 مليارات جنيه.
وتعكس الحزمة الاجتماعية الجديدة توجه القيادة السياسية لتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين، من خلال زيادة المرتبات التي شملت موظفي الدولة وأصحاب المعاشات وبعض القطاعات مثل الأطباء والتمريض والمعلمين وأعضاء هيئة التدريس بالجامعات والمعلمين بالتعليم قبل الجامعي، وأعضاء المهن الطبية وهيئات التمريض، والذي ينعكس إيجابيًا على حياة الأسرة المصرية وجميع العاملين الذين تشملهم الزيادات الجديدة.
ولم تكن هذه التوجيهات وليدة اللحظة، بل هي جهود اتخذتها الدولة على مدى السنوات القليلة الماضية للتخفيف من آثار الإصلاحات الاقتصادية عن كاهل المواطنين، وتحقيق التوازن بين عمليات الإصلاح والتنمية والعدالة الاجتماعية ودعم قدرة الدولة والمجتمع على التكيف والتعامل مع المتغيرات الحالية.
وقد اتخذت الدولة خلال الأعوام السابقة العديد من الإجراءات لتحسين حياة المواطنين، بداية من توجيه الرئيس في أبريل 2023، برفع موازنة الدعم والحماية الاجتماعية من ٣٥٨,٤ مليار جنيه إلى ٥٢٩,٧ مليار جنيه، بنسبة زيادة ٤٨,٨٪ للتخفيف عن المواطنين في ظل الموجة التضخمية العالمية، وتخصيص ١٢٧,٧ مليار جنيه بالموازنة الجديدة لدعم السلع التموينية بمعدل نمو سنوي ٤١,٩٪، مقارنة بـ ٩٠ مليارًا للسلع التموينية خلال العام 2023، و١١٩,٤ مليار جنيه لدعم المواد البترولية، و٦ مليارات جنيه للتأمين الصحي والأدوية بزيادة ٥٨,٢٪ عن 2023، و١٠,٢ مليار جنيه لدعم الإسكان الاجتماعي بمعدل نمو سنوي ٣١,٥٪ مقارنة بـ ٧,٨ مليار جنيه، و٣١ مليار جنيه لمعاش الضمان الاجتماعي بمعدل نمو سنوي ٢٥٪، و٢٠٢ مليار جنيه مساهمات صناديق المعاشات بمعدل نمو سنوي ٦٪ مقارنة بـ ١٩١ مليارًا خلال العام المالي الحالي.
كما شهدت مخصصات الأجور والمرتبات زيادة بنسبة 108.4%، فقد ارتفعت مخصصات برامج الدعم والحماية الاجتماعية بنسبة تقترب من 60% خلال الفترة من 2017 وحتى 2023، كما شهد الحد الادنى للأجور تصاعد منذ عام 2017، حيث تعد هذه الزيادة الثامنة، وفيما يلى التسلسل الزمنى للحد الأدنى للأجور:
- عام 2017: كانت الزيادة الأولى لمرتبات العاملين بالهيئات الحكومية في عام 2017، بعد أن وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي برفع الحد الأدنى للأجور من 1200 جنيه إلى 1400 جنيه.
- عام 2019: وجه الرئيس في ذات الشهر برفع الحد الأدنى للأجور ليكن 2000 جنيه، وذلك بزيادة 600 جنيه.
- عام 2021: خلال انتشار فيروس كورونا المستجد، وجه الرئيس بـرفع الحد الأدنى للأجور بقيمة 400 جنيه، ليصل الحد الأدنى إلى 2400 جنيه.
- عام 2022: والذي شهد زيادتين متتاليتين في الأجور، الأولى في إبريل 2022، حيث وصل الحد الأدنى للأجور إلى 2700 جنيه بدلًا من 2400 جنيه، وبعد مرور حوالي 6 أشهر من الزيادة الأولى، وجه الرئيس بـ رفع الحد الأدنى للأجور مرة أخرى بقيمة 300 جينه، ليبلغ الحد الأدنى 3000 جنيه.
- عام 2023: وجه الرئيس برفع الحد الأدنى للأجور للمرة السابعة في شهر سبتمبر من العام الماضي ليصبح 4000 جنيه.
- عام 2024: رفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 50% ليصل إلى 6000 جنيه بدلا من 4000 جنيه.
وإجمالا، يمكن القول إن الحزمة الاجتماعية الجديدة ستساهم في تخفيف العبء على كاهل المواطن في ظل الإصلاحات الاقتصادية التي تتخذها الدولة، كما تعكس أيضًا حرص القيادة السياسية على تحسين أجور العاملين بالدولة والقطاعات المختلفة، لدعم المواطن في ظل جهودها لمعالجة الأزمة الاقتصادية الحالية.
باحثة بالمرصد المصري