تغير المناخ

في كوب 27: المجتمع المدني يكافح من أجل مكافحة التغير المناخي

قبل أن تنطلق فعاليات الدورة السابعة والعشرين من مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 27)، عملت حكومات الدول على التعاون مع منظمات ومبادرات المجتمع المدني على مبادرات مناخية تهدف إلى تسريع وتيرة مكافحة التغير المناخي. وإذا كان يمكن للمؤسسات الحكومية اتخاذ القرارات ووضع الاستراتيجيات الوطنية، فإن هناك جهات أخرى تلعب دورًا مهمًا في مجال العمل المناخي كالشركات والمنظمات البيئية غير الحكومية.

خلال السنوات السابقة، زادت مشاركة منظمات المجتمع المدني في العمل المناخي والبيئي، من خلال الإسهام بنقاشات حول تغير المناخ وتدشين ورش عمل وطرح أفكار مبتكرة واجتماعات مع الجهات الحكومية، مما يعكس المعركة التي تخوضها مؤسسات المجتمع المدني ضد تغير المناخ. وبدأ هذا الدور في الظهور بشكل كبير بعد اتفاقية باريس 2015، خاصة بعد عدم تحقيق الهدف المرجو منها وهو خفض الانبعاثات الضارة حتى لا تزيد درجة حرارة الأرض عن درجة ونصف مئوية فقط، علاوة على عدم توفير دعم الـ 100 مليار دولار للدول النامية كمساعدة من الدول الصناعية المتقدمة للتكيف مع التغيرات المناخية، وهو ما يعد تحديًا كبيرًا أمام قمة شرم الشيخ، وبالتالي كان من الضروري تسليط الضوء على دور المجتمع المدني في مجال التغير المناخي على المستويين المحلي أو العالمي.

مبادرات العمل المناخي

تتعاون الجهات الحكومية مع المؤسسات والمنظمات والجمعيات غير الحكومية من أجل العمل على تحقيق الأهداف المناخية، وقد تشمل الجهات الفاعلة غير الحكومية (الشركات والمستثمرين والمؤسسات الأكاديمية والهيئات البحثية) من أجل إطلاق العديد من المبادرات التعاونية الهادفة إلى التخفيف من حدة التغيرات المناخية، وتعزيز التكيف مع آثار تغير المناخ بشكل مباشر أو غير مباشر، ويقومون بذلك من خلال: شن حملات توعوية، وتنفيذ بعض المشاريع المحلية، والتدريب وبناء القدرات، والضغط على الحكومات، وإنشاء منتجات أو خدمات جديدة.

في قمة جلاسكو، أُطلقت بوابة العمل المناخي العالمي، والتي تهدف إلى القيام برصد العمل المناخي التطوعي، مع إدراج التقدم الذي تقوم به تلك المبادرات التعاونية المسجلة في البوابة، بما في ذلك المبادرات التي تم إطلاقها في قمة العمل المناخي للأمم المتحدة لعام 2019، والتي وصل عددها حتى الآن إلى 150 مبادرة تعاونية تركز بشكل أساسي على قضايا المناخ تغطي العديد من الدول عن طريق شركات أو مستثمرين، وهناك بعض الأمثلة لتلك المبادرات في مجالات مختلفة.

مجال الطاقة

تحالف طموح المناخ: وهو تحالف بين الدول والشركات والمستثمرين العاملين من أجل تحقيق صافي الانبعاثات الصفرية من ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2050. وتقود مشاركة الدول في هذا التحالف حكومتا تشيلي والمملكة المتحدة، بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي؛ في إطار حملة “السباق إلى الصفر”.

مناخ محايد الآن: بهدف الوصول إلى عالم محايد مناخيًا (صافي صفر) بحلول 2050، يقترح مجموعة من ثلاث خطوات: القياس والتقليل والمساهمة، تعني المساهمة حاليًا دعم العمل المناخي من قبل أطراف ثالثة من خلال أسواق الكربون، باستخدام أرصدة الكربون المعتمدة، الخطوتان الأوليان إجباريتان والخطوة الثالثة اختيارية.

نادى تحالف “ثلاثة بالمائة“: يضم حكومات وشركات ومنظمات غير حكومية؛ بهدف تسريع الانتقال إلى الطاقة المتجددة، ورفع كفاءة الطاقة بنسبة ٣٪ سنويًا، حيث اجتمعت ست وثلاثون دولة جزرية صغيرة نامية على تسريع حيث مع شركائها لتبادل الاستراتيجيات والانتقال إلى أنظمة الطاقة المتجددة.

تحالف للتخلص من الفحم: يساعد هذا التحالف على التخلص التدريجي من تمويل الفحم ومن استخدامه كمصدر للطاقة، من خلال تقديم مساعدة للدول والمستثمرين الذين يسعون إلى التخلص المبكر من الفحم كمصدر للطاقة. 

مجال الصناعة والنقل

قامت أكثر من ١٠٠ منظمة بتشكيل أكبر تحالف مخصص لإزالة الكربون من جميع وسائل النقل، ويهدف التحالف إلى الوصول لوسائل نقل في المناطق الريفية والجوانب الاقتصادية لإزالة الكربون، مع شن دورات تدريبية عبر الإنترنت من شأنها مساعدة المسؤولين في المناطق الحضرية على وضع حلول مستدامة في مجال التنقل الحضري.

تحالف قوي يضم أكثر من ١٥٠ شركة في مجالات النقل البحري والطاقة والبنية التحتية والتمويل: يسعى إلى الوصول بالانبعاثات إلى مستوى الصفر، وتشغيل سفن أعالي البحار العديمة الانبعاثات والمجدية تجاريًا بحلول عام ٢٠٣٠.

المجموعة الرائدة من أجل الانتقال في القطاع الصناعي: تهدف إلى الوصول بانبعاثات الكربون في القطاع الصناعي إلى مستوى الصفر بحلول عام ٢٠٥٠، وهي مجموعات صناعية وضعت خرائط طريق للصناعات الثقيلة حيث يصعب الحد من انبعاثات الكربون. وتعطي أداة تتبع الانتقال عن قطاعات الصناعة في مختلف الدول.

مجال الأعمال التجارية والمالية

التحالف ١.٥ درجة مئوية في مجال الأعمال التجارية: يدعو هذا التحالف المكون من رجال الأعمال والصناعة إلى تحديد أهداف طموحة تقوم على العلم لخفض الانبعاثات؛ بهدف الوصول بها إلى مستوى الصفر، بما يتماشى مع ١.٥ درجة مئوية، وقد انضمت حتى الآن أكثر من ٧٠٠ شركة برأس مال سوقي يفوق ١٣ تريليون دولار.

تحالف وزراء المالية من أجل العمل المناخي: يدعو صناع السياسات المالية والاقتصادية من أكثر من ٦٠ دولة تولد حوالي ٤٠٪ من الانبعاثات العالمية إلى إجراءات واستثمارات مناخية عاجلة وإلى انتقال عادل يقوم على استحداث ملايين فرص العمل الجديدة. 

تحالف مالكي الأصول عديمة الانبعاثات: يضم أكثر من ٤٠ مستثمرًا مؤسسيًا بأصول تزيد على ٦.٦ تريليون دولار التزامًا شجاعا للوصول بانبعاثات المحافظ الاستثمارية إلى مستوى الصفر بحلول عام ٢٠٥٠. ويهدف الأعضاء إلى مواءمة المحافظة مع ارتفاع درجة الحرارة العالمية بما لا يزيد على ١.٥ درجة مئوية، وقد وضع التحالف أهدافًا لمطلع عام ٢٠٢٥.

الحلول القائمة على الطبيعة

حملة من أجل الطبيعة: يضم أكثر من ١٠٠ منظمة بيئية، ويهدف إلى حماية ٣٠٪ على الأقل من الكوكب بحلول عام ٢٠٣٠، بالاعتماد على موارد مالية كافية وممارسة الشعوب الأصلية لقيادتهم وحقوقهم كاملة.

تحالف العمل من أجل مقاومة مخاطر المحيطات: يجمع هذا التحالف حكومات ومؤسسات مالية وشركات تأمين ومنظمات بيئية، بهدف بناء القدرة على مقاومة مخاطر المحيطات، وهو تحالف رائدة في منتجات التمويل والتأمين التي تهدف إلى تشجيع استثمارات ب ٥٠٠ مليون دولار بحلول عام ٢٠٣٠.

مبادرة الاستثمارات المناخية في الوسط الحضري: يضم حكومات ومؤسسات مالية وصناديق خاصة بالمناخ وشبكات حضرية، لوضع إطار عمل خاص به لمساعدة ٢٠٠٠ مدينة في إعداد وتمويل مشاريع للتكيف مع تغير المناخ، وقد حقق ٢٠٪ من هذا الهدف حتى الآن.

مبادرات مصرية

قبل انطلاق مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية للمناخ كوب 27، أكدت مصر حرصها على التوسع في مشاركة المجتمع المدني في القمة، خاصة وإنه تم فتح سبل للمشاركة في المنطقة الخضراء بأكثر من فعالية تتعلق بالموضوعات ذات الاهتمام للمجتمع المدني، ذلك إلى جانب إتاحة الفرصة لتنفيذ أحداث جانبية، تقدم كخدمة مجانية، وتخصيص يوم موضوعي للمجتمع المدني، وتسهيل مشاركة نشطاء البيئة والشباب.

وسعت مبادرة “بلدنا تستضيف قمة المناخ الـ 27″، التي تم إطلاقها في 26 شهر يناير الماضي إلى حشد مشاركة أكثر من 500 جمعية أهلية في مختلف المحافظات، ضمن المنصات المحلية التي تم إطلاقها لأول مرة، بمعدل 20 جمعية في كل محافظة. وكذلك تم التعاون بين المكتب العربي للشباب والبيئة بالشراكة مع الشبكة العربية للبيئة والتنمية “رائد”، والمنتدى المصري للتنمية المستدامة؛ بهدف تعزيز دور المشاركة المجتمعية للتحضير لقمة شرم الشيخ.

وطرحت المبادرة فكرة الإعلان عن “ميثاق شرف مواجهة التغيرات المناخية” والذي يهدف الى الدعوة إلى عدد من الممارسات الإيجابية، منها عدم قطع الأشجار، وعدم الإسراف في استخدام المياه، والحفاظ على مياه نهر النيل نظيفة، بالإضافة إلى الدعوة لترشيد استهلاك الطاقة، وتبني استخدامات مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة الجهات.

ذلك علاوة على إعداد خريطة مدنية لجميع محافظات الجمهورية، من خلال اختيار جمعية اهلية من داخل كل محافظة، وأن تكون ذات خبرة في مجال العمل البيئي عامة والتغيرات المناخية خاصة، وأن تكون لديها القدرة كذلك على التواصل مع الجهات المحلية المعنية داخل المحافظة.

وقد دشنت مجموعة من مؤسسات المجتمع المدني المصرية والمؤسسات الدولية العاملة بمصر “تحالف القوى المدنية من أجل المناخ” والذي سيعمل التحالف على تعزيز أواصر التعاون والتواصل مع كافة الجهات والهيئات والشبكات والتحالفات الدولية والإقليمية والمحلية من أجل قضية المناخ؛ في سبيل الحفاظ على سلامه واستدامة الكوكب الأزرق ولتحقيق العدالة المناخية. وخلال فترة المؤتمر وما بعد ذلك سيكون للتحالف دور فعال في رصد كافة الخطوات وتقديم المقترحات.

وكان للمجتمع المدني العديد من الرسائل، منها ضرورة حشد الدعم اللازم لمجابهة التحديات التي تواجه المجتمع المدني من خلال:

● تنفيذ برامج توعية بقضايا التغيرات المناخية: التخلص الآمن من المخلفات الصلبة وإعادة تدويرها، وتدوير المخلفات الزراعية، التوسع في استخدامات الطاقة النظيفة، والترويج لاستخدام نظم النقل المستدام ووسائل الانتقال صديقة البيئة، وتوطين التكنولوجيا والتقنيات الصديقة للبيئة، ونشر فكرة العائلة الزراعية، وإنشاء غابات شجرية باستخدام مياه الصرف المعالجة، والتوسع في إنشاء محطات المعالجة الثلاثية، وإعادة تدوير المخلفات الإلكترونية والتخلص الآمن منها.

● التكيف مع التغيرات المناخية: التوسع في إنشاء مصدات الأمواج الخرسانية، والتأهيل التعليمي وبناء القدرات لمجابهة التغيرات المناخية، والتوسع في استخدام تقنية الصوب الزراعية، والترويج للزراعة الذكية مناخيًا، واستنباط أصناف زراعية جديدة ملائمة للتغيرات المناخية، وتطبيق نظم الري الحديثة وتبطين الترع والقنوات المائية، والتوسع في أنشطة التشجير وزيادة المسطحات الخضراء بالمناطق الحضرية، والترويج وتنفيذ مشروعات لزراعة الأسطح والأحزمة الخضراء، والاهتمام بالتدريب وبناء القدرات للفئات المهمشة والأكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ، ورفع مستوى الوعي البيئي العام والتعريف بسياسات التكيف مع التغيرات المناخية.

+ posts

باحثة بالمرصد المصري

منى لطفي

باحثة بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى