
نحو تعظيم الاستثمارات الأجنبية في القطاع السياحي
تتبنى مصر سياسات إصلاحية لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، في ظل تحسين مناخ الأعمال، والعمل على زيادة نسب القطاعات الخدمية والسلعية لسد الاحتياجات المحلية، وتوفير العائد الدولاري. ولما كانت السياحة القطاع الأكثر نموًا عالميًا فيمثل نحو 10.3٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي لعام 2019، وبرغم انخفاض هذه النسبة عام 2020 إلى نحو 5.3% بسبب قيود كوفيد-19؛ فإنها سرعان ما ارتفعت عام 2021 إلى 6,1% بعد تخفيف القيود. وبذلك يُعد القطاع من القطاعات الواعدة لجذب الاستثمارات الأجنبية إلى مصر، فكيف يمكن أن يتم ذلك؟
السياحة والاستثمار الأجنبي في مصر
انعكس التعافي الجزئي للسياحة على حركة الوافدين الدوليين التي زادت بنسبة 5.3٪ في عام 2021 عن العام السابق وفقًا لتقديرات منظمة السياحة العالمية، إلا أنها لا تترجم لسياسات فعلية على مشروعات الاستثمار الأجنبي العالمي، فانخفضت بنحو 8% في عام 2021 بقيمة 9,5 مليار، مقابل استثمارات بقيمة 17 مليار لعام 2020 في 271 مشروعًا؛ فيما استطاعت منطقة الشرق الأوسط تحقيق زيادة قدرها 70% عن نفس الفترة.
وبلغ صافي التدفق للداخل للاستثمار الأجنبي المباشر في مصر نحو ٧٫٥ مليارات دولار خلال العام المالي (2019/2020) وفقًا لبيانات التقرير السنوي للبنك المركزي، وارتفعت تلك التدفقات خلال العام المالي الماضي (2021-2022) لتسجل نحو 8.9 مليارات دولار، لتكون هي الأعلى منذ 10 سنوات وفقًا لعرض رئيس مجلس الوزراء للناتج من تدفق الاستثمار الاستثمار الأجنبي المباشر في القطاعات غير البترولية.
ويمثل صافى الاستثمار الأجنبى المباشر فى مصر لعام (2019/2020) نحو 2,1% من الناتج المحلى الإجمالي. وعلى الرغم من ارتفاع مساهمة قطاع السياحة في إجمالي النفقات الداخلة للاستثمار الأجنبي المباشر في مصر لتسجل نحو 0,9% لعام (2019/2020) بزيادة 0,1 %، موزعة في الجدول التالي؛ فإن هذه النسبة يمكن مضاعفتها مع زيادة تدفقات الأعداد السياحية وجودة الخدمات وتنوع المنتجات السياحية المقدمة.
المصدر: التقرير السنوي للبنك المركزي المصري
مؤثرات الاستثمار الأجنبي
تتحدد العوامل المؤثرة على الاستثمار الأجنبي في قطاع السياحة، وفقًا لتقارير المؤسسات التمويلية الدولية، في التالي:
– إتاحة البيانات: تسعى السوق الاستثمارية إلى تحديد جدوى المشروعات من خلال دراسات الجدوى القائمة على البيانات الموثوقة والشفافة، والتي تنعش مناخ الاستثمار، وذلك من خلال بيانات واضحة ومعلنة يسهل الحصول عليها؛ لقياس الطلب المحتمل وقياس عناصر المخاطرة. وتتضمن هذه البيانات في قطاع السياحة “بيانات الزوار وجنسياتهم، وتفضيلات السفر، والوجهات والبرامج ونسب الإشغال الفندقي ومتوسط الانفاق والإقامة”.
– التمويل: تنظر بعض الدول للسياحة بوصفها من الاستثمارات عالية المخاطر؛ نظرًا إلى تأثرها بالأوضاع السياسية والاقتصادية العالمية، بجانب عدم الاستقرار سواء الداخلي أو في الدول المحيطة بالمقصد. ومن ثم يتحدد دور الحكومات في: توفير الضمانات الإئتمانية والتشريعية المتعلقة بالضرائب، وضمان الحفاظ على الاستثمارات ضد المخاطر من سياسات داعمة، وفض المنازعات، والتمويل غير المحدود، وضمانات ائتمانية (شروط الحصول على القروض وضماناتها)، وتقلبات العملات والبيروقراطية. هذا بجانب تغيير العملات والوصول إلى النقد الأجنبي، والتعريفة الجمركية، وقواعد الاستيراد والتصدير للمعدات السياحية، وثبات سعر الصرف مقارنة بسعر الفائدة.
– التشريعات الاستثمارية: تتمثل في التعريفة الجمركية، ووضوح شرط التعامل مع المستثمرين وطرق فض المنازعات الدولية، وشمولية قانون الاستثمار حتى لا يصبح مجرد دليل استرشادي؛ وذلك بهدف توفير تكلفة الوقت في جمع المعلومات المتعلقة بقوانين الضرائب والعمل وقوانين الملكية، ومشروعية بعض الاستثمارات.
– البنية التحتية: والمتعلقة بالطيران والبحث عن سياسات السموات المفتوحة، والتي تتعرض لبعض الضغوط نتيجة سياسات الدول للحفاظ على الشركات الوطنية المعرضة لنقص الحصص السوقية، وبالتالي ارتفاع التكلفة التشغيلية لها، وكذلك توفير معدات رأس المال، ورأس المال البشري الملم بالتكنولوجيا والمعرفة التقنية، بجانب متطلبات التأشيرات والتصاريح لتوظيف العمالة الأجنبية المهرة.
– التعامل مع المشروعات الصغيرة والمتوسطة: ففقد الخبرة في التعامل مع تلك المشروعات بجانب مشروعات ريادة الأعمال، وعدّها مشروعات عالية الخطورة في مجال التنمية السياحية بوصفها غير قادرة على الوفاء بالالتزامات، يقابلها ضرورة تقديم برامج حماية من الدولة.
– موقع الدولة في المؤشرات العالمية: وتتمثل في تصنيفات المؤسسات الاقتصادية ذات الثقل كالبنك الدولي، ومنتدى دافوس، والتصنيفات الائتمانية الدولية، بجانب مؤشرات مكافحة الفساد.
– الصورة الذهنية للمقصد السياحي (التسويق).
السياسات التحفيزية المصرية
تستهدف الدولة المصرية تحقيق معدل نمو للاستثمارات في قطاع السياحة بنحو 64% للعام المالي الحالي مقابل العام الماضي في إطار الخطة متوسطة المدى للتنمية المستدامة (18/2019 21/2022) ليصل نحو 8,5 مليار جنية، وفقًا لما استعرضته وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، فاتخذت الدولة حزمًا تحفيزية لجذب الاستثمارات في القطاع بشكل عام، والاستثمار الأجنبي بشكل خاص، يمكن طرحه في التالي:
– البنية التشريعية: تم إطلاق خريطة مصر الاستثمارية بمعدل 1000 فرصة استثمارية بمحافظات مصر المختلفة، ومنها الاستثمارات في قطاع السياحة بمحافظات جنوب سيناء، والبحر الأحمر، ومطروح/ وأسوان، بحسب دراسة سابقة، وكذا تم إصدار قانون المشروعات الصغيرة والمتوسطة رقم 152 لسنة 2020، وقرار رئيس الجمهورية لإنشاء الشركات الافتراضية، لتحقيق الثقة لدى المستهلك.
بجانب تقديم حزمة تشريعات لتقديم الضمانات الائتمانية والتحكيم الدولي وضمان الملكية فتم تدشين قانون الاستثمار رقم 72 لسنه 2017، الذي ينص على تشغيل 10% من العمالة الأجنبية ولا تزيد على 20%، ووضع دليل للاستثمار بمصر، بجانب تطبيق أحكام المادة (4) من قانون تنظيم الإعفاءات الجمركية بتحصيل ضريبة جمركية بفئة موحدة مقدارها (2%) على جميع ما تستورده من آلات ومعدات وأجهزة لازمة لإنشائها. بجانب الإعفاءات الضريبية على الأراضي، والرسوم العقارية لمدة 5 سنوات.
وقد قسّم القانون الفئات المستفيدة من التحفيز إلى قطاعين أ، ب، ونظم قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 104 لسنة 2022، القطاعات المستفيدة من تحفيزات كل فئة، وتمثل القطاع السياحي في الفئتين على النحو التالي:
– التمويل: قدمت جائحة كورونا ميزة للمشروعات المتعثرة، ودعمت القطاع من خلال قيام الحكومة المصرية بإصدار عدة قرارات لدعم المشروعات القائمة لتعطي رسالة اطمئنان للمستثمرين، بجانب مبادرة البنك المركزي ووزارة المالية بتقديم قروض منخفضة الفائدة، وتقسيط المستحقات الضريبية وإعفاء من الضريبة العقارية وغيرها من المستحقات على القطاعات السياحية المختلفة.
وبعد توقف صندوق الاستثمار السياحي، تم إنشاء الصندوق الفرعي للصندوق السيادي “صندوق السياحة والاستثمار العقاري وتطوير الآثار المصرية” لتطوير الأصول المملوكة للدولة وإدارتها بالشراكة مع القطاع الخاص المصري والأجنبي برأس مال بلغ 30 مليار دولار. مما سيساعد على تطوير الأصول الموجودة وتجديد الأنشطة السياحية ودعم الخدمات في المناطق الأثرية مع جذب استثمارات جديدة في ظل الإعلان عن طرحه لمشروعات سياحية للاستثمار مع القطاع الخاص. هذا بجانب تخارج الدولة من خلال تعظيم دور القطاع الخاص عبر وثيقة سياسة ملكية الدولة والتي سينفذها الصندوق السيادي أيضًا.
– المؤشرات الدولية: خلقت السياسات الحكومية تقدمًا في المؤشرات الدولية للاقتصاد المصري الناشئ والتي تعطي ثقة للمستثمرين، تتمثل في توقع صندوق النقد الدولي بتحقيق مصر معدل نمو 6.6% لعام 2022، ليكون واحدًا من أعلى المعدلات العالمية، بأن يتخطى معدل نمو الاقتصاد المصري متوسط النمو العالمي ليسجل 4.4% للعام المالي 2022/2023 مقابل 2.7% للمتوسط العالمي لنفس العام، وتثبيت التصنيف الائتمانى لمصر عند مستوى B2 بنظرة مستقبلية مستقرة وفقًا لمؤسسة موديز المتخصصة في الأبحاث الاقتصادية والتحليلات المالية.
هذا بجانب ارتفاع تصنيف مصر بمؤشرات الحوكمة الصادرة عن البنك الدولي لعام 2022 في العديد من المؤشرات بالأبعاد الثلاث للتنمية المستدامة وتفعيل استراتيجية مكافحة الفساد، ومنها مؤشر جودة الأطر التنظيمية، بجانب تقدم مصر نحو 19 مركزًا في مؤشر التنمية البشرية في تقرير التنمية البشرية العالمي لعام 2021-2022 التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP نتيجة التقدم في المشروعات القومية والبنية التحتية بالوصول للمركز 97 مقابل المركز 116 في تقرير عام 2020.
هذا بالإضافة إلى تحقيق مصر ثاني أكبر تحسن على مستوى مؤشر التنمية المستدامة للسياحة والسفر لعام 2021 والأولى في شمال أفريقيا، فحققت المركز 51 عالميًا بدلًا من 57 في المؤشر بأكمله من أصل 117 دولة وفقًا لبيانات المنتدى الاقتصادي العالمي والذي يقيس مجموعة العوامل والسياسات التي تمكن القطاع السياحي من تطبيق سياسات التنمية المستدامة.
– البنية التحتية: زيادة عدد المطارات والطاقة الاستيعابية والبنية التحتية للمقاصد السياحية، وفتح أماكن ترفيهية كالمتاحف وتطوير المناطق الأثرية وربط المقاصد وإنشاء شركات طيران وطنية ومنخفضة التكاليف لزيادة معدلات النمو.
– الصورة الذهنية للمقصد السياحي: بداية إطلاق الحملات الترويجية في الموسم الشتوي الحالي، والمشاركة في المعارض الدولية وتنفيذ الأحداث العالمية بالمقاصد المصرية لإعطاء صورة جيدة عن المقصد المصري مثل موكب المومياوات الملكية وطريق الكباش وحفلتي Dior and Stefan Ricci بمعبد الأقصر، وجذب فئات جديدة ومصادر دخل جديدة جاذبة للاستثمارات.
سياسات تعظيم الاستثمار الأجنبي في القطاع
1. إتاحة البيانات: إتاحة البيانات المتعلقة بالقطاع السياحي على الموقع الإلكتروني للوزارة تنفيذًا لمبادئ الحوكمة مما سيعزز من الصورة الذهنية الجيدة للمقصد المصري وقدرته على التعافي وخطته المستقبلية في رؤية مصر للتنمية المستدامة متوسطة وطويلة الأجل، مع فتح نافذة استثمارية نوعية للاستثمار السياحي بها الدليل الارشادي للمشروعات ودراسات الجدوى بها، مع إمكانية فتح شركات لتسويق الفرص الاستثمارية وامتلاك قواعد البيانات التسويقية.
هذا علاوة على وضوح القرارات المتعلقة بقانون الاستثمار خاصة فيما يتعلق بالقطاعات أ، ب التي تم ذكرها بالأعلى، مع توضيحها في قرارات الوزير المختص بشكل منفصل، بجانب الإعلان عن المنصات الاستثمارية التي تم إطلاقها والتسويق لها، والإعلان عن قرارات اللجنة العليا للمنشآت الفندقية والتي تعمل على خلق منصة موحدة للمستثمرين، وتنفيذ لجان متنوعة في كافة المجالات مسئولة عن تقديم تلك التسهيلات للمستثمرين.
2. تقديم حزم تحفيزية وضمانات تمويلية:
– مواجهة تذبذب سعر الصرف: بالرغم من تأثير تذبذب سعر العملة على كافة القطاعات، فإنه قد يكون في صالح قطاع السياحة نتيجة انخفاض سعر البرامج ولكنه سيؤثر على الأصول الثابتة المتعلقة بوسائل الانتقالات وسعر الاستيراد والتعريفة الجمركية التي يحتاج إلى تحديد سعر عادل للصرف، بجانب تأثير التضخم العالمي على القدرة الشرائية للسائح نفسه، وهو ما يحتاج إلى تقديم خطة حكومية بالسياسات المالية المتوقعة لقياس المخاطر. أو العودة لنظرية التسعينات المتعلقة بتطبيق “سعر الصرف الآجل” والتي يحددها التفاوض المتفق عليه المصرف والمستثمر عند إبرام عقد آجل بالموافقة على سعر الشراء أو البيع مبلغ من العملة الأجنبية في المستقبل، وتطبق في الأسواق الأوروبية، مع ضرورة تحديدها من قبل البنك المركزي المصري.
– تعزيز سبل تمويل الصندوق الفرعي لصندوق مصر السيادي الخاص بالاستثمار السياحي: من خلال المساهمة في شركات تسويق ودراسات جدوى لقطاع السياحة تقدم الاستشارات المدفوعة للراغبين العمل في القطاع، مع تقديم الخدمات التمويلية للمشروعات على الخريطة السياحية، كما يجب اتباع نهج مستدام للحفاظ على رأس مال الصندوق وإعادة ضخ عوائده في القطاع لتعزيز آثاره الاقتصادية، من خلال توفير خيارات تمويلية واستشارية وتقليل المخاطر وتعزيز الاستثمار، وتقديم القروض كضامن للدولة أمام المستثمر الأجنبي، كما يجب الا تتخطى إلتزامات الصندوق قيمة رأس المال.
– توفیر السیولة اللازمة للشركات والمؤسسات المالیة غیر المصرفیة، فعلى سبيل المثال قدمت الھند حزمة إجراءات بقیمة ٢٠ تریلیون روبیة (٢٦٦ ملیار دولار)، لهذا الأمر بحسب التقرير السنوي للبنك المركزي.
– الشراكة مع الوكالات الدولية: التي تقدم ضمانات ائتمانية مقابل عمولة، فعلى سبيل المثال تعمل “الوكالة الدولية لضمان الاستثمار (MIGA)” وهي عضو في مجموعة البنك الدولي، على تعزيز الاستثمارالعابر للحدود في البلدان النامية من خلال توفير الضمانات (التأمين ضد المخاطر السياسية وتعزيز الائتمان) للمستثمرين والمقرضين، وتعمل على زيادة نسبة الضمانات لدعم مشروعات تمويل المناخ، واستثمرت مؤسسة التمويل الدولية IFC نحو 723 مليون دولار في الدولة للمساعدة في استعادة ثقة المستثمرين، وخلق فرص العمل، كما أنها تقدم خدمات استشارية لتعزيز اللوائح التجارية، وزيادة فرص الوصول إلى التمويل، ودعم تطوير الشركات الصغيرة، والمساعدة في إنشاء شراكات بين القطاعين العام والخاص في البنية التحتية.
3. تنوع الفرص الاستثمارية في القطاع:
– تحديث الخريطة الاستثمارية السياحية: وذلك وفقًا لمحددات منظمة السياحة العالمية، التي قسمت أفضل عدة قطاعات فرعية تجذب الاستثمار الأجنبي في العالم خلال الفترة من (2019 – 2021) إلى:
- كافة الخدمات التأجيرية المقدمة للسائحين في سلاسل القيمة.
- خدمات النشر والبث عبر الإنترنت وبحث الويب.
- السياحة الترفيهية وما يتعلق بها من تقديم فنون مسرحية ورياضات وما يتصل بها.
- خدمات ترتيب السفر والحجز.
- بناء مدن الملاهي والترفيه.
- خدمات البرمجيات وتكنولوجيا المعلومات.
- ناشرو البرامج باستثناء ألعاب الفيديو
- الدعاية والعلاقات العامة وما يتصل بها
- صناعات القمار.
وجاء أكبر المستثمرين في القطاع من شركات “ماريوت الدولية: كأكبر مستثمر أجنبي في قطاع السياحة بواقع 97 مشروعًا، ومجموعة فنادق حياة إنترناشيونال وترافيل + ليجر كو leisure co، والمجموعة الفندقية سيلينا وماينور إنترناشونال، وأكور، والمجموعة الفندقية انتركونتنينتال و Barceló وميليا الفندقية الدولية، ومجموعة توي TUI Group.
– التوسع في الاستثمار في مبادرات مدن خالية من الأكياس البلاستيكية (القرض الأزرق): حيث تقدم مؤسسة التمويل الدولية IFC أحد أعضاء مجموعة البنك الدولي قرضًا أزرق بقيمة 300 مليون دولار بالتعاون مع بنك التنمية الأسيوي والوكالة الألمانية للاستثمار والتنمية، إلى شركة اندوراما فينشرز العامة المحدودة، الرائدة في صناعة الراتنج البولي ايثلين تيريفثاليت وإعادة تدويره والذي سيعمل على خفض البصمة الكربونية باستثماراته في الهند والبرازيل واندونيسيا والفلبين وتايلاند لإبعاد النفايات عن البيئة البحرية وإنتاج ما يقرب من 50 مليار زجاجة معادة تدويرها. باعتبار أن 80% من النفايات البلاستيكية تأتي من آسيا. وهذه النوعية من الاستثمارات يمكن جذبها لحماية البحرين الأحمر والمتوسط مع تعزيز الدخل الاستثماري للدولة وتشجيع المساهمات المحلية في العملية البيئية، وبالتالي الحفاظ على البحرين باعتبارهما من أهم المصادر الطبيعية للسياحة.
– التقنيات الذكية والتحول الأخضر: بالرغم من سيطرة قطاع الفنادق السياحية على سوق الاستثمار الأجنبي العالمي بنسبة 59% من المشروعات، فإن هناك قطاعات ناشئة ظهرت في مجال تكنولوجيا السفر بدايةً من الحجز والبرمجيات وتحليل البيانات ومواقع البحث بنسبة 21% من قيمة المشروعات للفترة من (2019 – 2021). علاوة على أن الاتجاهات الاستثمارية تحولت إلى برامج الاستدامة من خلال التوسع في استخدام الطاقة الخضراء والنظيفة لعملياتها. والاهتمام بالبصمة الاجتماعية والبيئية للمشاريع التي يقومون بتقييمها في مجال السياحة.
لذا يتعين التوسع في المشروعات الابتكارية والتكنولوجية والشمول المالي، بتقديم ضمانات وارشادات للمشروعات الصغيرة والمتوسطة والناشئة بالتعاون مع المؤسسات الدولية وخاصةً في مجالات حماية البيئة والتقنية الذكية مثل مجموعة “ACP” الدولية، أو التعاون مع شركات Travel Tech الناشئة التي تقدم ابتكارات في النظام البيئي السياحي، وهي تعمل باستمرار على تغيير نماذج الأعمال لجذب المزيد من المستثمرين أو مقارنة أفضل 100 مشروع حددتهم منظمة السياحة العالمية، والتي بدورها أطلقت برامج تجريبية للتمويل الاخضر بدء عام 2021 بالتعاون مع المؤسسات الدولية البرنامج عبارة عن حد ائتماني متوسط الأجل، والذي أُطلقت مرحلته التجريبية في بلدان “الهند وإندونيسيا وجامايكا والفلبين وجنوب إفريقيا وتايلاند وفيتنام”، فيجب العمل على أن تكون مصر ضمن مراحل التوسع في المرحلة المقبلة.
يُعد الطرح السابق بمثابة دليل استرشادي يمكننا العمل على تطويره؛ لبحث المزيد من الفرص الاستثمارية، وتقديم مزيد من الضمانات في ظل السياسات القائمة بالفعل، والتي تعمل على تشجيع مناخ الاستثمار ولكنها تحتاج إلى التنوع في الفرص المتاحة، وكذلك التحول للصناعة المستدامة والترفيه والتسوق والتقنيات الذكية، والتسويق لها عبر دعوة تلك الكيانات في الأحداث المهمة التي ستنظمها مصر بدايةً من المؤتمر الاقتصادي والذي يجب أن يخرج بضمانات توضح حقيقة استقرار الاقتصاد الكلي والترويج لها وعرض نتائجه على المستثمرين الدوليين والاستماع لمتطلبات القطاع، والعمل على تطوير الخدمات المقدمة للسائح لزيادة معدلات نمو الحركة السياحية. بجانب ضرورة تركيز مؤتمر المناخ COP27 على المشروعات الخضراء والاقتصاد الأزرق والاستدامة في مجال السياحة وما تم تطبيقه والخطة التي نسعى لتحقيقها؛ لضمان استمرار تدفق العائد الدولاري من المشروعات القائمة وعدم تحولها إلى البلد الأم للمستثمر الأجنبي.
باحثة بالمرصد المصري