
موقع أمريكي: الأمريكيون سئموا “الحروب الأبدية” في الشرق الأوسط، واتجاهات لسياسات طويلة الأجل في المنطقة
على الرغم من الاتجاه السائد في الولايات المتحدة والذي يوصف بافتقاد الشهية لحرب جديدة في الشرق الأوسط إلا أن الولايات المتحدة لا تستطيع ” تجاهل” المنطقة لفترة طويلة وذلك حسب تحليل نشره الموقع الأمريكي”Defense “One، .
الأمريكيون خائفون من حرب عالمية ثالثة
وذكر الموقع الأمريكي أنه بعد الضربة التي وجهتها أمريكا لإيران بتنفيذها لعملية اغتيال قاسم سليماني شعر الأمريكيون أن واشنطن قاب قوسين أو أدنى من خوض حرب مع طهران. حتى أنه انتشر في ذلك الوقت الكثير من المحتويات على مواقع التواصل الاجتماعي التي تتنبأ بحرب عالمية ثالثة. وهو الوقت الذي شهد أيضًا ظهور موجة متنامية تسمى ” الخوف من الحرب” وهي الموجة التي رفضت انخراط الولايات المتحدة في حرب جديدة في الشرق الأوسط، كما رأت أن حربًا أخرى ستمثل إضرارً بمصالح الولايات المتحدة.


و في تحليله ذهب الموقع الأمريكي إلى أبعد من ذلك حينما أشارت إلى أن عدم وجود سياسة مستدامة لأمريكا في الشرق الأوسط سيقوض تدريجيًا مكانتها لصالح قوى أخرى مثل روسيا الاتحادية والصين. وحسب الصحيفة فإن الحافز لالتزام الولايات المتحدة بسياسة طويلة الأمد تجاه الشرق الأوسط يبدو ملائمًا ومجديًا، حتى أن الرئيس ترامب يظهر وقد تعلق بتلك الفكرة. وهو ما انعكس في تغريدة نشرها العام الماضي حول سحب بعض القوات الأمريكية من سوريا. وهي المحاولة التي فهم منها أن الضامن لعدم وجود حرب أمريكية أبدية في الشرق الأوسط ليس الانسحاب الكامل للقوات الأمريكية من هناك.
وأوضح الموقع الأمريكي أنه ليس أدل على ذلك من أن محاولات التجاهل أو الإهمال التام السابقة أدت إلى مزيد من التورط في الشرق الأوسط. وفي حربها مع إيران قامت واشنطن بنشر 20 ألف جندي إضافيًا في الشرق الأوسط تعويضًا عن الفترة التي تغافلت فيها عن هذا الجانب.
إذًا على الولايات المتحدة أن ترسم لنفسها سياسة شرق أوسطية تتسم بنوع من الثبات بدلًا من سياساتها المتغيرة والمتضاربة خلال العقدين الأخيرين، وعلى الرغم من أن واشنطن كانت رائدة في حفظ الأمن إقليميًا إلا أن التراجع الذي شهده دورها في الشرق الأوسط أدى لانعدام الرغبة الشعبية في أن تستمر أمريكا في لعب هذا الدور.
ويقول الموقع إنه على الرغم من أن عامة الشعب الأمريكي تدرك أن للولايات المتحدة مصالح في الشرق الأوسط من ضمنها مكافحة الإرهاب ومنع انتشار الأسلحة النووية إلا أنهم يرون في نفس الوقت أن تمثيلًا على مستوى أقل في الشرق الأوسط قد يفي بالغرض وهي وجهة النظر التي يتقاسمها أيضًا عادة من القادة السياسيين في أمريكا.
ضغوطات ما بعد 11 سبتمبر

اضاف الموقع أن التوابع التي خلفتها عملية اغتيال قائد فائق القدس التابع للحرس الثوريو الإيراني ” قاسم سليماني” كانت كثيرة ، ومن ضمنها الاستياء الشعبي الأمريكي من التورط الدائم في الشرق الأوسط، وحتى قبل مقتل سليماني والتنبؤ بحرب عالمية ثالثة أظهرت نتائج استطلاع الرأي مؤسسة ” بيو” للأبحاث في عام 2019 أن 62% من الأمريكيين يشعرون أن الحرب في العراق لم تكن تستحق هذا العناء، وانطبق نفس المنظور على حرب أفغانستان بنسبة 58%، وحسب استطلاعات أخرى فإن 6 من بين كل 10 أمريكيين يفضلون العمل الدبلوماسي على العمل العسكري ،إضافة إلى أن 68% يرون أن على أمريكا أن توجه أنظارها على الداخل حتى تكون قادرة على المنافسة.
ورأى الموقع إنه على الجانب الآخر فإن حتى وحدات الجيش الأمريكي قد سئمت من الحروب وهم بذلك يقفون على قدم المساواة مع الاتجاه الشعبي الأمريكي، حيث عانى المكون العسكري من الكثير من الضغوطات منذ سبتمبر 2001 وقد أدت هذه الأوضاع إلى تراجع عملية التجنيد في صفوف الجيش الأمريكي. وعلى الرغم من هذه المعطيات فإنه لا يجب إنكار وجوب حماية مصالح أمريكا في الشرق الأوسط ، وحسب الصحيفة فإن 72 % من الأمريكيين يعتقدون أن اتخاذ خطوات لمكافحة الإرهاب ينبغي أن يكون هدفًا رئيسيًا للسياسة الخارجية، و90% يرون أنه يجب حماية الداخل الأمريكي من الهجمات الإرهابية. وعلى جانب آخر وجد 66% أن الأولوية الأولى تكمن في منع انتشار أسلحة الدمار الشامل.
ويرى 34 % من الأمريكيين إن “اتخاذ تدابير للبحث عن المنظمات الإرهابية وتدميرها في بلدان أخرى” يمثل أولوية قصوى في السياسة الخارجية ، وبينما يجد 27% إن التدخل العسكري يسهم في حفظ الأمن في الولايات المتحدة. إلا أنهم يرون أن القضاء على الإرهاب بشكل كامل والحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل يتطلب نوعًا من المشاركة.
وعطفًا على ما تقدم ، فقد أظهر استطلاع للرأي أجراه “مجلس شيكاجو” عام 2019 ، أنه بينما يعتقد معظم الأمريكيين أن الغزو العسكري يجعل الولايات المتحدة أقل أمانًا فهم يجدون أن الحفاظ على التحالفات ونشر وحدات من الجيش الأمريكي في الدول الحليفة يسهم في حفظ سلام الداخل الأمريكي.
انسحاب تام أم وجود عسكري كثيف

العرض السابق أوضح وجود تضارب بين أولويات السياسة الخارجية للجمهور الأمريكي ووسائل تحقيقها ، الأمر الذي يشير إلى الحاجة إلى إعادة صياغة سياسات التواجد الأمريكي في الشرق الأوسط، بدلاً من التذبذب بين الانسحاب التام والتواجد العسكري الكثيف .
ويمكن تسوية هذا الأمر –وحسب ما تطرقت إليه الصحيفة- بالاعتماد على سياسة التواجد طويل الأجل في الشرق الأوسط بدلًا من ربط التواجد الأمريكي باشتعال حرب، وتعد مهمة مواجهة داعش في المنطقة نموذجًا الا على هذه السياسات من خلال تقليل المواجهات المباشرة للقوات خصوصًا وأن الجمهور الأمريكي لا يميل لتأييد التدخلات التي تعرض المجندين الأمريكيين لخطر مباشر. إلا أنهم من الأرجح أن يدعموا هذه المهمات إذا كانت ذات تكلفة قليلة، فالكلفة القليلة تجعلهم أقل رفضًا.
وحسب الصحيفة ، فإن واشنطن في حربها ضد داعش توظف عدد صغير نسبيًا من القوات، منها أعداد مهمتها تقديم المشورة والمساعدة ومرافقة القوات المحلية على الأرض، كما يوفر سلاح الجو بعض الظروف ” التمكينية” للقوات على الأرض في الوقت الذي تتم المساهمة فيه في بناء حكم محلي . وعليه فإن التواجد المستمر للقوات التي تقوم بتقديم المشورة يمكن أن يخفف العبء على الأفراد العسكريين.
وجود دائم وسياسات تنبؤية
كما يجب أن يتم تنفيذ استراتيجية الأمن القومي الأمريكية والتي تتضمن وجود تدريب منتظم وتقديم المشورة والمساعدة في الجهود المبذولة لمكافحة الشكوك المتزايدة بشأن مصداقية الولايات المتحدة والتزامها تجاه المنطقة. إضافة إلى اضطلاع كتائب المساعدة في قوات الأمن التابعة للجيش بمهمتها بحيث يتم تقليل الإيقاع التشغيلي للعمليات الخاصة والسماح لبقية الجيش بالتركيز على المصالح والمتطلبات الاستراتيجية الأخرى .ويفترض أن يسمح الوجود المستمر ” طويل الأجل” للولايات المتحدة ببناء علاقات دائمة مع الشركاء المحليين وبناء قدراتهم بمرور الوقت لتقليل الحاجة إلى وجود أمريكي في نهاية المطاف. ومع ذلك ، يجب على صناع السياسة في الولايات المتحدة ألا يقللوا من شأن هذا الجدول الزمني أو تقويضه.
باحث أول بالمرصد المصري



