
بغياب فلسطيني .. الإعلان عن خطة السلام الأمريكية ” دلالة التوقيت”
نشر معهد” واشنطن” لسياسات الشرق الأدنى، تقريرًا للكاتب ” ديفيد ماكوفسكي” حول الاجتماع الذي دار في البيت الأبيض بخصوص الإعلان عن خطة السلام الأمريكية والذي ضم كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي ” بنيامين نتنياهو” ومنافسه في الانتخابات” جانتس” زعيم حزب أزرق أبيض، بينما جنبت السلطة الفلسطينية من الدعوة كما هو متوقع.
الكنيست ينظر في حصانة نتنياهو
دارت التكهنات حول التوقيت الذي تم اختياره للإعلان عن الشق السياسي من الخطة، حيث لا يمكن تجاهل أن الاجتماع حدث في نفس اليوم الذي تقرر فيه بدء الكنيست الإسرائيلي النظر في منح ” نتنياهو” حصانة بخصوص تهم الفساد الموجهة إليه، وعلى خلفية التوقعات بأن يتم منح نتنياهو الحصانة فإن الشارع الإسرائيلي بدأ تقبل فكرة أنه إذا نجح الأخير في الجولة الثالثة غير المسبوقة من الانتخابات فستؤول إليه مهمة إدارة البلاد ولذلك فمن المرجح أن نتنياهو طلب عقد اجتماع البيت الأبيض في هذا التوقيت لصرف الأنظار عما يجري وراء أبواب الكنيست الإسرائيلي وهو المعروف بعلاقاته الحميمة مع واشنطن منذ مجيء ترامب إلى السلطة.
نتيناهو يستبق انتخابات مارس
يستبق نتنياهو الإعلان عن الشق السياسي لخطة السلام الأمريكية قبل الجولة الثالثة والأخيرة من الانتخابات في مارس لوعيه التام بأن الإعلان عن بنودها خلال إجراء الانتخابات سيكون له نتائج كارثية على القاعدة اليمينية من الناخبين التي ترفض تمامًا التنازل عن أي أراضي إضافية لإقامة دولة فلسطينية. وعلى الرغم من أن بنود خطة السلام قد لا تكون مرضية للفلسطينيين بشكل كامل إلا أنه من المرجح أنها ستمنحهم مع الوقت السيطرة على أراضي الضفة الغربية. أما الجانب الإسرائيلي فإنه ومع التحفظ على الخطة الأمريكية في بعض نواحيها إلا أن الحكومة الإسرائيلية لا زالت تجدها الأقرب إلى طموحاتها بين كل سابقاتها.
المراهنة على الرفض الفلسطيني
بالنظر إلى أنه من المنافي للمنطق أن تحيد السلطة الفلسطينية فجأة عن قرار اتخذته في العام الماضي بمقاطعة واشنطن بعد نقل سفارتها إلى القدس والاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة لإسرائيل والانخراط في مفاوضات الخطة، فإن السؤال الأبرز في هذا الاتجاه هو ما الداعي لاجتماع ” جانتس” و” نتنياهو” على حدة مع ترامب ، والتفسير لا يخرج عن سيناريوهين :
الأول: قد تكون واشنطن ساعية إلى خلق “رؤية” عامة أو مرجعية يتم التأسيس عليها فيما بعد، وإذا فاز ترامب في انتخابات 2020 ، فإن صانع القرار الأمريكي يرى أن الجانب الفلسطيني لن يمضي في مكابرته أكثر من ذلك.
الثاني: تراهن واشنطن ومن ورائها تل أبيب على رفض فلسطيني قاطع للخطة ببنودها ، وهو ما يقابله حرية تصرف إسرائيل في بعض الملفات مثل ضم غور الأردن والمثال الحاضر هو إن إسرائيل طبقت قوانينها الخاصة على هضبة الجولان السورية منذ عام 1981 ثم انخرطت في التسعينيات في مفاوضات مع حكومات متعاقبة.
وعلى هذا الأساس فإن الرفض الفلسطيني القاطع هو المحرك لأي تحرك إسرائيلي لضم الأراضي ، وهو ما لوح به ” محمود عباس” غير مرة عندما نبه بأنه من غير المجدي الرفض التام لأفكار ترامب ومبادراته. وعلى الجانب العربي والأوروبي تحركت واشنطن تحركات هادئة لإقناع بعض الأطراف العربية بالخطة وعلى الرغم من عدم تواجد رفض قاطع إلا أن نفس الدول قد ترفض الخطة إذا رأتها ترجح بشكل غير عادل كفة إسرائيل وقد هددت عمان على سبيل المثال بتعليق اتفاقية وادي عربة مع إسرائيل إذا ما قامت الأخيرة بضم غور الأردن.
وضع الضفة الغربية
بالنسبة لمستوطنات الضفة الغربية فحسب التوقعات سيتم منح السلطة الفلسطينية السيطرة على 80% من أراضي الضفة الغربية بينما تسيطر إسرائيل على الكتل الاستيطانية الرئيسية القريبة من الحاجز الأمني ، وإذا وضعت هذه الحقيقة إلى جانب الدعوة بإزالة المستوطنات غير القانونية فإنها تثير شهية الفلسطينيين لإقامة عاصمة لهم من خلال دمج بعض الأحياء الخارجية في القدس الشرقية وهم يعون أن إعلان دولة فلسطينية ستكون له شروط قاسية أهمها نزع سلاح المقاومة والقبول بيهودية الدولة.
أما جانتس زعيم حزب ” أزرق –أبيض” فيبدو أنه حضر الاجتماع مضطرًا حتى لا يظهر نتنياهو مسيطرًا على المشهد كما أنه خشي من أن يُنظر إليه على أنه يميل إلى يسار الإدارة الأمريكية اليمينية، لأن ذلك قد يؤدي إلى تقويض دعمه بين الناخبين الإسرائيليين المعتدلين من يمين الوسط الذين كان يسعى جاهداً إلى التقرب منهم.
باحث أول بالمرصد المصري



