
أبعاد الشراكة الاستراتيجية بين مصر والسعودية اقتصاديًا
تشير زيارة الرئيس السيسي اليوم إلى السعودية إلى حرص مصر الدائم على توطيد العلاقات السياسية والاقتصادية مع الدول العربية كافة، وترحيبها بالتعاون معها وزيادة قوة العلاقات مما يؤدي إلى الازدهار الاقتصادي بينها، والتصدي للتداعيات السياسية والاقتصادية الناتجة عن الحرب الروسية الأوكرانية. وفي هذا الإطار تعد الاستثمارات السعودية في مصر من أكبر الاستثمارات، وتتميز بالتنوع ما بين الأنشطة الصناعية والتجارية والزراعية، وتبث هذه الاستثمارات التفاؤل في مجتمع الأعمال حول الثقة في الاقتصاد المصري.
استثمارات بين البلدين
تبحث المملكة العربية السعودية دائمًا عن تعزيز استثماراتها في مصر لاستغلال الفرص الاستثمارية المتاحة بها، وكان بيان قد صدر عن المملكة أكد أن مصر تتمتع بإمكانات نمو هائلة في ظل تنفيـذ العديد من الإصلاحات الهيكلية التي ساهمت في تحفيز نمو القطاع الخاص ورفع تنافسيته. وبناء على ذلك، هناك تواصل مستمر بين الجهات المعنية في البلدين لتعزيز التنسيق، خاصةً فيما يتعلق بضخ استثمارات عديدة في السوق المصرية بالعملات الأجنبية، إضافةً إلى الودائع السعودية والتي تسهم في فتح قنوات تمويلية جديدة مع المنظمات الإقليمية والدولية بما في ذلك تسهيل إتمام اتفاق برنامج صندوق النقد الدولي.
وأكد الجانب المصري بأن الدولة قادرة على اتخاذ الازم من إجراءات من أجل تيسير زيادة الاستثمارات من المملكة العربية السعودية في الدولة، بالتالي فإن العلاقات بين الطرفين وطيدة. وهذا ما تؤكده أيضًا الأرقام بين البلدين؛ فالسعودية تحتل المرتبة الثانية في قائمة الدول المستثمرة في السوق المصرية باستثمارات تبلغ 6.1 مليارات دولار، وهذا يؤكد ويعكس مدة العلاقة التاريخية بين البلدين. وكذلك أودعت المملكة خمسة مليارات دولار لدى البنك المركزي المصري العام الماضي، بالإضافة إلى أن تقريرًا صدر عن الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية أشار إلى أن حجم المشروعات المصرية في السعودية ارتفع ليبلغ 1300 مشروع، باستثمارات 2.5 مليار دولار.
وكانت المملكة قد تعهدت العام الماضي بتقديم 15 مليار دولار لدعم مصر، منها 5 مليارات كوديعة في البنك المركزي المصري، و10 مليارات أخرى مخصصة للاستثمار في شراء حصص لشركات مدرجة في البورصة المصرية. وقد توزع حجم الاستثمارات السعودية المقدر ب6.1 مليارات دولار على 6017 مشروعًا في جميع أنحاء الجمهورية.
وفي خلال السنة المالية 2021/2022، بلغت قيمة الاستثمارات السعودية في مصر 491.60 مليون دولار مقابل من 325.30 مليون دولار، بزيادة سنوية قدرها 51.10٪. وبلغت تحويلات المصريين العاملين في المملكة العربية السعودية 11.20 مليار دولار في السنة المالية 2020/2021 مقابل 9.60 مليارات دولار في السنة المالية 2019/20٢٠، بزيادة 17٪، فيما نمت تحويلات المواطنين السعوديين العاملين في مصر بنسبة 4.90٪ على أساس سنوي إلى 18.50 مليون دولار في السنة المالية 2020/2021 من 17.60 مليون دولار. ذلك بالإضافة إلى شراء صندوق الاستثمارات العامة السعودي حصصًا مملوكة للدولة في أربع شركات مصرية مدرجة بالبورصة مقابل 1.3 مليار دولار.
وشهدت الفترة الماضية توقيع حوالي 14 اتفاقية استثمارية بين الجانبين المصري والسعودي بقيمة 7.7 مليارات دولار في قطاعات: البنية التحتية، والخدمات اللوجستية، وإدارة الموانئ، والصناعات الغذائية، وصناعة الأدوية، والطاقة التقليدية، والطاقة المُتجددة، ومنظومة الدفع الإلكتروني، والحلول التقنية المالية والمعلوماتية، بحسب هيئة الاستثمار. ووقعت “الشركة الوطنية للنقل البحري” السعودية مذكرة تفاهم غير مُلزمة مع هيئة قناة السويس، لتأسيس شركة مساهمة مصرية مشتركة للنقل البحري، ووضحت الشركة أنها ستختص في امتلاك وتأجير واستئجار وتشغيل السفن لغرض نقل البضائع العامة والسائبة والكيماويات والنفط وجميع العمليات المرتبطة بالنقل البحري.
ووقعت شركة أبحاث وتطوير الأعمال التجارية (T2) اتفاقًا استثماريًا مع شركة فوري لتكنولوجيا البنوك والمدفوعات الإلكترونية، ووقعت شركة الفنار العالمية للتطوير اتفاقيتين الأولى مع الهيئة العربية للتصنيع، ووقعت شركة خوارزمي فنتشرز وشركة خزنة اتفاقية استثمارية، والاتفاقية الثانية مع مجموعة بنية في مجال تقنية المعلومات، ووقعت شركة أكواباور اتفاقية لتوليد ونقل الكهرباء من طاقة الرياح مع شركة الكهرباء القابضة لكهرباء مصر، ووقعت مجموعة عجلان وإخوانه القابضة عدة اتفاقيات، ووقعت شركة أقوات للصناعات الغذائية وشركة حلواني مصر مذكرة تفاهم من أجل منح الشركة المصرية حقوق تصنيع منتجات أقوات/ البيك في مصر.
وكذا تم توقيع اتفاقية البرنامج التنفيذي للتعاون في المجال الإعلامي بين وزير الإعلام السعودي ورئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، وأعلنت شركة جمجوم فارما عن تدشين مصنع جمجوم فارما بمصر. ولم يقتصر الدعم السعودي على إبقاء الودائع في البنك المركزي المصري، بل جرى ضخ استثمارات كبيرة من القطاعين الحكومي والخاص السعودي في السوق المصرية، مع استمرار الرغبة في المزيد من الاستثمارات في القطاعات المختلفة.
التعاون التجاري المصري السعودي
تعد السعودية أكبر شريك تجاري لمصر في الشرق الأوسط، حيث تحتل المملكة مرتبة متقدمة في قائمة الدول التي تتمتع بعلاقات اقتصادية قوية مع مصر، فضلًا عن أن هناك نموًا مستمرًا للعلاقات التجارية بين البلدين والتي انعكست في احتلال السعودية المرتبة الثانية كأكبر سوق مستقبلة للصادرات المصرية السلعية خلال عام 2021 بإجمالي مليار و994 مليون دولار، فيما احتلت مصر المرتبة السابعة كأكبر سوق مستقبلة للصادرات السعودية السلعية في نفس العام بإجمالي مليارين و478 مليون دولار.
وبلغت قيمة التبادل التجاري بين مصر والسعودية 9.50 مليار دولار خلال الأحد عشر شهرًا الأولى من عام 2022 ، بزيادة سنوية قدرها 19.10٪ من 7.90 مليار دولار، كما ارتفع حجم التبادل التجاري بين مصر والسعودية بنسبة 50,5% خلال الربع الأول من عام 2022 ليصل إلى 2,573 مليار دولار مقابل 1,709 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2021، كما وضحت البيانات إلى أن التجارة بين البلدين حققت ارتفاعاً بنسبة 60% خلال شهر مارس من عام ٢٠٢٢ لتبلغ 995,119 مليون دولار في مقابل 622,072 مليون دولار خلال نفس الشهر من عام 2021، وشهدت بعض النسب الهامة التي تشير علي مدي العلاقة الوطيدة بين البلدين و من أهمها:
بلغت الصادرات المصرية إلى المملكة العربية السعودية 2.39 مليار دولار أمريكي خلال عام 2022.
ارتفعت واردات السعودية نسبة 23.20٪ على أساس سنوي إلى 7.30 مليار دولار في 11 شهرًا من عام ٢٠٢٢ مقابل 5.90 مليار دولار من نفس الفترة من العام الأسبق.
تلقى السوق السعودية 8,1% من الواردات المصرية خلال أول 3 أشهر من عام 2022، بقيمة 1,96 مليار دولار في مقابل 1,23 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2021 بنمو قدره 59,4٪.
وفي المقابل، ارتفعت قيمة واردات مصر من اللدائن ومصنوعاتها من السعودية بنسبة 51,3% لتبلغ 458,021 مليون دولار في مقابل 302,706 مليون دولار.
بلغت المنتجات الكيماوية العضوية نسبة 25,1% لتسجل 63,641 مليون دولار في مقابل 50,881 مليون دولار.
وبلغ الألومنيوم ومصنوعاته نسبة 10,6% لتحقق 34,565 مليون دولار في مقابل 31,261 مليون دولار.
كما تجاوز حجم التبادل التجاري في السلع غير البترولية بين مصر والسعودية 4.4 مليار دولار في عام 2020.
استحوذت المملكة على 4,4% من صادرات مصر خلال الفترة من يناير إلى مارس 2022 بقيمة 612,559 مليون دولار في مقابل 479,451 مليون دولار خلال نفس الفترة من عام 2021 بنمو قدره 27,8٪.
يمثل البلدان صمام الأمان للمنطقة، وتعكس البيانات التي ذكرت مسبقاً حجم التبادل والتعاون بين البلدين والعلاقات الاقتصادية والتاريخية الممتدة عبر التاريخ والتي لن ينجح أحد في النيل منها، بالإضافة إلى ان التعاون الكبير يزيد من توافق الرؤى بين قيادتي البلدين، والجهود العظيمة التي تبذلها الحكومتان المصرية والسعودية لدعم التعاون المشتركة في مختلف المجالات وعلى كافة المستويات.
باحث ببرنامج السياسات العامة