الاقتصاد المصري

جولة جديدة من المباحثات المصرية القطرية لحل الملفات العالقة

شهدت العلاقات المصرية القطرية حالة من الزخم الكبير منذ عام 2022، والتي شهدت عددًا من الزيارات الدبلوماسية الرسمية بين رؤساء البلدين وتخللها توقيع العديد من مذكرات التفاهم الاستثمارية بين الصندوق السيادي المصري وجهاز قطر للاستثمار، بالإضافة إلى عدد من مذكرات التفاهم المختلفة في مجال الشؤون الاجتماعية والتضامن الاجتماعي والتعاون في مجال الموانئ وغيرها من المجالات الأخرى، في تقدير أولي لاحتمالية ضخ استثمارات قطرية بمصر بحوالي 5 مليارات دولار أمريكي من خلال تنفيذ تعهدات قطرية للاستحواذ على حصص غير حاكمة في الشركات المصرية المملوكة للدولة بنسب تتراوح بين 10 – 20 %.

جاءت زيارة رئيس مجلس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي إلى قطر على رأس وفد رفيع المستوى من القائمين على السياسات الاقتصادية المصرية، وضم الوفد وزراء المالية والتخطيط والصحة والتجارة والصناعة ورئيس هيئة قناة السويس ورئيس الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، والتقى رئيس الوزراء المصري بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لبحث سبل التعاون بين البلدين في جميع المجالات، وكذلك أجرى الوفد المصري اجتماعات مع ممثلي رابطة رجال الأعمال القطريين وغرفة التجارة والصناعة القطرية، بهدف التشاور حول آليات تنفيذ مذكرات التفاهم التي سبق الإعلان عنها.

وعلى الرغم من عدم خروج أي بيانات صحفية عن الزيارة الحالية إلى قطر، إلا إنه تم الإعلان عن الاتفاقية الأولى من نوعها بين مصر وقطر لمنع الازدواج الضريبي، والتي تستهدف إزالة الازدواج الضريبي ومنع التهرب أو التجنب الضريبي، والتي تغطي عددًا من الجوانب الضريبية مثل ضريبة الأرباح الرأسمالية وأرباح الأسهم والفوائد وضرائب الدخل وأرباح الشركات وتوزيعات الأرباح، وهي التي تمثل الخطوة الأساسية لتسهيل المزيد من الاستثمارات القطرية بمصر، والتي ينظر لها من جانب الطرفين (المصري والقطري) على أنها خطوة ستساعد في إحداث تأثير “ملموس” في تعزيز وتشجيع الاستثمارات القطرية بمصر، خاصة بعد أن أعلنت الحكومة المصرية عن خطتها لطرح حصص في 32 شركة من الشركات المملوكة للحكومة والقطاع العام في الفترة الماضية، وهو ما يعني إمكانية الربط بين زيارة رئيس الوزراء المصري وكبار القائمين على الملف الاقتصادي بالدولة، وبين تأمين استثمارات رئيسة عبر بيع حصص في الطروحات ما قبل الأولية إلى المستثمر الاستراتيجي، أو من خلال التأكيد على مشاركة قطر في الطروحات الخاصة بتلك الشركات بالبورصة المصرية.

أما عن الصفقات القطرية بمصر والتي كان قد سبق الإعلان عنها، فلا يوجد تقريبًا ما يستجد بشأنها، إذ إن الزيارة الحالية لرئيس مجلس الوزراء إلى قطر، تأتي في ظل عدم التوصل بشكل نهائي حول عدد من النقاط التشاورية بشأن تفاصيل استثمار الدوحة في صفقتين رئيسيتين وهما، حصة شركة فودافون مصر المملوكة حاليًا لشركة المصرية للاتصالات والحصص في شركتي بورسعيد ودمياط لتداول الحاويات. 

وجدير بالذكر أنه سبق أن أبدى جهاز قطر للاستثمار اهتمامه بالاستثمار في قطاعات عديدة بالاقتصاد المصري منها الموانئ، والأسمدة والمنتجات الغذائية، والزراعية والتعدين وشركات التكنولوجيا المالية والبنوك، هذا فضلًا عن اهتمامها بالتفاوض حول الحصول على حصة في إحدى شركات المقاولات المصرية غير مطروحة بسوق الأوراق المالية المصري، بالإضافة إلى إبداء أبدت قطر رغبتها في الحصول على حصص في البنك العربي الأفريقي، وحصة في شركة مصر لتكنولوجيا التجارة، وشركة مصر للإسكان والتعمير بالتنافس مع مستثمر آخر إماراتي، وتنظر في الاستحواذ على شركة مصر للتعدين، وشركة الحفر للبترول وسيناء للمنجنيز، بالإضافة إلى اهتمامها بشركة بورسعيد لتداول الحاويات والبضائع، وشركة دمياط لتداول الحاويات والبضائع، وشركة الصالحية للاستثمار والتنمية ومحطات توليد الرياح بالزعفرانة ومحطة بني سويف لتوليد الكهرباء، ومن المتوقع أن تصل إجمالي تلك الصفقات لحوالي 15 مليار دولار أمريكي يتم ضخها خلال فترة تتراوح بين 3 – 5 سنوات.

مجمل القول، تأتي كل هذه الاهتمامات القطرية بمصر بمثابة دليل دامغ على ثقة المستثمرين بقدرة الاقتصاد المصري على النمو، وقدرة الشركات العاملة في مصر على التوسع في تقديم خدماتها للمصريين والأجانب وخلق قيمه مضافة لمالكيها، والتوسع في عملياتها لتغطي مصر والمنطقة، لكن لا تزال هناك العديد من النقاط الرئيسة التي تحتاج إلى الاتفاق عليها قبل الإعلان عن التوصل لأي اتفاقيات نهائية حول تلك الصفقات، خاصة وأن المستثمرين في الوقت الحالي أصبح نصب أعينهم على كيفية خلق القيم المضافة على الأموال وتعظيم مقدرات شعوبهم.

+ posts

باحث ببرنامج السياسات العامة

أحمد بيومي

باحث ببرنامج السياسات العامة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى