
لأول مرة منذ عقد…ماذا يعني الاجتماع مع المستثمرين الأتراك للاقتصاد المصري؟
عقد رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي يوم 15 فبراير 2023 اجتماعًا مع وفد من ممثلي شركات تركية تعمل في مصر أو ترغب في بدء استثمارات جديدة في السوق المصرية خلال المرحلة المقبلة، في أول لقاء من نوعه منذ 10 أعوام. وتعمل الشركات التركية التي قابلها رئيس الوزراء في مجالات تتضمن: تطوير المناطق الصناعية، والغزل والنسيج، والملابس الجاهزة، والملابس الرياضية، والمستحضرات الطبية، والأجهزة الكهربائية.
ووجّه “مدبولي” عقب الاجتماع الأجهزة الحكومية المعنية بسرعة توفير مجموعة من الأراضي الصناعية التي طلبها مستثمرون أتراك من أجل حثهم على ضخ المزيد من الاستثمارات التركية الجديدة في السوق المصرية، والتوسع في الاستثمارات القائمة بالفعل. وانطلاقًا من ذلك، يحاول التقرير الآتي استعراض الجانب الاقتصادي والاستثماري من العلاقات المصرية- التركية.
العلاقات التجارية بين مصر وتركيا
لم تتأثر العلاقات الاقتصادية والتجارية بين القاهرة وأنقرة بتوتر العلاقات السياسية بين البلدين الذي نشب عام 2013 في ظل حرص الطرفين على الاستمرار في تعزيز العلاقات الاقتصادية. وقد أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر ارتفاع حجم التبادل التجاري بين مصر ودول مجموعة العشرين بواقع 20.9% على أساس سنوي في الشهور الثمانية الأولى من عام 2022، وجاءت تركيا على رأس قائمة دول مجموعة العشرين الأكثر استيرادًا من مصر خلال تلك الفترة، إذ بلغت قيمة صادرات مصر لها 2.6 مليار دولار.
وخلال أكتوبر وحده، بلغت الواردات المصرية من تركيا نحو 308.417 ملايين دولار، فيما سجلت الصادرات المصرية إليها حوالي 323.376 مليون دولار. ومن أهم السلع المصدرة لتركيا: الأسمدة والمواد الكيمائية، والوقود والزيوت المعدنية ومنتجات تقطيرها، واللدائن ومصنوعاتها، والمنتجات الكيماوية غير العضوية، والآلات والأجهزة الكهربائية، فضلًا عن الشعيرات التركيبية أو الاصطناعية.
أهم الشركات التركية العاملة بمصر
يسعى ممثلو الشركات التركية إلى التوسع في حجم أعمالهم في مصر، والذي يقترب إجماليه من 500 مليون دولار كاستثمارات جديدة، مؤكدين على جاذبية سوق الاستثمار في مصر، وفيما يلي قائمة بأهم الشركات العاملة بالسوق المصرية:
● شركة “بولاريس بارك” المتخصصة في تطوير المناطق الصناعية، والتي تمتلك محفظة استثمارية تتكون من 6 مشاريع عملاقة ونجحت في جذب استثمارات بقيمة 20 مليار جنيه، ويبلغ عدد العاملين بها 100 ألف موظف، وأنجزت مشروعين ضخمين في المنطقة الصناعية في 6 أكتوبر ومشروع آخر في مدينة السادات.
● شركة “ديكتاش” لصناعة الخيوط والغزل، التي توجد في المنطقة الحرة الخاصة في مدينة السادات، بحجم استثمارات 45 مليون دولار، ويعمل بها 1600 عامل.
● شركة “ياشيم ساتيش – تركيا” المالكة لشركة ” جايدا مصر للمنسوجات” التي يوجد لها 4 مصانع في كل من: الاسكندرية، والقاهرة، والاسماعيلية، وتبلغ استثمارات الشركة نحو 60 مليون دولار، وتوظف 6000 مصري، ولديها خطط بتشييد مصنعيها الخامس والسادس في مصر باستثمارات تبلغ قيمتها حوالي 100 مليون دولار.
● شركة “هيات القابضة”، وهي المالكة لشركة “هيات مصر” لمنتجات العناية الشخصية، وتمتلك 3 مصانع في مصر بحجم استثمارات 176 مليون دولار، وتوظف أكثر من 1200 مصري.
● شركة “سي آر إس دينيم للملابس” والتي توجد في المنطقة الحرة الخاصة في بورسعيد، من خلال استثمارات بقيمة 15 مليون دولار، وتصدر للسوق التركية، وتوظف 1850 مصري.
● شركة “كي سي جي تيكستايل” التي توجد في المنطقة الحرة في العاشر من رمضان، وتصدر منتجاتها إلى أسواق الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والإمارات العربية المتحدة وروسيا وتركيا، وتوظف 1200 عامل.
● شركة “تايبة تيكستايل” لصناعة الملابس، التي تملك شركة ” تي إم سي للملابس” التي تقع في المنطقة الصناعية بمدينة العبور بحجم استثمارات بلغ 8 ملايين دولار.
● شركة “بيكو ايجيبت” للأجهزة المنزلية، المملوكة لمجموعة “كوك تركيا القابضة”، والتي تنفذ استثمارات في مصر من اجل إقامة مركز إقليمي لتصنيع الأجهزة المنزلية باستثمارات تبلغ 100 مليون دولار، وتستهدف تصدير 60% من انتاجها الى أوروبا والشرق الاوسط وأفريقيا تحت شعار صنع في مصر، وتستهدف 250 مليون دولار صادرات سنويا، وتوظف 2000 عامل.
● شركة ” دوتكس تيكستايل تركيا” المالكة لشركة “جي ان تي تيكستايل” القائمة في المنطقة الحرة في بورسعيد، باستثمارات نحو 2.5 مليون دولار، وتوظف 90 مصريًا.
● شركة “طه جروب” – الفان تيكستايل ” Lcwikiki التي تمتلك 3 مصانع في الإسكندرية، والقاهرة، برأس مال مدفوع يزيد على 80 مليون دولار.
● شركة ” ايغاجلو القابضة ” المالكة لشركة ايغاجلو مصر لصناعة الملابس الجاهزة، والتي تمتلك استثمارات بقيمة 75 مليون دولار، تقع في الاسماعيلية، وتوظف 3500 مصري، وتصدر للولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الاوروبي ودول الشرق الأقصى، وتمتلك الشركة استثمارات أخرى بقيمة 75 مليون دولار في المنطقة الحرة بدمياط.
استنتاجات ختامية
● من الممكن أن تستفيد تركيا من ضخ الاستثمارات في مصر التي تعد بوابة رئيسة للنفاذ إلى السوقين الأفريقية والأوروبية؛ وذلك بفضل الاتفاقيات التجارية التي ترتبط بها مصر مع هذه الأسواق، وخاصة في ظل الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها تركيا، كارتفاع التضخم وتراجع قيمة عملتها.
● جاء الاجتماع مع المستثمرين الأتراك بعد عدة شهور من مصافحة الرئيسين عبد الفتاح السيسي ورجب طيب أردوغان، وما تلاها من قمة ثلاثية جمعت قادة مصر وتركيا وقطر يوم 20 نوفمبر 2022 على هامش افتتاح مونديال قطر 2022.
● جاء الاجتماع في الوقت الذي يسعى فيه الاقتصاد المصري إلى جذب المزيد من الاستثمارات العربية والأجنبية المباشرة، فضلًا عن دخول رؤوس أموال أجنبية للسوق المحلية؛ من أجل توفير المزيد من فرص العمل، وزيادة حجم الاحتياطي النقدي الذي يواجه العديد من التحديات مؤخرًا كارتفاع فاتورة الواردات وتراجع الإيرادات السياحة، مما قد يعزز في نهاية الأمر من قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي.
● من المُرجح أن يُعزز اللقاء من مستوى التعاون الثنائي بين الدولتين مع تنمية العلاقات الاقتصادية، وتحفيز الاستثمارات المشتركة، فضلًا عن تبادل الخبرات في مختلف المجالات مما سيعود بالنفع على الدولتين لا سيما في ظل التحديات الاقتصادية العالمية الراهنة والتي يأتي على رأسها تداعيات جائحة كورونا والحرب الروسية-الأوكرانية.
باحثة ببرنامج السياسات العامة