
قطاعات متنوعة.. الفرص الاستثمارية الآنية في مصر
شهد المناخ الاستثماري في مصر خلال السنوات القليلة الماضية، العديد من الإصلاحات التشريعية والمؤسسية بهدف تيسير وتبسيط الإجراءات على المستثمرين، مما ساهم في تحقيق نتائج إيجابية على صعيد الاستثمارات المحلية والأجنبية، حيث جاء قانون الاستثمار رقم 72 لسنه 2017 لتحقيق المزيد من الثقة في مناخ الاستثمار المصري، انطلاقًا من إتاحة إمكانية زيادة الضمانات الممنوحة للمستثمرين، وتنويع الحوافز الضريبية والجمركية الممنوحة للقطاعات الاقتصادية المستهدفة والمناطق الجغرافية الأكثر احتياجا للتنمية.
وانطلاقًا من المناطق الأكثر احتياجًا، أطلقت وزارة الاستثمار والتعاون الدولي “خريطة مصر الاستثمارية”، التي تم تدشينها خلال زيارة الرئيس “عبد الفتاح السيسي” لمركز خدمات المستثمرين في فبراير 2018، بحيث تضم نحو 1000 فرصة استثمارية جاهزة للاستثمار في مختلف المحافظات، كما ترتبط بعدد كبير من المواقع الحكومية، ويحتوي موقع الخريطة على 13 دراسة قطاعية تشرح مميزات الاستثمار، وتضم الخريطة فرصًا استثمارية متنوعة من كل القطاعات الاقتصادية موزعة على كل محافظات الجمهورية، وكذلك الأراضي المتاحة للاستثمار بالمناطق الحرة والمناطق الاستثمارية القائمة، وتنويهات عن المناطق المخطط انشاؤها.
تتضمن الخريطة الاستثمارية فرص الاستثمار الواعدة بالمحافظات الحدودية، كما يتبين تاليًا:
• الشرق: محافظة جنوب سيناء، التي تحتوي على نحو 66 فرصة استثمارية تتراوح بين منتجعات سياحية وصحية، ومناطق استخراجية وتعدينية، وخدمات لوجيستية، وتصل القوى العاملة بها إلى 41.7 ألف فرد بمتوسط دخول 3 آلاف جنيه، بجانب محافظة شمال سيناء التي تمتلك 3 فرص استثمارية مهمة تتعلق بمزارع الدواجن ومراكز التسوق والخدمات اللوجيستية، فضلاً عن محافظة البحر الأحمر التي تمتلك 41 فرصة استثمارية تتنوع بين فرص سياحية وفرص تعدينية.
• الغرب: محافظة مرسى مطروح، التي تمتلك 5 فرص استثمارية تركز على التنمية العمرانية والسياحية بالمحافظة، وواحة سيوة التي تدخل ضمن المشروع القومي المعروف بالمليون ونصف المليون فدان.
• الشمال: محافظة الإسكندرية، التي تمتلك نحو 71 فرصة استثمارية تركز بشكل أساسي على الصناعات الهندسية، الصناعات الكيماوية، الغزل والنسيج، الصناعات الغذائية والزراعة.
• الجنوب: أسوان، التي تمتلك فرصًا استثمارية في مجال إعادة التدوير، وتعبئة وتغليف المنتجات السمكية، والمنتجعات السياحية.
الفرص الاستثمارية الآنية في مصر
من المقرر أن تلعب الخريطة الاستثمارية الصناعية دورًا ملموسًا في النهوض بالقطاع الصناعي، وذلك نظرًا لتوفيرها الفرص الاستثمارية المتاحة أمام المستثمرين بشكل دوري وتفصيلي، بما يساعدهم على اتخاذ قرارات سليمة مدعومة برؤية واضحة حول الامكانات والمقومات التنافسية المتاحة، والقطاعات التي يمكن ضخ استثمارات بها وذلك من خلال تنمية الأراضي للأغراض الصناعية وإتاحتها للمستثمرين، والتواصل الإلكتروني مع الهيئة العامة للتنمية الصناعية، لمعرفة الشروط والقواعد المنظمة لاستغلال وتنمية أراضي المناطق الصناعية.
ويُعتبر القطاع الخدمي من أكثر القطاعات الجاذبة للاستثمارات الأجنبية خلال الربع الأول (يناير- مارس) عام 2022، يليه القطاع الصناعي والإنشاءات والزراعي، كما يُبين الجدول الآتي:

وعلاوة على ذلك، يوجد العديد من القطاعات التي من الممكن أن تكون جاذبة للاستثمارات خلال الفترة القادمة ولاسيما في ظل المتغيرات العالمية التي تشهدها الساحة الاقتصادية، ومن أهم تلك القطاعات ما يلي:
• قطاع الطاقة المتجددة: تُعد مصر من أهم الأسواق الجاذبة للاستثمار في مجال الطاقة المتجددة، حيث وصلت الاستثمارات في طاقة الرياح والطاقة الشمسية إلى 4.4 مليارات دولار، وذلك ضمن الاستراتيجية الوطنية للاعتماد على الطاقة النظيفة، وكان من أبرز تلك الشركات “أكوا باور”، تحالف “سيمنس – جاميسا” و”مصدر” و”آميا باور” وغيرها من الشركات الأخرى. ويأتي ذلك في ظل الخطة المصرية بالاعتماد على 42% من إنتاج الكهرباء في البلاد على مصادر الطاقة المتجددة بحلول 2035، إذ جاءت في المرتبة الأولى إنتاجا للكهرباء من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح على مستوى العالم العربي.
• قطاع الأدوية: توقع رئيس لجنة الصحة بالاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين “محيي حافظ”، انتعاش حركة الاستثمارات الأجنبية في قطاع الدواء بمصر ودول أفريقيا، حيث إن الاستثمارات الحالية لقطاع الأدوية في مصر لا تتناسب مع حجم السوق المصري. وتعتقد أهم شركات الأدوية في مصر أنه بالإمكان اجتذاب الكثير من الاستثمارات بشرط معالجة بعض القضايا الرئيسة، أبرزها التسعير الإلزامي، وصعوبة توفير المواد الخام اللازمة لتصنيع الأدوية والمضادات الحيوية، وتسهيل إجراءات ترخيص الأدوية، وتقليل المصروفات.
• قطاع الصناعات الغذائية: يُعَد قطاع الصناعات الغذائية أحد أهم قطاعات التصدير في مصر، كما تعتبر السوق المصرية واحدة من أكبر أسواق المستهلكين في المنطقة نظرًا لتزايد عدد سكانها إلى أكثر من 100 مليون نسمة، وتمتلك البلاد أكبر قوى عاملة في مجال الصناعات الغذائية في المنطقة بأجور تنافسية.
بالإضافة إلى ذلك، حدد مركز تحديث الصناعة قائمة تضم 81 فرصة استثمارية في 8 قطاعات صناعية لتشجيع رجال الصناعة على ضخ الاستثمارات بها للحد من الواردات وتعميق التصنيع المحلي، وتتمثل أبرز الفرص التي حددها المركز في القطاعات الصناعية المستهدفة وهي الصناعات الهندسية، الصناعات الغذائية والحاصلات الزراعية، الصناعات الكيماوية، الصناعات النسيجية، الصناعات الطبية، صناعات التعبئة والتغليف، صناعات مواد البناء، والصناعات المعدنية، كما تم تحديد 228 بند جمركي تم في إطارهم إعداد قائمة مبدئية تشمل 141 بند جمركي مستهدف توفير البدائل المحلية منها طبقاً لاحتياجات السوق المحلي وقدرة الصناعة الوطنية على توفيرها.
ختامًا، تأتي أهمية الخريطة الاستثمارية انطلاقًا من توجه الدولة لجذب المزيد من الاستثمارات في القطاعات المختلفة، كما تهدف استراتيجية تطوير القطاع للتركيز على تعميق عملية التصنيع المحلي وتقليل الاعتماد على الخارج لتوفير مدخلات الإنتاج، فضلًا عن الارتقاء بجودة الـمُنتجات الصناعية من خلال تطوير منظومة الـمواصفات والجودة والفحص والاختبارات، وتأهيل الـمنشآت للحصول على شهادات الجودة، وعلاوة على ذلك تسعى الدولة للتوجه نحو تكثيف الاستثمارات في مجالات التصنيع صديقة البيئة، مثل السيارات الكهربائية وتصنيع الألواح والخلايا الشمسية، ومُكوّنات وحدات التوليد من مصادر الطاقة الـمتجددة، وكذلك الاستمرار في تقديم الـمساندة التصديرية وربطها بأهداف ذات أولوية، مثل نسبة مساهمة النشاط في القيمة المضافة من خلال تعميق الـمكون المحلي، والـمساهمة في التنمية التكنولوجية، وفتح أسواق جديدة أو طرح منتجات غير تقليدية، والبرنامج الجديد لتنمية ودعم الصادرات المصرية.
باحثة ببرنامج السياسات العامة