تغير المناخ

حوار “بيترسبرج” للمناخ.. خطوة لإنجاح قمة المناخ “cop27” في شرم الشيخ

انطلق “حوار بيترسبرج للمناخ” الثالث عشر، في العاصمة الألمانية برلين من 18- 19 يوليو 2022، بمشاركة ممثلين لنحو 40 دولة، لبحث العمل على توحيد الجهود لمكافحة التغير المناخي، وذلك استعدادًا لمؤتمر المناخ العالمي “cop27” المقرر انعقاده في شرم الشيخ، خاصة وأن أزمة تغيير المناخ أصبحت تمثل تهديدًا وجوديًا لأمن واستقرار العالم بأسره.

حوار بيترسبرج للمناخ… من 2010 إلى الآن

يعد “حوار بيترسبرج للمناخ” سلسلة من المفاوضات للتحضير لمؤتمرات الأمم المتحدة السنوية المتعلقة بالمناخ، وقد بدأ اول اجتماع له بعد مفاوضات شبه فاشلة تقريبًا في مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي لعام 2009 في كوبنهاجن أثناء “cop15″، من قبل دولة ألمانيا؛ بهدف تحسين التواصل مع القادة وبين وزراء البيئة، وقد تم عقده في الفترة من 2 إلى 4 أبريل 2010 على التل المسمى بيترسبرج بالقرب من مدينة بون الألمانية. وقد كانت القضية الشائكة التي أعقبت مؤتمر كوبنهاجن هي هل يمكن الوصول إلى اتفاق دولي بشأن المناخ؟

ومن أجل أهمية وضرورة العمل فيما يتعلق بتمويل المناخ وتحقيق الهدف الجماعي، اتفقت الدول الصناعية على التزامها بدفع 100 مليار دولار أمريكي سنويًا اعتبارًا من 2020، وقد أعلنت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل في عام 2014 أن ألمانيا ستضاعف تمويلها المناخي من 2014 إلى 2020 إلى أربعة مليارات يورو.

وقد وصل “حوار بيترسبرج السادس للمناخ” إلى نتائج أدت إلى اعتماد اتفاق باريس في عام 2015، وأعقبته موجة غير مسبوقة من التصديقات ودخول الاتفاق حيز التنفيذ سريعًا. وكان من أبرز الموضوعات الرئيسة أهمية إيجاد التوازن بين التنفيذ والتفاوض، بالإضافة إلى أحدث القضايا القائمة مثل تسعير الكربون، وتوجيه التدفقات المالية نحو الاستثمارات المستدامة والتدابير لتحقيق انتقال عادل.

وبالنظر إلى ما دار في حوار بيترسبرج للمناخ، على مدار عشر سنوات، نجد أننا توصلنا إلى وجود قواعد دولية للعمل المناخي، على الرغم من العديد من التغييرات الاقتصادية، مثل انخفاض تكاليف الطاقات المتجددة في السنوات الأخيرة، وذلك بفضل الاستثمارات في مرحلة مبكرة في بلدان مثل ألمانيا والدنمارك، والطلب القوي من الصين والهند، أصبحت هذه التقنيات الآن قادرة على المنافسة على نطاق واسع وفي بعض الحالات أرخص من الوقود الأحفوري، فضلًا عن أنه من الفترة من 2010 إلى 2017، أصبحت الدول لديها خيارات أفضل للتوجه نحو إنتاج طاقة صديقة للمناخ.

وأخيرًا بالنسبة لـ “حوار بيترسبرج الثاني عشر ” والذي كان استعدادًا لمؤتمر كوب 26 في جلاسكو، وشارك فيه نحو 40 وزيرًا من جميع أنحاء العالم يومي 6 و7 مايو 2021 عبر الفيديو كونفرانس، فاتضح خلال المناقشات أن خطوات السياسة الفردية نحو الحياد الكامل لغازات الاحتباس الحراري أصبحت محددة بشكل متزايد، لا سيما في البلدان القوية اقتصاديًا. واتفق العديد من المشاركين على أن اتفاق باريس، الذي بموجبها يراجع المجتمع الدولي ويرفع طموح أهدافه المناخية كل خمس سنوات، قد أثبت فعاليته، ولتتمكن الدول النامية من تحقيق أهدافها المناخية، تلتزم الدول الصناعية الكبرى بزيادة الدعم المالي لتعزيز الجهود التي تبذلها البلدان بنفسها.

سياسات المناخ الدولية في مرحلة جديدة

على الرغم من هذا التقدم، فقد استمرت الانبعاثات العالمية في الارتفاع خلال السنوات العشر الماضية، تدخل سياسة المناخ الدولية الآن مرحلة جديدة يأخذ فيها التفاوض مقعدًا خلفيًا بينما يأتي التنفيذ والتعاون في المقدمة، فأصبحت قضية تغير المناخ تتحرك سريعًا. فقد وصلت درجة الحرارة الأرض على ما يزيد عن 1.1 درجة مئوية عن مستوى ما قبل الصناعة، مما يتسبب في تأثيرات على الناس، والنظم البيئية الطبيعية، والأمن الغذائي والمائي، وصحة الإنسان، والمدن والبنية التحتية.

فضلًا عن إن وتيرة تغير المناخ تتجاوز العديد من الإجراءات المتخذة للتكيف معها، فأصبح يعيش حوالي 3.3 مليار شخص في أماكن شديدة التأثر بتغير المناخ. وبالتالي بدون اتخاذ إجراءات موسعة بشكل كبير بشأن التخفيف، سيكون العالم في حاجة إلى مزيد من التكيف، وإلا فسنرى زيادة كبيرة في الخسائر والأضرار.

وبالتالي يناقش “حوار بيترسبرج للمناخ” في دورته الثالثة عشرة المنعقدة حاليًا سبل التوصل إلى نتائج ملموسة لتصحيح المسار للعمل على وجه السرعة وبشكل ملموس بما يتماشى مع اتفاقية باريس وبما يتماشى مع الانتقال بشكل كبير إلى الطاقة الخضراء، وذلك من خلال التأكيد على النقاط التالية:

  • أن تقوم الدول الصناعية الكبرى بتسليم خطة حول التقدم الذي تم تحقيقه حتى الآن في تمويل قضية المناخ قبل COP27، وكذلك بسرعة تلبية هدف 100 مليار دولار أمريكي في عام 2022 للدول النامية، مع ضمان تسليم خلال الفترة 2020-2025. وأن يشمل ذلك خططًا واضحة خاصة بالبلدان المانحة حول كيفية زيادة تمويل التكيف إلى ما لا يقل عن 50٪ من التمويل السنوي للمناخ، مع توضيح واضح للوفاء بالتزام مضاعفة تمويل التكيف على الأقل بحلول عام 2025.
  • أن تلتزم الحكومات بإجراءات طموحة لتقليل الانبعاثات من خلال التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري بطريقة عادلة، بدءًا من الدول الصناعية الكبرى التي تسعى للتوسع في الاستثمار في الوقود الأحفوري وإنتاجه، بما في ذلك اندفاعها للغاز في القارة الأفريقية، خاصة وأن التوجه نحو الوقود الأحفوري والتي تخاطر بتثبيت مسارات التنمية غير المتوافقة مع 1.5 درجة مئوية.

ويمكن القول إن “حوار بيترسبرج للمناخ”، هو فرصة للدول المشاركة في الحصول على رؤية طموحة لمؤتمر”cop27″، فضلًا عن أنه فرصة للدولة المصرية لكي تطرح رؤيتها بشأن سبل إنجاح قمة المناخ المقبلة “كوب 27” في شرم الشيخ، وتفادى الكثير من الخسائر والأضرار العالمية.

+ posts

باحثة بالمرصد المصري

منى لطفي

باحثة بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى