
التمكين الاقتصادي للشباب.. أحد سبل استغلال الميزة التنافسية للاقتصاد المصري
الاهتمام بالشباب يعد ركيزة أساسية في خطة الدولة واستراتيجيتها لبناء الإنسان المصري، لما لهم من دور في بناء المستقبل وتعزيز التطور والتنمية، وكونهم إحدى المزايا التنافسية للاقتصاد المصري. واستغلالًا لهذه الميزة، اتخذت الحكومة المصرية عدة خطى رصينة لإعداد وتأهيل وتمكين الشباب سياسيًا، وإداريًا، واقتصاديًا، بعد سنوات عانوا فيها من التهميش وغياب الفرص.
أهمية تحقيق التمكين الاقتصادي للشباب
تولي مصر هذه الأهمية الكبيرة للشباب للعديد من الاعتبارات، أهمها، أهمية دور الشباب عمومًا كمعول للتنمية؛ فهم حاضر ومستقبل الدول. ولدى مصر ميزة نسبية كبيرة كونها دولة شابة. فوفقًا لتقديرات تعداد السكان عام 2017 بلغت نسبة السكان بالفئة العمرية 15-44 حوالي 46.8%، فيما أكدت آخر تقديرات للسكان عام 2021 بأن عدد الشباب في الفئة العمرية (18-29) 21.3 مليون نسمة بنسبة 21% من إجمالي السكان (51.5 ذكور، و48.5 إناث).
وبلغت نسبة مساهمة الشباب (18-29 سنة) في قوة العمل عام 2020 نحو 38.7%، وتبلغ وفقًا للنوع 62.9% للذكور، و13.3% للإناث، 68.5% منهم حاصلين على مؤهل متوسط فيما فوق. يقدر عدد المشتغلين بعمل دائم 56.2% (53%، 80.4% إناث)، وبلغت نسبة العاملين بعقد قانوني 20.3% (15.7% ذكور، 54.2% إناث).
فيما بلغ معدل البطالة بين الشباب للعام نفسه 15.4% (10.9% ذكور، 37.6% إناث). وبلغ معدل البطالة بين الشباب الحاصلين على مؤهل جامعي فأعلى 33.3% (23.5 ذكور، و49.8% إناث)، مقابل 12% للحاصلين على مؤهل متوسط فني (9.5% ذكور، و33.5% إناث).
وهناك أعداد كبيرة جدًا من الشباب الباحثين عن عمل، ولاسيما حملة الشهادات بالتخصصات المشبعة والراكدة، وهو ما يستدعي وقف قبول الطلبة في هذه التخصصات، ورفع الوعي بضرورة التعلم، وليس التعليم من أجل الحصول على شهادة دون جدواها. فسوق العمل أصبح ساحة حرب تتنافس فيها القدرات والخبرات، خاصة وأن حالة عدم الاستقرار في المنطقة وموجات اللجوء، أوجدت حالة من المنافسة مع العمالة المصرية، وشكلت تحديًا أمام الشباب.
فخلاصة القول إن أكثر من 80% من إجمالي السكان تحت 45 سنة، منهم 29.380 مليون فرد يمثلون قوة العمل للدولة، وفقًا لتقديرات الربع الثالث لعام 2021. وهو ما يؤكد أهمية دور الشباب في المجتمع، وضرورة مشاركتهم في جميع مجالات التنمية الشاملة التي تشهدها مصر.
وخلال السنوات الأخيرة، أولت القيادة والحكومة المصرية اهتمامًا بالغًا بالشباب، خاصة فيما يتعلق التمكين السياسي والإداري، ولوحظ الحضور الشبابي لأول مرة على ساحة السياسة المصرية، فتم العمل على إعدادهم وتحفيزهم للمشاركة في تولي مهام العمل السياسي والتنفيذي والإداري بالدولة. وتبوأ الكثير منهم مناصب قيادية عليا –ما بين محافظين، ونواب محافظين أو وزراء أو نواب بمجلسي النواب والشيوخ- إيمانًا بدورهم في مختلف المجالات التنموية الاقتصادية والاجتماعية.
وكذلك، كان للتمكين الاقتصادي للشباب نصيب وافر من اهتمام الدولة، من خلال توفير فرص عمل جديدة لهم من خلال المشروعات القومية العملاقة واستصلاح الأراضي، وتوفير المسكن المناسب لأحوالهم الاقتصادية عبر مشروعات الإسكان الاجتماعي التي تغطى معظم المحافظات.
فالتمكين الاقتصادي للشباب يستهدف بالدرجة الأولى التشغيل وتوفير فرص عمل وخفض نسب البطالة، سواء كان ذلك من خلال خلق فرص عمل بدعم النشاط الاستثماري بالدولة، أو إقامة مشروعات قومية تستوعب أعداد البطالة، أو من خلال تبني الأفكار والمشاريع الريادية التي توفر فرص عمل، أو الاهتمام بمشروعات التخرج الجامعية المميزة التي توائم متطلبات العصر الحالي، وتوظيفها لحل المشاكل الاقتصادية.
ويمنح هذا التمكين للشباب الاستقلالية الشخصية والمالية، ويعزز قدرتهم على التعبير عن آرائهم وتوجهاتهم، دون منغصات أو أمور تشغلهم. ويحميهم من الانجراف باتجاه ممارسات خاطئة تؤذيهم والمجتمع، وتكون لها آثار سلبية وخيمة، مثل تزايد معدلات الجريمة والإدمان والجنوح إلى التطرف.
وكان لخطى الدولة بالغ الأثر على انخفاض نسبة المتعطلين في الفئة العمرية (15-29 سنة) خلال الربع الثالث من العام الجاري لتسجل حوالي 58.4% مقابل 68.4% في الربع السابق. فيما كان 41.6% من إجمالي المتعطلين في الفئة العمرية (30-64 سنة)، حيث بلغت (44% للذكور، و37.5% للإناث).
مبادرات متنوعة
https://www.facebook.com/watch/?v=621879269037011&extid=WA-UNK-UNK-UNK-AN_GK0T-GK1C&ref=sharing
عملت الدولة خلال السنوات الأخيرة على وضع خطة متكاملة للتمكين الاقتصادي للشباب، بدءًا من تحسين الوضع التعليمي للشباب من خلال إتاحة تعليم ذي جودة عالية دون تمييز، قادر على بناء مواطن مستنير ومبدع قادر على التفكير ومتمكن فنيًا وتقنيًا وتكنولوجيًا، وقادر على التنافسية إقليميًا وعالميًا، أو من خلال خلق فرص عمل جديدة بإقامة عدد هائل من المشروعات استوعبت ملايين من أعداد العاطلين والوافدين الجدد لسوق العمل. أو من خلال تدشين عدة مبادرات تسهم في النهاية في تعزيز التمكين الاقتصادي للشباب.
وفي خطوة تعكس إيمان القيادة السياسية بأهمية إنشاء مشروعات جديدة في دعم الاقتصاد القومي وتوفير فرص عمل للشباب، أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي في نهاية 2015، مبادرة تضمنت تكليف البنك المركزي بتوفير 200 مليار جنيه لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة بفائدة لا تتعدى 5%.
وتم خلال الفترة من ديسمبر 2015 وحتى سبتمبر 2020 منح تسهيلات ائتمانية بقيمة 213 مليار جنيه تم بالفعل استخدام نسبة 81% منها للقطاع الصناعي والزراعي والخدمي، وذلك لعدد 126 ألف شركة صغيرة ومتوسطة. وذلك بخلاف التمويل متناهي الصغر لعدد ما يزيد عن 900 ألف عميل متناهي الصغر، وأيضًا بخلاف التمويل الموجه من البنوك لشركات وجمعيات التمويل متناهي الصغر الذي بلغ نحو 14 مليار جنيه ومكنها من الوصول إلى ما يقرب من 4 ملايين مقترض.
وعلاوة على ذلك، قامت “وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري” في عام 2017 بإطلاق مشروع رواد 2030 وذلك في إطار اهتمام الدولة بدعم الشباب من خلال دعم ريادة الأعمال والشركات الناشئة، لمساعدة الشباب على خلق وظائف لهم ولغيرهم. ويهدف المشروع إلى تمكين الشباب من تأسيس المشاريع الخاصة والعمل على تكريس ودعم دور ريادة الأعمال في تنمية الاقتصاد الوطني وتنويع مصادر الدخل من خلال تنفيذ محاور المشروع. ويسهم المشروع في توفير مجموعة من الخدمات مثل المنح التعليمية ومنح الماجستير لدراسة مجال ريادة الأعمال بشكل أعمق وعلى نطاق أوسع، ودعم وتأسيس حاضنات أعمال للشركات الناشئة التي تقدم أفكارًا جديدة في سوق العمل.
ويهدف المشروع أيضًا إلى تحفيز وإثراء ثقافة الابتكار وريادة الأعمال في مصر، من خلال وضع منظومة متكاملة للابتكار بحيث يصبح ركيزة أساسية من ركائز جمهورية مصر العربية تطبيقًا لرؤية استراتيجية مصر 2030 للتنمية المستدامة الهادفة إلى أن يكون المجتمع المصري بحلول عام 2030 مجتمعًا مبدعًا، مبتكرًا، ومنتجًا للعلوم والتكنولوجيا والمعارف، ويربط تطبيقات المعرفة ومخرجات الابتكار بالأهداف والتحديات الوطنية بحيث تصبح مصر من أفضل 30 دولة في مؤشر التنافسية العالمية 2030.
وقد أطلقت الوزارة حملة “المليون ريادي” في أبريل الماضي، والتي تهدف إلى تأهيل مليون رائد أعمال، والمساهمة في إنشاء 50 ألف شركة ناشئة بحلول عام 2030، وشهدت المرحلة الأولى من الحملة اشتراك نحو 38 ألف متدرب، ووصلت نسبة الذكور المسجلين بالحملة إلى 67%، و33% للإناث.
وأطلقت وزارة التنمية المحلية مبادرة “شغلك في قريتك”، بهدف دعم خطط الحكومة لمواجهة البطالة بين الشباب وتوفير فرص عمل مستدامة ودخل شهري ثابت، بجانب وقف هجرة الشباب من القرى إلى القاهرة. ومن المقرر أن يستفيد من المبادرة حوالي 58 مليون مصري، في مختلف أنحاء الجمهورية.
كذلك مبادرة “مهنتك مستقبلك”، والتي تقع ضمن مبادرة “حياة كريمة”، ويتم فيها تدريب المشتركين على مهن التفصيل والخياطة لمدة شهر بمعدل 150 ساعة للدورة الواحدة، ومهنتي السباكة والتركيبات الكهربائية لمدة أسبوعين بمعدل 60 ساعة للدورة الواحدة، مع اشتراط أن يجيد المتدرب القراءة والكتابة، وألا يقل عمره عن 18 عامًا. وفي نهاية الدور يحصل الأوائل على هدايا تساعدهم في فتح مشروع صغير يدر عليهم دخلًا يسهم في توفير حياة كريمة لهم ولأسرهم.
وكان للحرف اليدوية التي تعزز الهوية المصرية وملامحها المتميزة اهتمام بالغ من قبل القيادة السياسية، فتم إطلاق مبادرة “صنايعية مصر”، والتي تم تخريج الدفعة الأولى منها في سبتمبر الماضي، وتم من خلالها تخرج 33 فنانًا وحرفيًا بين سن 18 و40 سنة هم نواة الدفعة الأولى، في مجالات: الخزف – النحاس – التطعيم بالصدف– الخيامية – قشرة الخشب وفنون الحلي. وتم التدريب فيها على يد نخبة من الأساتذة والمتخصصين من كليات الفنون المختلفة بالإضافة إلى الحرفيين ذوي الكفاءة العالية. وتعمل المبادرة على طرح توجه جديد لإقامة مشروعات صغيرة ومتناهية الصغر تعمل على تحسين دخل الفرد، ورفع الدخل القومي، وخلق أسواق جديدة جاذبة للسياحة.
وكان لشباب الصعيد نصيب وافر أيضًا من التشجيع على الاستثمار؛ وذلك من خلال منح أراضٍ بالمجان لمحافظات الصعيد من بنى سويف حتى أسوان تشجيعًا للشباب والمستثمرين على خلق فرص عمل للشباب. وكذلك وضعت خطط لتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتشجيع الحرف اليدوية التي تنتشر بالصعيد.
وتم تدشين مشروع “إمكان” لتشغيل الشباب ودعم ريادة الأعمال في صعيد مصر، وهو مشروع تابع لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية “اليونيدو” بالتعاون مع وزارة التجارة والصناعة وهيئة التنمية الصناعية ومحافظة الأقصر بتمويل من حكومة اليابان، ويهدف المشروع إلى تنويع وسائل تنمية وتطوير الاقتصاد والقطاع الخاص المحلي وتعزيز فرص تشغيل الشباب.
وقد عرضت محافظة الأقصر 56 فرصة استثمارية صناعية بالمحافظة في نوفمبر 2017 عبر فعاليات مؤتمر “استثمر في الأقصر – إيجاد الفرص الصناعية”. وفي نهاية المشروع دعم المشروع 22 شركة ناشئة في مجالات إدارة المخلفات، والطاقة المستدامة، والتصنيع الزراعي والغذائي، بمتوسط استثمارات كل منها من 30 ألف إلى مليون جنيه مصري، وتعمل على توفير 300 فرصة عمل مباشرة.
أما عن الريف المصري، فلم تغفل حركة التطوير والتنمية الجارية به من خلال مبادرة حياة كريمة تحقيق تنمية اقتصادية بقرى الريف، فقد تم تخصيص 317 موقعًا لإنشاء مجمعات صناعية ضمن المبادرة توفر فرص عمل لمواطني الريف. وتم خلال المرحلة الأولى من المبادرة إنشاء مشروعات لتمكين النساء المعيلات اقتصاديًا في 147 قرية، وتوفير 20 مليون جنيه لتمويل مشروعات صغيرة ومتناهية الصغر.
ومن آخر المبادرات التي تم إطلاقها هي المرحلة الأولي من برنامج ريادة الأعمال الاجتماعية “التأثير في العمل” “Impact@Work” لأول مرة في مصر، في نوفمبر الماضي، بهدف دعم ومساعدة الشباب على إنشاء مشاريعهم الخاصة، وذلك بعد ما حققه البرنامج من نجاح في الجزائر والمغرب وتونس.
ويسهم البرنامج في تطوير مهارات الشباب في مجال إدارة الأعمال من خلال تقديم سبل الدعم والتدريب والتوجيه لـ 2500 شاب تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عامًا -كونهم الفئة الأكثر معاناة من البطالة- ومساعدتهم لتحويل مشاريعهم ذات التأثير الاجتماعي إلى شركات ناشئة. ويستهدف البرنامج المساعدة في تأسيس ما لا يقل عن 10 أعمال تجارية وشركات ناشئة جديدة، بالإضافة إلى مساعدة ما لا يقل عن 53 شركة قائمة بالفعل لتمكينهم من التوسع.
التمكين الاقتصادي للشباب والتنمية المستدامة
قيام الحكومة المصرية باستهداف تشغيل الشباب وتمكينهم اقتصاديًا، وإقامة عدة مبادرات في هذا الصدد، لم يكن بمعزل عن رؤية مصر 2030، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة التي تلتزم بها مصر.
فكان ارتفاع معدل البطالة بين الشباب والإناث على وجه أكثر تحديدًا أحد التحديات البارزة في تحقيق مصر لأهداف التنمية الاقتصادية 2030، هذا بجانب ضعف الكفاءة في سوق العمل نتيجة عدم توافر المهارات الإدارية اللازمة، وعدم ملاءمة مخرجات التعليم لمتطلبات سوق العمل. هذا بخلاف ارتفاع حجم القطاع غير الرسمي، ورغم أنه ساهم في توفير فرص عمل لعدد كبير من الشباب- والتي تركزت في قطاع التجارة والتوزيع – إلا أنه لا يعد عملًا لائقًا نظرًا لتدني الأجور وغياب عوامل الأمن والأمان.
وفي سبيل ذلك، نصت استراتيجية التنمية المستدامة: رؤية مصر 2030، على وضع برنامج العمل اللائق، والذي يهدف إلى تعزيز فرص العمل اللائقة للشباب والمرأة وذوي الإعاقة منهم في كافة المحافظات، من خلال تأهيل وتدريب الشباب ورفع قدراتهم من خلال برامج معتمدة ليتمكنوا من توليد الأفكار وتقييمها وإدارة مشروعات خاصة يكتب لها النجاح والاستمرارية. وكان من بين المشروعات التي أعلن عنها من خلال الاستراتيجية، تأسيس 5000 مشروع صغير في مجال المنافذ والخدمات التسويقية المتنقلة، تستهدف توفير 10000 فرصة عمل.
وكان لهذه الرؤية والخطوات تماس مباشر مع عدد من أهداف التنمية المستدامة 2030، أبرزها:
- الهدف الأول: الذي يدعو إلى القضاء على الفقر بجميع أشكاله في كل مكان. من خلال دعم المشروعات الصغيرة والتركيز على الفئات الأكثر ضعفًا بين الشباب من خلال تقديم القروض، والتأهيل والتدريب، وتيسير فرص العمل وسد الفجوة بين الحياة الأكاديمية والعملية من خلال العديد من البرامج التي تتوافق مع احتياجات الشباب.
- الهدف الخامس: وهو تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين جميع النساء والفتيات. ويتم ذلك من خلال استهداف الشباب والشابات دون تمييز، وتصميم بعض المشاريع لتمكين المرأة على وجه الخصوص.
- الهدف الثامن، وهو تحقيق العمل اللائق ونمو الاقتصاد، والذي يستهدف تنامي النمو الاقتصادي المطرد والشامل للجميع والمستدام، من خلال أدوات وبرامج جديدة ومبتكرة لتمكين الشباب من خلال التوجيه المهني والتدريب، وكذلك توفير قروض ميسرة للشباب.
- الهدف التاسع: وهو الصناعة والابتكار والهياكل الأساسية، فتمثل الاستثمارات في الصناعة والبنية التحتية والابتكار عوامل شديدة الأهمية للنمو الاقتصادي والتنمية.
- الهدف السابع عشر: وهو عقد الشراكات لتحقيق الأهداف، من خلال تعزيز الشراكة العالمية من أجل التنمية المستدامة، من خلال دعم الخطط الوطنية الرامية لتحقيق جميع الأهداف، وتعزيز التجارة الدولية ومساعدة البلدان النامية على زيادة صادراتها كجزء من تحقيق نظام تجاري عالمي قائم على قواعد منصفة.
على الجانب الأخر أيضًا، ترتكز استراتيجية الأمم المتحدة للشباب -والتي تم إطلاقها سبتمبر 2018 في محاولة من الأمم المتحدة لفهم احتياجاتهم والمساعدة على وضع أفكارهم موضع التنفيذ- على إجراءين محددين هما: فعل المزيد للاستجابة إلى تطلعات الشباب خاصة توفير التعليم الجيد والعمل الكريم، ومنح الشباب صوت في عملية اتخاذ القرارات على جميع المستويات.
وتعتمد الاستراتيجية على خمسة مجالات رئيسية هي: فتح طرق جديدة للانخراط مع الشباب وإشراكهم وتعزيز أصواتهم؛ زيادة تركيز الأمم المتحدة على حصول الشباب على التعليم والخدمات الصحية؛ وضع تمكين الشباب اقتصاديًا في مقدمة استراتيجيات الأمم المتحدة التنموية، من خلال التركيز على التدريب والوظائف؛ العمل بجد لضمان احترام حقوق الشباب وتعزيز مشاركتهم المدنية والسياسية؛ ومنح الأولوية لدعم الشباب في الصراعات والأزمات الإنسانية، بما في ذلك مشاركتهم في عمليات السلام.
ومع إعلان بداية عهد جديد للشباب في الأمم المتحدة، دعا الأمين العام الدول الأعضاء إلى الاستثمار في الشباب وتشجيعهم، ونادى الشركات بتوفير المهارات والفرص للشباب. وهو ما كانت الحكومة المصرية تعمل على تحقيقه خلال السنوات القليلة الماضية بعد سنوات التهميش والمعاناة من تداعيات التجاهل السياسي والاقتصادي التي تعرض لها الشباب المصري.
ختامًا، استغلال الثروة الشبابية بمصر يتطلب تضافر كافة الجهود، سواء من قبل الحكومة بتدشين مزيد من المبادرات التي تسهم في مزيد من الاستهداف النوعي والجغرافي للشباب، حتى وإن تطلب الأمر إصدار استراتيجية شبابية، يمكن من خلالها تحديد التحديات والفرص الممكنة لتمكين الشباب من خلال مؤشرات كمية ونوعية للأمر. كذلك يجب على القطاع الخاص الإسهام في استيعاب الشباب حديث التخرج، وتحقيق بيئة عمل لائقة لهم. ويُقترح أن تقدم الحكومة حوافز ضريبية للشركات التي تقوم بتوظيف نسبة معينة من خريجي الجامعات، ليتدربوا فيها لفترة محددة تحتسب لهم عند التوظيف الفعلي، ويحصلون من خلالها على شهادة تدريب لكسر حاجز وجود الخبرة الذي تشترطه معظم الشركات. وعلى المجتمع المدني كذلك توجيه مزيد من جهوده في تدريب وتأهيل الشباب للانخراط في سوق العمل، وتعويض الفجوة بين مكتسبات التعليم واحتياجات سوق العمل.
باحث أول بالمرصد المصري