محطة جديدة في خطة تنمية سيناء
سيناء ليست مجرد أرض مصرية، بل هي رمز تاريخي واستراتيجي يجسد الصراع والنهضة في آن واحد. هذه الأرض التي تمتد بين البحرين الأحمر والمتوسط، جعلها نقطة تواصل حضاري وتجاري بين آسيا وإفريقيا منذ العصور القديمة. وارتباطها التاريخي بانتصارات أكتوبر بعد استعادتها يعزز دورها كجزء لا يتجزأ من الكرامة والأمن القومي المصري. فموقعها الاستراتيجي جعلها محط الأنظار على مر التاريخ، فهي بوابة مصر الشرقية ومفتاح أمنها القومي، وتمثل حاجزًا دفاعيًا طبيعيًا أمام الأخطار الخارجية. وعلى المستوى الراهن، محاذاة سيناء بغزة يضيف بعدًا جديدًا لفهم أهميتها في تأمين الحدود المصرية وفي تحقيق الاستقرار الإقليمي. لتتبلور يومًا تلو الأخر، فلسفة الدولة في تنمية شبه جزيرة سيناء.
العمق الجغرافي والتاريخي
أكد الظرف الراهن، وبعد عام من عملية طوفان الأقصى، أهمية العمق الجغرافي لسيناء. فترتبط سيناء وغزة بروابط جغرافية وتاريخية متينة؛ فكانت سيناء وغزة مسرحًا للصراع بين القوى الإقليمية والعالمية، بالحروب الصليبية وحتى الحروب الحديثة. فغزة هي بوابة مصر الشرقية، وأحد المداخل التاريخية لمصر منذ العصر الفرعوني، وكانت سيناء ممرًا للقوافل التي تنقل البضائع بين مصر وبلاد الشام.
فعلى مر العقود ارتبط أمن سيناء- ومصر بوجه عام- بأمن غزة بشكل وثيق. لتشكل سيناء حاجزًا طبيعيًا يحمي مصر من جهة الشمال الشرقي، خاصة في ظل التوترات المستمرة والمتصاعدة في قطاع غزة. إضافة إلى ذلك، تشكل سيناء رابطًا إنسانيا بين مصر وغزة، حيث يلعب ممر رفح دورًا أساسيًا في تقديم المساعدات الإنسانية ودعم الأمن الغذائي لسكان غزة، خاصة مع تصاعد الصراعات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما عزز من العلاقات الوثيقة بين الشعبين الفلسطيني والمصري على مر التاريخ.
وبوجه أشمل، تعد سيناء عاملًا مؤثرًا في معادلة استقرار منطقة الشرق الأوسط بأكملها؛ فقبل عقد، كانت على شفا أن تكون مسرحًا ومرتعًا للأنشطة الإرهابية التي تسعى إلى زعزعة استقرار مصر والمنطقة. لذا عملت الدولة المصرية على تعزيز الأمن في سيناء والقضاء على الإرهاب من خلال العمليات العسكرية والأمنية لضمان حماية حدودها وضمان استقرارها واستقرار المنطقة.
وبعيدًا عن الظرف الراهن وتماس سيناء مع خط الهجمات الإسرائيلية الأول بقطاع غزة، تحتل سيناء مكانة خاصة بقلوب وعقول المصريين حكومة وشعبًا، فتعد حرب أكتوبر 1973 أحد الأحداث الفاصلة في تاريخ سيناء، حيث جسدت أهمية الموقع الجغرافي لسيناء كقاعدة دفاعية وقومية لمصر بعد احتلالها من قبل إسرائيل في حرب 1967، كانت سيناء بمثابة ساحة للصراع، مما أدى إلى تدمير البنية التحتية وتوقف أي محاولات لتنميتها. خلال هذه الفترات، تركز الاهتمام على الأبعاد الدفاعية أكثر من التنموية، حيث كانت المنطقة تُعتبر درع حماية لمصر.
الموقع المتميز والاستراتيجي لسيناء عرضها لتداعيات أمنية متكررة كمعبر للقوى الغازية والمحتلة، على مر السنين، ومع استمرار التحديات، ترسخ لدى عقل الحكومات اعتبار أن سيناء هي مجرد ساحة حرب، مما أثر بشكل كبير على تنميتها على مر العصور. إلا أن القيادة السياسية الراهنة كان لها توجه مغاير في التعامل مع أرض سيناء، والتحول من هدف تأمين سيناء بشكل كامل إلى دعمها بالاستثمارات والبنية التحتية التي تضمن استدامة التنمية، وربطها بالوادي والدلتا.
البعد التنموي
عدد الأسر المصرية بمحافظتي شمال وجنوب سيناء طبقًا لاتصال المسكن بوسيلة صرف صحي أو شبكة المياه
خلال السنوات الأخيرة، برزت أهمية سيناء كموقع استثماري واعد يتمتع بإمكانات كبيرة في قطاعات متعددة مثل السياحة والصناعة والزراعة. وقد شهدت سيناء في السنوات الأخيرة جهودًا مكثفة من قبل الدولة المصرية لتنميتها وتحسين البنية التحتية فيها، كالمشروعات الزراعية، والموانئ الجديدة، ومحطات التحلية، وأخيرًا مشروع خط سكة حديد “الفردان – بئر العبد” كجزء من مشروع إعادة تأهيل وتطوير وإنشاء خط سكة حديد الفردان – طابا بطول 500 كم؛ لتعزيز التنمية الشاملة في المنطقة ورفع مستوى معيشة سكانها، خاصة بعد معاناتهم لسنوات من تهميش واضح في عدة جوانب، تتراوح بين الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية.
لعل أبرز هذه الجوانب ضعف البنية التحتية فوفقًا لتعداد 2016/2017 مازال 22.7% من الأسر التي تقطن محافظة شمال سيناء تفتقر مصدر مياه تابع للشبكة العامة، بينما كانت النسبة في محافظة جنوب سيناء تقدر بحوالي 37%. كذلك الافتقار للخدمات التعليمية والصحية، وهو ما أدى لتسرب 396.9 ألف شخص بمحافظة شمال سيناء، وتسرب حوالي 90.3 ألف شخص بمحافظة جنوب سيناء، فيما يعاني حوالي 9.9% من سكان المحافظة من الأمية.
السكان بمحافظتي شمال وجنوب سيناء وفقًا للحالة التعليمية والتسرب من التعليم (تعداد 2016)
في المقابل، أدى تفشي أعمال العنف والإرهاب في بعض مناطق سيناء في هذه الفترة إلى تقليص فرص التنمية والاستثمار فيها، وهو ما أدى لارتفاع معدلات البطالة بسبب نقص المشاريع التنموية والمبادرات الاستثمارية؛ حيث بلغ معدل البطالة (15-64 سنة) بمحافظة جنوب سيناء حوالي 22.4%. فيما يبلغ معدل البطالة (15-24 سنة) بالمحافظة نفسها حوالي 65% عام 2023. وهو ما عزز الشعور المجتمعي لدى أبناء سيناء بالتجاهل من قبل الحكومة في ما يتعلق بإدماجهم في الخطط التنموية الوطنية، ما أدى إلى شعور بالانعزال والاغتراب.
إلا أن الحكومة المصرية دأبت خلال السنوات الأخيرة على تحسين أوضاع أبناء سيناء من خلال مشروعات تنموية كبيرة، مثل البنية التحتية، الإسكان، والخدمات التعليمية والصحية، وإنشاء مشاريع جديدة في مجالات الزراعة، الصناعة، والسياحة، مما يُعد خطوة نحو تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية، وضمان استدامة التنمية.
جني الثمار
أضحت سيناء منطقة واعدة في جذب الاستثمارات، ونقطة انطلاق نحو مستقبل مشرق من التنمية الاقتصادية، ما يجعلها ركيزة أساسية في الاستراتيجية الوطنية المصرية للسنوات القادمة. حيث تسارعت الجهود والخطى للنهوض بالقطاعات الحيوية في سيناء ومدن القناة، وحل المشكلات المتراكمة والمرتبطة بجودة حياة سكانها، لتؤتي تلك الجهود ثمارها عبر الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية والطاقات البشرية، والتأسيس لبنية تحتية متكاملة تسهم في الربط بين سيناء ومدن القناة ومختلف المحافظات، علاوة على التنسيق بين الجهود الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع المدني.
فكان المبتغى من جهود الحكومة خلال السنوات الأخيرة توفير حياة كريمة لأبناء سيناء، وجذب المزيد من سكان الوادي والدلتا إلى منطقة سيناء من خلال بناء مدن جديدة تعمل على حلحلة التكدس السكاني، فمن المخطط أن يصل عدد سكان المدن الجديدة إلى أكثر من 5 ملايين نسمة. كذلك القضاء على الأماكن غير الآمنة، وزيادة نسبة تغطية المرافق الأساسية. وفي هذا الصدد، تم وجارٍ إنشاء وتطوير 7 مدن جديدة، وتم تنفيذ 56.3 ألف وحدة إسكان اجتماعي. أما عن تطوير العشوائيات فقد تم تنفيذ 54.5 ألف وحدة إسكان اجتماعي لتصبح سيناء ومدن القناة خالية من العشوائيات غير الآمنة، بجانب تنفيذ 4382 بيتًا بدويًا، علاوة على إنشاء 18 تجمعًا تنمويًا بمحافظتي شمال وجنوب سيناء و17 أخرى جارٍ تنفيذها.
وفي هذا الصدد، تم تنفيذ 78 مشروعًا لمياه الشرب بطاقة مليون م3/يوم، بجانب تنفيذ 86 مشروعًا للصرف الصحي بطاقة 793 ألف م3/ يوم، وتنفيذ 46 محطة تحلية مياه بحر. وكان من أبرز مشروعات إنتاج الكهرباء محطتي الشباب والعين السخنة، حيث بلغت القدرة الاسمية لمحطة كهرباء الشباب الجديدة 1500 ميجاوات، والقدرة الاسمية لمحطة كهرباء العين السخنة 1300 ميجاوات. ووصلت تكلفة محطة جبل الزيت لطاقة الرياح بقدرة 580 ميجاوات إلى 12 مليار جنيه، فيما بلغت قيمة التكلفة الإجمالية لمحطة الرياح بخليج السويس 257 مليون يورو بما في ذلك البنية التحتية المرتبطة بها بطاقة 252 ميجاوات.
وبلغ متوسط إنتاج مشروع تنمية حقل ظهر1.95 مليار قدم3 غاز يوميًا، في حين بلغت الطاقة الإنتاجية للمرحلة الثانية والثالثة من مشروع تنمية حقول شمال سيناء 135 مليون قدم3 غاز يوميًا. كما تم تنفيذ 3 مشروعات كبرى لتخزين وتداول المنتجات البترولية في محافظات السويس والبحر الأحمر وجنوب سيناء بإجمالي تكلفة استثمارية أكثر من ملياري دولار، علاوة على إنشاء أكبر مستودع بسقف عائم لخزانات الزيت الخام بجنوب سيناء بسعة 1.1 مليون برميل، وتم الحصول على شهادة جينيس للأرقام القياسية على أعمال رفع السقف العائم للخزان بالمشروع بنظام الروافع الهيدروليكية. وبلغت أطوال خطوط توصيل الغاز الطبيعي المنفذة 1361 كم ليصل الإجمالي إلى 2376 كم، وتم تنفيذ 60 محطة لتموين السيارات بالغاز الطبيعي ليصل الإجمالي إلى 84 محطة، بجانب 8 مراكز لتحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعي ليصل الإجمالي إلى 18 مركزًا.
مشروعات الصرف الصحي ومياه الشرب وتوفير الطاقة والطاقة المتجددة وإنتاج وتخزين وتداول المنتجات البترولية أسهمت في زيادة تغطية مياه الشرب بمقدار 12.1 نقطة مئوية، حيث وصلت إلى 96.5% عام 2024، مقابل 84.4% عام 2014، علاوة على زيادة تغطية شبكات الصرف الصحي بمقدار 60.7 نقطة مئوية لتصل إلى 78% عام 2024، مقابل 17.3% عام 2014.
كما زاد عدد المشتركين الذين تم توصيل التغذية الكهربائية لهم بنسبة 65.2%، حيث بلغت 1.9 مليون مشترك في سبتمبر 2024، مقابل 1.15 مليون مشترك في 2014. كذلك بلغت نسبة زيادة عدد الوحدات السكنية التي تم توصيل الغاز الطبيعي لها 70.9% حيث بلغ عددها 656.3 ألف وحدة في سبتمبر 2024، مقارنة بـ 384 ألف وحدة في يونيو 2014، فضلًا عن زيادة عدد المنشآت التجارية التي تم توصيل الغاز الطبيعي لها بأكثر من 4 أضعاف، حيث بلغ عددها 4704 منشآت في سبتمبر 2024، مقابل 1056 منشأة في يونيو 2014.
وعلى صعيد تطوير الخدمات التعليمية والصحية، فقد تم إنشاء 564 مدرسة ليصل عدد المدارس إلى 3094 مدرسة عام 2023/2024، مقيد بها 937.8 ألف طالب، علاوة على إنشاء 8 مدارس يابانية و4 تكنولوجية تطبيقية لأول مرة في سيناء ومدن القناة. كما تم إنشاء 3 جامعات حكومية وخاصة ليصل الإجمالي إلى 7 جامعات، بها 79 كلية إلى جانب إنشاء 4 جامعات أهلية، وبدء الدراسة بها لأول مرة، فيما بلغت التكلفة الإجمالية لإنشاء جامعة شرق بورسعيد التكنولوجية 646 مليون جنيه.
وعن جهود تطوير القطاع الصحي، تم إنشاء مجمع السويس الطبي كأضخم مجمع بشمال سيناء، وإنشاء وتطوير 58 مستشفى و171 مركزًا ووحدة صحية، فضلًا عن بلوغ أعداد المواطنين الحاصلين على العلاج على نفقة الدولة 176.6 ألف مواطن بتكلفة 1.8 مليار جنيه عام 2024، وإجراء الكشف من خلال القوافل الطبية لـ 799.6 ألف مواطن. وبلغت تكلفة تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل 24.2 مليار جنيه، بمحافظات بورسعيد والإسماعيلية وجنوب سيناء والسويس، وسجل بها أكثر من 2.4 مليون مواطن بنسبة 80% من المستهدف تسجيلهم بها.
تحسين جودة حياة المورد البشري والبنية التحتية أسهم في تعزيز الاستثمارات بالمنطقة، وتنوعت المشروعات المنفذة بين مشروعات زراعية وصناعية ولوجستية. فقد بلغ حجم الاستثمارات العامة الموجهة لتنفيذ المشروعات في سيناء ومدن القناة 530.5 مليار جنيه منذ 2014/ 2015 حتى 2024/ 2025، كما تم افتتاح 3 مراكز لخدمة المستثمرين بتكلفة 212.7 مليون جنيه لخدمة 7.9 ألف شركة. وفي هذا السياق، بلغت نسبة زيادة مساحة الأراضي المستصلحة والمنزرعة 176.7% حيث بلغت 285 ألف فدان في 2024، مقابل 103 آلاف فدان في يونيو 2014.
وكان من أبرز مشروعات التنمية الزراعية والثروة الحيوانية مشروع تنمية سيناء والذي تصل مساحته الإجمالية إلى 1.1 مليون فدان، منها 285 ألف فدان تم استصلاحها وزراعتها، وكذلك تم إنشاء 18 تجمعًا زراعيًا بإجمالي 2122 أسرة مستفيدة، وإطلاق 223 قافلة بيطرية بسيناء ومدن القناة حتى سبتمبر 2024. وتتضمن مشروعات الاستزراع السمكي أكثر من 8000 حوض ضمن مشروعات هيئة قناة السويس والفيروز والديبة للاستزراع السمكي، وجارٍ العمل على إنشاء 8 قرى للصيادين بتكلفة 3.5 مليارات جنيه، بجانب بلوغ تكلفة تنمية بحيرة البردويل 120 مليون جنيه.
وفي السياق نفسه، تم تنفيذ 18 مشروعًا لمعالجة مياه الصرف الصحي والزراعي بطاقات 7.4 ملايين متر3 يوميًا، أبرزها، محطة معالجة مصرف بحر البقر بطاقة إنتاجية 5.6 ملايين م3 يوميًا، لزراعة 456 ألف فدان، ومحطة معالجة مصرف المحسمة بطاقة إنتاجية مليون م3 يوميًا لزراعة 50 ألف فدان، كما تم تأهيل وتبطين 174 كم من الترع بمحافظتي الإسماعيلية وبورسعيد، وإنشاء 561 منشأة حماية من السيول بشمال وجنوب سيناء.
وعلى صعيد المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، قدم جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر قروضًا بقيمة 2.5 مليار جنيه، أسهمت في تمويل 57 ألف مشروع صغير ومتناهي الصغر، وتوفير نحو 101.6 ألف فرصة عمل حتى أغسطس 2024. كما قدم المشروع القومي للتنمية المجتمعية والبشرية والمحلية “مشروعك” قروضًا بقيمة 999.7 مليون جنيه أسهمت في تمويل 6124 مشروعًا وتوفير نحو 45.1 ألف فرصة عمل حتى أغسطس 2024.
ومن أبرز المشروعات الصناعية الكبرى التي تم تنفيذها، مجمع الصناعات الصغيرة بجنوب الرسوة، بتكلفة 403 ملايين جنيه، ويضم 118 وحدة موجهة للصناعات الكيماوية والهندسية والغذائية والغزل والنسيج، بينما زيدت الطاقة الإنتاجية لمصنع أسمنت العريش من 3.7 ملايين طن سنويًا إلى 6.9 ملايين طن سنويًا، بتكلفة 2.9 مليار جنيه. هذا فضلًا عن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، والتي توفر 100 ألف فرصة عمل مباشرة، وتبلغ تكلفة الاستثمار -بما في ذلك البنية التحتية- نحو 18 مليار دولار، في حين تبلغ استثمارات مشروع الشركة الوطنية المصرية لصناعات السكك الحديدية (نيرك) بشرق بورسعيد 240 مليون دولار، كما توفر 137 شركة تضمها منطقة تيدا السويس للتعاون الاقتصادي والتجاري بين مصر والصين 50 ألف فرصة عمل مباشرة.
وبوجه عام، انعكست الجهود متعددة الأبعاد والقطاعات التي تم تنفيذها لتنمية سيناء ومدن القناة على تحسن عدة مؤشرات أساسية، أهمها معدلات التشغيل، حيث بلغ عدد المشتغلين 9008 في الربع الثاني من عام 2024، مقابل 8737 مشتغلًا في الربع نفسه من عام 2014، لتصل نسبة زيادة عدد المشتغلين إلى 3.1%. فيما زادت إيرادات المنطقة الاقتصادية لقناة السويس نحو 3 أضعاف، حيث بلغت 8.3 مليارات جنيه عام 2023/2024، مقابل 2.8 مليار جنيه عام 2016/2017.
أسهم في تعزيز هذه الإيرادات مشروعات تنفيذ وتطوير 8 موانئ بحرية، وإنشاء وتطوير 3 موانئ برية، بالإضافة إلى مشروعات الطيران حيث تم وجارٍ تطوير 6 مطارات. كذلك تم الانتهاء من ميكنة 18 نيابة مرور و44 وحدة مرور، فضلًا عن الانتهاء من ميكنة 12 مكتب سجل تجاري و44 مكتب توثيق ثابتًا ومتنقلًا.
كافة النتائج المتحققة لم تكن لتتحقق لولا الطفرة التنفيذية بقطاع البنية التحتية، فتم تنفيذ 5000 كم من الطرق والأنفاق، ورفع كفاءتها، كما تم إنشاء 7 كبارٍ عائمة للعبور أعلى الممر الملاحي للقناة بتكلفة 990 مليون جنيه، و5 أنفاق أسفل القناة لربط سيناء بمدن القناة بتكلفة 35 مليار جنيه. كذلك من المخطط أن يتم تنفيذ مشروع الخط الأول للقطار الكهربائي السريع (السخنة – العلمين – مرسى مطروح) بطول 675 كم ويشمل 21 محطة، وخط السكك الحديد (الفردان – بئر العبد – العريش – طابا) بطول 500 كم (قطار التنمية).
قطار التنمية
في السابع من أكتوبر الجاري، شارك الفريق مهندس /كامل الوزير نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل أهالي سيناء الاحتفال بانطلاق التشغيل التجريبي لقطار التنمية من جديد في ربوع سيناء. فسبق أن توقف خط السكك الحديدية الفردان – بئر العبد عن العمل منذ عام 2005 والآن يتم إعادة تشغيله مجددًا بعد تطويره وتحديثه، كذلك خط السكك الحديدية حتى مدينة العريش توقف عن العمل منذ 1967 والآن يتم العمل على تنفيذه في المسافة من بئر العبد وحتى العريش، ومن المتوقع أن تمر خطوط السكك الحديدية الجديدة أيضًا عبر مناطق وسط سيناء ذات الأهمية الاستراتيجية وصولًا إلى جنوب سيناء لأول مرة.
ويبلغ طول خط الفردان/ بئر العبد للسكك الحديدية 100 كم، والذي تم الانتهاء من تجديد وإعادة تأهيل واستعادة كفاءة محطاته كمرحلة أولى من مشروع إعادة تأهيل وتطوير وإنشاء خط سكة حديد الفردان/ شرق بورسعيد/ بئر العبد/ العريش/ طابا بطول إجمالي حوالي 500 كم، والذي يعد أحد المكونات الرئيسة للممر اللوجيستي العريش/طابا والذي سيسهم في تحقيق التنمية الشاملة في سيناء.
ومن المتوقع أن يسهم القطار في تسهيل حركة نقل الأفراد والبضائع من سيناء إلى كافة المحافظات، وخلق مجتمعات عمرانية جديدة ومناطق صناعية متعددة، ودعم مشروعات التنمية الاقتصادية بمحافظة شمال سيناء، وانخفاض تكلفة نقل البضائع والأفراد عن وسائل النقل الأخرى، وكذلك دعم حركة السياحة داخل المدن السياحية بشمال سيناء، مما يسهم في إنعاش الاقتصاد المحلي وزيادة فرص العمل لأبناء سيناء.
أخيرًا، يمثل مشروع قطار التنمية خطوة حيوية نحو تعزيز التنمية الشاملة في سيناء؛ إذ يحقق العديد من الفوائد الاقتصادية والاجتماعيةـ من تحسين خدمات النقل إلى دعم البنية التحتية الصناعية واللوجستية، ويضع هذا المشروع إلى جانب عدة مشروعات أخرى تم وجارٍ تنفيذها سيناء في مسار جديد نحو التنمية المستدامة.