السودان

التحديات الإرهابية المستجدة أمام السودان

في تطور لافت، شنت خلية إرهابية هجمات في قلب العاصمة السودانية ” الخرطوم” في الثامن والعشرين من سبتمبر الماضي، كأبرز حادث إرهابي تشهده العاصمة السودانية أثناء المرحلة الانتقالية. وأدى هجوم خلية يُزعم تبعيتها لداعش إلى استشهاد 5 من ضباط جهاز المخابرات السوداني وإصابة 5 آخرين، في مداهمة مع العناصر الإرهابية، بحي جبرة والأزهري جنوبي الخرطوم.

وتبنت خلية إرهابية تسمى التيار الرسالي للدعوة والقتال- ولاية السودان” مسؤوليتها عن الحادث، فيما أعلنت المصادر الأمنية السودانية توقيف 40 إرهابيًا في مناطق متفرقة بالخرطوم وبورتسودان، من بينهم قائد الخلية في مدينة بورتسودان، الذي يحمل جواز سفر باسم محمود ويلقب بأبو محمد المصري، وفقًا للمصادر الإعلامية. وكشفت المصادر عن مباحثات مصرية سودانية، لتسليم العناصر المصرية للتحقيق معها ولا تزال المباحثات جارية في هذا الشأن.

أماط الحادث اللثام عن جملة من التحديات الأمنية والسياسية التي تدفع بدورها إلى البحث في العوامل ومن ثم آليات المجابهة، في ظلّ مرحلة حساسة تمرّ بها الدولة المأزومة، بما يجعلها رهينة وفخا للوقوع مرة أخرى في براثن العنف والإرهاب.

وتتعدد تلك العوامل وتضافر جميعها، والتي يمكن إيضاحها على النحو التالي:

  • هشاشة أمنية

ترتبط تلك الهشاشة بدورها بالسياق المحلي، سواء على مستوى المجتمعات المحلية، التي تعاني من الصراعات الإثنية والعرقية، أو تلك التي تتعلق بالجرائم المرتبطة بالسيولة الأمنية. ومن بين مظاهر تلك الهشاشة تلك المواجهات المحلية بين القبائل المختلفة، والتي تصاعدت على مدار العامين الماضيين في دارفور، وكذلك الاحتجاجات والمواجهات مع قوات الأمن.

أضف إلى هشاشة البيئة الأمنية، هشاشة مؤسسات الأمن نفسها. فكيف لمؤسسات الأمن مكافحة التمرد والإرهاب، وهي ذاتها تعاني من الضعف والانقسام. ولعل ذلك يثير بدوره ” الترتيبات الأمنية” أحد إجراءات إعادة هيكلية السياق والمؤسسات الأمنية في البلاد. وقد أورد تقرير مؤشر الإرهاب العالمي، السودان من بين أكثر الدول التي تعاني من الهشاشة المؤسسية والمحلية، بما يجعلها تتصدر قائمة الدول الإفريقية المعرضة للهجمات الإرهابية.

فالسودان يعاني من ظاهرة تعدد الجيوش والميليشيات المحلية بجانب القوات النظامية وشبه النظامية، وهي الحالة التي يحاول اتفاق السلام معالجتها، عبر إنفاذ الترتيبات الأمنية التي من شأنها إعادة هيكلة القوات والأجهزة الأمنية، ودمج الميليشيات والحركات المسلحة تحت ولاية القوات المسلحة السودانية.

أضف إلى ذلك إعادة هيكلة أجهزة الشرطة وجهاز الأمن والمخابرات؛ ففي ظلّ التنحار والانقسام السياسي بين الأجنحة والحرس القديم وتلك التي تدعم التوجهات الثورية، فإن الأجهزة الأمنية في الوقت الراهن تشهد تخبطًا وحالة من الإلهاء بشأن إعادة ترتيب أوضاعها، أو محاولة المنتسبين إليها الفرار من إجراءات الاستبعاد والإقصاء. ولعل في احتجاجات قوات وعناصر جهاز الأمن والمخابرات شاهدًا على ذلك، وكذلك الخلافات على دور لجنة إزالة التمكين على مصادرة أموال واستبعاد عناصر أمنية محسوبة على نظام البشير.

في ظلّ تلك الأوضاع المضطربة، فلا يتصور إمكانية أن يقود السودان جهودًا فعّالة لمكافحة الإرهاب، ويحقق تعاونا دوليا وإقليميا بشأن تعزيز طرق وآليات المجابهة، في الوقت الذي تسعى إلى توفيق أوضاع وإجراءات إزالتها من قوائم الإرهاب الأمريكية، وكذلك تخفيض الأخيرة لانخراطها العسكري المباشر في إفريقيا، علاوة على التقييمات التي أدت إلى انسحاب القوات الأممية لحفظ السلام في دارفور، واستبدالها ببعثة لدعم المسار الانتقالي بالبلاد.

  • مظالم سياسية

لا تقل المظالم المحلية عن غيرها من العوامل، التي من شأنها أن توفر بيئة محفزة وحاضنة للجماعات الإرهابية. فعلى الرغم من أن جماعات التمرد المحلي والميليشيات المتمردة، تعد الظاهرة والسمة المميزة للمجتمعات المحلية الإفريقية؛ إلا أن  انتشار الحركات القائمة على أساس أيديولوجي أضفى مزيدًا من التعقيد على طبيعة الظاهرة الإرهابية في المجتمعات الإفريقية.

ولعل البيئة الأمنية المضطربة، علاوة على الاضطرابات السياسية، يمثلا عوامل جذب وبيئة خصبة لانتشار الإرهاب، فقد تكررت حوادث إرهابية متفرقة، من بينها ضبط السلطات السودانية لخلية إرهابية شرق السودان، في وقت سابق، ظهر بعدها مقطع فيديو لمجموعة في القضارف أعلنت عزمها إقامة إمارة على غرار ما يفعل تنظيم “داعش”.

وفي 29 سبتمبر الماضي، أعلنت حركة حركة “الرسالي للدعوة والقتال” – ولاية السودان مسؤوليتها عن قتل عناصر المخابرات السودانية. كما أعلنت مسؤوليتها عن محاولة الاغتيال الفاشلة لرئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك في مارس 2020.

كما هدّدت الحركة بالرد على الغارة الأخيرة، التي استهدفت الخلية الإرهابية، وبالتالي يتوقع تصاعد الهجمات الإرهابية الفترة المقبلة، تزامنًا مع الاضطرابات السياسية، التي تمثل بيئة خصبة تجتمع مع المظالم المحلية، لتتخذ منها التنظيمات المحلية ذريعة للتجنيد، ومواجهة سياسات النظام، التي تتخذ منها تلك الحركات “محركًا أيديولوجيًا”.

ولعل مساعي بقايا “نظام الإنقاذ”، تلعب دورًا في استمرار هذه الظاهرة، ففي أعقاب سقوط البشير بايع مجموعة من بقايا الإخوان عبد الحيّ يوسف في مسجد خاتم المرسلين بحي جبرة جنوب الخرطوم، وهو الحيّ الذي شهد ظهور الخلية الأخيرة. وعبد الحيّ يوسف، أحد متشددي الحركة الإسلامية السياسية البائدة، والتي تعدّ آخر أهداف إخوان السودان لتحريك المشهد في البلاد؛ في محاولة لإظهار البلاد أنها غير مؤهلة للخروج من القائمة الأمريكية للإرهاب.

وكانت المطالب التاريخية للولايات المتحدة لإزالة السودان من قوائم الإرهاب تتمثل في : وقف عمليات الجماعات المتطرفة، بما في ذلك الجهاد الإسلامي وحماس، وتوقيع اتفاق سلام شامل مع الجيش الشعبي لتحرير السودان. وهي المطالب التي عارضها المتشددون في النظام السابق. وحاليًا تعمل الحكومة الانتقالية على تعزيز الامتثال لتلك المطالب من خلال إيقاف الحرب الأهلية وتوقيع اتفاق سلام مع الحركات المسلحة، علاوة على فصل أي ارتباط بين السودان والحركات الإرهابية، والاتجاه نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل تزامنًا مع إجراءات رفع السودان من قوائم الدول الراعية للإرهاب، لإخراج البلاد من عزلتها الدولية.

وجاءت الضغوط الأمريكية للدفع بعملية السلام إلى الأمام وكذلك اتخاذ الحكومة السودانية إجراءات فاعلة ضد الحركات الإرهابية، خطوة ليس فقط نحو رفض السودان من قوائم الإرهاب، ولكن أيضًا نحو ابعاد البلاد من مستنقع الإرهاب؛ عبر الربط بين أجندة مكافحة الإرهاب وأجندة السلام في السودان.  

وعلى الرغم من تمتع البلاد بالإرادة السياسية، فإنها لا تزال محدودة القدرات في تعظيم جهود وآليات مكافحة الإرهاب، كما أن الإجراءات المالية وإحكام السيطرة على موارد البلاد وحركة التدفق النقدي وإحكام السيطرة على القطاع المصرفي، لضمان عدم استمرار تعرض البلاد لغسيل الأموال وغيرها من الأعمال غير المشروعة، لا تزال هذه الإجراءات تواجه ممانعة من قبل بقايا النظام السابق، ولا تزال آليات وإجراءات المرحلة الانتقالية تراوح مكانها.

وكشف مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2020، حجم الآثار الاقتصادية السلبية التي يعاني منها السودان، بسبب وقوعه فخًا للإرهاب. فمن ضمن 18 دولة إفريقية، رصدها البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، احتلت السودان المرتبة الثالثة، من حيث: عدد الهجمات وعدد الضحايا، وكذلك الآثار الاقتصادية للإرهاب.

ووفقًا لنفس البرنامج، احتل السودان المرتبة الثانية من حيث الدول الإفريقية الأعلى إنفاقًا على تحجيم العنف. ويعود ذلك، وفقًا للمؤشر، إلى كون السودان واحدة من أكثر الدول التي تعاني من الهشاشة المؤسسية والاجتماعية، على نحوٍ جعلها تتصدر في أكثر من موضوع، دولة مثل الصومال، التي تعد نموذجًا للهشاشة والفشل.

  • حدود رخوة

تشكل الحدود الرخوة فرصة سانحة أمام العناصر الهاربة من داعش، والتي تتخذ من إفريقيا ساحة لإعادة التموضع، ولعل السودان في ظل السيولة الأمنية والتحديات الهيكلية التي يعاني منها، ملاذًا آمنًا لتلك العناصر، لتشتبك مع تلك المحلية الساخطة على الاجراءات الانتقالية، التي تستبعد العناصر الإخوانية من كافة مؤسسات البلاد.

أضف إلى ذلك، عناصر التمرد القبلي والمحلي، خاصة في المناطق الحدودية السودانية، في ظل معاناة الهامش جرّاء ضعف التنمية المحلية. بل إن الاضطرابات السياسية والضعف الهيكلي للمؤسسات المعنية بالرقابة وضبط الحدود، يفتح المجال لاستهداف السودان كوجهة آمنة للإرهابيين. فساهم ضعف الرقابة على المسارات والمعابر والمطارات إلى سهولة عبور العناصر الإرهابية إلى البلاد.

لا تزال قوات الأمن وقوات مكافحة الإرهاب السودانية تواجه صعوبات في وقف دخول المقاتلين والأسلحة غير المشروعة من دول الجوار، ولا زال السودان يفتقر إلى القدرات الفنية والمادية لتأمين حدوده.

ويمثل الموقع الجغرافي للسودان أحد معضلات الهشاشة الأمنية، في ظل إحاطته بسبع دول، منها من يعاني من عدم الاستقرار، إضافة إلى شواطئه الممتدة على البحر الأحمر. وبالتالي فالسودان عرضة للجماعات الإرهابية المنتشرة في كل من إفريقيا وشبه الجزيرة العربية. إذ بات يطارد السودان شبح جماعات مثل: “بوكو حرام”، “نصرة الإسلام والمسلمين”، “الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى”، إضافة إلى “داعش” و”القاعدة” في ليبيا.

وبالتالي يسهم موقع السودان في جعله معبرًا للجماعات الإرهابية، خاصة مع سهولة المرور عبر المعابر، التي تتسم بإدارة غير رسمية وضعيفة، إذ تفتقر المعابر لموظفين رسميين أو موظفين مجهزين، ويعتمدون في الغالب على الدفاتر الورقية لتسجيل الدخول؛ بما يسهل من نفاذ الكيانات الإرهابية، وكذلك مساعدتها على بناء شبكات وروابط عبر مسارح مختلفة للصراع.

ويّعد شرق السودان من أكثر المناطق السودانية هشاشة في ذلك الصدد، خاصة سلسلة جبال كوروش شمال شرق السودان، والتي تمتد بموازاة البحر الأحمر؛ وثبت أن هذه المنطقة كانت مثالية لإدارة المخدرات والأسلحة، إضافة إلى استخدام القاعدة لها في 2004 كمعسرات للتدريب.

وبالتالي يصبح شرق السودان، الذي يتسم بطبيعة جبلية وعرة، تجعل عملية المراقبة بالغة الصعوبة، عرضة لتصدير القاعدة وداعش والجماعات الإرهابية في اليمن، الإرهاب من خليج عدن إلى القرن الإفريقي، عبر شرق السودان.

إضافة إلى الروابط الإرهابية، فإن شرق السودان، وخاصة ولايتي “كسلا” و “القضارف”، يمثلان نقاط الدخول الرئيسية للبلاد، ومنها إلى نقاط التمركز في العاصمة الخرطوم، أمام حركات اللجوء والهجرة غير النظامية من القرن الإفريقي إلى شمال إفريقيا والبحر المتوسط.

  • امتدادات إقليمية

ارتبط الدعم التاريخي للحركات الإرهابية في السودان، بالمحيط الإقليمي، على نحوٍ مهدد للمنطقة ككل؛ فقد قدمت حكومة البشير الدعم للقاعدة والجهاد الإسلامي المصري وحزب الله وحماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني، بل وكان هناك دعمً للحركات الإقليمية، إذ قدم الدعم لجيش الرب للمقاومة الأوغندي، والجهاد الإسلامي الإريتري، والجبهة الإسلامية لتحرير أوروميا.

ولم تتحرك تلك الجماعات بحرية داخل وخارج السودان فحسب، بل أنشأوا أيضًا مكاتب وشركات وقواعد لوجستية للعمليات في شرق البلاد، والتي أرسلت مقاتلين من لبنان وأفغانستان والجزائر عبر الحدود إلى إريتريا وإثيوبيا، إلا أن نظام البشير، حاول في بعض الأوقات تقليص الدعم لتلك الحركات في سبيل تحسين علاقاته بمحيطه الإقليمي.

ورغم سقوط البشير، إلا أن الروابط التاريخية والإقليمية، لا تزال تضع البلد ضمن شبكة الارتباطات الإرهابية. وكذلك فالسودان عرضة للرياح الإرهابية القادمة على القارة؛ بعد أن اتخذتها داعش ساحة بديلة آمنة لإعادة التموضع، بعد هزيمتها في الشرق الأوسط. أضف إلى ذلك الاضطرابات الأمنية وحالة السيولة التي يشهدها القرن الإفريقي، والمحيط الإقليمي للسودان، بما يجعله عرضة لآثار اضطراب محيطه الإقليمي.

وحذّرت الخارجية الأمريكية عام 2018، من احتمالية عودة داعش إلى السودان، بعد أن فقد التنظيم حواضنه في سوريا والعراق. وعلى الرغم من عدم وجود هجمات واسعة النطاق، فإن الملامح تؤشر على ارتباط داعش بعناصر متطرفة في السودان.

وارتباطًا بالبيئة المضطربة والحدود الرخوة، أجرى رئيس المجلس العسكري التشادي الانتقالي، زيارة إلى الخرطوم، أغسطس الماضي، لتعزيز التعاون بين البلدين فيما يتعلق بأمن الحدود ومكافحة الإرهاب والانتهاكات الأمنية العابرة للحدود.

وينصرف الأمر نفسه على التعاون المصري السوداني، الذي لا يتوقف عند حدود تقديم مصر الدعم الفني في مجال رفع القدرات القتالية للجيش السوداني، وإنما يمتد إلى قضايا مكافحة الإرهاب والأمن غير التقليدي، عبر توقيع بروتوكولات التعاون وزيادة التنسيق في مجالات مكافحة الإرهاب، وزيادة تبادل الخبرات والمعلومات الاستخباراتية.

  • ارتباطات تاريخية

تمثل الذاكرة التاريخية للبلد، كونه واحدًا من تلك التي قامت على رعاية وتقديم الدعم للتنظيمات الإرهابية في السابق، ذاكرة خصبة للجماعات الإرهابية. وقد تحملت البلد تلك الفاتورة الثقيلة، بعدما تعهدت بدفع أكثر من 300 مليون دولار لعائلات الضحايا الأمريكان، الذين أصيبوا في هجوم وقع في 1998 على سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا، عندما كان الرئيس السابق، عمر البشير، يرحب بالقاعدة في البلاد، وهجوم آخر وقع على المدمرة الأمريكية “يو إس إس كول” قبالة الساحل اليمني في عام 2000.

جرت تلك الأحداث في المنطقة، تزامنًا مع وصول البشير وحزبه المؤتمر الوطني للحكم، الذي سعى إلى جعل السودان عاصمة إسلامية تقدم الدعم للمتشددين؛ بما في ذلك أسامة بن لادن والقاعدة، في الفترة ( 1991 -1996).

وبحلول أواخر التسعينات وجدت الحكومة السودانية نفسها عرضة للعزلة الدولية التي قادتها الولايات المتحدة، وبعد أحداث 11 سبتمبر حاولت تخفيف ارتباطها بتلك الحركات الإرهابية، لكنها ظلت تعاني تلك العزلة، وما لها من تبعات اقتصادية على البلاد.

واليوم تقف الحكومة السودانية عن مفترق طرق، مع قيادة الحكومة الحالية برئاسة ” عبد الله حمدوك” جهود دؤوبة للدفع بالبلاد بعيدًا عن ذلك الماضي البغيض؛ بالعمل على تحسين العلاقة مع الولايات المتحدة، للخروج من العزلة الدولية وتحسين أداء البلاد الاقتصادي، وكذلك التفاوض مع الحركات المسلحة، بهدف تحقيق السلام بالبلاد، بما ينهي المعاناة ودواعي التطرف والعنف في البلاد.

إنذار مبكّر

مما لا شك فيه، أن الحادث الإرهابي الأخير، جاء مبثابة إنذار مبكر لأجهزة الأمن السودانية، وكذلك مسؤولي المرحلة الانتقالية، وكذلك شركاء السودان الإقليميين والدوليين، لتفعيل وتعزيز جهود مكافحة الإرهاب وكذلك تفعيل جهود مكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود، ناهيك عن دعم وتعزيز مؤسسات الأمن السودانية، بما في ذلك إنفاذ الترتيبات الأمنية وإعادة هيكلة القوات المسلحة.

وعلاوة على المقاربة الأمنية، فلا تقل التحديات السياسية والمظالم المحلية والتنموية أهمية عن تلك الأمنية، فإن معالجة المظالم والتهميش المجتمعي، من شأنه أن يعمل على تجفيف منابع الإرهاب، ومجابهة العوامل التي تهييء البيئة والسياق المحلي، لاحتضان أية عناصر يمكنها صياغة المظالم المحلية وقيادة جهود المواجهة مع حكومات الدول، بإسم المظالم المحلية.

وهو الأمر الذي بدوره يعمل على تعقد الظاهرة الإرهابية، نظرًا للتداخل بين الحركات الإيديولوجية وتلك المحلية، ولعل ذلك واضحًا بشدّة في مالي ومنطقة الساحل، على النحو الذي عقّد الظاهرة الإرهابية، في ذلك الشريط الملتهب بنيران الإرهاب في وجهه الإفريقي.

في هذا الصدد، أكدت مصر دعمها وتضامنها مع السودان في قضايا وملفات السلام، كذلك وقّع البلدان اتفاقية للتعاون العسكري المشترك، وتمّ إجراء العديد من المناورات والتدريبات العسكرية، في سياق تقديم مصر للدعم الفني وبرامج التأهيل ورفع القدرات للقوات السودانية.

mailto:<blockquote class=”twitter-tweet”><p lang=”en” dir=”ltr”>Under the <a href=”https://twitter.com/EU_FPI?ref_src=twsrc%5Etfw”>@EU_FPI</a> 🇺🇳🇪🇺 funded <a href=”https://twitter.com/hashtag/CounterTerrorism?src=hash&amp;ref_src=twsrc%5Etfw”>#CounterTerrorism</a> Partnership for Sudan 🇸🇩, <a href=”https://twitter.com/UN_OCT?ref_src=twsrc%5Etfw”>@UN_OCT</a> &amp; partners delivered a workshop on the Protection of <a href=”https://twitter.com/hashtag/VulnerableTargets?src=hash&amp;ref_src=twsrc%5Etfw”>#VulnerableTargets</a> &amp; <a href=”https://twitter.com/hashtag/CriticalInfrastructures?src=hash&amp;ref_src=twsrc%5Etfw”>#CriticalInfrastructures</a> for 50 participants from public authorities and private sector<br><br>👉 More: <a href=”https://t.co/l0sjOKY4AS”>https://t.co/l0sjOKY4AS</a> <a href=”https://t.co/P92kf5w27d”>pic.twitter.com/P92kf5w27d</a></p>&mdash; United Nations Office of Counter-Terrorism (@UN_OCT) <a href=”https://twitter.com/UN_OCT/status/1445898367179972616?ref_src=twsrc%5Etfw”>October 6, 2021</a></blockquote> <script async src=”https://platform.twitter.com/widgets.js” charset=”utf-8″></script>

وعلى الصعيد الدولي، هناك اهتمام دولي متصاعد حول أهمية تقديم الدعم للسودان في مجال مكافحة الإرهاب، ففي منتصف سبتمبر الماضي، نظّم مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي، ورشة عمل حول ” “حماية الأهداف الضعيفة والبنى التحتية الحيوية”، في إطار الشراكات والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب.

وشارك في هذه الورشة المنظمات الأممية المعنية بمكافحة الإرهاب والجريمة، ونحو 50 مشاركًا من السلطات السودانية والقطاع الخاص والعاملين في مجال البنية التحتية، لزيادة الوعي وتبادل الخبرات حول أفضل الممارسات.

ويهدف هذا المشروع الذي يموّله الاتحاد الأوروبي إلى تقديم مشاريع بناء القدرات المخصصة في مجال استراتيجية مكافحة الإرهاب، وأمن الحدود، ومكافحة تمويل الإرهاب، والشرطة المجتمعية، ودعم حقوق الإنسان أثناء مكافحة الإرهاب. وعلى مدار العام، تمّ تنظيم ورش عمل في موضوعات متعددة: مكافحة تمويل الإرهاب، أمن الحدود وإدارتها، دعم دور منظمات المجتمع المدني في مكافحة الإرهاب، والربط بين شبكة الجريمة المنظمة وكافحة الإرهاب.

وهذه المبادرة تلفت النظر إلى أهمية تعاون الشركاء الدوليين و الإقليميين مع السودان، من أجل تحجيم ومواجهة تلك الظاهرة قبل أن تتنامى، خاصة مع انتشار العوامل المحلية والإقليمية، التي تجعلها بيئة خصبة لتنامي الإرهاب مرة أخرى، وبدلًا من أن توافينا الأخبار بالمواجهات والصدامات القبلية، التي تعمل الحكومة الانتقالية على معالجتها، وفق قضايا السلام، ستأتينا أخبار لتخبرنا بما هو أكثر معاناة، حينما تتشابك الصراعات المحلية مع الحركات الإرهابية الأيديولوجية، بما يستنسخ التجربة المالية. وهي الأخبار غير المبشرة لمحيط السودان الإقليمي، وفي القلب منه مصر، التي يتعيّن على الأجهزة الأمنية المصرية تعزيز التعاون وجود مكافحة الإرهاب مع السودان الفترة المقبلة، حتى لا تصبح الحدود الجنوبية أكثر إلتهابًا، كما الغربية في ليبيا، لتنسج كلٌ من السودان وليبيا وتشاد مثلثًا جديدًا للرعب.

شيماء البكش

باحثة ببرنامج العلاقات الدولية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى