العلاقات الاقتصادية بين مصر والكويت: شراكة راسخة وآفاق واعدة
تتمتع مصر والكويت بعلاقات تاريخية وثيقة تمتد لسنوات، وتنعكس هذه العلاقات على مختلف المجالات، بداية من العلاقات السياسية الوثيقة والتي تُعد نموذجًا يحتذى به للعلاقات العربية-العربية، حيث تتميز بالاحترام المتبادل والتعاون الوثيق في مختلف القضايا العربية والإقليمية والدولية، وقد شهدت العديد من المواقف الداعمة بداية من عام 1961، وقت اعتراف مصر باستقلال الكويت فور إعلانه، إلى جانب الدعم المصري إبان حرب الخليج الثانية عام 1990. وفي المقابل تدعم الكويت مصر في مسيرتها التنموية وفي مختلف المحافل الدولية وخاصة في أعقاب ثورتي 25 يناير و30 يونيو حيث قدمت وديعة دولارية بقيمة ملياري دولار في عام 2013 وأخرى في عام 2015.
ومن هذا المنطلق يمكن القول إن العلاقات الاقتصادية تمثل أحد أبرز الروابط القوية التي تربط كلا البلدين الشقيقين، خاصةً وأن الكويت تأتي في المركز الرابع في قائمة أهم الدول المستثمرة في مصر، وتتجاوز قيمة مساهمتها في المشروعات الاستثمارية 10 مليارات دولار، سواء تلك التي تتم بصورة مباشرة عبر الشركات الكويتية وأخرى عبر التعاون والمساهمة مع الشركات المصرية القائمة، أضف إلى هذا الثروة والأصول العقارية؛ والتي تقدر بنحو 19 مليار دولار.
وقد تجسّدت تلك العلاقات أيضًا في تشكيل العديد من الاتحادات والروابط المشتركة بين كلا البلدين، فنذكر منها الملتقى المصري الكويتي؛ والذي يُعدّ من أهمّ الفعاليات التي تعزّز التعاون الاقتصادي بين البلدين، ويشارك في الملتقى كبار رجال الأعمال والمستثمرين من البلدين، بالإضافة إلى ممثلين عن الحكومتين، ويتم خلال الملتقى مناقشة فرص الاستثمار المشترك، وعقد الاتفاقيات التجارية، وتبادل الخبرات بين البلدين.
إلى جانب الغرفة التجارية المصرية الكويتية؛ المؤسسة عام 1978، بهدف تسهيل التعاون بين الشركات المصرية والكويتية، أضف إلى ذلك مجلس الأعمال المصري الكويتي، والذي تأسس عام 2004، ويضمّ المجلس كبار رجال الأعمال من البلدين.
ومن هنا يقدم هذا المقال تسليطًا للضوء على العلاقات المصرية الكويتية الاقتصادية بصورة خاصة عبر استعراض لحجم التبادل التجاري بين كلا البلدين وصولًا إلى حجم الاستثمارات المنفذة وتحويلات العاملين والتي تمثل الرافد الأبرز.
أولا: حجم التبادل التجاري بين مصر والكويت:
يشهد التبادل التجاري بين مصر والكويت نموًا ملحوظًا، حيث بلغ حجمه في عام 2022 نحو 400 مليون دولار أمريكي، بزيادة 21.4% عن عام 2020. وتسعى مصر جاهدة لزيادة حجم التبادل التجاري مع الكويت إلى مليار دولار خلال الفترة القادمة.
وتتمثل أبرز الصادرات المصرية إلى الكويت في المنتجات الغذائية والزراعية، والمنتجات البلاستيكية والمطاطية، والحديد والصلب، والأجهزة والمعدات الكهربائية، والأدوية، والمنسوجات. ويوضح الشكل التالي تطور قيمة الصادرات المصرية خلال الفترة (2020- 2022).
وفي المقابل تشمل الواردات المصرية من الكويت البترول والمنتجات البترولية، والغاز الطبيعي، والكيماويات، والمواد الخام، والآلات والمعدات وقد شهدت قيمة تلك المنتجات طفرة في عام 2022 لتتجاوز قيمتها 3وفي المقابل، تشمل الواردات المصرية من الكويت النفط والمنتجات البترولية والغاز الطبيعي والكيماويات والمواد الخام والآلات والمعدات. وقد شهدت قيمة تلك المنتجات ارتفاعًا كبيرًا في عام 2022 لتتجاوز قيمتها 3 ملايين دولار.
ثانيا: الاستثمارات الكويتية في مصر:
تُعدّ الكويت من أهم الدول المستثمرة في مصر، حيث تبلغ استثماراتها حوالي 10 مليارات دولار أمريكي، فيما بلغ حجم الودائع لدى البنك المركزي 4 مليارات دولار، تتكون من وديعتين؛ الأولى بمبلغ ملياري دولار ولمدة 5 سنوات وبسعر فائدة متغير، وتم إيداعها بناءً على قرار مجلس الوزراء الكويتي في عام 2013. والوديعة الثانية قررها مجلس الوزراء الكويتي في عام 2015، بمبلغ ملياري دولار موزعة على ثلاث ودائع، وبفائدة 2.5% سنويًا تدفع على أساس نصف سنوي (كل ستة أشهر) اعتبارًا من تاريخ إيداع مبلغ الوديعة.
بالإضافة إلى برامج التمويل التي قدمها الصندوق الكويتي للتنمية والتي تتجاوز نحو 50 مشروعًا استراتيجيًا تسهم بشكل كبير في دعم الاقتصاد المصري، وتتنوع مجالات الاستثمار الكويتي في مصر حيث تمثل إنشاء الشركة القابضة المصرية الكويتية، التي أنشأها لفيف من رجال الأعمال الكويتيين والمصريين في العام 1997، نموذجًا يحتذى به في دعم الاستثمار المشترك بين البلدين؛ لتشمل قطاعات حيوية مثل:
- العقارات: تمتلك الشركات الكويتية العديد من المشروعات العقارية الكبرى في مصر، والعديد من مراكز التسوق والترفيه، والمساهمة في شركات عقارية كبرى في مصر.
- الطاقة: تستثمر الكويت في مشاريع الطاقة الكهربائية في مصر، عبر شركة الكويت للطاقة والتي تساهم في عدد من المشروعات الكبرى داخل مصر.، كما تستثمر شركة البترول الكويتية الدولية في مشاريع استكشاف وإنتاج البترول والغاز الطبيعي في مصر، بقيمة استثمارية تُقدّر بحوالي 1 مليار دولار أمريكي.
- السياحة: تمتلك الكويت العديد من الفنادق والمنتجعات السياحية في مصر، خاصة على ساحل البحر الأحمر.
- الصناعة: تستثمر الكويت في مشاريع صناعية كبرى في مصر.
وفي المقابل تتواجد بعض الشركات المصرية في الكويت، وتعمل في مجالات مختلفة مثل:
- البناء والمقاولات: تنفذ بعض الشركات المصرية مشاريع إنشائية كبرى في الكويت، مثل: مشاريع البنية التحتية، ومشاريع الإسكان. خاصة شركة المقاولين العرب.
- الخدمات المالية: تمتلك بعض البنوك المصرية فروعًا في الكويت، وتقدم خدمات مالية متنوعة للشركات والأفراد.
ثالثا: تحويلات العاملين المصريين في الكويت:
تعد الكويت من الوجهات الأكثر جذباً للعمالة المصرية، فقد بلغت أعداد العمالة المصرية في الكويت أكثر من 400 ألف عامل مصري، حيث استحوذت الجالية المصرية على 17% من إجمالي العمالة في الكويت بواقع 453.7 ألف مصري في عام 2023، مقارنة بـ 484.259 مصريًا ومصرية بنهاية ديسمبر 2022، بمعدل زيادة بلغ 2397 شخصًا. وفقًا لبيانات رسمية حول سوق العمل الكويتي.
وتمثل تحويلات العاملين المصريين في الكويت مصدرًا مهمًا للدخل القومي المصري، حيث بلغت حوالي 4 مليارات دولار أمريكي في عام 2022. وتسهم هذه التحويلات في دعم الاقتصاد المصري وتحسين مستوى معيشة العديد من الأسر المصرية.
ختاما يمكن القول إن آفاق التعاون الاقتصادي بين مصر والكويت واعدة للغاية، وذلك لعدة أسباب، منها موقع البلدين الاستراتيجي، حيث تقع مصر على مفترق طرق التجارة العالمية، بينما تمتلك الكويت احتياطيات كبيرة من النفط والغاز الطبيعي. كما تتمتع مصر والكويت بعلاقات سياسية وثيقة ومستقرة، بالإضافة إلى الرغبة المشتركة في تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين.