![](https://marsad.ecss.com.eg/wp-content/uploads/2024/05/عيد-العمال-الاء-برانية-679x470.png)
في عيدهم: قراءة في خريطة أرقام وإسهامات العمالة المصرية
يحتفل العالم في الأول من مايو كل عام بيوم العمال العالمي، الذي يرتبط تاريخه بحركة العمال في القرن التاسع عشر. حيث بدأت نقابات العمال بالمطالبة بتحسين ظروف العمل، بما في ذلك تقليل ساعات العمل وزيادة الأجور، وتحسين السلامة المهنية. فأصبح الأول من مايو رمزا لنضال العمال من أجل حقوقهم وأصبح يُمثل فرصة للعمال للتعبير عن مطالبهم وتطلعاتهم، كما يُعدّ مناسبة لتقييم الإنجازات التي تحققت على صعيد حقوق العمال.
وعلى صعيد الدولة المصرية، فكانت لسواعد العمال باع طويل في بناء وتقدم الدولة على مر العصور، من خلال مساهماتهم المتنوعة في مختلف المجالات، كما كان لهم دور عظيم في بناء الجمهورية الجديدة فأصبحوا ثروة مصر الحقيقية وسلاح التنمية الذي يتحدى الصعاب ويواجه الأزمات. ويُلقي التقرير الضوء على الدور الوطني العظيم لعمال مصر في بناء الدولة المصرية خلال عشر سنوات.
أولا: مجالات توزيع العمالة في الدولة
يُعتبر عمال مصر هم الركائز الأساسية للاقتصاد المصري حيث ينخرط العمال في مجالات الحرف والصناعة، والزراعة التي تعتمد عليها الدولة بشكل أساسي، كما يساهم العمال في البناء والتشييد والنقل وتقديم الخدمات وغيرها من المجالات. فحسب تقرير “مصر في أرقام” الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء في عام 2023، كان العمال أكثر انخراطا في مجالات الزراعة والصيد بنسبة 18.9% ومجال الإنشاءات ” التشييد والبناء” بنسبة 13.9%، والصناعات التحويلية بنسبة 12.5%، علاوة على مجال النقل والتخزين بنسبة 9.8% والعمالة المنزلية بنسبة 0.9%. كما أفاد تقرير ” إحصاء العاملين بالقطاع العام والأعمال لعام 2023، بأن 32.4% من العاملين في القطاعات الاقتصادية يتواجدون مجال الإسكان والتعمير.
![](https://marsad.ecss.com.eg/wp-content/uploads/2024/05/image.png)
ثانيا: إسهامات العمال الاقتصادية
تتمحور مساهمات العمال الاقتصادية حول الحرف والصناعة والتصنيع والبنية التحتية والانشاءات والإنتاج الزراعي:
![](https://marsad.ecss.com.eg/wp-content/uploads/2024/05/image-1.png)
- الحرف والصناعة
يشارك أكثر من 3.5 ملايين مشتغل بالقطاع الصناعي بما يعادل 13%، وهو أحد القطاعات التي تعمل على تنويع البنيان الإنتاجي للدولة وتعزيز التنافسية الدولية للاقتصاد المصري. وبناء عليه؛ فقد أصبح القطاع الصناعي من القطاعات الرائدة التي تتسم بارتفاع الإنتاجية، وتنامي القدرات التصديرية، حيث يحتل الـمرتبة الأولى من حيث الـمُساهمة في الناتج الـمحلي الإجمالي بنسبة لا تقل عن 16%. فضلًا عن مُشاركة القطاع الصناعي في الصادرات الوطنية بنسبة تزيد عن 85% من جملة الصادرات السلعيّة غير البترولية والبالغة نحو 25.9 مليار دولار عام 21/2022 مما يُعزّز من دوره في التخفيف من حدة الاختلالات الهيكليّة في الـميزان التجاري.
كما ينضم ثلثي العمالة المشتغلة في القطاع الخاص بقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر والتي تعتبر المحرك الرئيسي للتنمية وزيادة معدلات النمو. وعليه يساهم قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة بما لا يقل عن 80% من إجمالي القيمة المضافة.
- مجال التشييد والبناء
ساهم العمال في تطوير البنية التحتية خلال 10 سنوات وخاصة التي تتعلق بالطرق ومشروعات النقل واللوجستيات والتي تعتبر أعمدة الحياة الصناعية والزراعية والإنتاجية بشكل عام. كما شارك الآلاف من العمال في تنفيذ أكثر من مليون وحدة سكنية من خلال مشروعات الإسكان الاجتماعي والمتوسط والمتميز، التي تعزز وترسي مبدأ العدالة الاجتماعية وحق المواطن المصري في السكن اللائق.
وكانت العمالة المصرية هي الضلع الأساسي في نجاح المشروعات القومية العملاقة التي بدأت فيها الدولة المصرية منذ عام 2014. فشارك أكثر من 450 ألف عامل في أعمال البنية التحتية للمشروع القومي لتنمية الريف المصري” حياة كريمة”، وعلى سبيل المثال لا الحصر هناك 28 ألف و298 عامل غير مُنتظم يعملون في مدينة العلمين الجديد، و65 ألفا و261 عامل في العاصمة الإدارية الجديدة.
- الإنتاج الزراعي
يشارك أكثر من 18.90% من العمال في المجال الزراعي، بواقع 5.49 مليون مشتغل. وبفضل جهودهم فقد بلغت صادرات مصر الزراعية خلال عام 2022 لأول مرة في تاريخها ما يقرب من 6.5 مليون طن، بحوالي 3.3 مليار دولار. لتغزو المنتجات الزراعية 160 سوق عالمي.
وبالمثل يشارك ملايين العمال المصريين في نجاح مشروع الدلتا الجديد والذي يضم أكثر 5 مليون عامل بحلول عام 2025. إضافة إلى مشروع توشكي ومشروع غليون المتكامل والمشروع القومي للبتلو وغيرها من المشروعات القومية التي كانت درعا منيعا يحمي الدولة خلال الأزمات العالمية المتتالية بدءا من جائحة كورونا ومرورا بالأزمة الروسية الأوكرانية وصولا إلى الحرب على غزة.
ثالثا: إسهامات العمال الاجتماعية والسياسية
يرجع الفضل للمساهمات الاجتماعية والسياسية للعمال إلى الحركات العمالية التي تعود جذورها لأواخر القرن التاسع عشر، مع اندلاع أول إضراب عمالي عام 1899 والذي تسبب في إنشاء أول نقابة عمالية في مصر تلاها تأسيس العديد من النقابات في مختلف القطاعات والتي تعمل تحسين ظروف العمل وسن القوانين المنصفة للعمال وزيادة الأجور وغيرها من المطالبات المشروعة. وقد أدت تلك الحركات العمالية إلى إصدار العديد من القوانين التي تحمي العمالة وتحافظ على حقوقهم وتقوم بتحقيق التوازن بين طرفي العملية الإنتاجية من صاحب عمل وعامل، إضافة إلى تعزيز العلاقات بينهم وترسيخ مبادئ الحريات النقابية.
واستمر ازدياد الوعي السياسي لعمال مصر بمرور السنوات حتى عام 2012 الذي شهد العديد من الاحتجاجات العمالية ضد حكم الجماعة الإرهابية مطالبين حينها بزيادة الأجور وتحسين ظروف العمل وخلق فرص عمل جديدة وذلك جراء ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب. تلا تلك الاحتجاجات سلسلة من الاحتجاجات الأخرى في عام 2013 والتي تزامنت مع الاحتجاجات الشعبية الواسعة حينها مطالبين مع جموع الشعب المصري بإسقاط حكم جماعة الإخوان الإرهابية.
وبنظرة عن كثب على الأوضاع حينها فحسب تقرير المجلس القومي لحقوق الإنسان عن “أوضاع العمال”، قد بلغت الاحتجاجات ما يقرب من 4609 خلال الفترة منذ مطلع يوليو 2012 وحتى 20 يونيو 2013. وذلك على خلفية إدراج مصر في يونيو 2013 ضمن قائمة الحالات الفردية لمنظمة العمل الدولية والمعروفة بـ«القائمة السوداء» للدول الأشد انتهاكاً في مجال الحريات النقابية وحقوق العمال، لتصبح مصر ضمن أسوأ 25 دولة شملتها القائمة لا تحترم الاتفاقيات الدولية الخاصة بالحريات النقابية.
وبنجاح إرادة الشعب المصري في إسقاط حكم الجماعة الإرهابية ازداد الأمل لعمال مصر وانعكس ذلك في المشاركات الملحوظة في الاستحقاقات الانتخابية المختلفة التي خاضتها الدولة المصرية منذ عام 2014، وتصدر المشهد العام للانتخابات الرئاسية 2024، باعتبارها أهم الاستحقاقات الدستورية، وذلك لاستكمال مسيرة بناء الجمهورية الجديدة.
رابعا: إعادة إعمار الدول الأخرى
لعب عمال مصر دورا محوريا في إعادة إعمار العديد من الدول العربية والأفريقية، وذلك لتمتعهم بخبرات واسعة ومهارات عالية في مختلف مجالات البناء والتشييد، كذلك تواجد العديد من الشركات المصرية العاملة في مشاريع البنية التحتية في مختلف الدول على سبيل المثال شركة المقاولون العرب الوطنية المصرية والتي تتواجد في 23 دولة أفريقية، لذلك:
- تمثل العمالة المصرية حجر الزاوية في عملية إعادة إعمار ليبيا، بعد الاستقرار النسبي سياسيا وأمنيا، وذلك على خلفية توقيع مذكرة التفاهم بشأن تنظيم وتسهيل تنقل الأيدي العاملة الموقعة بين الدولتين، ووضع آليات جذب العمالة المصرية للعمل في إعمار الدولة الليبية، فضلا عن الربط الإلكتروني بين الوزارتين لتحديد احتياجات الجانب الليبي من التخصصات المهنية المطلوبة. وتوقيع صندوق إعمار ليبيا عقود إنشاء 11 كوبري في درنة وبنغازي وأجدابيا مع شركات مصرية في يناير 2024.
- هناك دور مرتقب للعمالة المصرية في إعادة إعمار دولة العراق وتنفيذ كافة مشروعات البنية التحتية هناك انطلاقًا من خبرة العمالة المصرية المتراكمة في هذا المجال، ونقلها للأشقاء في دولة العراق.
- ظل عمال مصر القوة الخفية التي تعيد إعمار قطاع غزة في العديد من المرات آخرها عام 2021، لاستكمال المرحلة الثانية من إعادة الإعمار برفع أكثر من 85 ألف متر مكعب من الركام والشروع في بناء 3 مدن سكنية ” دار مصر 1 في الزهراء- دار مصر 2 في جباليا – دار مصر 3 في بيت لاهيا” إضافة إلى إنشاء 2 كوبري وتطوير التقاطعات المهمة في المدينة. ومن المتوقع أن يكون لهم الدور الرئيسي في إعادة إعمار قطاع غزة المدمر عقب انتهاء الحرب الإسرائيلية المدمرة
إجمالا،
لا يمكن إنكار الدور الحيوي والمهم لعمال مصر لكونهم أساس الإنتاج وركيزة أساسية للاقتصاد الوطني، وعلى الرغم من التحديات والأزمات التي مرت بها الدولة المصرية كانوا الدرع الواقي بفضل وعيهم وإدراكهم لحقوقهم وواجباتهم، وعليه فقد قامت الدولة المصرية برد الجميل وترجم ذلك في العديد من التشريعات الحامية للعمال إضافة إلى استمرار تحسين الأجور والأوضاع المعيشية لهم وتوفير فرص التدريب والتطوير المهني لتعزيز مهاراتهم.
المصادر:
- الهيئة العامة للاستعلامات، وزارة العمل تُصدر تقريرًا بشأن ملف العمل في 10 سنوات، ابريل 2024.
- الهيئة العامة للاستعلامات، “المشروعات القومية الكبرى تجبر معدل البطالة على التراجع”، سبتمبر 2022.
- المكتب الإعلامي لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي: “الزراعة” تعلن بالأرقام التقرير النهائي لصادرات مصر الزراعية خلال عام 2022، يناير عام 2023.
- مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار: تمكين القطاع الخاص في القطاع الاقتصادي، 2021.
- المصري اليوم: العمال في عهد مرسي.. مستحقات «خارج الخدمة» واحتجاجات «كامل العدد»، يونيو 2013.
- اليوم السابع: تفاصيل المنحة المصرية لإعادة إعمار قطاع غزة. ديسمبر 2021