
مصر وتغليظ العقوبات في “جرائم التحرش”
أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي قانون ١٤١ لسنة ٢٠٢١ الخاص بتعديل قانون العقوبات لمواجهة التحرش الجنسي.
وتضمنت التعديلات:
يستبدل بنص المادتين (306 مكرر أ) و (306 مكرر ب) من قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937، النصان الاتيان:
- المادة 306 مكرر أ: حيث يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تتجاوز أربع سنوات وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد على مائتي ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تعرض للغير في مكان عام أو خاص أو مطروق بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل بأية وسيلة بما في ذلك وسائل الاتصالات السلكية أو اللاسلكية أو الكترونية أو أية وسيلة تقنية أخرى.
وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن مائتي ألف جنيه ولا تزيد على ثلاثمائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا تكرر الفعل من الجاني من خلال الملاحقة والتتبع للمجني عليه. وفي حالة العودة يتم مضاعفة عقوبتي الحبس والغرامة في حديهما الأدنى والأقصى.
وإذا كان الجاني ممن نص عليهم في الفقرة الثانية من المادة (267) من هذا القانون أو كانت له سلطة وظيفية أو أسرية أو دراسية على المجني عليه أو مارس عليه أي ضغط تسمح له الظروف بممارسته عليه أو ارتكبت الجريمة من شخصين فأكثر أو كان أحدهم على الأقل يحمل سلاحا تكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن سبع سنوات.
- مادة ٣٠٦ مكرر (ب): يعد تحرشًا جنسيًا إذا ارتكبت الجريمة المنصوص عليها في المادة ٣٠٦ مكررًا (أ) من هذا القانون بقصد حصول الجاني من المجني عليه على منفعة ذات طبيعة جنسية، ويعاقب الجاني بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات، فإذا كان الجاني ممن نص عليهم في الفقرة الثانية من المادة ٢٦٧من هذا القانون (الفاعل من أصول المجني عليها أو من المتولين تربيتها أو ملاحظتها أو ممن لهم سلطة عليها أو كان خادماً بالأجر عندها أو عند من تقدم ذكرهم، أو تعدد الفاعلون للجريمة)، أو كانت له سلطة وظيفية أو أسرية أو دراسية على المجني عليه أو مارس عليه أي ضغط تسمح له الظروف بممارسته عليه أو ارتكبت الجريمة من شخصين فأكثر أو كان أحدهم على الأقل يحمل سلاحًا تكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن سبع سنوات.
ولا شك أن تلك القرارات تُعد انتصارا جديدا يضاف إلى سجل انتصارات المرأة المصرية، ويأتي استكمالًا وتأكيداً على حرص الرئيس ومناداته بحماية المرأة والفتاة من كافة أشكال العنف الموجه ضدهن وعلى رأسها قضية التحرش الجنسي.
قضية التحرش في مصر.. أرقام واحصائيات
يعتبر التحرش أحد أبرز أشكال العنف ضد المرأة وأكثرها حداثة على المجتمع المصري المحافظ بطابعه، ومع زيادة استخدام السوشيال ميديا وتسليط الأخبار على مثل تلك الحوادث، طفت مشكلة التحرش على السطح كظاهرة ناجمة عن بعض المشكلات الاجتماعية وفي مقدمتها غياب دور الأسرة في التنشئة وضعف دور المؤسسات الدينية في رسم الخريطة الذهنية الأخلاقية للأجيال الحديثة حيث طغت عليهم ما تبثه منصات الإعلام من قيم غريبة على المجتمع.
وتتفاوت الإحصائيات الرسمية المحلية والدولية عن نسبة التحرش في مصر. فوفقًا لمسح التكلفة الاقتصادية للعنف القائم على أساس النوع 2015 الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء بالتعاون مع المجلس القومي للمرأة وصندوق الأمم المتحدة للسكان، فقد تعرض 13% من النساء في الفئة العمرية (18-64 سنة) خلال العام السابق لأي شكل من أشكال العنف في الأماكن العامة: سواء في مكان العمل أو المؤسسات التعليمية أو في المواصلات العامة أو في الشارع. أيضًا تعرض نحو 10% من النساء في الفئة العمرية (18-64 سنة) تقريبًا مليونين ونصف مليون امرأة للتحرش خلال العام السابق في الشارع، والأسواق، والميادين وما شابه ذلك، وارتكبت غالبية حالات التحرش من شخص غريب بنحو 92%، وأكثر من 22% حالات التحرش ارتكبت من قبل شخصين أو أكثر معًا.
بينما تعرض نحو 7% من النساء في الفئة العمرية (18-64 سنة) للتحرش في المواصلات العامة أي حوالي أكثر من مليون و700 ألف امرأة، وحدث غالبية حالات التحرش في الميكروباص بحوالي 60% ومن شخص غريب بحوالي 96%. علاوة على تعرض 15% من الفتيات اللاتي تتراوح أعمارهن بين (18-19 سنة) للتحرش في المواصلات العامة.
أيضًا تعرض نحو 4% (139 ألفا و600 امرأة) من النساء اللاتي كن ملتحقات بسوق العمل خلال العام السابق على إجراء المسح لأحد أشكال التحرش الجنسي أو العنف البدني أو النفسي في مكان العمل خلال نفس الفترة. وذكر نحو 1% تقريبًا (16 ألفا) من الفتيات اللائي يدرسن حاليًا أو اللائي كن يدرسن العام الماضي بتعرضهن للتحرش الجنسي في المؤسسات التعليمية خلال السنة الماضية للمسح.
وصممت عينة المسح لتعطي تقديرات تعبر عن المستوى الوطني، بما في ذلك تقديرات للحضر والريف موزعة على خمسة أقاليم: محافظات الوجه البحري (ريف وحضر) ومحافظات الوجه القبلي ( ريف وحضر) واستبعدت المحافظات الحدودية. وتقرر أن تكـون عينـة المسـح للتكلفـة الاقتصادية للعنـف القائـم على النـوع الاجتماعي عينـة طبقيـة عنقوديـة ذات مرحلتين.
ووفقًا لدراسة طرق وأساليب القضاء عن التحرش الجنسي في مصر (2013) الصادرة عن معهد التخطيط القومي بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، وصلت نسبة الفتيات والنساء اللائي يتعرضن للتحرش إلى 99.3% من إجمالي عدد المبحوثات. وكانت الطالبات أكثر الفئات تعرضًا للتحرش بمحافظات العينة بنسبة 91.3%، يليها فئة العاملات بنسبة 66.09%، يليها فئة ربات المنازل بنسبة 46.5%، ثم فئة السائحات بنسبة 29.9% وأخيرًا فئة ذوي الإعاقات الذهنية بنسبة 17.7%.
يذكر أن هذه الدراسة قد بُنيت على تقرير التوزيع العمري النسبي للسكان في كل محافظة من واقع بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء (2009).
واعتمدت الدراسة على تطبيق أسلوبي ” البحث الكمي” عن طريق الاستمارات، و”الكيفي” عن طريق اختيار بعض الشخصيات المهمة والقيادية التي يمكن ان يكون لها دور مؤثر في الحد من مشكلة التحرش الجنسي في مصر.
الجهود المبذولة للحد من الظاهرة
المحور التوعوي: أطلقت الدولة ، متمثلة في مؤسساتها المعنية ، عديدا من الحملات الوطنية لمكافحة أشكال العنف ضد النساء ومن ضمنها مشكلة التحرش في الأماكن العامة، أبرزها وأضخمها حملة (حياتك محطات متخليش محطة توقفك)، خاطبت الحملة النساء والرجال بالتعاون بين المجلس القومي للمرأة وشركة مترو الانفاق. واحتوى بوستر الحملة على عبارات تشجع السيدات على الإبلاغ عن حالات التحرش وحثت الرجال على حماية المرأة من التحرش.
أيضًا حملة (إكسري حاجز الهوان من حقك تعيشي في أمان) شملت المبادرة ورش عمل ولقاءات تثقيفه لعدد 516 من رجال الدين والإعلاميين وكبار الكتاب الصحفيين والذكور من طلبة المرحلة الإعدادية ببعض المدارس لخلق رأي عام مناهض للتحرش، بالإضافة إلى توزيع ملصقات للحملة مع ايصالات الغاز ببعض مناطق القاهرة الكبرى، ومبادرة (ضد التحرش) بالإسكندرية.

المحور التشريعي: أدخلت الدولة تعديلات على بعض مواد قانون العقوبات الخاصة بالتحرش (بتغليظ العقوبة في مادة 306مكرراً (أ) وتم إضافة مادة جديدة 306 مكررًا (ب) خاصة بسلطة الجاني الوظيفية او صلة القرابة) وكانت هذه التعديلات عام 2014 وجاءت بناء على توجيه مباشر من رئيس الجمهورية بعد حدوث حادث تحرش جماعي بفتاه.
المحور الاستراتيجي: في إطار محور الحماية في الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية 2030، رصدت الاستراتيجية (6) تدخلات للقضاء على ظاهرة التحرش علاوةً على رصد (2) تدخل لتحقيق التنقل الآمن للنساء. ومن المتوقع أن يكون مؤشر نسبة النساء اللاتي يتعرضن للتحرش او العنف الجسدي 0% بحلول عام 2030.
ولكن تبقى أبرز التحديدات التي تواجه هذه القضية في صعوبة تغيير عقلية وسلوك كل من الرجال والنساء تجاه قضايا المساواة بين الجنسين وتمكين وحماية المرأة.
فقد أظهرت الدراسة الاستقصائية بشأن الرجال والمساواة بين الجنسين (MAGES)- استطلاع الرأي العام بمصر (2016-2017) الصادرة عن هيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة عام 2018، انه لاتزال هناك مفاهيم خاطئة حول قضايا النوع الاجتماعي في مصر خاصة حول الأفكار المتعلقة بالممارسات الضارة التي تنبع من بعض التقاليد ذات الآثار السلبية على المجتمع المصري ككل.
باحثة ببرنامج السياسات العامة



