عيد العمال: 10سنوات من الاستثمار في ثروة مصر البشرية
أولى الرئيس عبد الفتاح السيسي اهتمامًا كبيرًا بملف الأيدي العاملة منذ أدائه اليمين الدستورية لولايته الرئاسية الأولى في 8 يونيو 2014 من خلال استراتيجية شاملة تستهدف النهوض بأوضاع العمال لتوفير حياة كريمة لهم، حيث وفر ملايين فرص العمل وذلك بإطلاق المشاريع القومية الضخمة في ربوع الجمهورية بالتوازي مع تعديل القوانين الضامنة لحقوقهم والمنظمة لعملهم.
ومع إطلاق الرئيس لشارة البدء بالعمل على تأسيس أركان الجمهورية الجديدة؛ تمحورت جهود الدولة حول مجموعة من الملفات منها الاستمرار في خطط وبرامج الحماية والرعاية للعمالة غير المنتظمة، والتأكيد على كافة منشآت القطاع الخاص والقطاع العام وقطاع الأعمال العام بالالتزام بالنّسبة المقررة قانونًا “5%” لتشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة واستمرار العمل على تنمية مهاراتهم ودمجهم في سوق العمل. مع إطلاق المنصة الوطنية لمعلومات سوق العمل، وقيام الوزارات والجهات المعنية، بالتنسيق مع القطاع الخاص، لسرعة الانتهاء من الإجراءات الرامية للعمل على تحقيق المساواة بين الجنسين في مجال العمل، وتحقيق بيئة عمل آمنة، وزيادة معدلات تشغيل النساء، ودمجهن في سوق العمل، وتنمية مهاراتهن، وحماية المرأة العاملة، وضمان توفيقها بين مقتضيات الوظيفة وواجبات الأسرة في إطار تفعيل الخطة الوطنية للمساواة بين الجنسين في مجال العمل، التي تم إطلاقها عام 2022.
جميع تلك الجهود أدت إلى تحسين وضع العمال في مصر بصورة ملحوظة، فقد استعرض تقرير صادر عن وزارة العمل حول أبرز ملفات العمل التي حظيت باهتمام السيد عبد الفتاح السيسي خلال الـ 10 سنوات “2014-2024″، والتي جاءت بمؤشرات إيجابية برغم التحديات الاقتصادية والأمنية الإقليمية والعالمية.
جهود وإجراءات
كثفت الدولة المصرية جهودها في تحسين وحماية العمال داخل وخارج الجمهورية باتخاذ عدة إجراءات، أبرزها:
توفير فرص العمل
تراجعت البطالة من 13% عام 2014 إلى 7.2% عام 2022 ثم إلى 6.9% عام 2024 وفقًا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ويعود هذا التراجع إلى عدد المشاريع القومية التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ عام 2014، والتي وفرت الملايين من فرص العمل في كافة المجالات، كما استوعبت أعدادًا كبيرة من العمالة غير المنتظمة ودمجتهم في سوق العمل بعد تسجيلهم رسميًا لدى وزارة العمل، فمثلًا تم تسجيل 28 ألفًا و298 عاملًا غير مُنتظم يعملون في مدينة العلمين الجديدة، و65 ألفًا و261 عاملًا في العاصمة الإدارية الجديدة. تزامن ذلك مع توسيع نطاق الشراكة مع القطاع الخاص، لضمان المشاركة الفعالة من مختلف القطاعات في رفع معدلات التوظيف، مع دعم ثقافة الابتكار وريادة الأعمال، الأمر الذي أسهم بدوره في تغيير النظرة الدولية لجهود مصر في مواجهة البطالة وتأثيراتها على مختلف الأصعدة.
تحسين الأجور
شهد الهيكل العام للأجور في مصر تغييرًا جذريًا، فكانت البداية بتكليفات الرئيس عبد الفتاح السيسي للحكومة بضرورة ضبط الأجور ورواتب العاملين بالدولة؛ تضمنت إصلاحات هيكلية لتنظيم العمل داخل الحكومة حيث أُقر قانون الخدمة المدنية برقم 81 لسنة 2016، ليتم بعدها إصلاح هيكلي للحوافز والبدلات ومكافآت العاملين بالدولة بصورة عادلة وفقًا للكفاءة. أعقب ذلك 8 زيادات بالحد الأدنى لأجور العاملين خلال 10 سنوات للتخفيف عن كاهل المواطنين وللتقليل من حدة آثار الأزمة الاقتصادية.
- الزيادة الأولى في 2017: صدور قرار بزيادة الحد الأدنى للأجور من 1200 إلى 1400 جنيه.
- الزيادة الثانية في مارس 2019: صدور قرار بزيادة الحد الأدنى للأجور من 1400 جنيه إلى 2000 جنيه، بنسبة زيادة 42.8%، وترتب عليه زيادة مرتبات جميع الدرجات الوظيفية.
- الزيادة الثالثة في مارس 2021: صدور قرار بزيادة الحد الأدنى للأجور إلى 2400 جنيه بدلا من 2000 جنيه بزيادة 400 جنيه بنسبة زيادة 20%.
- الزيادة الرابعة في أبريل 2022: صدور قرار بزيادة الحد الأدنى للأجور إلى 2700 جنيه، بزيادة 300 جنيه بنسبة 12.5%.
- الزيادة الخامسة في أكتوبر 2022: صدور قرار بزيادة الحد الأدنى للأجور إلى 3000 جنيه، من خلال علاوة استثنائية 300 جنيه، تضاف إلى أساسي المرتب.
- الزيادة السادسة في 2 مارس 2023: صدور قرار ليصبح الحد الأدنى للأجور 3500 جنيه للدرجة السادسة العمالية أدنى الدرجات الوظيفية في الجهاز الإداري للدولة.
- الزيادة السابعة في سبتمبر 2023: صدور قرار برفع الحد الأدنى للأجور لـ 4000 جنيه.
- الزيادة الثامنة في فبراير 2024: صدور قرار بزيادة الحد الأدنى للأجور 50% ليصل الى 6000 جنيه.
العمالة غير المنتظمة
ملف العمالة غير المنتظمة من الملفات التي أولتها الدولة اهتمامًا غير مسبوق وجاءت توجيهات الرئيس السيسي مباشرة وصريحة في تقديم كل الدعم لهذه الفئة خاصة مع ظهور تداعيات فيروس كورونا، وفي عيد العمال 2023 وجه بسرعة تأسيس صندوق لرعاية وحماية هذه الفئة، يضم كافة حساباتها التابعة لوزارة العمل في كافة المحافظات بهدف التوسع في قاعدة بياناتها، وتقديم خدمات أكثر لها. وخلال الفترة من 2014 وحتى الآن اتبعت الدولة سياسات غير مسبوقة لدعم تلك الفئة فكانت المنحة الرئاسية، بصرف 4,586 مليار جنيه، منها مبلغ 1,400 مليار جنيه من حسابات الرعاية الاجتماعية والصحية للعمالة غير المنتظمة التابعة لوزارة العمل، تنفيذًا لتوجيهات رئيس الجمهورية، بشأن منح مبلغ 500 جنيه دعم للعمالة غير المنتظمة بعدد 6 دفعات للذين تضرروا من آثار كورونا.
حماية العمالة أثناء وباء كوفيد 19
حرصت القيادة السياسية على اتخاذ القرارات والإجراءات التي تضمن حقوق العمال وحمايتهم من تبعات هذه الأزمات وتحقيق الأمن الوظيفي لهم، وظهر ذلك جليًا خلال أزمة كورونا التي تضرر منها العالم بأسره، حيث وجَّه الرئيس عبد الفتاح السيسي بصرف مرتبات العمالة المتضررة جراء فيروس كورونا بقطاع السياحة والقطاعات المتضررة الأخرى.
كما كلفت وزارة العمل جميع مكاتب السلامة والصحة المهنية في جميع المحافظات بمراجعة جميع المنشآت الصناعية، لمتابعة القيام بالأعمال الاحترازية لمنع انتشار فيروس كورونا، وفي حالة عدم الالتزام بتنفيذ الخطة الاحترازية كان يتم استصدار قرار بغلق المنشأة من محافظ الإقليم، وتضمنت الخطة الاحترازية، التباعد الاجتماعي بين العمال داخل وسيلة نقل العمال، وداخل المنشأة الصناعية، وقياس درجات الحرارة للعمال قبل دخولهم المنشأة، وتخفيض عدد العمال داخل صالات الإنتاج وغيرها من الإجراءات الاحترازية لحماية عمال مصر. بجانب عمل إجازات استثنائية لبعض الفئات كالسيدات الحوامل والحاضنات وأصحاب الأمراض المزمنة.
الإصلاح التشريعي
- تزامنت الإصلاحات المالية والهيكلية الخاصة بفئة العمال مع تأسيس مظلة تشريعية بهدف الاستمرار في تحقيق التوازن بين طرفي العملية الإنتاجية (صاحب العمل، العامل)، وتعزيز العلاقات بينهما وترسيخ مبادئ الحريات النقابية، وضمان حقوق كل منهما، حيث:
- Ø – تم إعداد مشروع قانون العمل، والذي يهدف إلى إحداث التوازن بين طرفي العملية الإنتاجية، وتلافي سلبيات قانون العمل الحالي، وتحقيق الأمان الوظيفي.
- Ø – إصدار قانون المنظمات النقابية، وحماية حق التنظيم النقابي الصادر بالقانون رقم 213 لسنة 2017 لتنظيم العمل النقابي، وإرساء مقومات حرية التنظيم النقابي لضبط الحركة النقابية في مصر وتنفيذًا لأحكام الدستور الجديد والاتفاقيات الدولية التي صدقت عليها مصر.
- Ø – إصدار القانون رقم 18 لسنة 2018 بشأن تمثيل العمال في مجالس إدارات الوحدات التابعة لتنظيم تمثيل العمال في مجالس إدارات الشركات التابعة في القطاع العام وقطاع الأعمال العام.
- Ø – إصدار القرار الوزاري رقم 36 لسنة 2018 بشأن اللوائح التنظيمية الاسترشادية للمنظمات النقابية العمالية للتيسير عليهم في إدارة شؤونهم الداخلية.
- Ø – إصدار القرار الوزاري رقم 146 لسنة 2019 بشأن شروط وإجراءات الترخيص بالعمل للأجانب، وقد نظم قواعد منح التراخيص للأجانب وتقنين أوضاع العمالة الأجنبية المخالفة، وضمان عدم مزاحمة العمالة الوطنية، وتعظيم موارد الدولة.
- Ø – إصدار قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات: الذي أنصف هذه الفئة وأعاد لهم حقوقهم.
المرأة العاملة
تم إنشاء وحدة المساواة بين الجنسين والتمكين الاقتصادي للمرأة على المستوى المركزي. وأطلقت وزارة العمل الخطة الوطنية للمساواة بين الجنسين في العمل، والتي تُعد خطوة غير مسبوقة لدمج الإناث في سوق العمل وتوفير إطار داعم للمرأة للعمل في القطاع الخاص وتعزيز فرص مشاركتها الاقتصادية.
علاوة على رفعها للقيود المفروضة على إمكانية عمل المرأة ليلاً، مما يمنحها خيار العمل في أي مؤسسة أو مرفق من أي نوع، مع توفير جميع تدابير السلامة اللازمة لحمايتها في العمل مثل: وسائل النقل الآمنة، والرعاية الصحية، بما يتماشى مع الدستور المصري ومعايير العمل الدولية.
كما تم حظر تشغيل النساء خلال فترات الحمل والرضاعة المقررة قانونًا في الأعمال والأحوال التي تحتوي على مخاطر تضر بصحتهن الإنجابية وصحة أطفالهن أو أجنهن. وأُنشئت وحدة لتحقيق المساواة بين الجنسين، والقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في مجال العمل، وتمكين المرأة اقتصاديًا، بجانب التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل، وتعزيز مبدأ تكافؤ الفرص.
النظرة الدولية لمعدل البطالة ومستويات التشغيل
أكدت مجموعة أكسفورد للأعمال أن مصر تمكنت من الاستفادة من إمكاناتها الاقتصادية في إطار توليد فوائد كبيرة ومستدامة للمجتمع، وظهر ذلك من خلال انخفاض معدلات البطالة، بعد أن كانت ترى سابقًا أن مصر تحتاج إلى الحد من معدل البطالة الذي وصل إلى 12.6% عام 2016، كما أنها تحتاج إلى التركيز على التدريب المهني لإعداد العمالة الماهرة.
ذكر تقرير التنمية البشرية الصادر عن الأمم المتحدة أن جهود الدولة المصرية والبرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي أسفرت عن نتائج إيجابية انعكست على المؤشرات المختلفة، وعلى رأسها انخفاض معدل البطالة، كما أن سياسات مصر لتمكين المرأة انعكست آثارها إيجابيًا على معدلات البطالة بين صفوف المرأة، بعد أن كان التقرير يعتبر في السابق أن بطالة الشباب هي السمة الغالبة على شكل البطالة في مصر وأكثر أنواع إقصاء الشباب خطورة.
أكد مدير مكتب منظمة العمل الدولية بمصر “إيريك أوشلان” أن مصر تمكنت من تحقيق نتائج وأرقام جيدة بعد جائحة كورونا من خلال توليد فرص عمل كبيرة وجديدة، كما أكد أن السياسات التي اتبعتها مصر هي سياسات ناجحة أدت بالأساس إلى خلق فرص عمل وإتاحتها للشباب المصري، جاء ذلك بعد أن كانت منظمة العمل الدولية تعتبر بطالة الشباب في مصر مصدر قلق رئيسي خاصةً في أعقاب 2011.
المصادر
1- وزارة العمل تُصدر تقريرًا بشأن ملف العمل في 10 سنوات، الهيئة العامة للاستعلامات، مجلس الوزراء، 2 أبريل، 2024.
2- جهود دعم العمال، الهيئة العامة للاستعلامات، مجلس الوزراء، 15 يونيو، 2022.
3- الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم158/ اعتمدت بقرار الجمعية العامة 45المؤرخ في 18 كانون الأول / ديسمبر 1990، الأمم المتحدة، حقوق الانسان.
4- جهود الدولة في دعم العمالة غير المنتظمة في ظل مجابهة فيروس كورونا
الهيئة العامة للاستعلامات، 12 يوليو 2020.