
تركيا تستخدم “المياه” كسلاح لتعطيش جيرانها
تداولت المواقع الإخبارية ووسائل التواصل الاجتماعي في بداية شهر يوليو الجاري (2020)، صورًا ومقاطع فيديو لنهر شبه جاف في بغداد، وأفراد يعبرون منه سيرا على الأقدام، ففى ظل ما يعانيه العراق وسوريا من التشظى والحروب، وجدا نفسيهما معرضين للجفاف جراء تراجع كمية المياه المتدفقة عبر نهر دجلة إلى نحو 50% بعد أن بدأت تركيا بتحويل المياه إلى سد إليسو، مستغله ضعف حكومتي الدولتين، ولم تكن تلك هي المرة الأولى التي تُقدِم فيها تركيا على قطع المياه عن العراق وسوريا وتتعمد تعطيشهما، كجزء من مشروع أكبر للسيطرة على منطقة الشرق الأوسط بأكملها من خلال بناء سلسلة من السدود للتحكم في مياه المنطقة.
نتناول في هذا الموضوع موقف السياسة التركية من المياه، مع تسليط الضوء مشروع تطوير جنوب شرق الأناضول، والأضرار المترتبه عليه، وصولًا إلى المآرب التركية من التوسع في مشاريع السدود، وهل ينذر ذلك بحرب مياه قامة.
السياسة المائية التركية
قبل الحديث حول السدود التركية وآثارها ومآرب تركيا منها، نحتاج إلى فهم المرتكزات التي تقوم عليها السياسة المائية التركية في المنطقة، وبالتالي قراءة الأحداث في إطارها، إذ ترى تركيا أنها إذا استطاعت السيطرة على موارد المياه في المنطقة، فإنها تكون قد فرضت سيطرتها بالكامل على الشرق الأوسط، ولتحقيق ذلك تقوم السياسة المائية التركية على 4 مرتكزات أساسية؛ السيادة المطلقة على الموارد المائية، والتسويف، والمياه مقابل النفط، وتسعير المياه.
السيادة المطلقة على الموارد المائية:
تقوم السياسة المائية التركية على حق السيادة المطلقة لتركيا على مواردها المائية، ويعتقد الجانب التركي أن نهري دجلة والفرات هما أنهار وطنية داخلية وليست أنهارًا دولية كما تم توصيفها في القانون الدولي، إذ ترى تركيا بأن إسباغ صفة الدولية على أي نهر يتم في حالة كون النهر يشكل حدًا فاصلًا بين حدود الدولتين، وهذا ما لا ينطبق على نهري دجلة والفرات، وبالتالي فأنهما -بحسب التوصيف التركي- نهران وطنيان “عابران للحدود” ولتركيا الحق في استغلال مواردها المائية بالشكل الذي تراه مناسبًا لها، وإقامة السدود كيف تشاء، وحسب ما تقتضيه مصالحها الوطنية، دون مراعاة لإحتياجات دول المصب، والاتفاقيات الموقعه معها، ودون أي اكتراث لقواعد القانون الدولي.
التسويف (مفاوضات لا تنتهي):
منذ بداية المشكلة مع تركيا في أربعينيات القرن الماضي والمباحثات مستمرة بين العراق وسوريا من جهة، وتركيا من جهة أخرى؛ لبلورة رؤية مشتركة لاستغلال مياه الأنهار بصيغة لا تضر بمصالح جميع الدول، إلا أن تركيا دائما ما كانت تتهرب من إبرام أي اتفاق لتقاسم المياه، واذا ما توصلت لاتفاق جزئي فإنها لا تلتزم به، وانما تعتمد تركيا في سياتها لحل المشكلات المائية على فرض سياسة الأمر الواقع، والمراهنه على عامل الزمن؛ حيث تجر الطرف الآخر في سلسلة مباحثات لا تنتهي، بينما هي ماضية في تنفيذ مشروعاتها دون تشارو مع دول المصب.
كما استغلت تركيا الخلافات السياسية بين العراق – وسوريا في هذا التسويف، فتارة تزعم أن السوريين يرفضون التباحث مع العراقيين، وتارة أخرى تدّعي أن سوريا ستحتفظ بالمياه الإضافية إذا خضعت تركيا لمطالب العراق وحصصه المائية.
وبالرغم من وصول الدول الثلاث (تركيا وسوريا والعراق) إلى اتفاق في عام 1975 بناءً على وساطة من البنك الدولي، قسمت وفقًا له حاجات البلدان الثلاثة بنسبة الثلث لكل منها على متوسط الوارد السنوي، لكن تركيا لم تلتزم به. وفي عام 1987 تم توقيع بروتوكول بين سوريا وتركيا بدون العراق، تُمنح بموجبه تركيا 50 في المائة من متوسط واردات النهر السنوية لتعبئة خزان سد أتاتورك حتى نهاية ملء السد عام 1993، تعود بعدها حصة تركيا إلى نسبة الثلث. ومن المفترض انه تم وقف العمل بهذا البروتوكول لمدة 27عام منذ 1992، إلا ان حصص سوريا والعراق لم تعد أبدًا كما كانت قبل إنشاء سد أتاتورك.
وعلى ما يبدو، فإن تركيا كانت طوال العقود الماضية تحاول التسويف فقط، وبمجرد الإنتهاء من السد بات في يدها سلاح جديد تستطيع استخدامه لحرمان سوريا والعراق من المياه إذا لم ترضخا لمطالبها، وهي السياسة التي دعمها سد إليسو وسلسلة السدود المزمع إنشاؤها، وتتعدى حدود دول الجوار، وإنما تهدف للسيطرة على المنطقة بأكملها.
المياه مقابل النفط:
حاولت تركيا إثارة أحقيتها بالتصرف في مياه دجلة والفرات أسوة بالدول النفطية التي تملك حق التصرف بثرواتها النفطية؛ وفي حفل تدشين سد أتاتورك قال رئيس الوزراء التركي (آن ذاك) سليمان دميريل: “مياه الفرات ودجله تركية ومصادر هذه المياه هي موارد تركية، وكما هو حال آبار النفط تعود ملكيتها إلى العراق وسوريا فهي عراقية وسورية ونحن لا نقول لسوريا والعراق إننا نشاركهما مواردهما النفطية ولا يحق لهما القول إنهما تشاركانا مواردنا المائية، إنها مسألة سيادة، إن هذه أرضنا ولنا الحق في أن نفعل ما نريد”. وهي ذاتها السياسة التي طبقها أردوغان في التعامل مع الأنهار الدولية على الأراضي التركية.
تسعير المياه:
وذهب الأتراك إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث استُخدمت المياه كسلعة اقتصادية قابلة للبيع، وتم عقد اتفاق تعاون بين تركيا وإسرائيل تتحصل بموجبه إسرائيل على 50 مليون متر مكعب من المياه التركية سنويًا لمدة 20 عامًا، ويتم نقل المياه في عبوات ضخمة تقطرها السفن، ورغم أن تكلفة شراء المياه التركية كانت أعلى من تكلفة تحلية مياه البحر، إلا ان إسرائيل قبلت بالعرض حينها لأن تركيا ربطت بين مسألتي تصدير المياه لإسرائيل وتنفيذها لاتفاق عسكري تشتري تركيا بموجبه دبابات إسرائيلية وتكنولوجيا جوية. وذلك وفقًا لما ذكره تقرير نشرته الBBC أغسطس 2002.
السدود التركية ومشروع جنوب شرق الأناضول
وصل عدد السدود في تركيا إلى 579 سدًا تم إنشاؤها على مدى العقود القليلة الماضية لأغراض إمدادات المياه والري وتوليد الطاقة الكهرومائية والتحكم في الفيضانات، بحسب ما أعلنته تركيا، ومعظمها سدود صغيرة، بالإضافة إلى “مشروع جنوب شرق الأناضول” والذي يعرف بـ “GAP” ويتضمن إنشاء 22 سداً و19 محطة توليد طاقة مائية (8 محطات بقدرة 74% من القدرة المستهدفة تم انشاؤها بنهاية عام 2005) وشبكة ري كبيرة على مجريي نهري دجلة والفرات، وتقدر القدرة التخزينية للمشروع بنحو 100 مليار متر مكعب، وهذه القدرة تمثل ثلاثة أضعاف القدرة التخزينية للسدود العراقية والسورية مجتمعة وتبلغ كلفة بناء المشروع أكثر من 35 مليار دولار استطاعت تركيا توفير جزء من هذا المبلغ عن طريق الميزانية التركية، والباقي عن طريق الاستثمار الأجنبي وعن طريق بيع الأراضي في مشروع (GAP)، وعند اكتمال جميع المشاريع والأعمال والسدود ستتمكن تركيا من التحكم في 80% من مياه نهر الفرات ودجلة.
مواقع السدود في مشروع جنوب شرق الأناضول
ويعد سد “أتاتورك” على نهر الفرات في القسم الجنوبي الشرقي من البلاد، أحد سدود مشروع GAP، وهو واحد من أكبر عشرة سدود ركامية في العالم، وأهم سد في تركيا، تبلغ قدرته التخزينية حوالي 48.7 مليار متر مكعب، ويصل ارتفاعه إلى 180 مترًا وعرضه قرابة 1820 مترًا، أما كمية المياه في بحيرة السد فتقدر ب70 مليار متر مكعب، وهو أكبر خزان في مشروع (GAP). ويتواجد على السد ثمانية توربينات لتوليد الكهرباء بقدرة 2.400 ميجاوات، وقد بدأ تشييده عام1983 والانتهاء منه عام 1992. وأدى إلى انخفاض تدفق مياه الفرات إلى العراق بحوالي 75%.
وفي عام 2006 قررت تركيا بناء سد “إليسو” على نهر دجلة، بسعة تخزينية 10.4مليار متر مكعب، لتوليد طاقة مقدارها 1.200ميجا وات، وأعلن الرئيس التركي “أردوغان” في خطاب للشعب التركي، انه سيبدأ في تشغيل واحد من ستة توربينات لسد إليسو يوم 19مايو2020.
واجه المشروع اعتراضات من الجانب العراقي والسوري، وأوقفت دول الاتحاد الأوروبى تمويله، لما سيتسبب فيه من تدمير لمناطق أثرية داخل تركيا ذاتها كما هو الحال مثلًا فى مدينة “حسنكيف” فى منطقة ديار بكر بالقرب من الحدود مع العراق.
وبالرغم من ان مشروع GAP لم يكتمل بعد، ولكن السدود التي تعمل حاليًا، بالإضافة إلى تلك المزمع إنشاؤها، ستمنع تدفق المياه إلى سوريا والعراق وتهدد بمزيد من الأضرار السلبية على البلدين بل وعلى تركيا ذاتها.
الأضرار المترتبة على سدود تركيا
على الرغم من أن مشروع السدود التركي من الممكن أن يحمل مزايا لتركيا في صورة مرحلية، إلا أن ظاهرة بناء السدود لها تأثير حاد على الإقليم والبيئة في بلاد المنطقة، وسوف تتسبب في عيوب كثيرة للغاية لكل من سورية والعراق وكذلك إيران، حيث سيؤدي المشروع إلى تدمير الأراضي الزراعية، والجفاف، وانقطاع التيار الكهربائي نتيجة عدم القدرة على توليد الكهرباء من السدود العراقية والسورية، ونفوق الأسماك والثروة الحيوانية، والتصحر، فضلاً عن الغبار والملوثات الجوية، وحدوث ظاهرة الرياح الرملية. ومن المنتظر أن يتسبب سد “إليسو” في انخفاض معدل إيرادات مياه نهر دجلة الداخلة إلى العراق من20,93 مليار متر مكعب فى السنة إلى 9,7 مليار متر مكعب وهو ما يشكّل نصف حصة العراق من مياه نهر دجلة، ما سيحرم العراق من 40% من أراضيه الصالحة للزراعة، لاسيما فى الأهوار؛ بالتالي، سيؤدي السد إلى تردي الأوضاع الإقتصادية المنهكة أساسًا، وارتفاع نسبة البطالة، لكن الأخطر هو إمكانية تشكيل موجة نزوح كبيرة.
بالاضافة لذلك، لم يقف خطر السدود التركية عند هذا الحد، فإن انهيار هذه السدود كفيل بجرف قرى ومدن بأكملها، وتزاد الخطورة إذا ما علمنا أن هذه السدود أقيمت في منطقة معروفة بالنشاط الزالزلي.
على جانب آخر، نجد أن أضرار السدود التركية قد طالت المواطنين الأتراك ذاتهم الذين يعيشون بالقرب من مناطق السدود، حيث اضطروا للنزوح بعيدًا عن أراضيهم، على سبيل المثال تسبب سد إليسو في تدمير مدينة هسنكيف التاريخية، وتهجير سكان أهالي 40 بلدة وقرية في منطقة يعود تاريخها إلى 12 ألف سنة، وتشريد نحو 80 ألف شخص.
مآرب تركيا من التوسع في بناء السدود
تتعمد الحكومة التركية تصدير الأهداف الاقتصادية والتنموية باعتبارها الأهداف الرئيسية والوحيدة من بناء السدود على أراضيها، وتنكر تمامًا وجود أي اهداف سياسية من وراء تلك السدود، فيما تعتبر أن الحديث عن منع سدود مشروع GAP لمياه دجلة والفرات هو درب من الخيال، إذ إنها سدود لتوليد الكهرباء أو للري وبالتالي لابد من تمرير المياه عبرها، وهو القول الذي لا يطبقه العمل، حيث تتمثل أهم الأهداف والمكاسب التركية من انشاء مشروع GAP في:
1 – الأهداف الاقتصادية:
تهدف تركيا من خلال استغلال مياه دجلة والفرات إلى خلق تنمية بشرية وصناعية وزراعية لإحياء المنطقة الفقيرة تاريخيًا في جنوب شرق الأناضول وتحويلها لسلة للغذاء في الشرق الأوسط، وتطوير المنطقة الفقيرة التي يسكنها قرابة 12 مليون نسمة، بالإضافة إلى توليد الطاقة الهيدروليكية من خلال تلك السدود، إضافةً إلى التحكم في الفيضانات وتخزين المياه.
2 – الأهداف السياسية:
لا يمكن تصوّر مكاسب بناء السدود التركية من الناحية الاقتصادية التي تعلنها تركيا فقط، بمعزل عن السياسة التركية في المنطقة، حيث أرادت تركيا أن تضرب أكثر من عصفورٍ بحجرٍ واحدٍ جراء إنشاء تلك السدود، فهي ترغب في تحقيق مكاسب اقتصادية وتنموية، بالإضافة إلى مجموعة من الأهداف السياسية والتي أبرزها:
إضعاف الأكراد:
ينشط الأكراد بشكل أساسي في منطقة جنوب شرق تركيا وهي المنطقة المستهدفة من بناء ال22 سد، ويعارض الأكراد مشاريع تلك السدود التركية التي تتسبب في تهجيرهم من أراضيهم وتشتيتهم في أنحاءٍ متفرقةٍ في البلاد، وهو تحديدًا أحد أهم المآرب السياسية لتركيا من سدود GAP، حيث ترغب الحكومة التركية في تشريد الأكراد المستوطنين لتلك المنطقة من جنوب شرق البلاد، حيث إن تجمعهم معًا في منطقة واحدة يدعم الحركات الانفصالية في تلك المنطقة والتي تنادي باستقلالها عن تركيا، وهو ما ترغب تركيا في إخماده للأبد، وتجدر الإشارة هنا إلى أن الـ80 ألف شخص الذين تم تهجيرهم وتدمير مدنهم جراء بناء سد إليسو هم من الأكراد.
ومن جهة أخرى رهنت تركيا أي مفاوضات مع العراق وسوريا بشأن المياه بمحاربة الأكراد ولاسيما حزب العمال الكردستاني.
استخدام المياه كسلاح في الحرب السورية:
تزايدت الاتهامات لتركيا باستخدام المياه كسلاح في مشاركتها في الحروب التي تشهدها المنطقة، وكورقة لابتزاز جيرانها، خاصة الأكراد في سوريا، إذ لجأت إلى قطع مياه نهري دجلة والفرات بصفة متكررة، فعلى سبيل المثال؛ خفضت تركيا، في فبراير 2018، مياه نهر الفرات في سوريا لضرب الشمال السوري وإجبار أهله على النزوح، بالتزامن مع عملية عفرين التي شنتها وقتها للاستيلاء على مناطق شمال سوريا.
وفي أكتوبر 2019 استهدفت القوات التركية، سد “علوك” شمال شرق سوريا والذي يمد مليوني سوري بمياه الشرب، ضمن الحملة العسكرية التي تشنها تركيا على سوريا، وتعمدت تعطيش سكان المنطقة من خلال وقف ضخ المياه من محطة “علوك” عدة مرات، آخرها في 4 يوليو الجاري.
السيطرة على منطقة الشرق الأوسط:
كثيرًا ما لجأت تركيا إلى توسيع نفوذها باستخدام المياه لفرض إرادتها وسياستها في المنطقة، وذلك من خلال استغلال الأزمات التي تمر بها الدول، فعلى سبيل المثال، في عام 1987م ربط الرئيس التركي انذاك (توركوت أوزال) منح سوريا حصتها المائية بوقف دعمها لحزب العمال الكردستاني، وكذلك اتفاق بيع المياه لإسرائيل الذي تم ربطه بشراء سلاح منها، وفي عام 1954 قطعت تركيا المياه عن نهر قويق، والذي كانت تعتمد عليه مدينة حلب، بسبب اعتراض تركيا على مشروع سوري يتم بناءً عليه توزيع أراضي الدولة في الجزيرة السورية، وجاء الاعتراضي التركي بدعوى وجود ملكيات تركية فيها، مما دفع السلطات السورية آنذاك لضخ مياه الفرات عبر أقنية للمدينة التي جف نهرها.
أما في العراق فالأمر يتعلق بإقليم كردستان وخشية تركيا من استقلال الإقليم، الأمر الذي يفجر الموقف في منطقة جنوب شرق الأناضول ذات الغالبية الكردية، لذا تحاول تركيا الضغط بسلاح المياه ومقايضة استمرار الإمدادات المائية للعراق مقابل الحرب على حزب العمال الكردستاني.
وهو ما يتماشى مع رؤية تركيا بأنها إذا استطاعت السيطرة على موارد المياه في المنطقة، فإنها تكون قد فرضت سيطرتها بالكامل على الشرق الأوسط، ومما يؤكد النوايا التركية الحقيقية من السدود هو جودة المياه التي لا تعيرها تركيا انتباهًا، وإنما ينصب التركيز كله على الكمية وليس الجودة، فعلى ما يبدو أن الحكومة التركية مهتمة أكثر بالسيطرة على الممرات المائية وتصدير المياه المعبأة من ضمان وصول مواطنيها إلى مياه الشرب.
هل حرب المياه قادمة؟
توقع الخبراء والمحللون في نهاية القرن العشرين أن الحرب القادمة لن تكون حربًا على النفط كما كانت في القرن الماضي، وإنما ستكون حربًا على المياه خاصة في الشرق الأوسط، نظرًا لما تعانيه الكثير من الدول من فقر مائي، يزداد سوءًا في ظل التغيرات المناخية، فالذي يسيطر على مصادر المياه ومنابعها هو الذي يفرض إرادته السياسية والاقتصادية على الإقليم ودوله، أو على المنطقة بأكملها، ولعل هذا ما يفسر التوحش التركي في السيطرة علي مياه المنطقة من خلال سدود مشروع GAP، الذي توقع الكثير من المحللين السياسيين أن يكون أحد أهم اسباب الصراعات المستقبلية في المنطقة.
ويبدو ان حالة الضعف التي تعاني منها حكومتي العراق وسوريا هو ما جعلتها لقمة مستساغة في فم أردوغان، وربما إذا كان الوضع الداخلي لهما أكثر قوة كما كانا في السابق لرجحت كفة “حرب المياه”، ولكن بالنظر للوضع الحالي فنحن نتحدث عن دول متأزمة بالأصل وحكومات غير قادرة على السيطرة على أراضيها، فكيف لها ستحارب على جبهة أخرى!
باحثة ببرنامج العلاقات الدولية