أفريقيامصر

قمة “الكوميسا” الـ 22 .. وعام من رئاسة مصر للتكتل

تحت شعار “التكامل الاقتصادي من أجل كوميسا مزدهرة ترتكز على الاستثمار الأخضر والقيمة المضافة والسياحة،” تنعقد القمة الثانية والعشرين لرؤساء دول وحكومات السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا “الكوميسا”، خلال الفترة من 8 إلى 10 يونيو 2023 في العاصمة الزامبيه “لوساكا”، وستشهد القمة انتقال رئاسة “الكوميسا” من مصر إلى زامبيا، بعد عام ونصف من الجهود المصرية الدؤوبة لتعزيز التكامل بين دول التجمع. وكذا تأتي القمة في توقيت تشهد فيه بعض دول الإقليم اضطرابات سياسية، فضلًا عن التحديات التي لا تزال تفرضها الحرب الروسية الأوكرانية وتداعيات كورونا والتغيرات المناخية على دول المنطقة.

أولويات “الكوميسا” لعام 2023

يتمثل الدافع الرئيس وراء اختيار موضوع القمة لهذا العام “التكامل الاقتصادي من أجل كوميسا مزدهرة ترتكز على الاستثمار الأخضر والقيمة المضافة والسياحة،” في الحاجة إلى معالجة الديناميكيات الاقتصادية والتجارية الحالية، بما في ذلك آثار كوفيد التي لا تزال يعاني منها العديد من دول المنطقة، بالإضافة إلى تبعاتها على قطاع السياحة في دول “الكوميسا”، وعلى سلاسل الإمداد العالمي، وهي الأزمة التي ضاعفتها تبعات  الحرب الروسية الأوكرانية، فضلًا عن زيادة أعباء الديون المرتفعة، والكوارث المناخية التي تلقي بثقلها من بين أمور أخرى، على الاقتصادات الإقليمية. ومن ثم، اُختير موضوع القمة ليعكس مدى اهتمام الدول الأعضاء بالتعامل مع هذه التحديات لضمان استمرار جدول أعمال “الكوميسا” للتكامل الإقليمي على المسار الصحيح.

يتضح من ذلك، أن مجالات التركيز لهذا العام تتمحور حول ثلاثة أولويات رئيسة، هي:

الاستثمار الأخضر: فأفريقيا تتمتع بإمكانات عالية للطاقة النظيفة والمتجددة، بما في ذلك المياه والشمس والرياح، ومع ذلك لا يزال أكثر من نصف سكانها يعيشون في الظلام؛ بسبب نقص الاستثمار في هذا المجال. تقدر الأمم المتحدة فجوة الاستثمار السنوية في البنية التحتية للطاقة المتجددة بما يتراوح بين 380 مليار دولار و 680 مليار دولار. وفي ظل الاتجاه العالمي نحو الاقتصاد الأخضر وتقليل انبعاثات الكربون للحد من آثار التغيرات المناخية، تحتاج الدول الأفريقية عامة ودول “الكوميسا” خاصة إلى جذب مزيد من الاستثمارات الخضراء. الأمر الذي يتطلب دعمًا مؤسسيًا وسياسيًا قويًا ونهجًا تشاركيًا بين أصحاب المصلحة من القطاعين العام والخاص، فضلا عن قيام المجتمع الدولي بالوفاء بالتزاماته تجاه الدول النامية لتمويل عملية التحول الأخضر، فلا يمكن أن نتوقع من هذه البلدان الشروع في التحول الأخضر دون دعم كافٍ في خلق بيئة مواتية، ونقل التكنولوجيا والتمويل من الاقتصادات الأكثر تقدمًا ومصادر التمويل الأخرى. 

وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن شركة “ماكينزي” تقدر أن النمو الناتج عن إزالة الكربون يمكن أن يخلق 3.8 ملايين وظيفة جديدة صافية في أفريقيا خلال الثلاثين عامًا القادمة. ويقدر الاتحاد الأفريقي أن التقنيات الرقمية للقطاع الزراعي تساعد في تعزيز الوصول إلى السوق والتأمين والمعرفة، وأن الاستثمار في التقنيات الزراعية الرقمية سيزيد العوائد بنسبة 60٪، ويخلق سوقًا للأعمال الزراعية بتكلفة تريليون دولار، ويساعد في دفع الابتكار اللازم لإطعام 2.5 مليار شخص في أفريقيا بحلول عام 2050.

السياحة: يحظى قطاع السياحة بأهمية خاصة لدول تجمع “الكوميسا”؛ إذ تسهم السياحة في دول “الكوميسا” الجزرية (سيشيل ومدغشقر وموريشيوس وجزر القمر) بما يتراوح بين 14٪ و25٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وأكثر من نصف عائدات صادراتها، وتصل هذه النسبة في دول مثل مصر وكينيا إلى حوالي 12٪ من الناتج المحلي الإجمالي وحوالي 20٪ من عائدات التصدير. 

وهو قطاع تأثر بشدة من جائحة كورونا؛ فقد أشارت دراسة أجرتها أمانة “الكوميسا” حول الآثار الاجتماعية والاقتصادية لوباء كوفيد في المنطقة إلى انخفاض عوائد قطاعي السفر والسياحة خلال الربع الأول من عام 2020 بنسبة 22٪، ما يعني خسارة 67 مليون سائح دولي وحوالي 80 مليار دولار في الإيرادات. ومع ذلك، فإن آفاق تنمية السياحة في دول “الكوميسا” واعدة، وما زالت إمكانات القطاع غير مستغلة إلى حد كبير على الرغم من إدراك الدول الأعضاء لأهميتها.

القيمة المضافة: تسعى دول تجمع “الكوميسا” إلى إضافة قيمة إلى المنتجات التي يتم تصديرها، سواء داخل التجمع أو خارجه؛ وذلك لدعم اقتصادات دول “الكوميسا”، وتسهيل عملية التبادل التجاري فيما بينها، ومن ثم تعزيز التكامل الاقتصادي للسوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا “الكوميسا”.

أجندة فعاليات القمة

تشهد القمة عددًا من الأحداث والفعاليات على رأسها: مراسم انتقال رئاسة “الكوميسا” من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي استلم رئاستها في القمة 21 لرؤساء دول وحكومات “الكوميسا” في نوفمبر 2021، إلى نظيرة الزامبي الرئيس “هاكيندي هيشيليما”. وتتولى زامبيا رئاسة “الكوميسا” للمرة الثانية بعد أكثر من عقدين من الزمان. 

بالإضافة إلى ذلك، تشهد القمة انعقاد جلسة مغلقة لرؤساء الدول والحكومات، يتم خلالها عرض تقرير رئيس مجلس وزراء “الكوميسا” عن حالة مساهمات الدول الأعضاء في ميزانية “الكوميسا”، والنظر في خطط السداد من بوروندي والسودان، والنظر في تجديد العقود والتعيين في مناصب الإدارة التنفيذية، وتحديث مقر “الكوميسا” وغيرها من القضايا الإدارية. بالإضافة إلى تقرير رئيس الاجتماع الثامن عشر لوزراء الشؤون الخارجية.

ذلك فضلًا عن انعقاد جلسة عامة، يتم خلالها تقديم تقرير رئيس مجلس وزراء “الكوميسا” عن القضايا ذات الأولوية الناشئة عن التقرير الثالث والأربعين لاجتماع مجلس الوزراء، وتقرير الأمين العام عن حالة تكامل الكوميسا، وتقرير رئيس مجلس أعمال “الكوميسا” (CBC)، إلى جانب بيان من منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية.

أحداث وفعاليات على هامش القمة

ينطلق على هامش القمة المنعقدة على مدار ثلاثة أيام من 8-10 يونيو 2023 عدد من الفعاليات والأحداث الجانبية، وذلك خلال يومي 6 و7 يونيو، يأتي على رأس هذه الأحداث:

اجتماع وزراء خارجية “الكوميسا” الثامن عشر: عُقد الاجتماع الثامن عشر لوزراء خارجية “الكوميسا” يوم الثلاثاء 6 يونيو 2023، وقبل يومين من القمة، بحضور وزراء خارجية الدول الأعضاء، وتناول الاجتماع النقاش حول المسائل المتعلقة بالسلم والأمن الإقليميين. ونظر الاجتماع في تقرير الاجتماع الثامن عشر للجنة السلام والأمن الذي انعقد خلال الفترة من 31 مايو إلى 1 يونيو 2023، واحتلت أحداث السودان جزءًا مهمًا من النقاش، بالإضافة إلى الأوضاع في الصومال، وشرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث يمثل عدم الاستقرار السياسي عقبة رئيسة أمام جهود التكامل الإقليمي. فضلًا عن ذلك، شهد الاجتماع انتخاب أعضاء لجنة حكماء “الكوميسا” الذين يعملون كسفراء سلام. وسيقدم تقرير الاجتماع إلى القمة للتصديق عليه من قبل رؤساء الدول والحكومات.

منتدى أعمال “الكوميسا” السادس عشر: يبدأ اليوم 7 يونيو عقد منتدى الأعمال التجارية بالكوميسا السادس عشر، بجناح كينيث كاووندا في مركز مولونجوشي الدولي للمؤتمرات بالعاصمة لوساكا بزامبيا. ويتكون المنتدى من ثلاث حلقات نقاشية، بالاضافة إلى عروض تقديمية من كلا القطاعين العام والخاص. يتركز النقاش في الحلقة الأولى حول تعزيز سلاسل القيمة الإقليمية وبناء قدرات المنتجين / الصناعات، فيما تركز الحلقة الثانية على مناقشة تعزيز التجارة الإقليمية للأغذية في “الكوميسا”، ومعالجة فجوات الوصول إلى الأسواق. وكذلك يتضمن المنتدى في حلقته الثالثة عقد مائدة مستديرة رئاسية، حيث يناقش رؤساء الدول والحكومات مع أصحاب المصلحة من القطاع الخاص، التدابير اللازمة لتسريع تعافي الدول الأعضاء في “الكوميسا” من تبعات كورونا، وكيفية الاستفادة من الاستثمار الأخضر، وإضافة القيمة، والسياحة. وستشكل توصيات المنتدى جزءًا من إعلان “الكوميسا” للأعمال التجارية الذي سيقدم إلى مؤتمر قمة رؤساء دول وحكومات “الكوميسا” الثاني والعشرين.

إطلاق كتيب للسياحة الإقليمية وتراث الحياة البرية لدول الكوميسا: انطلاقًا من أهمية قطاع السياحة لدول الكوميسا، ستشهد القمة إطلاق كتيب للسياحة الإقليمية وتراث الحياة البرية في دول الكوميسا، وذلك كدليل للترويج للتجمع كوجهة سياحية وحياة برية واحدة؟ ويهدف الكتيب إلى زيادة الوعي بالسياحة المستدامة والحفاظ على الحياة البرية بين الدول الأعضاء، حيث يعد الكتيب جزءًا من الإطار الاستراتيجي لتنمية السياحة المستدامة للكوميسا، الذي تم تكييفه من قبل الدول الأعضاء كنموذج لتطوير خطط عمل السياحة الوطنية، لتعزيز القدرة التنافسية للقطاع.

الإطلاق الإقليمي لمسرع البستنة للكوميسا وجماعة شرق أفريقيا (CEHA)” تم إنشاء مسرع البستنة الخاص بالكوميسا ومجموعة دول شرق أفريقيا (CEHA) في عام 2022، من قبل شركاء من القطاعين العام والخاص؛ لتحسين تنسيق السياسات وبرامج تطوير سلاسل القيمة والتمويل والبحث والتطوير، وتسريع نمو القطاع الفرعي للفواكه والخضروات في منطقتي “الكوميسا” و شرق أفريقيا، وستشهد القمة الإطلاق الرسمي لمسرع البستنة.

المشاركة المصرية في القمة الـ 22 للكوميسا

في ظل اهتمام مصر بتعزيز التعاون الأفريقي المشترك وتحقيق التكامل الاقتصادي مع الدول الأفريقية عامة، ودول “الكوميسا” خاصة، وحرص مصر على استعادة مكانتها في القارة الأفريقية، ومواصلة الجهود المصرية لدعم دول القارة وتعزيز العلاقات في سياق إقليمي متكامل؛ يشارك الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال زيارته إلى العاصمة الزامبية “لوساكا” في أعمال القمة الثانية والعشرين للسوق المشتركة للشرق والجنوب الأفريقي “الكوميسا”، والتي ستشهد تسليم الرئاسة الدورية من مصر إلى زامبيا، وذلك خلال جولة خارجية يقوم بها الرئيس السيسي تشمل زيارة كلٍ من أنجولا، وزامبيا، وموزمبيق، في إطار تعزيز العلاقات المصرية الأفريقية في مختلف المجالات، وتعزيز التعاون الثنائي مع هذه الدول، وبحث ومناقشة مستجدات القضايا والملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك.

بالإضافة إلى ذلك، ستشهد القمة نقل رئاسة “الكوميسا” من مصر إلى زامبيا، بعد عام من العمل المصري الدؤوب لتحقيق الأجندة والرؤية التي وضعتها الدولة المصرية لرئاسة الكوميسا، بما يتماشى مع أهداف أجندة أفريقيا 2063، وأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، وبما يخدم مصالح الدول الأعضاء في “الكوميسا”، ويلبي تطلعات شعوبها، وتحدث عنها الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال قمة “الكوميسا” ال21، والتي هدفت إلى تعزيز قدرة دول الكتلة على مواجهة وباء فيروس كورونا وأي تحديات مماثلة في المستقبل، وزيادة سلاسل التوريد بين دول الكوميسا، وتعظيم التكامل الصناعي وضخ الاستثمارات فيها، ودفع مشاريع البنية التحتية العابرة للحدود، بالإضافة إلى تعزيز التعاون في التحول الرقمي. 

ومن ثم يأتي الحضور المصري كتتويج للجهود المصرية خلال عام ونصف من رئاسة “الكوميسا”. وفي سياق متصل، أشادت نائبة رئيس زامبيا، بالجهود التى بذلها الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال فترة تولى مصر رئاسة السوق المشتركة لدول شرق وجنوب القارة الأفريقية “الكوميسا،” وأوضحت أن مصر قامت بعمل رائع خلال فترة وباء “كورونا” وكذلك أيضا خلال رئاستها للكوميسا عام 2021. ومن جانبها، قالت الأمينة العامة للكوميسا “تشيليشي كابويبوي” إن رئاسة مصر للتكتل تسهم في تنفيذ أجندة الاتحاد الأفريقي 2063، خاصة في ضوء نظرة الرئيس السيسي العميقة في التعامل مع قضايا القارة الأفريقية.

مصر .. عام من رئاسة الكوميسا

انضمت مصر إلى اتفاقية “الكوميسا” في عام 1998، ومنذ ذلك الحين حرصت على المشاركة بفاعلية في كل برامج وأنشطة التجمع، وتستضيف كذلك مقر الوكالة الإقليمية للاستثمار التابعة للكوميسا. وبلغت التجارة بين مصر وتجمع “الكوميسا” حوالي 4 مليارات دولار خلال عام 2021. وفي شهر نوفمبر من العام 2021، تولت مصر رئاسة “الكوميسا” للمرة الثانية. واستهدفت الرئاسة المصرية للكوميسا تعزيز التعاون التجاري والتكامل الاقتصادي لدول التجمع، في إطار الأولويات المعلنة للتجمع، وبما يتماشى مع أجندة أفريقيا 2063. وانطلاقًا من اهتمام مصر بنقل خبراتها في مختلف المجالات لدول الكوميسا، شهدت الرئاسة المصرية للكوميسا عددًا من الأحداث أبرزها:

إطلاق الخطة الاستراتيجية متوسطة المدى للكوميسا 2021 – 2025: تزامنت فترة تولي مصر رئاسة “الكوميسا” مع إطلاق الخطة الاستراتيجية متوسطة المدى للتجمع، وتقوم الخطة على أربع ركائز استراتيجية، هي: أ. تكامل الأسواق وإزالة الحواجز أمام انتقال السلع والخدمات ورأس المال والأفراد، ب. التكامل المادي / الترابط من خلال بتحسين البنية التحتية في الإقليم لتقليل تكلفة ممارسة الأعمال التجارية وتعزيز القدرة التنافسية، ج. التكامل الإنتاجي لتعزيز القدرة التنافسية وبناء القدرة الإنتاجية الإقليمية، د. التكامل في مسائل النوع والشؤون الاجتماعية؛ لتعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، وتيسير التنمية الاجتماعية والثقافية ودعم تمكين الشباب والابتكارات.

إطلاق مبادرة “صنع في الكوميسا”: في ظل التحديات التي فرضتها جائحة “كورونا”، والحرب الروسية الأوكرانية، والتي أثرت على سلاسل الإمداد الإقليمية والدولية، قامت مصر بإعداد مبادرة لتعزيز التكامل الصناعي الإقليمي، بما يتوافق مع الاستراتيجية الصناعية للكوميسا ٢٠١٧ – ٢٠٢٦، وأجندة التنمية الأفريقية ٢٠٦٣، تحت عنوان “صنع في الكوميسا”، ووافقت الدول الأعضاء على المبادرة المصرية لتحقيق التكامل الصناعي الإقليمي في “الكوميسا” خلال اجتماع خبراء الصناعة بالكوميسا بالعاصمة الزامبية لوساكا خلال يومي 11-12 إبريل 2022.

وتستهدف المبادرة تحقيق عدد من الأهداف، من بينها: رسم خريطة للموارد المتاحة بالدول الأعضاء لاستغلالها على الوجه الأمثل لخدمة أهداف التكامل الإقليمي، والوقوف على المزايا النسبية لكل دولة، فضلًا عن النهوض بالصادرات الصناعية البينية، وزيادة القيمة المضافة التصنيعية في إقليم “الكوميسا”، وتعزيز تكامل سلاسل القيمة الإقليمية، والعمل على إعادة تشكيل هذه السلاسل في ظل الموارد المتاحة لدول “الكوميسا”، بالإضافة إلى إنشاء منصة لتبادل المعلومات والخبرات المتاحة بالإقليم.

وتضمنت المبادرة 7 محاور أساسية؛ هي: تكامل سلاسل القيمة الإقليمية، وإدراج الشمول المالي، وتنمية التجارة البينية الأفريقية، وزيادة الاستثمار الصناعي، وتقديم الحلول الابتكارية، والتحول الرقمي، وتنمية الاقتصاد الأزرق المستدام.

إطلاق أكاديمية “الكوميسا” للأعمال الإلكترونية: عملت مصر خلال رئاستها للكوميسا على تشجيع المبادرات الهادفة إلى التحول الرقمي، وتم إطلاق أكاديمية “الكوميسا” للأعمال الإلكترونية في مايو 2023، من قبل مجلس أعمال “الكوميسا”؛ لتلعب دورًا قياديًا في تنمية مهارات المعرفة الرقمية والمالية بالمنطقة في المنطقة. وتعد المبادرة أحد الأدوات الرقمية للشمول المالي لدول “الكوميسا”؛ إذ إنه بسبب قلة المعرفة المالية أو انعدامها، فإن التجار غير الرسميين يجدون صعوبة كبيرة في تنفيذ المعاملات الرقمية، لذلك تهدف الأكاديمية إلى تحفيز الكفاءات الريادية والقدرة التنافسية للمؤسسات من الشركات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر في المنطقة، نحو دفع المزيد من التجارة داخل الكوميسا.

تشكيل لجنة وزراء الصحة للكوميسا: في ظل التحديات الصحية التي تواجهها دول الكوميسا، سعت مصر إلى تعزيز تكامل قطاعات الرعاية الصحية في دول الكوميسا، وطرحت خلال رئاستها للكوميسا مبادرة لتشكيل لجنة مكونة من وزراء الصحة للدول الأعضاء في تجمع “الكوميسا”، تدرس الوضع الصحي لدول التجمع وتقدم توصياتها لاجتماع المجلس الوزاري الذي يقدم توصياته لقمة رؤساء الحكومات؛ وذلك بهدف صياغة خطة عاجلة لمواجهة التحديات التي فرضتها جائحة كورونا. وبالفعل شُكّلت اللجنة وعقدت أول اجتماعاتها خلال شهر يونيو 2022، وقدمت تقريرها الأول إلى  المجلس الوزاري الثالث والأربعين للسوق المشتركة للشرق والجنوب الأفريقي “الكوميسا” في 1 ديسمبر 2022.

حث الدول الأعضاء على الانضمام لمنطقة التجارة الحرة للكوميسا: حرصت مصر على حث الدول الأعضاء غير المنضمين لمنطقة التجارة الحرة للكوميسا على الانضمام وتطبيق الإعفاء الجمركي على وارداتها من “الكوميسا”، فمن بين الدول الـ21 لم تنضم سوى 16 دولة فقط إلى اتفاقية التجارة الحرة للكوميسا. وفي هذا الصدد، عقد المهندس أحمد سمير وزير التجارة والصناعة سلسلة من اللقاءات المكثفة مع عدد من المسؤولين والوزراء بالدول أعضاء التجمع؛ لحثهم على الانضمام لمنطقة التجارة الحرة، وتعزيز ودفع التعاون التجاري لدول التجمع، وكذلك الاستفادة من منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية (AFCFTA). وكذا اقترحت مصر وضع آلية لمراجعة السياسات التجارية للدول الأعضاء بشكل دوري.

الحضور الفعال والنشط في فعاليات “الكوميسا”: قامت مصر خلال رئاستها للكوميسا بتنظيم ورشة عمل لمشاركة الخبرات المصرية مع الجانب الزامبي في مجال إدارة المجمعات الصناعية. واستضافت مصر العديد من الفعاليات خلال رئاستها، مثل: المنتدى التاسع للبحوث الخاص بالكوميسا، واجتماع محافظين البنوك المركزية بالدول أعضاء الكوميسا. وفي مجالي السياحة والثقافة، أكدت على ضرورة تفعيل لجنة السياحة والحياة البرية بالكوميسا والعمل على تكثيف برامج التعاون المشترك بين دول الكوميسا.ختامًا، استطاعت مصر خلال رئاستها لتكتل “الكوميسا” تنفيذ خطة طموحة لتعزيز التعاون بين دول التكتل. ورغم انتهاء فترة رئاستها، ستظل القيادة المصرية داعمة لكل جهد يمكن أن يؤدي إلى تعزيز التعاون بين الدول الأفريقية، ويسرّع من خطوات التكامل الأفريقي. ولكن من جهة أخرى، على الرغم من التقدم الذي أُحرز فإن نقص التمويل وعدم الاستقرار الذي يضرب بعض دول المنطقة وعلى رأسها السودان والكونغو الديمقراطية والصومال يظل عائقًا أمام تحقيق الاستفادة القصوى من امكانات السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا “الكوميسا”.

هايدي الشافعي

باحثة ببرنامج العلاقات الدولية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى