ليبيا

مناوشات نوعية.. في خضم أزمة كورونا صاروخ سطح جو يسقط بالقرب من الساحل الليبي

على الرغم من تسجيل قرابة العشر إصابات بفيروس كورونا المستجد في ليبيا حتي الآن، منهم 6 حالات بمدينة مصراتة معقل الميليشيات المسلحة لحكومة الوفاق الليبية؛ إلا أن الميدان الليبي سجل في الأسبوعين الماضيين تطورات نوعية تشير إلى عدم مراعاة الفواعل المنخرطة فيه للجائحة التي تعصف بالعالم، وتهالك النظام الصحي الليبي جراء عشر سنوات من الحرب والاقتتال الداخلي، ما يرفع خطر الإصابة بالفيروس إلى 60-70% حسبما صرّح طبيب ليبي من العاصمة طرابلس.

وفي ورقة نشرها المرصد المصري قبل أسبوع ” كيف هدد فيروس كورونا منظومات الأمن القومي للدول، أوضح تصاعد وتيرة تهديدات التنظيمات الإرهابية، ونشاط الفواعل العنيفة من غير الدول. إذ وفرت أزمة تفشي وباء كورونا عالمياً البيئة المواتية للتحرك، واستثمار خفض الاستعداد القتالي للقوات النظامية جراء تنفيذ العديد من الإجراءات الاحترازية للوقاية من تفشي الوباء داخل المؤسسات التي تحتكر القوة الإكراهية.

فكان الميدان الليبي مسرح نشاط للميليشيات المسلحة خلال ذروة تفشي الوباء، اللافت أن ثمة تطورات نوعية طرأت عليه في خضم أزمة كورونا، أبرزها:

  • إطلاق هجوم مباغت على قاعدة “الوطية” الجوية في 26 مارس الماضي، حيث شنت حكومة الوفاق هجومًا فجر ذلك اليوم مستهدفة قاعدة “الوطية” الجوية، مركز عمليات الجيش الليبي وأحد أهم نقاط تمركزه غرب العاصمة. وسُميت العملية “بركان الغضب”، إلا أن العملية حققت فشلًا كبيرًا، ولم تقترب ميليشيات حكومة الوفاق من القاعدة الجوية سوي سبعة كيلومترات، لم تلبث إلا أن تراجعت تحت وطأة ضربات اللواء 107 محجل التابع للجيش الوطني الليبي. 

كما شن الجيش الليبي هجومًا مضادًا، وأحكم السيطرة على أكثر من 40 كيلومتر حول قاعدة “الوطية”، وحررت قوات الجيش الليبي في هجومها المضاد بلدان الجميل، ورقدالين، والعسة. حتى بات الجيش الليبي على بُعد 55 كيلومتر من ميناء رأس جدير الحدودي مع تونس، نقطة الترانزيت لنقل السلاح التركي إلي الغرب الليبي.

  • صاروخ سطح يحلق بالأجواء ويسقط قرابة الساحل، في تطور يعد الأول من نوعه، وبعد فشل الهجوم المباغت لميليشيات الوفاق على قاعدة “الوطية” الجوية، استُهل الميدان الليبي صباح يوم الأول من إبريل الجاري، بسقوط صاروخ سطح جو متوسط المدي قبالة سواحل مدينة “صبراته”.

وبتتبع مجسم الصاروخ، تبيّن أنه من فئة صواريخ سطح جو متوسط المدي، أمريكي الصنع، طراز ” RIM-66E-05″. 

وقد أُطلِق من فرقاطة تركية شوهدت قبالة سواحل طرابلس قبل أيام، من فئة اوليفر بيري الصاروخية.

اللافت، كان عدم إصابة الصاروخ لهدفه الذي يُرجح أن يكون طائرة بدون طيار تابعة للجيش الليبي. حيث يتبين ذلك من حطام الصاروخ ومحركه.

واقعة إطلاق الصاروخ سطح جو، جاءت بالتزامن مع اعتراض فرقاطة للبحرية الفرنسية لسفينة شحن تركية، كانت ترفع علم سيراليون، ويشتبه في تحميلها شحنات سلاح قادمة من تركيا للعاصمة الليبية طرابلس، في واقعة هي الأولى من نوعها، وذلك بعدما شوهدت سفينة الشحن قبل ذلك ترسو في ميناء طرابلس وسط ضربات المدفعية الدقيقة التي أودت بنحو 3 جنود أتراك كانوا في خضم تنفيذ مهام تفريغ حمولات السلاح النوعي القادمة من تركيا في 19 فبراير الماضي.

  • تسيير رحلات طيران مشبوه من بلجيكا لمصراته، ففي 31 مارس الماضي، وصلت رحلة من مطار أوستند في بلجيكا للمعقل الأقوى للميليشيات المسلحة في ليبيا، مدينة مصراته، التي تقع تحت حصار محكم للجيش الليبي. 

اللافت أيضًا، تزامن وصول هذه الرحلات المشبوهة، التي تستخدم عادة الطائرات العملاقة Boeing 747-412 ER-JAI، مع التطورات النوعية في الميدان الليبي واشتداد حدة المعارك نتيجة لوصول السلاح النوعي. كما واصلت رحلات طائرات النقل الثقيل “اليوشن 76، رحلاتها من اسطنبول لطرابلس في هذه الأثناء.

  • حرب الدرونز، فمنذ فشل هجوم ميليشيات الوفاق في السيطرة علة قاعدة “الوطية” الجوية، وإطلاق الجيش الليبي هجومًا مضادًا استعاد من خلاله السيطرة علي طوق آمن حوالي 40 كيلومترًا بمحيط القاعدة الجوية، شهد المسرح الليبي دخولًا مكثفًا للطائرات التركية المسيرة. حيث نفذت العديد من الهجمات الخاطفة وضربت أهدافًا بدقة بالغة، منها قافلة نقل عسكرية تابعة للجيش الليبي كانت تحمل ذخائر مدفعية لجبهة جنوب غرب طرابلس.

فيما استهدفت الطائرات المسيرة التركية، إمدادات ومخازن السلع والدقيق المخصصة لمدن الجبل الغربي.

https://twitter.com/LNA2019M/status/1245960486958649344?s=20

فيما ردّ الجيش الليبي بقصف مدفعي مكثف على مخازن السلاح والذخيرة لمعسكر 77 في طرابلس.

مؤشرات التطورات

أثارت التطورات التي يشهدها الميدان الليبي منذ أسبوعين وحتي هذه الأثناء، ولاسيما بعد تسجيل أول حالة وفاة جراء فيروس كورونا في طرابلس، قلق الكثير من الأطراف الدولية، وسط تهالك النظام الصحي الليبي، إذ تحتل ليبيا المرتبة الـ 168 من بين 195 دولة في العالم طبقاً لمؤشر الصحة العالمي في عام 2019. 

إذ بات واضحًا تحرك بعض الفواعل الإقليمية في الميدان الليبي لاقتناص الفرصة التي وفرها فيروس كورونا، لخفض مخاطر نقل السلاح بحرًا وجوًا، للإبقاء على خطوط إمداد مستمرة تُمكن الميليشيات المسلحة من التواجد في معادلة التسوية والصراع على حدِ سواء، أملاً في تغيير موازين القوي بالعاصمة طرابلس. وهو ما أظهر اعتراضاً فرنسياً صاغت خطوطه فرقاطة البحرية التي اعترضت سفينة الشحن التركية قبالة المياه الإقليمية الليبية. وعليه فإنه من المرجح أن تسير وتيرة الصراع في ليبيا لمنحي تصاعدي ضمن مسار يراوح بين حالتي السلم والحرب للإبقاء على وضعية الهدنة الهشة خشية أن تتصدع التحالفات الداخلية والخارجية لأطراف النزاع.

فيما يزال خطر تفشي الوباء قائماً وبقوة، وخاصة بعد استمرار الجانب التركي في عمليات نقل المرتزقة السوريين، ولاسيما بعد تحول تركيا لبؤرة كبري لتفشي المرض مع تسجيل أكثر من 400 حالة وفاة حتى وقت كتابة هذه السطور وأكثر من 20 ألف إصابة، ما يرفع الشكوك حول انتشار الفيروس بواسطة المرتزقة والمستشارين العسكريين القادمة من مطارات غازي عنتاب وإسطنبول.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى