اللواء محمد ابراهيم الدويري: استمرار الحرب على غزة يضع المنطقة على حافة الانفجار غير المحسوم
قال اللواء محمد ابراهيم الدويري، نائب المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة توسع من دائرة الصراع في المنطقة، مؤكدًا أن هذه الأزمة لا تؤثر على إسرائيل وقطاع غزة فقط، وإنما تؤثر بشكل مباشر على القضية الفلسطينية وأمن واستقرار المنطقة بأكملها، لافتًا إلى أن ما يدور بين إسرائيل وإيران، والحوثيين في منطقة البحر الأحمر، كل هذه تبعات نتجت عن الأزمة التي تسببت في تفجر الأوضاع بالمنطقة.
وأضاف اللواء الدويري، خلال لقاء ببرنامج “عن قرب”، المذاع عبر قناة “القاهرة الإخبارية” يوم السبت 20 أبريل 2024، إنه قد يحدث في أي وقت انفجار بالأحداث لا يستطيع أحد في المنطقة أن يسيطر عليه، مضيفًا أن الأزمة جعلت مصر والدول العربية تتحرك بشكل مكثف، كما حاولت منذ اندلاع الأحداث أن تحتوي الصراع.
وأشار إلى أن الرئيس السيسي أجرى العديد من اللقاءات والاتصالات فور اندلاع الحرب، مع أكثر من 20 زعيمًا إقليميًا ودوليًا، لكن استمرت الحرب لأن هناك أهدافًا تريد إسرائيل تحقيقها من الحرب.
وذكر اللواء الدويري أنه على الرغم من التوصل إلى هدنة إنسانية لم تمكث طويلًا بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية بعد مرور شهرين على اندلاع الصراع، لكن في المقابل كان هناك فرص لإدخال المزيد من المساعدات الإنسانية، وعقد صفقة تبادل أسرى.
وأكد أن أهم نقطة في هذه المرحلة كانت الرسالة المصرية من عقد مؤتمر القاهرة الدولي للسلام في 21 أكتوبر وهي إن المشكلة الفلسطينية لا يمكن أن تحل بالجانب العسكري، ولكن الحل الوحيد هو إقامة دولة فلسطينية مستقلة، ذات سيادة على خطوط 1967 من خلال المفاوضات، لافتًا إلى أن الحرب مازالت مستمرة ولا يوجد أفق إلى موعد وقفها.
ويرى نائب المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية أن إسرائيل لازالت تتحرك نحو أهدافها التي أعلنت عنها منذ اندلاعها، منوهًا إلى أن مفاوضات الهدنة الإنسانية ما زالت مستمرة بشكل مكثف، وأن مصر تسابق الزمن بالتنسيق مع الأطراف العربية والولايات المتحدة الأمريكية والسلطة الفلسطينية للوصول إلى تهدئة أو هدنة إنسانية أطول من التي مضت.
وذكر أن الدولة المصرية طرحت منذ ديسمبر الماضي رؤية متكاملة لحل هذه الأزمة مستندة إلى مراحل فرعية، والتي تبدأ بهدنة ثم صفقة تبادل أسرى ومن ثم إدخال المساعدات وصولًا إلى وقف دائم لإطلاق النار والتمهيد فيما بعد لعملية سلام في حالة أن الظروف مهيأة لها.
وأشار “الدويري” إلى أنه على الرغم من أن إسرائيل حققت بعض الأهداف من الحرب وهي التدمير البنية التحتية من مباني ومستشفيات، وقتل ما لا يقل يوميًا عن 100 شهيد فلسطيني، فضلًا عن الاعتقالات، ومحاولة إبادة قطاع غزة، الا أن هناك المزيد من الأهداف الأخرى التي طرحتها إسرائيل لنفسها لتحقيقها في الحرب على غزة مثل القضاء على المقاومة الفلسطينية، مع الأخذ في الاعتبار أن الخسائر الإسرائيلية تزداد يومًا بعد يوم.
وعن موقف المنظومة الدولية من الحرب في غزة، أوضح اللواء الدويري أن العالم يقف موقف المتفرج، ويتعامل مع هذه الأزمة كأنه مراقب، وأن العالم يتعامل مع الأزمة الفلسطينية بشكل سطحي للغاية، ورؤية العالم لهذه الأزمة هي مسألة مساعدات إنسانية، وهذا أمر خاطئ تمامًا، بل هي قضية سياسية تسمى بالقضية الفلسطينية، موضحًا أنه يجب على المجتمع الدولي الذي يثور في قضايا أخرى، أن ينظر إلى حل القضية الفلسطينية لحصولهم على دولتهم التي يستحقونها.
وأضاف أن الخلافات بين إدارة بايدن ونتنياهو لا ترتقي إلى أن تجعل الولايات المتحدة الأمريكية تضغط على إسرائيل فيما يتعلق بقضية غزة خاصة حل الدولتين، وذلك يرجع إلى أن العلاقات الإسرائيلية مع الإدارات الجمهورية أقوى، فمثلا في إدارة الرئيس ترامب كان يطرح ما يسمى بصفقة القرن، والتي تعد صفقة ظالمة للقضية الفلسطينية لأنها تعطى إسرائيل الضفة الغربية والقدس. أما العلاقات مع الإدارات الديمقراطية يشوبها بعض الاختلافات في وجهات النظر لكن تظل العلاقات الاستراتيجية قوية وثابتة.
واستطرد، نائب المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن الضربات الإيرانية لإسرائيل جعلت الولايات المتحدة تتحرك عسكريًا وسياسيًا من أجل الحفاظ على الأمن القومي الإسرائيلي الذي يمثل في عقيدة أمريكا بأنه يجب ألا يتأثر في أي وقت.
وعن فرص تنفيذ مشروع حل الدولتين، قال اللواء محمد الدويري إن مشروع حل الدولتين طرحه الرئيس الأمريكي بوش الابن في عام 2003 تحت مسمى “خريطة الطريق”، لكن بعد مرور 21 عامًا هذا المبدأ لم يجد طريقه للتنفيذ، وأن هذا المبدأ هو براجماتي، ولا يمكن تحويله إلى أرض الواقع، وذلك لأن التغيرات التي تقوم بها إسرائيل على الأرض أسرع من اتخاذ خطوات نحو حل الدولتين مثل الاستيطان في الضفة الغربية والقدس والذي يسير بشكل غير مسبوق منذ 7 أكتوبر، فضلًا عن الاعتقالات والتي وصلت إلى أكثر من 7000 فلسطيني.
ويعتقد أن حل الدولتين تصعب فرصه في ظل عدم وضع آليات للحل، وبالتالي الموقف الإسرائيلي نفسه يسير في طريق “لا للدولة الفلسطينية” وهو ما أعلنه رئيس الوزراء الإسرائيلي. لكن يمكن تنفيذ مشروع حل الدولتين عبر، أولًا، عن طريق إدارة أمريكية قوية تعلم ان العلاقات العربية ومصالحها في المنطقة يمكن أن تتأثر، ثانيًا، حكومة إسرائيلية تعلم مفهوم السلام وأن التطبيع العربي الإسرائيلي مهما زاد لن يكتب له النجاح إلا بوجود دولة فلسطينية.
واستكمل، أن الولايات المتحدة الأمريكية هي وسيط قوي لكنها تحتاج إلى تفعيل أدواتها، مشيرًا إلى دورها في معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، باعتبارها شريكًا كاملًا فضلًا عن المساهمات في المعاهدة مع الأردن، واتفاقيات أوسلو.
وأشار إلى أن المواقف الأوروبية في التعامل مع أزمة غزة لا يمكن التعويل عليها، لأنها تقتصر على الشجب والإدانات وإرسال مساعدات إنسانية، وبعض القرارات الخاصة بوقف السلاح الإسرائيلي لكن كل هذه الأمور يمكن وصفها بأنها جهد في أضيق الحدود.
وعن مستقبل “نتنياهو” السياسي مع استمرار الحرب على غزة وإمكانية حجب الثقة عنه، يرى “الدويري” أنه لا ينبغي المراهنة على سقوط “نتنياهو”، فهو يتمتع بذكاء ماكر، فضلًا عن أنه أطول رئيس وزراء تولى هذا المنصب، ويمتلك أدوات كثيرة تمكنه من المناورة، هذا بجانب حكومته التي تشكل أغلبية في البرلمان الإسرائيلي بنحو 64 مقعد، وهو عدد يستطيع الوقوف أمام حجب الثقة عنه في الكنيست.
وأضاف أن “نتنياهو” استطاع أن يحقق توازنًا كبيرًا بين “جانتس” و”سموتريتش” وكافة المتطرفين في الحكومة الإسرائيلية، وهذا يعني أنه يستطيع إدارة الأحداث في الداخل بشكل يحميه إلى حد كبير من أي مساءلة، وبالتالي يحميه من السقوط. متوقعًا أن يبقى “نتنياهو” في منصبه لفترة أخرى، ولن تكون هناك – على الأقل في هذا التوقيت- أي محاولات لإزالته وحجب الثقة عنه ومحاكمته.
وأشار اللواء الدويري إلى استطلاع رأي يؤكد زيادة شعبية نتنياهو في الداخل الإسرائيلي – خاصة الليكود- بالرغم من علو الأصوات ضده، ويمكن إرجاع هذا الأمر إلى التصعيد الإيراني الإسرائيلي، الذي أعطى بالفعل “نتنياهو” قوة داخل المجتمع الإسرائيلي الذي أصبح يميل إلى التطرف والتشدد.
ويرى نائب المدير العام للمركز المصري للفكر والدارسات الاستراتيجية أن غياب الأحزاب الإسرائيلية الأخرى لصالح الأحزاب اليمينية المتشددة هو أمر يحتاج إلى تنبيه شديد، في ظل غياب مخاطبة الشعب الإسرائيلي من قبل هذه الأحزاب، مشيرًا إلى مبادرة الرئيس الراحل السادات الذي خاطب المجتمع الإسرائيلي بكافة توجهاته من داخل الكنيست، وقد أثر هذا الخطاب بالإيجاب على قبول الإسرائيليين الانسحاب من سيناء والضغط على الحكومة الإسرائيلية.
ويعتقد أنه وعلى مدار التاريخ، لم تتكون الحكومة الإسرائيلية من حزب واحد بل تشكلت عبر حكومات ائتلافية، ولكن في ظل غياب المعتدلين الإسرائيليين وضعف اليسار وزيادة قوة اليمين، نجد أن الحكومة أصبحت تميل نحو اليمين بشكل كبير، ويمكن أن تستمر للانتخابات القادمة.
وتابع أنه برغم المظاهرات التي جابت شوارع تل أبيب ضد “نتنياهو” حول الإصلاحات القضائية، فهي بالفعل قد انتهت، أما بالنسبة للمظاهرات الحالية حول ملف الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة، فهي تقل بمرور الوقت أو بمعنى آخر لا يمكن اعتبار هذه المظاهرات بالمؤثرة، خاصة وأن هناك توافقًا في الداخل الإسرائيلي على الحرب الإسرائيلية الحالية في غزة، لذا لا يمكن أن نجد أصواتًا داخلية تطالب “نتنياهو” بالتوقف عن هذه الحرب لأنها تدميرية، ومن هنا يمكن التأكيد أنه بالرغم من تصوير “نتنياهو” بأنه يحارب في ظروف قاسية، إلا أن الحقيقة أنه يتمتع بأدوات القوة.
وحول التداعيات المتوقعة من إمكانية تنفيذ عملية عسكرية إسرائيلية على مدينة رفح، والتأثيرات المحتملة على الإقليم والعالم، وعن الموقف المصري والعربي من العملية، أوضح “الدويري” أنه بإعلان نتنياهو عزمه تنفيذ المرحلة الأخيرة من العملية العسكرية على قطاع غزة على رفح، كان لمصر دور كبير في التحرك بقوة كثيفة مع كافة الأطراف بلا استثناء، مؤكدًا أن مصر كانت رسالتها لإسرائيل واضحة للغاية، وهي أن العملية في رفح ستؤدي إلى خسائر بشرية كبيرة، أو نزوح سكان غزة المتواجدين برفح والبالغ عددهم 1.3 مليون شخص إلى سيناء، وهذا بالنسبة لمصر خط أحمر.
وشدد “الدويري” على أن إسرائيل تعلم جيدًا ماذا يعني قول الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بـ “خط أحمر”، فمصر موقفها صريح وواضح أنها ضد هذه العملية كونها ستؤدي إلى سلبيات عدة ليست فقط على غزة وإنما المنطقة بأكملها.
وأضاف أن مصر تحاول بكافة السبل ألا تتم هذه العملية بالشكل المعلن عنه من قبل مجلس الحرب الإسرائيلي عبر التحرك مع جميع الأطراف الفاعلة، ولكن رغم ذلك، فإن المخطط الإسرائيلي وحتى اللحظة يسير في اتجاه تنفيذ العملية في رفح، ومصر ستظل تعمل على ضمان عدم حدوثها قدر الإمكان، أو ضمان أقل قدر من الخسائر حال المضي قدمًا بها، مشيرًا إلى الرسائل الواضحة التي ترسلها مصر في هذا الصدد إلى تل أبيب وواشنطن على حد سواء، بأن القاهرة لا تريد اتخاذ إجراءات قد تؤثر على معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية الممتدة لأكثر من 45 عامًا.
وبافتراض مضي إسرائيل قدمًا على تنفيذ عملية رفح الفلسطينية، أكد نائب المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية أنها لا شك ستسفر عن تداعيات عدة، فمن الوارد أن يحدث اجتياح للحدود المصرية من قبل سكان القطاع، وهذا السيناريو الكارثي بالمناسبة لا تسقطه مصر من حساباتها على الإطلاق، كما أنه قد يؤدي إلى انفجار الوضع الإقليمي بضربات إيرانية أكثر قوة ضد إسرائيل، كما قد يؤدي إلى تدخل دول عربية لاتخاذ إجراءات ضد إسرائيل، فضلًا عن إمكانية التأثير على معاهدة السلام، لافتًا إلى قيام إسرائيل الآن بزيارات متبادلة مع واشنطن على مستوى وزراء الدفاع للوصول إلى شكل آخر لعملية رفح يخالف تمامًا الشكل الذي ترغب به إسرائيل.
وعلى صعيد الوضع الإنساني، والمسارات التي اتبعتها مصر للتخفيف عن أهالي غزة، ذكر اللواء محمد الدويري أن تحرك مصر منذ اليوم الأول للأزمة تشكل عبر ثلاثة محاور، الأول “المحور العاجل” والذي جاء عبر اتصال الرئيس السيسي بالقيادات العربية والعالمية في إطار محاولات احتواء الأمر، والثانية “مرحلة تثبيت المواقف المصرية” بالتأكيد على دور مصر وموقفها من الأزمة والتشديد على رفض نزوح السكان الفلسطينيين إلى سيناء وتصفية القضية الفلسطينية، ورفض سياسة العقاب الجماعي والتدمير والقتل، مع التشديد على ضرورة دخول المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح، مع التأكيد على استمرارية عمل المعبر من الجانب المصري، وقد حرصت مصر في هذه المرحلة أن تضيء نقطة نور داخل نفق مظلم عبر إقامتها مؤتمر القاهرة الدولي للسلام بالعاصمة الإدارية الجديدة بحضور 34 زعيم دولة من جميع أنحاء العالم، وتم التأكيد أن القضية الفلسطينية لن تحل عسكريًا مهما فعلت إسرائيل من عمليات إجرامية بغزة والقدس والضفة الغربية، وإنما ستحل بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
أما المرحلة الثالثة في التحرك المصري فقد أسماها “الدويري” بـ “مرحلة طرح الحلول”، ففي ضوء خبرة مصر في إجراء المفاوضات عبر سياستها الخارجية، كانت مصر أول دولة في العالم قد طرحت في ديسمبر 2023 مبادرة حل الأزمة بشكل متكامل تبدأ بهدنة إنسانية وإدخال المساعدات وتبادل الأسرى ومن ثم وقف دائم لإطلاق النار، وهذا كله يؤدي إلى المرحلة الأهم وهي بدء عملية سلام والتوصل إلى “حل الدولتين” بإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وتأمين إسرائيل في الوقت نفسه، ورغم ذلك فإن الجانب الإسرائيلي وحتى اليوم لم يطرح رؤيته في حل القضية الفلسطينية.
وعن إصرار مصر وتشديدها على مبدأ عدم تصفية القضية الفلسطينية، أكد أن إسرائيل تحاول بكافة المخططات أن تدفع بسيناريو تهجير الفلسطينيين إلى سيناء منذ أن أقامت دولتها عام 1948، ولكنها لم تنجح في ذلك بسبب تمسك الفلسطينيين بأرضهم، وهذا الاتحاد الفلسطيني والتفوق الديموجرافي يسبب لإسرائيل الذعر، مبينًا أن مصر تتحرك على المستويين الإقليمي والدولي للتأكيد على أن الاستقرار في المنطقة أمر لا يمكن أن تحيد مصر عنه، والتأكيد على ألا أمن لإسرائيل إلا بإقامة الدولة الفلسطينية، والدليل على ذلك هو الحرب الحالية، التي تسببت في زعزعة أمن إسرائيل مسفرة عن خسائر بشرية واقتصادية وسياسية، وحتى توترات على مستوى الدعم الغربي لإسرائيل، وبالتالي إسرائيل تحتاج إلى قيادة حكيمة تفكر في مصلحة إسرائيل أولًا قبل مصلحة العرب.
وعن أسباب عدم التوصل إلى هدنة لوقف إطلاق النار في غزة، رأى اللواء محمد إبراهيم الدويري أنها ترجع إلى وقوف إسرائيل كعثرة أمام الوصول إلى هذا الاتفاق، من خلال فرض جميع شروطها على مائدة التفاوض، وإفشال كافة الاقتراحات المقدمة من جميع الأطراف المنخرطة في المفاوضات، هذا بجانب إصرار نتنياهو على تصوير نفسه بالقائد القوي والعنيد، هذا بجانب دافع الانتقام من دخول الفلسطينيين إلى منطقة غلاف غزة عبر أكبر قدر من القتل والتدمير في القطاع، وبالتالي كل ما سبق سيؤدي إلى وقت أطول حتى يتم الوصول إلى اتفاق لإنهاء هذه الحرب.
واستكمل أن الحرب تحديدًا تختلف عن سابق الحروب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة، فالحروب الستة السابقة- التي كان لمصر دور كبير في تهدئتها- لم تصل إلى حد ما رأيناه في الحرب الأخيرة من كم التدمير والقتل وإطالة أمد الحرب، فالمختلف في الحرب الأخيرة هو عبور المقاومة الفلسطينية إلى داخل غلاف غزة عبر ساعة صفر محددة، كذلك عدد القتلى بين صفوف الجنود الإسرائيليين، وبالطبع عملية حصول فصائل المقاومة الفلسطينية على أسرى إسرائيليين بلغ عددهم بين 200-300 إسرائيلي، ما يعني أن “حماس” في هذه الحرب قد وضعت مبادئ جديدة قد تؤثر بالسلب على عملية السلام بين الطرفين على المدى البعيد في نظريات عدة.
أما من الناحية الإسرائيلية، فقد أدت هذه الحرب إلى إعلان إسرائيل ولأول مرة حالة الطوارئ، وتشكيل مجلس حرب بهذا الشكل، فضلًا عن تحديد أهداف واضحة تجاه “حماس” بخلاف الحروب السابقة، والتي تمثلت في القضاء على حماس عسكريًا، والقضاء على سيطرة المقاومة على قطاع غزة، وعدم تكرار ما حدث في السابع من أكتوبر.
وراهن “الدويري” أنه لا توجد دولة واحدة في العالم بما فيهم إسرائيل لديها سيناريو لكيفية توقف الحرب، أو موعد توقفها، وأردف أن هناك مشكلتين أساسيتين، الأولى تتعلق بوقت وكيفية انتهاء الحرب، ففي ظل استمرار العدوان للشهر السابع حتى الآن يمكن أن تتطول أمد المعركة إلى عام أو أكثر، والثانية هي اليوم التالي لانتهاء الحرب، مشيرًا إلى رؤية مصر إلى اليوم التالي، والتي تتمحور حول أولًا، رفض الاحتلال الإسرائيلي للقطاع، وبالفعل تم إقناع الولايات المتحدة بهذه الرؤية ويتم الضغط من قبل الإدارة الأمريكية على إسرائيل لإقناعهم بها، وثانيًا عودة السلطة الفلسطينية للمشهد، وثالثًا إعادة الإعمار.
وختامًا، أكد اللواء محمد إبراهيم الدويري نائب المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية أن هذه الأزمة تسابق الزمن، وأن المفاوضات التي تمت بباريس والدوحة جميعها تأسست وفق الرؤية المصرية للوصول إلى هدنة إنسانية تنهي هذه الحرب الشرسة التي إن استمرت ستكون المنطقة على حافة الانفجار غير المحسوم، ولن تستطيع السيطرة عليه أي دولة.