
تحت شعار “أنا جيل المساواة” .. العالم يحتفل بيوم المرأة العالمي

تحتفل الأمم المتحدة وجميع دول العالم، في الثامن من مارس، من كل عام باليوم العالمي للمرأة، والذي يقام للدلالة على الاحترام العام، وتقدير النساء وشجاعتهن وثباتهن في اداء أدوار استثنائية في تاريخ بلدانهن ومجتمعاتهن. وأحرازهن الكثير من الإنجازات الغير مسبوقة في المجالات الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، وغيرها من المجالات.
تاريخ يوم المرأة العالمي

جاء الاحتفال بيوم المرأة العالمي على إثر خروج ما يقرب من 15000 امرأة عاملة من مصانع النسيج، بالولايات المتحدة الأمريكية، عام 1908 م، الي الشوارع، للاحتجاج على الظروف اللاإنسانية التي كن يجبرن على العمل خلالها، مطالبات بحقهن في بيئة عمل أفضل والحق في التصويت لصالح أي قرار يخدم مصالحهن. وفي العام التالي، أعلن الحزب الاشتراكي الأمريكي أول يوم وطني للمرأة.
وعلى الرغم من مساهمة النساء الأمريكيات في دفع النساء في جميع انحاء العالم الي المطالبة بالمزيد من حقوقهن، الا أن تخصيص يوم الثامن من مارس كعيد عالمي للمرأة لم يتم إلا بعد سنوات طويلة من ذلك التاريخ، حيث ان منظمة الأمم المتحدة لم توافق على تبني تلك المناسبة سوى عام 1977, عندما أصدرت المنظمة الدولية قراراً يدعو دول العالم إلى اعتماد أي يوم من السنة يختارونه للاحتفال بالمرأة فقررت غالبية الدول اختيار الثامن من مارس، وتحول بالتالي ذلك اليوم إلى رمز لنضال المرأة تخرج فيه النساء عبر العالم في مظاهرات للمطالبة بحقوقهن ومطالبهن.
شعار 2020, أنا جيل المساواة: إعمال حقوق المرأة

اتخذت الأمم المتحدة شعار هذا العام 2020 ’’ أنا جيل المساواة: إعمال حقوق المرأة‘‘, على ان هذا الشعار لم يكن وليد الصدفة ولكنه يتماشى مع الحملة متعددة الأجيال لهيئة الأمم المتحدة المسماة “جيل المساواة” والتي تطالب بالمساواة في الأجر وتقاسم الرعاية غير مدفوعة الأجر والعمل المنزلي بالتساو، ووضع حد للتحرش الجنسي وجميع أشكال العنف ضد النساء والفتيات، علاوة على تقديم خدمات الرعاية الصحية التي تستجيب لاحتياجاتهن ومشاركتهن على قدم المساواة في الحياة السياسية وصنع القرار في جميع مجالات الحياة.
كما يصادف احتفال هذا العام مع الذكرى السنوية الـ 25 لإعلان ومنهاج عمل بيجين الذي يعد خارطة الطريق الأكثر تقدمية فيما يتصل بتمكين المرأة والفتاة في كل أنحاء العالم. بالإضافة إلى مرور 20 عامًا على قرار مجلس الأمن رقم 1325 المعني بالمرأة والسلام والأمن، و10 سنوات على تأسيس هيئة الأمم المتحدة للمرأة، و5 سنوات على إعلان أهداف التنمية المستدامة. لذلك يمثل عام 2020 فرصة لا تفوت لتعبئة العمل العالمي لتحقيق المساواة بين الجنسين وحقوق الإنسان لجميع النساء والفتيات.
رغم الاحتفاء: معطيات مهمة
وعلى الرغم من إيلاء العالم اجمع أهمية قصوى للاحتفال بهذا اليوم، الا ان المرأة على الصعيد العالمي وعلى الرغم من احرازها العديد من المكاسب لا تزال تواجهها العقبات في القانون والثقافة دون تغيير، فحسب تصريح منظمة الأمم المتحدة أنه لا يمكن لبلد واحد في العالم أن يدعي بأنه حقق المساواة بين الجنسين حتى الان.
فعلى سبيل المثال وعلي الرغم من التقدم الملحوظ في ساحة التعليم ، حيث تكشف إحصائيات البنك الدولي لدول الشرق الأوسط أن نسبة التعليم بين النساء بلغت 87.7 % عام 2018، مقارنة بـ 81.3 % عام 2000.
لكن هذا التقدم لا يقابله زيادة فرص النساء في سوق العمل، إذ بلغت نسبة البطالة 17.7 % عام 2018، مقابل 17.2 % عام 2000. في حين تراجعت نسبة البطالة بين الرجال في الشرق الأوسط من 10.9 % عام 2000 إلى 7.8 % عام 2018.
ولا تزال النساء عامة يعانين من البخس في العمل فهن يعملن أكثر ويكسبن اقل واختياراتهن لا تزال محدودة وحتى على مستوي الاجر فيقل ما تكسبه النساء عما يكسبه الرجال بنسبة 23% على الصعيد العالمي،
أما على مستوي التمكين السياسي فتوجد حتى الآن عشر نساء لا غير في مناصب الرئاسة، و13 امرأة في رئاسة الحكومات، وكلهن يتركزن في 22 دولة فقط. كما لا تتعدى نسبة تمثيل المرأة في البرلمانات عالميا 24.9 %.
اما عن معدلات العنف الموجه ضد المرأة، فلا تزال المعدلات تشكل حاجزًا في سبيل تحقيق المساواة والتنمية والسلام، وكذلك استيفاء الحقوق الإنسانية للمرأة والفتاة. وتُظهر الجهود المبذولة لمنع العنف ضد المرأة وإنهائه على المستويات العالمية والإقليمية والوطنية أن هناك إفلاتا واسع النطاق من العقاب على العنف الجنسي والاغتصاب. فوفقًا لمنظمة الأمم المتحدة، تتعرض حوالي ثلث النساء حول العالم لأحد أشكال العنف الأسري أو الانتهاك الجسدي. حيث تقتل واحدة من كل اثنتين من النساء اللاتي قُتلن في جميع أنحاء العالم على أيدي عشيرهن أو أسرهن؛ بينما يقتل واحد فقط من بين 20 رجلًا في ظروف مماثلة.
علاوة على أن 71% من جميع ضحايا الاتجار بالبشر في العالم هم من النساء والفتيات، و3 من أصل 4 من هؤلاء النساء والفتيات يتعرضن للاستغلال الجنسي.
كما تعاني حوالي 200 مليون فتاة على مستوى العالم من ممارسة الختان، أما بالنسبة للزواج المبكر، فقدرت المنظمة بأنه تم تزويج ما يقرب من 750 مليون امرأة وفتاة على قيد الحياة اليوم في جميع أنحاء العالم قبل بلوغهن سن الثامنة عشر.
في يومها: احتجاجات نسوية عالمية

على إثر المعطيات السابقة، خرجت الاحتجاجات السنوية على مدار الشهر الجاري، تطالب جميعها بضرورة اتخاذ الحكومات خطوات فعالة لسن قوانين من شانها مكافحة العنف المتزايد ضد النساء عامة وبشكل خاص في أماكن العمل.
حيث خرجت مظاهرات نسائية حاشدة، في أغلب عواصم دول العالم، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، وذلك لدعم حقوق المرأة في العالم، وشاركت نساء من إسبانيا، والسلفادور وبنجلاديش وروسيا في المظاهرات وهتفن بعبارات من بينها “جسدي، اختياري، حريتي“، كما خرجت التظاهرات في المكسيك للتنديد بقتل النساء المتزايد في المجتمع المكسيكي وشهدت المسيرات عددا من الفعاليات ايضًا للاعتراض على تهميش المرأة في المجتمع واستغلال أجسادهن.
المرأة المصرية في يومها العالمي: أرقام مهمة
وفقًا لتقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء والصادر عام 2020, والذي استعرض فيه أوضاع المرأة المصرية في كافة المجالات، والتي لا تختلف كثيرًا عن البيانات العالمية، حيث بلغت مساهمة المرأة في قوة العمل 15,6% من اجمالي قوة العمل (15سنة فأكثر) مقابل67,3% للرجال كما بلغ معدل البطالة للإناث 21,7% مقابل 4,8% للذكور.
أما عن وضع المرأة السياسي ودورها في صنع القرار، فقد حصلت المرأة على 8 حقائب وزارية داخل مجلس الوزراء بنسبة 24% من عدد الوزراء في الحكومة. بالإضافة الي 90 مقعد في البرلمان بنسبة 15% من إجمالي المقاعد. كما بلغ عدد القاضيات 66 قاضية.
ختامًا، يسعى اليوم العالمي، للمرأة، إلى تمكينها بمختلف أوجه الحياة والعمل والحقوق العامة وإلغاء التمييز الذي طالها ويطالها ويلحق بها كثيرًا من المظالم في مختلف أرجاء العالم، وفي مختلف الثقافات والخلفيات.
وكذلك ردم الهوة في الحقوق والفرص، ما بين النساء والرجال، وتحقيق المساواة بين الجنسين، معاً، باعتبار المساواة، السبيل الأمثل للحد من الفقر في المجتمع وتحقيق التنمية البشرية المستدامة.
باحثة ببرنامج السياسات العامة