خريطة صحية متكاملة للدولة ترسمها المبادرات الرئاسية الصحية
جاء ملف القطاع الصحي في مصر على رأس أولويات الدولة منذ عام 2014؛ نظرًا إلى كونه أحد أبرز الملفات التي تمس المواطن المصري بالدرجة الأولى. وانطلقت جهود الدولة في اتجاهين؛ هما: إعادة تأهيل البنية التحتية الصحية، وإطلاق حزمة من الإصلاحات الصحية العاجلة والتي تتمثل في إطلاق العديد من المبادرات الصحية تحت رعاية رئيس الجمهورية؛ لرفع كفاءة ومستوى الخدمة المقدمة للمواطنين والتي استهدفت كافة الفئات بدءًا من الأطفال وحتى كبار السن. مما أحدث طفرة في الملف الصحي، ليتغير واقع المصريين إلى حياة صحية أفضل في ظل السعي إلى تقديم مستوى جيد من الخدمات الصحية والطبية التي توفر دعمًا لمحور “الاستثمار في صحة الإنسان” في المقام الأول. وتقف الورقة على أهم المبادرات الصحية والتي قسمت إلى ثلاثة محاور تشمل: “مبادرات التدخل العاجل للدولة – مبادرات الكشف المبكر عن الأمراض – مبادرات تحسين الصحة الإنجابية ” كما تقيس الورقة مردود تلك المبادرات على الواقع الصحي المصري.
أولًا: التدخل العاجل للدولة
أدركت الدولة المصرية حاجة التدخل بمبادرات صحية مهمة وعاجلة لتحسين صحة المواطن المصري الذي عانى لعقود من الإهمال الطبي، فكان على رأس تلك المبادرات العاجلة:
- مبادرة إنهاء قوائم الانتظار
انطلقت المبادرة الرئاسية عام 2018 وكان من أولى المبادرات التي أطلقها السيد رئيس الجمهورية بهدف تخفيف معاناة غير القادرين، وإجراء الجراحات العاجلة والحرجة بأعلى جودة وفي أسرع وقت ممكن. واشتملت المبادرة على الإجراء المجاني لجراحات “القلب – العظام – الرمد – الأورام – القساطر المخية – المخ والأعصاب – زراعة الكلى – زراعة الكبد – زراعة القوقعة” وتمثلت إنجازات المبادرة فيما يلي[i]:
- إجراء 2 مليون و74 ألفا و952 عملية جراحية.
- استقبال وزارة الصحة 164 ألفا و244 اتصالًا من مرضى قوائم الانتظار، منذ بداية المشروع وحتى فبراير 2024. بنسبة إنجاز وصلت 98,62% عبر الخط الساخن المخصص للمبادرة.
- متابعة 73 ألفًا و783 حالة. من أول يوليو 2023 حتى فبراير 2024.
- المبادرة الرئاسية للقضاء على فيروس سي والأمراض غير السارية تحت شعار”100 مليون صحة”
أطلقت المبادرة الرئاسية للقضاء علي فيروس سي والأمراض غير السارية في عام 2018، تحت شعار “100 مليون صحة،” واستهدفت المبادرة الكشف المبكر عن الإصابة بفيروس الالتهاب الكبدي (سي)، إلى جانب التقييم والعلاج من خلال وحدات علاج الفيروسات الكبدية المنتشرة في جميع محافظات الجمهورية، وكذا الكشف المبكر عن السكري وارتفاع ضغط الدم والسمنة، وتوجيه المكتشف إصابتهم لتلقي العلاج بمختلف الوحدات والمستشفيات؛ وذلك بهدف خفض الوفيات الناجمة عن الأمراض غير السارية والتي تمثل حوالي 70% من الوفيات في مصر.
واستهدفت المبادرة نحو 50 مليون مواطن بتكلفة 3.8 مليارات جنيه وقد تم من خلالها أيضًا فحص 10 ملايين من طلاب المدارس. ونُفذت المبادرة الرئاسية على ثلاث مراحل: ضمت المرحلة الأولى 9 محافظات في “جنوب سيناء ومطروح وبورسعيد والإسكندرية والبحيرة ودمياط والقليوبية والفيوم وأسيوط”، وضمت المرحلة الثانية 11 محافظة وهي: “شمال سيناء والبحر الأحمر والقاهرة والإسماعيلية والسويس وكفر الشيخ والمنوفية وبني سويف وسوهاج وأسوان والأقصر”؛ وشملت المرحلة الثالثة 7 محافظات وهي: “الوادي الجديد والجيزة والغربية والدقهلية والشرقية والمنيا وقنا.”
وقد تجلت نتائج المبادرة في الآتي[ii]:
- إعلان مصر خالية من فيروس سي، عام 2020، بالتزامن مع إحياء اليوم العالمي لالتهاب الكبدي الوبائي.
- قدمت المبادرة خدمات الكشف والفحص لما يقرب من 60 مليون مواطن، وقدمت العلاج لنحو 4 ملايين مواطن[iii].
- إجمالي عدد المرضى الذين عولجوا من فيروس سي خلال الفترة من 2014-2018 بلغ نحو 1.5 مليون مواطن.
ثانيًا: مبادرات الكشف المبكر عن الأمراض
حققت الدولة تقدمًا ملحوظًا في مجال الكشف المبكر على صحة المواطنين لتدارك الأمراض في مراحل مبكرة ومن ثم القضاء عليها أو الوقاية منها عن طريق إجراء الفحوصات اللازمة وتقديم الخدمات الوقائية والعلاجية على المستوى المركزي والمحلي. وقد أطلقت الدولة المصرية عددًا من المبادرات الصحية التي تقوم بالكشف المبكر عن عدة أمراض طالما كانت تهدد صحة المواطن المصري، تمثلت فيما يلي:
- المبادرة الرئاسية للكشف المبكر عن الاعتلال الكلوي
أطلقت المبادرة الرئاسية في سبتمبر 2021، بتكلفة 2.8 مليار جنيه، استهدفت فحص جميع المواطنين في الفئة العمرية من 18-40 عاما؛ وذلك من أجل الاكتشاف المبكر للاعتلال الكلوي المزمن وسط مجموعات المرضى الأكثر عرضة وهم مرضى السكر والضغط ومرضي انسداد المسالك البولية والحصوات الكلوية المتكررة للعمل على إيقاف تطور المرض واستعادة وظائف الكلى. وكان أبرز نتائج المبادرة الآتي[iv]:
- فحص 7 ملايين و91 ألفًا و272 مواطنًا، ضمن مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي، لفحص وعلاج الأمراض المزمنة والكشف المبكر عن الاعتلال الكلوي، منذ انطلاق المبادرة في شهر سبتمبر 2021 حتى يونيو 2023.
- – إحلال وتجديد 40٪ من وحدات الغسيل الكلوي التابعة لوزارة الصحة في المحافظات بدخول 2600 جهاز غسيل كلوي و1000 كرسي، بتكلفة إجمالية تبلغ 1.9 مليار جنيه.
- مبادرة رئيس الجمهورية للكشف المبكر عن الأنيميا والسمنة والتقزم لطلاب المدارس
أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي في فبراير 2019، مبادرة المسح القومي لأمراض الأنيميا والسمنة والتقزم بين طلاب المدارس الابتدائية الحكومية الرسمية والرسمية المتميزة والخاصة للوقوف على الوضع الصحي للطلاب. واستهدفت المبادرة فحص 15 مليون طالب في المرحلة الابتدائية من المصريين وغير المصريين المقيمين على أرض مصر، وذلك بـ 30 ألف مدرسة حكومية وخاصة.
وقامت المبادرة بفحص 7.5 ملايين طالب بمختلف مدارس الجمهورية كما بلغ عدد الفرق الطبية المشاركة في المبادرة نحو 2400 فريق، وأطلق من خلال المبادرة حملة الدولة القومية للقضاء على الديدان المعوية للطلاب بالمدارس الابتدائية وسعت الحملة إلى خفض معدل انتشار الإصابة بالطفيليات المعوية بين تلاميذ المدارس. وبناء عليه:
- انعكست نتائج المبادرة على المؤشرات الخاصة بالمسح الصحي السكاني لعام 2021؛ إذ انخفضت النسب المتعلقة بالتقزم بين الأطفال من 21% عام 2014 إلى 13% عام 2021، ونسب المصابين بالنحافة، وزيادة الوزن إلى 15% مقارنة بـ 33% عام 2014. إلا أن ارتفاع نسبة الأنيميا يشير إلى ضرورة استمرار المبادرة مع إدخال تعديلات على الجزء الخاص بالإصابة بالأنيميا، وقياس معدلات تفاوتها حسب الحضر والريف، بالإضافة إلى وضع البرامج المناسبة لكل منطقة على حدة.[v]
- المبادرة الرئاسية للعناية بصحة الأم والجنين
أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي في مارس 2020 مبادرة “العناية بصحة الأم والجنين” للكشف المبكر عن الإصابة بالأمراض المنتقلة من الأم للجنين، وتوفير العلاج والرعاية الصحية بالمجان تحت شعار “100 مليون صحة”.وتستهدف المبادرة الكشف المبكر عن الإصابة بفيروس “بي” وفيروس نقص المناعة البشري ومرض الزهري للسيدات الحوامل، بالإضافة إلى خفض وفيات الأمهات الناجمة عن تلك الأمراض. وتشمل المبادرة أيضًا متابعة حالة الأم والمولود لمدة 42 يومًا بعد انتهاء الحمل لاكتشاف عوامل الخطورة على الأم أو المولود، واتخاذ الإجراءات المناسبة إضافةً إلى صرف المغذيات الدقيقة اللازمة في فترة النفاس.
وقد انعكست نتائج المبادرة على مؤشرات رعاية الحمل والولادة ومؤشرات صحة الطفل فيما يلي[vi]:
- تحسنت مؤشرات رعاية الحمل لتصل إلى 97% في عام 2021 مقابل 90% عام 2014، كذلك تحسنت رعاية الحمل المنتظمة لتصل إلى 90% مقابل 83% عام 2014، وبالطبع فقد ازدادت نسبة الولادات على يد مقدم الخدمة الطبية لتصل إلى 97% مقابل 92% عام 2014.
- مبادرة الكشف المبكر وعلاج ضعف السمع للأطفال
يشير مصطلح فقدان السمع المسبب للإعاقة حسب منظمة الصحة العالمية إلى فقدان السمع بمقدار يزيد على 35 ديسيبل في الأذن الأقوى سمعًا. ويعيش نحو 80٪ من الأشخاص المصابين بفقدان السمع المسبب للإعاقة في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، وحسب المنظمة فإنه من المتوقع بحلول عام 2050 أن يعاني 2,5 مليار شخص تقريبًا من فقدان السمع بدرجة ما، وسيحتاج 700 مليون شخص على الأقل إلى إعادة تأهيل لمعالجة مشاكل السمع[vii].
وقد أدركت الدولة المصرية بأن الكشف المبكر هو السبيل الوحيد للعلاج والوقاية أيضا، فأطلقت مبادرة الكشف المبكر وعلاج ضعف السمع للأطفال في سبتمبر 2019، وحققت المبادرة نجاحا متعدد الأبعاد سواء بتطوير البنية التحتية فيما يخص أجهزة قياس السمع وتدريب الطواقم الطبية على أساليب الكشف الحديثة أو عن الكشف المبكر لفاقدي السمع بين الأطفال وعلاجهم مجانا على نفقة الدولة وفيما يلي أبرز إنجازات المبادرة[viii]:
- تقديم خدمات الفحص السمعي لـ 5 ملايين 474 ألفا و808 أطفال، وبناء عليه تم تحويل 313 ألفا و285 طفلًا لإعادة الفحص من خلال إجراء اختبار تأكيدي، كما تم تحويل 37 ألفًا 720 طفلًا، بعد الاختبار الثاني إلى مستشفيات ومراكز الإحالة بهدف تقييم الحالة بدقة أعلى، وبدء العلاج أو تركيب سماعة للأذن، أو تحويل الطفل لإجراء عملية زرع القوقعة لمن تستدعي حالته.
- زيادة أعداد مستشفيات ومراكز الإحالة السمعية لـ 34 بدلًا من 30 مركزًا، بجميع محافظات الجمهورية، وتزويدها بأحدث الأجهزة والمستلزمات الطبية، لتقديم خدمات مبادرة السمع.
- زيادة عدد مراكز فحص الكشف السمعي للأطفال بدءًا من يوم الولادة وحتى عمر 28 يومًا، إلى 3500 وحدة صحية في جميع محافظات الجمهورية.
- تدريب أطقم التمريض، للعمل على جهاز الانبعاث الصوتي بالوحدات الصحية، بالإضافة إلى تدريب مدخلي البيانات التابعين للوحدات الصحية، بكافة محافظات الجمهورية، لتسجيل بيانات الأطفال من حديثي الولادة على الموقع الإلكتروني الخاص بالمبادرة؛ بهدف إنشاء ملف كامل للطفل يتضمن حالته الصحية، إلى جانب إدراج خانة للفحص السمعي في شهادات الميلاد.
- المبادرة الرئاسية للكشف المبكر عن الأورام السرطانية
أطلقت الدولة المصرية المبادرة الرئاسية للكشف المبكر عن الأورام السرطانية ” الرئة – البروستاتا- القولون- عنق الرحم” بالمجان في ثماني عشرة محافظة بالجمهورية تضم (الإسكندرية، البحيرة، مطروح، دمياط، القليوبية، الفيوم، أسيوط، بورسعيد، جنوب سيناء، القاهرة، المنوفية، البحر الأحمر، كفر الشيخ، سوهاج، الإسماعيلية، بني سويف، شمال سيناء، الأقصر). مستهدفة المواطنين من سن 18 عامًا فأكثر، بهدف الكشف عن الأورام في المراحل المبكرة، مما يساهم في تقليل نسبة الوفيات الناجمة عن المرض، وتقليل العبء المادي الذي يسببه تشخيص الأورام في المراحل المتأخرة.
تأتي المبادرة تحت مظلة ” مليون صحة”، المبادرة الأكبر في تاريخ الدولة المصرية، وقد بلغ المستفيدون من المبادرة الرئاسية للكشف المبكر عن الأورام السرطانية 2,726,708 مليون مستفيد منذ انطلاقها في يونية 2023 حتى ديسمبر 2023.
- الكشف عن سرطان الرئة ضمن المبادرة:
أفاد السجل القومي للأورام في مصر بأن سرطان الرئة هو ثالث الأورام الأكثر شيوعًا لدى الرجال، بعد أن كان خامس الأورام شيوعًا، حيث يمثل 7.3% من نسب حدوث الأورام لدى الرجال في مصر. وهناك ما يقرب من 4800 إصابة جديدة بسرطان الرئة لدى الرجال والسيدات سنويًا في مصر، وتشير التقديرات إلى أنه من المتوقع تضاعف أرقام المصابين في حالة عدم الكشف عن المرض في مراحله المبكرة. حيث يتم اكتشاف أكثر من 80% من الحالات في المراحل المتأخرة للمرض أي في المرحلة الثالثة أو الرابعة، وهي مراحل يصعب الوصول فيها إلى الشفاء التام بعكس المرحلتين الأولى والثانية.
- الكشف عن سرطان البروستاتا ضمن المبادرة:
يحتل سرطان البروستاتا المرتبة الرابعة كأكثر الأورام شيوعًا بين الرجال في مصر، بمعدل إصابات جديدة يزيد عن 4500 مريض في سنة 2020 ومعدل وفيات وصل إلى أكثر من 2000 حالة. ويعد ثاني أكثر الأورام شيوعًا حول العالم في الرجال ولهذا يعتبر وضع هذا المرض داخل دائرة الضوء أمرًا في غاية الأهمية. في حال الاكتشاف المبكر لتضخم البروستاتا وارتفاع نسبة التحاليل من الممكن إيقاف تحور المرض إلى ورم ووقف انتشاره خارج البروستاتا.
الكشف عن سرطان القولون ضمن المبادرة:
وفقًا لمؤسسة مستشفى سرطان الأطفال 57357، فإن سرطان القولون في مصر يمثل 3.0% من جميع سرطانات المكتشفة، وهو ما يمثل 3.4% و2.6% من سرطانات الذكور والإناث على التوالي. كما يحتل المرتبة الثامنة بين الذكور والحادية عشرة بين الإناث. ويبلغ متوسط العمر عند التشخيص لدى الذكور 51.9 عامًا ومتوسط العمر عند التشخيص في الإناث 56.5 عامًا.
- الكشف عن سرطان عنق الرحم ضمن المبادرة:
يأتي سرطان عنق الرحم في المرتبة الرابعة بين الأورام الأكثر شُيُوعًا بين النساء عالميًا،[ix] إذ قُدِّر عدد الحالات الجديدة بنحو 604000 حالة وعدد الوفيات بنحو 342000 وفاة في عام 2020. وحسب منظمة الصحة العالمية، فإن أعلى معدلات الإصابة بسرطان عنق الرحم والوفيات الناجمة عنه توجد في البلدان منخفضة الدخل والمتوسطة الدخل. وهذا ما يعكس أوجه عدم المساواة الكبيرة الناجمة عن عدم إتاحة خدمات فحص عنق الرحم، والعلاج، على المستوى الوطني، إلى جانب المحددات الاجتماعية والاقتصادية.
وفي تقرير أصدرته منظمة الصحة العالمية عن وضع سرطان عنق الرحم في مصر عام 2021، أفاد بأن هناك 2.6 سيدة من كل 100 ألف سيدة تُصاب سنويًا بسرطان عنق الرحم في مصر، فيما بلغ معدل الوفيات الناجمة عن هذا المرض في عام 2019 حوالي 620 سيدة، وقد صنف التقرير حينها عوامل الخطر لهذا الفيروس هي عدم اكتشافه في مراحله المبكرة إذ خضعت أقل من امرأة واحدة من كل 10 نساء تتراوح أعمارهن بين 30-40 عامًا لفحص الكشف عن سرطان عنق الرحم في السنوات الخمسة قبل صدور التقرير. وبناء عليه فقد أدركت الدولة المصرية أهمية وجود برنامج وطني للكشف عن سرطان عنق الرحم.
وبناء على ما سبق، تكمن أهمية المبادرة الرئاسية للكشف المبكر عن الأورام السرطانية في ضمان حصول الفئات المستهدفة على فحص كامل وكشف مبكر عن هذه الأورام ومتابعة المرضى حتى تمام التعافي مجانًا. حيث تساهم المبادرة في تخفيف عبء الكشف والعلاج عن كاهل المرضى، وهذا أمر مهم للغاية بالنظر إلى ارتفاع التكلفة في هذا النوع من المرض.
- مبادرة رئيس الجمهورية لدعم صحة المرأة المصرية
انطلقت في يوليو عام ٢٠١٩ مبادرة رئيس الجمهورية لدعم صحة المرأة المصرية باعتبارها أهم شرائح المجتمع وأكثرها احتياجًا للتوعية والرعاية الصحية. حيث تعاني المرأة المصرية منذ عقود من مشكلات صحية متراكمة في مقدمتها الأورام السرطانية، وطبقًا لإحصائيات منظمة الصحة العالمية عام ٢٠١٨، يأتي سرطان الثدي في مقدمة الأورام السرطانية التي تعاني منها المرأة المصرية بنسبة تصل إلى ٣٥٪ من إجمالي الإصابات السرطانية للمرأة المصرية.
وتستهدف المبادرة الكشف المبكر عن أورام الثدي لنحو ٢٨ مليون سيدة بجميع محافظات الجمهورية بالفحص والكشف الإكلينيكي عن المرض وتوفير العلاج بالمجان. وتشمل المبادرة أيضًا التوعية بالصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة والحياة الصحية والكشف عن الأمراض غير السارية (السكري، ضغط الدم، قياس الوزن والطول وتحديد مؤشر كتلة الجسم، ومستوى الإصابة بالسمنة أو زيادة الوزن)، بالإضافة إلى عوامل الخطورة المسببة للأمراض غير السارية، والتوعية بطريقة الفحص الذاتي للثدي.
وبحلول عام 2022، أعلنت وزارة الصحة والسكان فحص 23 مليونًا و906 آلاف و809 سيدة، ضمن مبادرة رئيس الجمهورية لدعم صحة المرأة المصرية منذ انطلاقها، حيث تشمل المبادرة الفحص والتوعية للسيدات مجانًا، بداية من سن 18 عامًا.[x].
- استحداث بروتوكولات لعلاج الأورام
وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي في عام 2023، بإدراج أدوية الأورام والأدوية البيولوجية الحديثة ضمن منظومة العلاج على نفقة الدولة، وذلك لرفع العبء عن المواطنين خاصة غير القادرين منهم. كذلك عقد اجتماعات دورية للجان العليا لعلاج الأورام والمبادرات الرئاسية وأمراض الدم لتحديث بروتوكولات العلاج على نفقة الدولة، بهدف تحسين معدل الاستجابة والشفاء، وتقليل فرص ارتداد الأورام، وتحسين جودة حياة المريض المصري.
وبناء عليه، تم إدراج 5 أدوية جديدة لعلاج حالات أمراض الدم على نفقة الدولة، متضمنة أدوية لعلاج اللوكيميا المزمنة، وفشل النخاع الناتج عن زيادة خلايا النخاع، والأنيميا، وإضافة كود علاجي لزرع نخاع (قرار ثانٍ) في حالة فشل الزرع الأول للنخاع. كما تم استحداث جلسات فصل البلازما، وإدراج عقار موجة وبديل حيوي للعقار المستخدم سابقًا، وإضافة (كود) لعلاج مرض التكسير المناعي الحاد لخلايا الدم، وكذلك تحديث بروتوكولات العلاج على نفقة الدولة لمرضى تليف النخاع وزيادة وظائف خلايا النخاع، وإضافة عقار لعلاج مرضى اللوكيميا الليمفاوية المزمنة ممن لديهم طفرات جينية.
وفي إطار رفع العبء عن مرضى الأورام، تم توحيد بروتوكولات أورام الرئة -خط علاجي أول- لتحسين معدل الاستجابة وتقليل فرص ارتداد الورم (Anti- EGFR)، بالإضافة إلى إدراج عقار موجه جديد لمرضى سرطان القولون المنتشر، وإدراج عقار لحالات ورم (GIST) للحالات غير المستجيبة للخط العلاجي الأول من مرضى سرطان أنسجة الجهاز الهضمي.
أخيرًا، تتعامل الدولة المصرية مع ملف الأورام السرطانية بجهد غير مسبوق إذ عزمت الدولة على الكشف المبكر عن تلك الأورام وبالتالي خفض معدلات الوفيات الناجمة عنها والقضاء عليها ضمن برنامج وطني متكامل، لتحقق نجاحًا جديدًا يضاف لما حققته الدولة المصرية مسبقًا في تجربتها الفريدة في القضاء على فيروس سي.
ثالثًا: مبادرات تحسين الصحة الإنجابية
التفتت الدولة المصرية منذ عام 2014 إلى تحسين خصائص الصحة الإنجابية للأسرة المصرية، بالإضافة إلى الحد من الزيادة السكانية. وبناءً على خطة مدروسة لمعدلات الإنجاب المختلفة في المحافظات المصرية ومستوى تعليم الفتيات، أطلقت الدولة المصرية العديد من المبادرات الموجهة، وأبرزها فيما يلي:
- مبادرة أيامنا أحلى: حيث أطلقت الدولة أعدادًا كبيرة من القوافل الخاصة بتنظيم الأسرة والصحة الإنجابية على مستوى محافظات الجمهورية ضمن مبادرة “أيامنا أحلى”، لتوفير خدمات ووسائل تنظيم الأسرة للمنتفعين بالقرى والمناطق المحرومة من تلك الخدمات.
- Ø حملة ” من حقك تنظمي”: ضمن مبادرة “أيامنا أحلى” لتقديم خدمات ووسائل تنظيم الأسرة على مستوى 9 محافظات وهي “الجيزة – القاهرة – كفر الشيخ – الدقهلية – الإسكندرية – الفيوم – بني سويف – المنيا – أسيوط”، بالإضافة إلى استهداف القرى الفقيرة التابعة لمبادرة رئيس الجمهورية “حياة كريمة”.
- مبادرة “اثنين كفاية”: تهدف المبادرة إلى رفع وعي السيدات بمفهوم الأسرة الصغيرة وتطوير عيادات تنظيم الأسرة التابعة للجمعيات الأهلية، إلى جانب بناء قدرات الكوادر العاملة في مجال تنظيم الأسرة على مستوى المحافظات المستهدفة وتنفيذ حملات توعية محلية وقومية للتوعية بالقضية السكانية. وتُنفذ المبادرة في 2257 قرية ضمن 119 قسمًا ومركزًا في المحافظات العشر المستهدفة وهي (أسوان – الأقصر – قنا – سوهاج – أسيوط – المنيا – بني سويف – الفيوم – الجيزة – البحيرة)، بتكلفة تصل إلى 100 مليون جنيه.
- مبادرة برنامج تنظيم الأسرة: : والتي تهدف إلى تحقيق التنمية الاجتماعية الشاملة للأسر المستفيدة من برنامج تكافل من خلال رفع وعي الأسر المستهدفة وتطوير عيادات تنظيم الأسرة بتكلفة 1.14 مليار جنيه. كذلك تقديم خدمات ووسائل تنظيم الأسرة بالمدن والقرى خاصة المناطق النائية والمحرومة، ضمن مبادرة رئيس الجمهورية “حياة كريمة” لرفع معدلات استخدام وسائل تنظيم الأسرة وخفض معدلات الزيادة السكانية. وتوقيع الكشف الطبي وصرف وسائل تنظيم الأسرة وخاصة الوسائل طويلة المفعول والأدوية بالمجان عن طريق أخصائي تنظيم الأسرة والنساء والتوليد بالعيادات الثابتة والمتنقلة والمراكز الحضرية والمستشفيات العامة والمركزية ومراكز رعاية الأمومة والطفولة.
ويلاحظ استهداف محافظات الوجه القبلي بشكل خاص والتي ترتفع فيها معدلات الإنجاب بشكل ملحوظ عن محافظات الوجه البحري، كذلك التركيز على قرى مبادرة رئيس الجمهورية “حياة كريمة” والاهتمام برفع الوعي للسيدات تجاه القضايا السكانية بجانب توفير وسائل تنظيم الأسرة الآمنة.
وبالنظر إلى المسح الصحي السكاني الصادر عام 2022، نجد مردودًا إيجابيًا لتلك المبادرة على عدة مستويات؛
- إتاحة وسائل تنظيم الأسرة
تشير النتائج إلى زيادة نسبة استخدام وسائل تنظيم الأسرة لتصل إلى 66.4% في عام 2021 مقابل 58.5% في مسح عام 2014. وسجل الوجه البحري أعلى نسبة في استخدام وسائل تنظيم الأسرة لتصل إلى 71.4% عام 2021 مقابل 57% في مسح عام 2014، كما سجل ريف الوجه القبلي 57.4% عام 2021 مقابل 46.7% في مسح عام 2014. في إشارة إلى تحسن المؤشرات على مستوى كل الأقاليم.
أيضًا هناك تحسُّن ملحوظ في استخدام وسيلة “حبوب تنظيم الإنجاب” لتصل إلى 20% مقابل 16% عام 2014. كما لوحظ أيضًا زيادة في استخدام وسيلة الكبسولة تحت الجلد لتصل إلى 2.6% مقابل 0.5% عام 2014. وكان النصيب الأكبر والزيادة للقطاع الحكومي في مصدر الحصول على الوسيلة ليصل إلى 61.2% مقابل 38.8% في القطاع الخاص.
- مؤشرات الانجاب ومؤشرات تنظيم الأسرة
انخفض معدل الإنجاب الكلي إلى 2.85 طفل لكل امرأة عام 2021، مقابل 3.5 طفل لكل امرأة عام 2014، أما على مستوى الأقاليم الجغرافية، فقد سجلت المحافظات الحضرية أقل مستوى ليصل إلى 2.2 طفل لكل امرأة.
وانخفض أيضًا معدل الإنجاب على مستوى الأقاليم عام 2021 مقارنة بعام 2014، حيث سجل ريف الوجه القبلي أعلى معدل إنجاب 3.6 طفل لكل سيدة مقابل 4.1 عام 2014، ولوحظ أنه يوجد تقارب بين حضر الوجه البحري والقبلي ليبلغ 2.4 و2.5 على التوالي.
- التوعية الإنجابية
ساهمت حملات التوعية التي قامت بها تلك المبادرات سواء عن طريق الإعلانات المسموعة والمقروءة أو حملات طرق الأبواب في القرى والحملات الإعلانية على المواقع الإلكترونية أيضًا في إدراك السيدات تجاه صحتهن الإنجابية، حيث تشير النتائج إلى أن 81.5% من السيدات اللاتي لديهن ثلاثة أطفال لا يرغبن في إنجاب المزيد من الأطفال. وحوالي سبعة من كل عشر سيدات متزوجات لا يرغبن في طفل آخر، في حين أن 11% يرغبن في تأجيل الطفل القادم لمدة سنتين على الأقل.
أخيرًا؛ يمكن القول بأن المبادرات الصحية قد حققت دورها في توفير سبل الحماية والدعم والتنمية المجتمعية لمختلف الفئات من خلال الآتي:
- غطت المبادرات الرئاسية الصحية جميع الفئات “السيدات الحوامل – مرضى تليف الكبد – مرضى ضمور العضلات – الأمراض المزمنة – الأورام وحتى المقبلين على الزواج”.
- غطت المبادرات الرئاسية الصحية جميع المراحل العمرية:
- خصصت مبادرة الكشف المبكر وعلاج ضعف السمع لحديثي الولادة.
- للأطفال في الفئة العمرية من “6-12” عامًا خصصت لهم مبادرة علاج أمراض سوء التغذية من أطفال المدارس.
- خصص للمراهقين في الفئة العمرية من “12-18” عامًا مبادرة القضاء على فيروس سي بين طلاب المدارس.
- خصص للشباب في الفئة العمرية من “18-35” عامًا مبادرة دعم صحة المرأة المصرية ومبادرة الكشف المبكر وعلاج الأورام السرطانية.
- خصص للفئة العمرية من “35-65” عامًا مبادرة فحص وعلاج الأمراض المزمنة والكشف المبكر عن الاعتلال الكلوي.
- خصص للفئة أكبر من 65 عامًا مبادرة رئيس الجمهورية لكبار السن.
- أدى استهداف فئات عمرية ومرضية مختلفة إلى إنشاء أكبر قاعدة بيانات صحية، يسهل من خلالها عمل خريطة صحية متكاملة للمواطنين وإطلاق مبادرات أخرى أكثر تماسًا مع احتياجات المواطن الصحية لتحقيق أفضل النتائج على المدى القريب والبعيد.
- ساهمت المبادرات الصحية في تفعيل منظومة إلكترونية موحدة تربط بين الجهات المصدرة لقرارات العلاج سواء على نفقة الدولة أو التأمين الصحي، مع إمكانية تحويل الحالات بين القطاعات المقدمة للخدمة.
- اتسمت المبادرات الرئاسية الصحية بالتكامل بين جوانبها، حيث اشتملت كل مبادرة على عناصر العلاج والوقاية، إلى جانب تطوير البنية التحتية وتدريب الطواقم الطبية على الأساليب العلمية الحديثة في الكشف، في كل مبادرة على حدة.
- اتسمت جميع المبادرات بالاستمرارية والاستدامة والمجانية لجميع الفئات المستهدفة في المبادرات، مما ساهم بشكل فعال في توسيع مظلة الحماية الاجتماعية لغير القادرين.
[i] بيان صحفي لوزارة الصحة المصرية ،4 فبراير 2024، اجراء 2 مليون و74 ألف عملية جراحية ضمن مبادرة إنهاء قوائم الانتظار.
[ii] رئاسة مجلس الوزراء، مركز المعلومات ودعم واتخاذ القرار، 2022، 7 سنوات من الإنجاز مركز المعلومات دعم واتخاذ القرار.
[iii] الموقع الرسمي لوزارة الصحة والسكان، نوفمبر 2023، الصحة تعلن استحداث بروتوكولات علاجية وأدوية حديثة في منظومة العلاج على نفقة الدولة.
[iv] رئاسة مجلس الوزراء، 15 يونيو 2023، الصحة: فحص 7 ملايين و91 ألف مواطن للكشف المبكر عن الأمراض المزمنة والاعتلال الكلوي.
[v] الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء، 2021، المسح الصحي للأسرة المصرية.
[vi] الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، 2014، المسح السكاني الصحي.
[vii] منظمة الصحة العالمية، 2024، اليوم العالمي للسمع لعام 2024: دعوة عالمية لتغيير المواقف.
[viii] الهيئة العامة للاستعلامات، ديسمبر 2023، الصحة: فحص 5 ملايين و474 ألف طفل ضمن مبادرة رئيس الجمهورية للكشف المبكر وعلاج ضعف وفقدان السمع.
[ix] منظمة الصحة العالمية، نوفمبر 2023، سرطان عنق الرحم: حقائق رئيسية.
[x] الهيئة العامة للاستعلامات، 2022، المبادرات الرئاسية 8 سنوات من الإنجاز.