
تركيا بين تكبد الخسائر العسكرية في ليبيا وإدلب واعتقالات تستهدف الصحفيين
استمرارا لمسلسل تقييد الحريات التي تنتهجه تركيا، أصدرت السلطات التركية أمر اعتقال لمدير موقع أخبار “أودا تي في OdaTv” باريش ترك أوغلو، بسبب نشره تقرير عن تشييع جنازة أحد أفراد جهاز المخابرات التركية والذي قٌتل في ليبيا.
وذكرت صحف تركية أن اعتقال باريش جاء على خلفية نشر الأخبار التي حملت عنوان “مراسم دفن صامتة لضابط المخابرات التركي بعد عودة جثمانه من ليبيا ودون مشاركة مسؤولين رفيعي المستوى “.
وأشار زميل باريش على حسابه في تويتر إلى أن باريش تم احتجازه بعد اقتحام منزله صباح يوم الرابع من مارس الجاري ، ونقل على إثرها إلى شعبة الأمن بمديرية أمن إسطنبول، و من المنتظر أن يخضع للاستجواب بتهمة مخالفة قانون المخابرات.
وقالت صحيفة “زمان التركية” إن قرار اعتقال باريش صدر من مستشار النائب العام في إسطنبول، حسن يلماز، كما أصدرت السلطات التركية مذكرة توقيف بحق ترك أوغلو، لفضحه هوية مسؤول في وكالة الاستخبارات، وسبق اعتقال باريش أوغلو عام 2011، وقضت المحكمة بحبسه 19 شهرا.
وجاءت ردود الأفعال على أمر الاعتقال حول المطالبة باطلاق سراح باتريش أوغلو، باعتباره غير مسئول عن كشف هوية ضابط المخابرات كما يزعم الجانب التركي، لأنها عرفت بالفعل.
ولكن جاء الأمر نتيجة التعتيم الإعلامي الذي تنتهجه السلطات التركية لإخفاء خسائرها في العتاد والعدد في كل من ليبيا وسوريا، فنشر عضو منظمة صحفيون بلا حدود في تركيا إرول أونديروغلو، عبر صفحته في موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” إن تركيا تعرفت على هوية ضابط المخابرات الذي فقد حياته في ليبيا من مسؤول في حزب سياسي، وهو نائب حزب الصالح المعارض أوميت أوزداي في مؤتمر صحفي في البرلمان تم بثه عبر الإنترنت، بحسب ما أعلنت قناة “أودا تي في”، وليس من أخبار “أودا تي في”، وطالب بإطلاق سراح مدير الأخبار باريش ترك أوغلو لأنه لا يمكن اتهامه بالكشف عن هوية الضابط المقتول.”
تعتيم عن الخسائر التركية في ليبيا وإدلب السورية وحملة قمع للإعلام التركي
أشارت الصحف التركية إلى أن اعتراف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الشهر الماضي بسقوط عدد من الجنود الأتراك في ليبيا، ليؤكد تقارير صحفية تحدثت عن وفاة عسكريين أتراك ودفنهم سرا.
ولم تكن واقعة باتريش أوغلو هي الأولى، بل كان هناك وفي واقعة أخرى، حينما صرح فيها الصحفي مراد أغير، الصحفي بجريدة “يني تشاج” التركية، بتحمل الرئيس رجب أردوغان، المسؤولية كاملة عن أي هجوم قد يهدد حياته هو أو عائلته، بعد كشفه عن تعرضه لمحاولة اختراق لحساباته على مواقع التواصل الإلكتروني وبريده الإلكتروني.
وأصدرت السلطات التركية أوامر إما بالاعتقال أو غلق الصحف في ظل تسليط المعارضة التركية الضوء على الخسائر التي تكبدها الجيش التركى فى سوريا، فقد ألقت الشرطة التركية القبض على رئيس تحرير جريدة ” Doğu Haber”، الكاتب الصحفي التركى ألبتاكين دورسون، بسبب تناوله الأحداث في إدلب منشور ونشره على حسابه بتويتر، في اتهام له نحو إثارة مشاعر العداء والكراهية بين المواطنين، وذلك على خلفية مقتل العشرات من الجنود الأتراك في الهجوم الذي شنه الجيش الوطنى السورى فى إدلب السورية، والذي تبعه إعلان النيابة العامة فتح تحقيقات فى المشاركات التي وصفتها بـ “الاستفزازية” على مواقع التواصل الاجتماعى. فيما وصف موكل دورسون المحامي كامل أيتاتش، موكله بأنه معارض مزعج للسلطة السياسية، ولذلك جاءت أوامر الاعتقال، مشيرًا إلى أن السلطات بدأت التحقيقات معه.
وهو ما تبعه إجراءات من السلطات التركية حول تعطيل مواقع التواصل الاجتماعي، كما نشرت التقارير الإعلامية حول وجود بطء وخلل في الوصول إلى مواقع التواصل الاجتماعى فى تركيا. وذلك جراء ما آثاره تأخر الإعلان الرسمي عن حصيلة الضحايا عقب الهجوم السورى، وإثارة خطاب أردوغان لحالة من الغضب في الداخل التركي حول واقعة مقتل الجنود، والتي تطرق فيها إلى حواره مع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وحديثهما عن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، وفاجأ الجميع بضحكات عالية، صاحبها تصفيق حاد من الحاضرين، دون إعطاء أهمية لمقتل الجنود الأتراك.
كما ذكر موقع تركيا الآن، أن وسائل الإعلام التابعة للنظام التركى، انتقدت صحيفة بيرجون التركية وطالبت بإغلاقها، عقب نشر الأولى موضوعاً حول ما تتكبده تركيا من خسائر نتيجة مشاركتها في حروب خارجية، حيث نقلت في مانشيت لها في الصفحة الأولى تصريحات وزير الدفاع السابق فكري إيشيك تحت عنوان “الحرب تسقط الفقراء شهداء بينما تدرّ على صهر أردوغان ملايين الدولارات” معترفًا فيها ضمنًا بتحويل أردوغان 36 مليون و77 ألف دولار إلى شركة بايكار المساهمة لصناعة الماكينات والتجارة، التي يترأسها صهره سلجوق بايركتار للحصول على 6 طائرات مسيرة.
ووجه البعض دعوات للنيابة العامة تطالبها فيها بإغلاق الصحيفة بيرجون، ودافعت تلك الصحف عن شراء طائرات مسيرة محلية الصنع عوضاً عن إنفاقها على الطائرات المسيرة الأجنبية المملوكة للقوى المتعاونة مع العناصر الإرهابية، على حد قول تلك الصحف.
وفى وقت سابق ذكرت الروائية التركية أصلى أردوغان، استبعاد عودتها إلى تركيا فى الوقت الراهن؛ خوفاً من توقيفها مرة أخرى، وذلك بعد تبرئتها، فى محاكمة مثيرة للجدل اتهمت فيها بارتكاب أنشطة إرهابية وتهم بمحاولة المساس بسلامة الدولة والانتماء إلى مجموعة إرهابية، وأمرت بالكف عن ملاحقتها بتهمة الدعاية الإرهابية، فيما أوقفت السلطات التركية عشرات الآلاف، بينهم جامعيون وصحفيون، عقب محاولة الانقلاب المزعومة ضد الرئيس رجب طيب أردوغان فى يوليو 2016.

من هو ضابط المخابرات الذي قُتل في ليبيا؟
جاء هذا التناول حول جنازة ضابط المخابرات التركي ويدعى الرائد “سنان كافلر، ويبلغ من العمر 27 عاماً، والذي قتل بتاريخ 18 فبراير 2020، بعد تعرض السفينة التركية التي تحمل معدات عسكرية للقصف بميناء طرابلس، مما أسفر عن مقتل 3 ضباط أتراك وكان سنان من بينهم.
ودفن سنان فى مركز آكحصار بمحافظة مانيسا، ولم تجر الحكومة التركية جنازة له ودفنته فى ظل إجراءات أمنية مكثفة، وتناول موقع “أودا تي في” أن مراسم الدفن كانت تحت إجراءات أمنية مشددة، بحضور حاكم مقاطعة أكساري ورؤساء الدوائر الحزبية وأقارب سنان.
وما لفت الانتباه فى الجنازة وجود إكليل أسود مكتوب عليه رئيس منظمة، حيث يعمل والد سنان خادمًا ووالدته ربة منزل، وبعدما أنهى ابنهم تعليمه الجامعى وأنهى الخدمة العسكرية عمل فى المخابرات منذ أربعة أعوام.
ورفضت عائلته الإدلاء بأى تصريح حول وفاته، وعلى الرغم من مرور أيام على مقتله إلا أن اسمه لم يكتب حتى على قبره.
كما يبدو أن مقتل ضابط المخابرات التركي لم يكن الأول، بل ترددت أنباء بقوة عن مقتل الجنرال خليل سوسيال عضو هيئة أركان الجيش التركي وقائد القوات التركية في ليبيا، إثر إصابته خلال قصف للجيش الليبي.
باحثة بالمرصد المصري