الصحافة الدولية

سوء إدارة أردوغان تنكشف على يد عمدة إسطنبول الجديد

قام رئيس بلدية اسطنبول الجديد ، إكرم إمام أوغلو ، خلال الأشهر الستة الأخيرة منذ انتخابه في تمشيط كتب مدينته للتعرف على كيف تمت إدارتها في عهد سلفه، حليف الرئيس رجب طيب أردوغان، وهو ما مثل تحدياً حقيقياً أمام إدارة أردوغان ومجموعة المصالح من حوله وذلك بحسب صحيفة “نيويورك تايمز”، والذي سبق وأن وصفته الصحافة الفرنسية بأن أردوغان عمل على عرقلة عمله منذ توليه الحكم عقب نتيجة الانتخابات التي هزت تركيا في يونيو الماضي، نظراً لانتمائه لحزب المعارضة، حيث فاز إمام أوغلو بعد أن طعن حزب الرئيس التركي في فوزه الواضح في انتخابات سابقة في مارس ، مما أدى إلى إعادة انتخابه، وتولي أكرم رئاسة أكبر بلدية في تركيا والتي سيطر عليها الحزب الحاكم الذي ينتمي إليه أردوغان لمدة 25 عاماً. 

رئيس بلدية إسطنبول الجديد يهدد مصالح أردوغان

كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” النقاب عن تصريحات رئيس البلدية حول المستوى الزائد من سوء الإدارة والإنفاق الفائض عن الحد الذي فاق كل التوقعات في ظل حكم سلفه الموالي لأردوغان. 

ترى الصحيفة أن سوء الإدارة التركية دفعت أكرم إمام أوغلو إلى عمل مؤتمراً صحفياً، وصفته الصحيفة بأنه بداية المعركة  ضد أحد مشروعات أردوغان المفضلة، والمتمثلة في خطة بقيمة 100 مليار دولار لقطع طريق شحن جديد مواز للبوسفور ، معلناً انسحاب المدينة من البروتوكول الذي وقعه سلفه تحت ما يسمى “قناة اسطنبول”، وهو ما يعد أول تهديد حقيقي لمصالح أردوغان في أكبر وأغنى مدينة تركية وقاعدة سلطة الرئيس وحزبه الحاكم منذ فترة طويلة، واستغلال الشؤون المالية للبلدية لصالح أردوغان وحزبه وعائلته، والذي وعد رئيس بلدية إسطنبول الجديد بمواجهتها. ومن هنا ظهر إمام أوغلو كمنافس وطني قوي لأردوغان وحزبه، الذي تراجعت شعبيته في ظل تباطؤ الاقتصاد التركي.

وهو ما يعد التهديد الأكبر لمصالح أردوغان وأموال عائلته، عقب ما أفصح عنه  إمام أوغلو عن إلغاء العديد من المشروعات الجديدة باهظة التكاليف دون العائد المتوقع، ومن بين تلك المصانع محطة نفايات صلبة ومواقف للسيارات ونفق بمليارات الدولارات على طول الشاطئ الأوروبي للبوسفور، ومع ذلك ، فإن أيدي إمام أوغلو مرتبطة بالعديد من المشروعات التي يتم فيها توقيع العقود وبدأ العمل فيها بالفعل، بما في ذلك العديد من صفقات المترو، حيث حصل  على تمويل جديد في أوروبا وأشار أن العمل بدأ من جديد على ثلاثة خطوط مترو أنفاق.

وحذر السيد إمام أوغلو تصرفات أردوغان في المؤتمر الصحفي قائلاً: “لا يمكنك إحضار إسطنبول في هذه الرحلة المحفوفة بالمخاطر”.

merlin_139501224_0e058758-cf81-4158-9a81-46571eba5442-jumbo.jpg

حليف أردوغان وتراكم الديون على بلدية إسطنبول

نقلت الصحيفة تصريحات إمام أوغلو خلال المؤتمر الصحفي والذي أوضح فيها عن تسبب رئيس البلدية السابق وحليف أردوغان، في غرق إسطنبول والشركات التابعة لها في الضرائب ووصلت لحد الإفلاس والغرق في الديون التي وصلت نحو  14 مليار ليرة، أي ما يقرب من 2 مليار دولار، حتى توليه منصبه في يونيو الماضي؛ مما أصابها بالشلل، كما تلقى بن علي حاكم اسطنبول السابق سلفة غير عادية من وزارة الخزانة، وهو الأمر الذي ترك الإدارة القادمة غير قادرة على دفع رواتب البلديات.

merlin_166171053_220cd615-db83-4467-bf3f-ba8cf7a8ed13-jumbo.jpg

“السنوات الخمس الماضية كارثة كاملة من حيث الإدارة المالية” 

بهذه الجملة وصف إمام وغلو الوضع المالي لبلدية إسطنبول خلال اجتماع الموازنة الأخير والذي تم بثه على قناة البلدية، وذهب إمام أوغلو إلى مزيد من التفاصيل، حيث أظهر كيف تجاوز الإنفاق حجم الإيرادات على مدى السنوات الخمس الماضية، موضحاً إن التزامات الدفع، معظمها قروض بالعملات الأجنبية،  والتي ارتفعت إلى أكثر من 60 مليار ليرة ، أو 10 مليارات دولار، مشيراً إلى “خروج الانضباط المالي عن السيطرة من 2013-2014”.

merlin_146050617_b5eec2ce-5a46-4bf3-a605-d8ed64eb19d9-jumbo.jpg

إسطنبول بين فساد حكم أردوغان ودائرة المحسوبية

ألقت التصريحات التي أعلن عنها رئيس بلدية إسطنبول بالضوء على كيفية إدارة اسطنبول في ظل إدارة أردوغان، الذي سيطر على شؤون المدينة لفترة أفضل من 25 عامًا، أولاً كرئيس لبلدية في التسعينيات ولاحقًا كرئيس للوزراء وبعدها رئيساً لتركيا.

اكتسب أردوغان شعبية هائلة من خلال توفير الخدمات العامة من جمع القمامة إلى النقل الجماعي، لكنه أشرف أيضًا على عملية الزحف العمراني الهائل الذي وصفه النقاد بأنه قد أفسد المدينة الأسطورية بشكل لا يمكن إصلاحه، حيث ساهمت تلك المشروعات في جعل دائرة الرئيس أردوغان المباشرة من العائلة والحلفاء السياسيين غنية بشكل خيالي من خلال نظام من الرشاوى والمحسوبية ، كما يتهمه خصومه.

فقد أوضح طارق باليالي ، عضو المجلس البلدي من حزب الشعب الجمهوري المعارض نفسه الذي ينتمي إليه أكرم إمام أوغلو، والذي يعمل في لجنة التفتيش، أن هناك تقارير داخلية عن إنفاق إسطنبول على المؤسسات والمنظمات الخيرية المرتبطة بأسرة أردوغان، والتي تم حذفها من قاعدة البيانات الخاصة بالبلدية، وتمت استعادتها بواسطة مهندسي برمجيات، تشير إلى تزايد ديون البلدية إلى خمسة أضعاف في السنوات الخمس الماضية، وقال إن معظم الإنفاق المتزايد حدث في الفترة التي سبقت حملتين انتخابيتين ومن المرجح أن يتم تحويلها لدفع ثمن الحملة الانتخابية للحزب الحاكم، موضحاً أن 185 مليون ليرة ، أي ما يقرب من 31 مليون دولار ، ذهبت لشركة “البستنة البلدية” قبل شهرين من الانتخابات الرئاسية 2018.

ووصف باليالي إبرام العقود التي تمت في عهد أردوغان وحلفاؤه بتقاضي الرشاوي من خلال إبرام عقود عقب موافقة البلدية على دفع أكثر من المعدل الطبيعي مقابل 65000 وحدة من مياه الشرب، كما كانت تبر العقود تحت أسماء وهمية للملاك الحقيقيين. 

وأضاف أن الاستثمار الأكبر كان في العقارات وتطوير البنية التحتية، وامتداد مطار إسطنبول الجديد، وخط سكة حديد عالي السرعة إلى العاصمة أنقرة، وأنفاق الطرق والمترو في إسطنبول، والتي تبلغ قيمة كل منها مليارات الدولارات. وأظهرت تسريبات المحادثات الهاتفية التي تم اعتراضها والتي نُشرت على الإنترنت في عام 2014، رؤساء الشركات الذين يناقشون مليارات الدولارات التي كانوا يتوقعونها في العقود العامة التي كان يشرف عليها أردوغان ووزير النقل في ذلك الوقت ، بينالي يلدريم.

وفي عام 2017 منحت إسطنبول خمسة عقود لبناء أجزاء من نظام المترو بقيمة حوالي 1.2 مليار ليرة، أو 202 مليون دولار، وهو مبلغ أعلى مما قدرته البلدية، حسبما أفاد به سيجديم توكر صحفي استقصائي، وتم منح العقود لحفنة من الشركات المعروفة بأنها قريبة من السيد أردوغان بموجب لائحة جديدة سمحت بالقيام بعمليات مغلقة لصالح شركات بعينها. 

+ posts

باحثة بالمرصد المصري

رحمة حسن

باحثة بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى