الصحافة الدولية

الانشقاقات الحزبية في تركيا … مأزق العثمانيون الجدد

سلطت التصريحات الأخيرة لوزير الإقتصاد التركي الأسبق المستقيل حديثاً من الهيئة التنفيذية لحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا علي باباجان، والتي حذر فيها من النفق المظلم الذي دخلته تركيا على المستويين السياسي والاقتصادي، وفيه تم تكريس الحكم الفردي في إدارة الدولة التركية، وعن مساعيه لتشكيل حزب جديد قريبا، الضوء على الإنشقاقات المتتالية منذ شهر يوليو الماضي وحتى الآن داخل صفوف حزب العدالة والتنمية، ونستطيع توصيف هذه الانشقاقات على انها الفصل الأخير في سلسلة طويلة من التصدعات التي تتالت على الحزب الحاكم في تركيا منذ أواخر عام 2013 وحتى الآن. وعلى الرغم من أن الشخصيات التي أعلنت استقالتها عن الحزب مؤخرا، ومنها علي باباجان، ورئيس الوزراء الأسبق أحمد داوود أوغلو، تمثل نقلة نوعية في هذه التصدعات، بالنظر الى مكانة الرجلين في تاريخ الحزب، إلا أننا لو عدنا بالذاكرة الى السنوات الماضية سنكتشف أن ما يحدث خلال الأسابيع الماضية هو حصاد لممارسات استمرت لسنوات طويلة تصدر فيها العثمانيون الجدد المشهد الحزبي والسياسي داخل تركيا، وأصبغوه بصبغة متأسلمة أظهرت بجلاء حقيقة نواياهم ومعتقداتهم السياسية.

سلسلة الانشقاقات … البداية 2013

ضربة البداية في سلسلة التصدعات التي طالت حزب العدالة والتنمية كانت في ديسمبر 2013، في ظل الأزمة الحكومية التي عانت منها الحكومة التركية التي ترأسها حينها الرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان، ونتج عنها استقالة شخصيات مهمة في الهيئة التأسيسية للحزب ومن نواب الحزب في البرلمان، على رأسهم وزير الثقافة الأسبق والنائب في البرلمان التركي أرتورول جوناي، والنائب في البرلمان عن مدينة إزمير أردال كالكان، والنائب في البرلمان عن مدينة أنقرة خلوق أوزدالجا، والنائب في البرلمان عن مدينة بوردور حسن يلديريم، مضافاً إليهم عدة نواب آخرين منهم لاعب الكرة الأشهر في التاريخ التركي هاكان شوكور.

الموجة الثانية من الانشقاقات افتتحها وزير الإقتصاد الأسبق علي باباجان في يوليو 2019، حين أعلن استقالته من الهيئة التأسيسية لحزب العدالة والتنمية، لأسباب عديدة كان أهمها التصرفات التي قامت بها السلطة والحزب حيال فوز مرشح حزب الشعب الجمهوري أكرم أوغلو في إنتخابات مارس 2019 المحلية.وقد فتحت هذه الإستقالة الباب واسعاً أمام سلسلة طويلة من الإستقالات المتتالية من حزب العدالة والتنمية، سواء لأعضاء في البرلمان عن الحزب، او وزراء سابقين، او كوادر قيادية حزبية، أو حتى رؤساء بلديات وحكام مقاطعات، حيث استقال خلال الفترة الماضية كل من رئيس الوزراء الأسبق أحمد داوود أوغلو “سبتمبر”، وزير العدل الأسبق سعد الدين أرغين الذي شغل منصبه خلال الفترة من 2011 الى 2013، رئيس بلدية محافظة باليكسير أحمد سغلام، عضو البرلمان عن مدينة أسطنبول مصطفى ينار أوغلو، ممثل الحزب في البرلمان لدورتين متتاليتين امين أوزدان، الرئيس الأسبق لمحافظة فان مصطفى بيلجي “نوفمبر”، الوزير الأسبق للعلوم والصناعة ما بين عامي 2011 و2013 والقيادي البارز في الحزب نهاد أرجون “أكتوبر”، محامي الرئيس التركي والنائب السابق في البرلمان عن مدينة كيربك  قلعة شانول غورشان “سبتمبر”، مدير فرع حزب الحرية والعدالة في ولاية جناق قلعة بيت أققويون “أكتوبر”، احد مؤسسي الحزب والنائب البرلماني السابق جمعة أيشطن “سبتمبر”، يضاف اليهم عدد كبر من رؤساء البلديات والمعاطعات مثل أيدين ألتاس الحاكم السابق لمقاطعة ديار بكر، عبد الله يسيل أمين بلدية شانلي أورفا، ورؤساء مقاطعات مختلفة منهم عبد الرحمن ديميز، سيفتين بيلين، أحمد أكشاي، ناميك أرجون، كمال أتماكا، داليان كاراداس، وأمين عام حزب العدالة والتنمية في محافظة تكير داع أحمد أكتاشي.

علي باباجان … الرهان على الحصان الرابح

من الواضح في ظل التشكيلة التي انشقت عن حزب العدالة والتنمية، أن الوجه الأبرز، والأكثر تأثيراً، والمتسبب الرئيسي في هذه الموجة من الاستقالات كان وزير الخارجية والإقتصاد الأسبق على باباجان، الذي يحظى بنقاط قوة عديدة، من بينها تاريخه الذي يكرس لدى عامة الأتراك صورته كرجل أقتصاد من الطراز الرفيع،ولد عام 1967 في مدينة أنقرة،وتميز بالتفوق في دراسته، مما أهله للحصول على منحة في جامعة نورث ويسترن بولاية شيكاغو الأمريكية، ومن ثم عاد الى تركيا عام 2001، وكان من ضمن المجموعة التي أسست المجلس التنفيذي الأعلى لحزب الحرية والعدالة، وأحد المساهمين في فوزه بالإنتخابات البرلمانية عام 2002، التي بعدها تقلد منصب وزير دولة للشؤون الاقتصادية والمستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء، ومن هذه النقطة بدأ جهوداً كبيرة استمرت لسنوات من أجل إحداث نقلة في الإقتصاد التركي، وقد بدأت حينها آثار هذه الجهود في الاتضاح أكثر بعد تحسن سعر الليرة التركية أمام الدولار، وانخفاض الديون التركية الخارجية الى نحو 90 مليار دولار بعد ان تعدت في أوقات سابقة حاجز الثلاثمائة مليار دولار. عقب انتخابات عام 2004 تولى منصب إضافي وهو منصب وزير الخارجية، وتولى بالكامل ملف التفاوض مع الاتحاد الأوروبي، وهذا أكسبه سلسلة من العلاقات الدولية الممتازة، التي يعول عليها في الوقت الحالي، وأستغلها حينها أيضاً في دعم الاقتصاد التركي عن طريق عدد كبير من اتفاقيات التبادل التجاري مع دول أوروبا الغربية, واستمر على هذا النهج إلى أن ترك مناصبه كلها عام 2009، بعد تعيينه كوزير للأقتصاد، واستمر في هذا المنصب حتى عام 2011، ومنذ ذلك التاريخ لم يتسلم اية مناصب وزارية. ترك علي باباجان وزارة الاقتصاد التركية وميزان الصادرات التركية يتفوق على ميزان الواردات بما يفوق ثلاثة مليارات دولار، والعملة التركية في مستوى ممتاز أمام الدولار، مما سمح بنهضة صناعية كبيرة جعلت تركيا الدولة السادسة أوروبياً في المجال الصناعي.  لكن ليست هذه فقط هي نقاط القوة المتوفرة لديه في الصراع المستقبلي مع حكومة حزب العدالة والتنمية.

علي باباجان يحظى بثقة عدد كبير من كبار السياسيين والحزبيين الذين ابتعدوا خلال السنوات الماضية عن الحزب والنظام الحاكم، على رأسهم الرئيس الحادي عشر للجمهورية التركية عبد الله غول، الذي يدعم بقوة توجهات باباجان لتشكيل حزب جديد قد يبصر النور خلال الشهر القادم، ويضاف الى غول شخصيات محورية مهمة تساند مساعي باباجان، من بينهم وزير الثقافة الأسبق أرتورول جوناي، ووزير العلوم والصناعة الأسبق نهاد أرجون، ووزير العدل الأسبق سعد الله أرغين، بجانب عدد من المعارضين للنظام الحاكم والذين تواروا عن المشهد الحكومي خلال السنوات الماضية، مثل وزير الداخلية الأسبق بشير أطالاي، ورئيس البرلمان الأسبق جميل تشيشيك، ونائب رئيس الوزراء الأسبق حسين تشيليك، ووزير المالية الأسبق محمد شميشيك.

كما ان عدة وجوه من أحزاب أخرى اعربت بطريقة أو بأخرى عن تماهيها مع توجهات باباجان، منهم المرشح الفائز برئاسة بلدية أسطنبول وعضو حزب الشعب الجمهوري أكرم أمام أوغلو، ورئيسة حزب الخير المعارض ميرال أكشنار، ومحرم أينجة الذي يعد من أبرز قيادات حزب الشعب الجمهوري المعارض والذي ترشح سابقاً لمنصب الرئاسة التركية، وعدة قياديين في حزب الشعوب الديمقراطي الكردي المعارض وعلى رأسهم الرئيس السابق للحزب صلاح دميرطاش.

يحاول علي باباجان في هذه المرحلة حشد تأييد شعبي للحزب المرتقب، والذي يريد ان يقدمه الى الجمهور بذكاء على أنه البديل الأفضل لحكم البلاد، وليس على أنه حزب معارض للسلطة الحالية، واضعاً نصب عينيه الأخطاء والخطايا التي أرتكبها أردوغان وأتباعه في قيادة حزب العدالة والتنمية والتي أدت الى هذا التدهور في بنية الحزب، ونستطيع أن نلخصها في النقاط التالية:

التوترات داخل الحزب وفي السياسة التركية الداخلية: أوائل عام 2012 اتضح لباباجان ان الوجه العلماني الذي أتخذه أردوغان لحزب العدالة والتنمية كان ستاراً يخفي وراءه هدفاً اساسياً وهو السيطرة بشكل كامل على مفاصل “الدولة العميقة” داخل المؤسسات التركية، وعندما تمكن أردوغان من هذا بدء الوجه الحقيقي لقيادة الحزب في الظهور تدريجياً، ليصبح أقرب في رؤيته العامة للوضع التركي إلى الرؤية السابقة لحزبي الفضيلة والرفاه، التي اتسمت بالراديكالية ومعاداة أسس الدولة التركية مثل العلمانية والإنفتاح على أوروبا. ثم انتقلت الرؤية الأساسية لنظرة أردوغان الى الوضع التركي الى مرحلة جديدة يكرس فيها حزب العدالة والتنمية مبادئ لا علاقة لها بالديمقراطية مثل حكم الفرد والقمع، وتحويل نظام الحكم الى النظام الرئاسي، ومحاولة استهداف الخصوم السياسيين بطرق غير مشروعة يتم فيها انتهاك حقوقهم ونتائج الاستحقاقات الديموقراطية، كما حدث مع أكرم أوغلو الفائز بمنصب بلدية أسطنبول، وهذا كله أدى الى معاناة الحزب نفسه من خسائر كبيرة على المستوى الداخلي، نتيجة لسياسة قيادة الحزب في استهداف الأصوات الإصلاحية داخل الهيئة التأسيسية والهيئات الداخلية الأخرى للحزب، والتي نتج عنها عمليات تطهير بدأت منذ عام 2014.

تضرر علاقات تركيا مع أوروبا: تركيبة علي باباجان تشجع بالضرورة علاقات أكثر من ممتازة مع أوروبا، وهو ما حدث عكسه تماماً خلال السنوات الماضية، ففي الفترة ما قبل عام 2011 كان باباجان يعمل من خلال تواجده في السلطة كوزير على تحسين العلاقات التجارية والصناعية والسياسية مع أوروبا، لأن نظرته لهذا الملف كان تضع المصلحة التركية على المستوى الإقتصادي فوق أي اعتبار، لكن الطريقة الحالية للنظام التركي في التعامل مع الملف الأوروبي، والملف الأمريكي، أدت إلى خسائر كبيرة للاقتصاد التركي، والى تجميد الأتحاد الأوروبي بشكل تام للمفاوضات حول دخول تركيا إلى الإتحاد، والذي كان في أوقات سابقاً حلماً يراود كل من تواجد في موقع المسؤولية في تركيا قبل عام 2011.

الاقتصاد في مرحلة الهبوط الحر: وجد باباجان الاقتصاد التركي الذي كان هو نفسه من أسباب نهضته واستقراره، يهبط بسرعة إلى هاوية سحيقة تدمر كل المكتسبات التي تم البناء عليها سابقاً، فالليرة التركية فقدت منذ منتصف عام 2018 أكثر من ثلث قيمتها أمام الدولار الأمريكي، وأصبحت قيمة الدين الخارجي التركي بشقيه العام والخاص أكثر من نصف قيمة الناتج المحلي الإجمالي لتركيا، بمعدل تضخم يقترب من 20 بالمائة، ومعدل بطالة وصل الى 15 بالمائة.

داوود أوغلو … شرف المحاولة وتسجيل الموقف

ولد أحمد داوود أوغلو عام 1959،وبدء نشاطه الحكومي عقب أنتخابات عام 2002، حين تقلد منصب كبير مستشاري رئيس الوزراء آنذاك رجب طيب أردوغان، ثم تولى عام 2009 منصب وزير الخارجية، ثم في عام 2014 تولى منصب رئيس الوزراء، الى أن استقال من منصبه في مايو 2016، بعد أن قام خلال هذه الفترة بتشكيل ثلاث حكومات. من النقاط اللافتة للنظر في علاقة داوود أوغلو بأردوغان، انه أعترض على معظم الخطوات السياسية الداخلية التي قام بها أردوغان، وكانت شرارة هذا الأعتراض عام 2015، حين أعترض اوغلو على تحالف حزب العدالة والتنمية مع أحزاب مثل حزب الحركة القومية، والذي هدف من ورائه أردوغان إلى تفادي دخول حزبه في حكومة ائتلافية مع أحزاب اخرى، وهذا عكس رؤية ورغبة أوغلو. 

داوود أوغلو أستشعر خلال هذا العام ايضاً ميول أردوغان تجاه تكريس حكم الفرد، ورغبته في تحويل نظام الحكم في البلاد الى النظام الرئاسي، وسجل اعتراضه الصريح على محاولة فرض هذا التحويل في البرلمان. كذلك شهدت السنة الأخيرة لداوود أوغلوا في منصبه كرئيس للوزراء خلافات عميقة بينه وبين أردوغان، في ما يتعلق بالتعيينات الأمنية والعسكرية والسياسية، التي كان يرى أوغلو أن معيار “الولاء” هو المعيار الأساسي وربما الوحيد الذي يعتمد عليه أردوغان في تعييناته الحكومية. الخلافات بين الجانبين تضمنت ايضاً الأداء الحكومي والتشريعي، ففي عام 2015 كان لأوغلو رؤية سياسية تتعلق بتطبيق خطة تضمن شفافية الأداء الحكومي ونزاهة البيانات المعلنة منها، وتضمن السلوك النزيه لأعضائها، خاصة انه تضمنت رفع السرية المصرفية عنة كافة السياسيين والموظفين الحكوميين، بما فيهم رؤساء البلديات والمحافظين، وكذا إجراء تعديلات في التقسيم الداخلي للبلديات والأقاليم لمنع الهدر المالي. التصادم بين الرجلين وصل حتى الى الأروقة الداخلية لحزب العدالة والتنمية، فبعد أن تم انتخاب أوغلو كرئيساً للحزب عام 2014، اختلف الرجلين على قائمة الأعضاء كاملي العضوية في الحزب، وحينها حاول أردوغان إزاحة أوغلو عن منصبه عن طريق جمع توقيعات من أعضاء الحزب لترشيح بن علي يلدريم لهذا المنصب بدلاً من أوغلو، وهو ما اضاف مزيداً من التوتر على العلاقات بين الرجلين.

على مستوى السياسة الخارجية، أختلف داوود أوغلو مع أردوغان في ما يتعلق بسياسة “صفر مشاكل”، حيث كان أوغلو من مريدي هذه النظرية، وكان يرى أنه لا بديل لتركيا عن علاقات تحالف وشراكة مع كل بلدان أوروبا، وعارض التوجه التصعيدي لأردوغان مع أوروبا، واتجاهه شرقاً الى الصين وروسيا، ومعاداته لبعض الدول العربية. كذلك عارض أردوغان الخطة التي اعلن عنها داوود أوغلو عام 2015 كخارطة طريق لتحقيق السلام بين حزب العمال الكردستاني والحكومة التركية، لكن قوبلت هذه الخطة بمعارضة علنية من أردوغان، الذي تهكم عليها بصورة أظهرت بجلاء انه غير متحمس لها أطلاقاً، وانه يفضل الحل الأمني.

أخر فصول الصراع بين الرجلين كان قبل شهر من أستقالة أوغلو من منصبه كرئيس للوزراء، ففي أبريل 2016 فوجئ بتقليص عدد من صلاحياته كعضو في الهيئة التنفيذية لحزب العدالة والتنمية، من بينها حق تعيين أعضاء جدد في الهيئة، وهو الحق الذي تم منه الى نائب رئيس الحزب بدلاً منه، وهذا تم في سياق تعديلات حثيثة تمت في صفوف قيادات الحزب، كانت أشبه بعملية تطهير لمن تبقى من الإصلاحيين داخل هيئاته، وهذا دفع أوغلو إلى إظهار معارضته للنظام الحاكم في تركيا في عدة مناسبات، منها عندما تعرض عدد كبير من أساتذة الجامعات والباحثين الى عمليات اعتقال تعسفية أواخر 2016 على خلفية اعتراضهم على العمليات الأمنية ضد مؤيدي حزب العمال الكردستاني.

هل يجتمع الجميع في بوتقة واحدة ضد أردوغان؟

أحمد داوود أوغلو يعمل في صمت منذ أشهر على تشكيل حزب جديد، وعلى الرغم من تصريحات سابقة له ولعلي باباجان تفيد بإحترامهما البعض الأخر وعدم وجود إحتمالية لتواجدهما في حزب واحد نتيجة لاختلافات في بعض الرؤي، الا ان علي باباجان لديه فرص دعم كبيرة وواضحة خاصة في ظل تأييد شخصيات محورية في السياسة التركية مثل عبد الله جول “الذي صرح سابقاً أنه اعتزل الحياة السياسية، لكن يبقى لتأييده رمزية كبيرة”، وأرتورول جوناي وبشير أطالاي ونهاد أرجون وسعد الله أرغين، لكن هناك معضلة أساسية تواجهه وتواجه أوغلو في المرحلة القادمة، وهي أن يجتنبا الفشل الذريع الذي شاب بعض الأحزاب التي تشكلت في ظروف مماثلة، مثل حزب صوت الشعب المنشق عن حزب السعادة عام 2010، أو الحزب الديموقراطي الذي تم إنشاؤه عام 2009. فالمعيار الأساسي هنا هو تجميع الجهود وليش تشتتها، وبالتالي فإن البديل الأفضل والأكثر واضعية هو في انضواء كافة المنشقين والمؤيدين لهذا التوجه في ظل حزب واحد، يكون لهذا الحزب أولوية في تشكيل جبهة معارضة من أحزاب مثل السعادة والخير والشعوب الديمقراطي والشعب الجمهوري، بهدف الإستعداد لإنتخابات عامة قد تكون مبكرة بالنظر للظروف السياسية الحالية في تركيا، واذا توزعت جهود المنشقين عن حزب العدالة والتنمية بين حزبين أو أكثر، فأنهم سيكونوا قد ضيعوا فرصة تاريخية للاستفادة من رأي عام معارض بدء يشتكل، ومن قيادات حزبية لديها خبرة وتجربة، ومن إنشقاقات متوقعة من حزب العدالة والتنمية عند لحظة الإعلان عن ولادة حزب جديد يجمع كل المنشقين.

+ posts

باحث أول بالمرصد المصري

محمد منصور

باحث أول بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى