مصر

في اليوم العالمي للمرأة…. المصريات يحققن انتصارات نحو التمكين

يحتفل العالم كل عام في 8 مارس باليوم العالمي للمرأة، وهو اليوم الذي جعلته الأمم المتحدة هذا العام دعوة إلى الاستثمار في المرأة لتسريع وتيرة التقدم، حيث أصبح تحقيق المساواة القائمة على النوع الاجتماعي أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى، خاصة وأن ضمان حقوق النساء في شتى نواحي الحياة هو الهدف الأمثل لبناء اقتصاديات مزدهرة وعالم صحي دون تمييز أو عنف.

وجاءت المادة الحادية عشرة من الدستور المصري الصادر في 2014 لتؤكد على حقبة جديدة من التمكين الشامل للمرأة المصرية في مختلف المجالات، وقد نصت المادة على التالي: “تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقًا لأحكام الدستور، وتعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلًا مناسبًا فى المجالس النيابية، على النحو الذي يحدده القانون، كما تكفل للمرأة حقها فى تولى الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا في الدولة والتعيين في الجهات والهيئات القضائية، دون تمييز ضدها. وتلتزم الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف، وتكفل تمكين المرأة من التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل. كما تلتزم بتوفير الرعاية والحماية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة والمسنة والنساء الأشد احتياجًا.

وبعد عقد من تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي، حققت المرأة المصرية خطوات كثيرة ومهمة نحو المساواة والعدل، وشهد ملف تمكين المرأة العديد من الإنجازات المهمة، وتُرجمت النصوص الدستورية إلى واقع من خلال استراتيجيات ومبادرات أسهمت في تقليل حجم معاناة المرأة خلال العقود الماضية، لتكون المرأة صانعة قرارات وفاعلة في تشكيل الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في مصر.

التمكين الاقتصادي للمرأة المصرية

على مدى عقد كامل، نجحت الدولة في تحويل التشريعات إلى حقائق في ملف التمكين الاقتصادي المرأة، وتهيئة البيئة التشريعية لذلك. وفي إطار ذلك، أصدر البنك المركزي المصري بيانًا بما تحقق لتمكين المرأة اقتصاديًا؛ إذ أسفرت جهود البنك المركزي عن تحقيق تطور ملموس في محور التمكين الاقتصادي للمرأة، فارتفعت نسبة الشمول المالي لها إلى 62.7% بنهاية ديسمبر 2023، فبلغت أعداد السيدات اللاتي يستفدن من الخدمات المالية ويمتلكن حسابات نحو 20.3 مليون سيدة -من إجمالي 32.3 مليون سيدة (في الفئة العمرية 16 سنة فأكثر)- بمعدل نمو 244% مقارنة بعام 2016.

فقد ساهمت فعاليات الشمول المالي للمرأة التي أطلقها البنك المركزي منذ مارس 2019 حتى مارس 2023 في إتاحة نحو 1.2 مليون منتج للسيدات، تتضمن فتح 630 ألف حساب بنكي و175 ألف محفظة ذكية، وإصدار 420 ألف بطاقة مسبقة الدفع. وحرص البنك المركزي على تهيئة البنية الرقابية الضامنة لتيسير حصول المرأة على الخدمات والمنتجات المصرفية بسهولة من خلال إزالة كافة العقبات التي تواجهها، وعليه أصدر العديد من التعليمات الرقابية في هذا الشأن، ومن أبرزها ما يلي:

● الحصول على الخدمات والمنتجات المصرفية باستخدام بطاقة الرقم القومي دون الحاجة لأي أوراق إضافية، وهي خطوة أسهمت بشكل كبير في زيادة معدلات استفادة المرأة من المنتجات التي يقدمها القطاع المصرفي.

● تمكين السيدات من فتح حسابات لأبنائهن القصر، مما أزال العقبات التي تواجهها السيدات خاصة الأمهات المطلقات أو الأرامل في التعامل مع القطاع المصرفي، حيث أصدر البنك المركزي تعليمات توضيحية للقطاع المصرفي تتضمن التأكيد على جواز قيام الأم بفتح حسابات بأسماء أولادها القصر أو ربط أوعية ادخارية بأسمائهم؛ متى كان المال المفتوح به الحساب أو المربوط به الوعاء الادخاري مقدمًا منها على سبيل التبرع، وفقًا لما تقضي به المادة (3) من قانون أحكام الولاية على المال الصادر بالمرسوم بقانون رقم 119 لسنة 1952

● التعريف الموحد للشركات المملوكة للمرأة والتي تدار من خلالها، وفقًا لما هو متبع في معظم دول العالم؛ بغرض توفير بيانات وافية ودقيقة عن هذه الشريحة، وذلك في ضوء حدوث تفاوت بين تعريفات البنوك لهذه الفئة من الشركات.

● مشروع مجموعات الادخار والإقراض الرقمي “تحويشة”، والذي تم إطلاقه في احتفالية تكريم المرأة المصرية والأم المثالية عام 2022 بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي. ويهدف المشروع إلى دمج السيدات في قرى وريف مصر بالقطاع المالي الرسمي، وتحفيزهن على الادخار والاقتراض لفتح مشروعات صغيرة ومتناهية الصغر، حيث تتم جميع المعاملات من خلال تطبيق إلكتروني “تحويشة” لتيسير حصول السيدات على المنتجات والخدمات في أماكنهن دون حاجة إلى الانتقال أو التوجه لفرع البنك.

● مبادرة حياة كريمة، ففي إطار دعم جهود الدولة لتحقيق التنمية المستدامة، شاركت البنوك تحت رعاية البنك المركزي المصري وبالتنسيق مع وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية في المبادرة الرئاسية “حياة كريمة” التي تستهدف رفع كفاءة البنية التحتية والمستوى المعيشي لسكان القرى المهمشة (1413 قرية) في (52 مركزا في 20 محافظة)، وتنفيذ خطة متكاملة لتعزيز الشمول المالي والتمكين الاقتصادي للمواطنين وفي مقدمتهم المرأة التي تشكل 50% من سكان تلك القرى، من خلال تحسين وتطوير البنية التحتية المالية (فروع البنوك، أجهزة الصراف الآلي، أجهزة نقاط البيع، ورموز QR)، فضلًا عن توفير المنتجات والخدمات المصرفية والتمويل اللازم في صورة قروض صغيرة للمساعدة في إقامة المشروعات الصغيرة خاصة مشروعات السيدات، بالإضافة إلى تقديم التوعية والتثقيف المالي حول أهمية الشمول المالي ودوره في تحسين مستوى معيشتهم.

● مشروع تنمية الأسرة المصرية، فقد شارك البنك المركزي المصري بالتعاون مع وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية في المبادرة الرئاسية “تنمية الأسرة المصرية” والتي تستهدف تحسين جودة حياة المواطن والأسرة المصرية من خلال رفع الوعي بقضية الزيادة السكانية عبر 5 محاور وهي: التمكين الاقتصادي للمرأة، والتدخل الخدمي، والتدخل الثقافي والتوعية، والتحول الرقمي، والتدخل التشريعي.

● مشروع دعم صغار المزارعين؛ إذ يأتي التمكين الاقتصادي للمرأة وتثقيفها ماليًا في مقدمة أهداف مشروع دعم صغار المزارعين الذي أطلقه برنامج الأغذية العالمي بالشراكة مع البنك الأهلي المصري وبنك مصر، تحت رعاية البنك المركزي المصري، لزيادة إنتاجية المزارعين في 50 قرية بقرى الصعيد، ورفع مستوى معيشتهم، حيث يدعم المشروع أصحاب الحيازات الصغيرة، بما يساهم في تعزيز دور المرأة اقتصاديًا واجتماعيًا، ويمنحها شعورًا بالاستقلالية ويعزز دورها في اتخاذ القرارات بشأن نفقات الأسرة.

● مشروع رقمنة تحويلات العاملين بالخارج؛ إذ أطلق البنك المركزي المصري المشروع بهدف توفير المنتجات المصرفية للمستفيدين من التحويلات، وتمثل السيدات 85٪ من المستفيدين، من خلال التنسيق مع البنوك لاستهداف المحافظات الأكثر كثافة في استقبال التحويلات من الخارج. وقد تم منح حوافز لتشجيع المستفيدين على استخدام المنتجات المصرفية والادخار (حسابات، بطاقات مسبقة الدفع، محافظ إلكترونية ومنتجات بالعملة الأجنبية)، بالإضافة إلى إبرام اتفاقيات مع البنوك وشركات الصرافة بدول الخليج لاستهداف العاملين بتلك الدول.

استراتيجية الدولة للقضاء على العنف ضد المرأة

واحدة من أهم العادات البالية والتي تعد عنفًا قد يؤدي إلى الوفاة يمارس ضد الفتيات حتي اليوم هو الختان، وحاولت الدولة طيلة عقود أن تقضي عليه تمامًا ووضعت الخطة التنفيذية للاستراتيجية القومية لمناهضة ختان الإناث في عام 2016، والتي استمرت حتى نهاية العام 2020، والتي كانت تهدف إلى خفض معدلات الختان بنسبة من 10_15%.

وبعد آخر مسح سكاني في عام 2021، لوحظ انخفاض نسبة الختان عن المسح السكاني عام2014، فما يقرب من 8% من نسبة الإناث تعرضن فقط للختان، وانخفضت نسبة من لديهن نية لختان الإناث من 56% إلى 27% أي ما يقرب من النصف، مما يعني أنه بحلول عام 2030 ستكون النسبة أقل من 10% طبقًا للتوقعات.

المبادرات المصرية

“كانت ولا تزال برغم كل المحن وكل التحديات تحتفظ بتفاصيلها العظيمة، وطباعها الخاصة، هي صوت الضمير والرحمة، هي البهجة وأيقونة التفرد في العمل الوطني والإنساني؛ تحية لكل نساء مصر في يوم المرأة العالمي” كانت هذه كلمات السيدة انتصار السيسي، قرينة رئيس الجمهورية بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، والتي تعمل بكامل طاقتها من أجل تعزيز ملف المرأة والطفل.

وتمثل السيدة الأولى انتصار السيسي رمزًا مهمًا للمرحلة التي تحظى بها المرأة المصرية طيلة عقد كامل باهتمام كبير، من وجودها بجوار رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، حيث وضعت خطوطًا عريضة لدعم حقوق المرأة المصرية، لتبدأ بالمرحلة الأهم وهي دعم النشء من الفتيات. ومن أهم هذه المبادرات، ما يلي:

 ● دعمت السيدة انتصار السيسي مبادرة “دوي”، ومعناها “الصوت العالي المصحوب بتأثير”، وهي مبادرة تهدف إلى إشراك النشء من الفتيات والأولاد في الأنشطة التي من شأنها مساعدتهم على تحقيق كامل إمكاناتهم، مع تعزيز مشاركة أسرهم ومجتمعاتهم، ومن ثم تغيير الطريقة التي ينظر بها المجتمع للفتيات، وتنمية المساواة لدي الجيل الجديد من الفتيات والفتيان.

 ويتولى المجلس القومي للطفولة والأمومة، بالشراكة مع المجلس القومي للمرأة، بدعم فني من “اليونيسف” وبالتعاون مع العديد من الشركاء، هذه المبادرة، وتم تنفيذ المبادرة في 21 محافظة مصرية. ومن أهم توجهات السيدة انتصار السيسي أن تصل إلى أعمق نقطة في مصر لتكون المرأة المصرية متساوية في الحقوق والواجبات.

● “مبادرة نور”، وهي تحت رعاية السيدة انتصار السيسي، وهي جزء من المبادرة الوطنية لتمكين الفتيات، يتم تنفيذ البرنامج في إطار المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية، وتتمركز المبادرة، في العمل على تمكين الفتيات من خلال تزويدهن بالمهارات الصحية، والاجتماعية والاقتصادية والرقمية لتمكينهن من اتخاذ خيارات أفضل، وتعزيز الأنظمة المحلية لضمان توفير خدمات جيدة وسهلة المنال لتلبية احتياجات الفتيات في القرى المشمولة بمبادرة حياة كريمة.

● مبادرة “ريحانة” والتي أطلقت تحت رعاية السيدة قرينة رئيس الجمهورية، ووزارة الشباب والرياضة، وتهدف إلى زيادة وعي وتمكين الفتيات، واستمرت في فبراير المنصرم، بمشاركة 200 فتاة من 27 محافظة، للمرحلة العمرية من 13:18 سنة. وهي مبادرة لها دور مهم في توعية الفتيات وصقل مهاراتهن، وتعزيز قدراتهن للتعبير عن أنفسهن وتفعيل دورهن بالمجتمع، وتوعيتهن بجميع حقوقهن.

ختامًا، لا تزال الدولة المصرية عازمة على تحقيق المزيد والمزيد لدعم المرأة ومنحها حقوقها التي ينص عليها الدستور المصري والمواثيق الدولية، والبناء على ما حققته طيلة عقد من اختراقات مهمة في ملف دعم المرأة وتمكينها على المستويات كافة سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، وإزالة أي شكل من أشكال التمييز أو التهميش أو ممارسة العنف ضدها، وبناء مجتمع واعٍ يقدر قيمة المرأة ودورها.

+ posts

باحثة في وحدة المرأة وقضايا المجتمع

سمارة سلطان

باحثة في وحدة المرأة وقضايا المجتمع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى