اليوم العالمي للسكان.. استمرار تحديات تحقيق التنمية المستدامة
أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1988 ، يوم 11 يوليو كيوم عالمي للسكان، وهو حدث سنوي يسعي إلي التركيز الاهتمام علي أهمية القضايا السكانية، ودورها في التنمية المستدامة، بجانب كونه فرصة جيدة لزيادة وعي الناس بمختلف القضايا السكانية مثل أهمية تنظيم الأسرة والمساواة بين الجنسين ومكافحة الفقر وتحسين صحة الأمهات وحقوق الإنسان.
وأحتُفل بهذا اليوم الدولي لأول مرة في 11 يوليه 1990 في أكثر من 90 بلد، ومنذ ذلك الحين، يحتفل بهذا اليوم عدد من المكاتب القٌطرية التابعة للصندوق والمنظمات والمؤسسات الأخرى بالشراكة مع الحكومات ومؤسسات المجتمع المدني.
أقدارٌ مغزولة بخيوط الأمل
وضع صندوق الأمم المتحدة للسكان، شعارا ليوم السكان العالمي، 2024″ إنهاء أوجه انعدام المساواة في الصحة والحقوق الجنسية والإنجابية”، ورصد تقرير صادر عنه ما تم تحقيقه خلال ثلاثون عاما، من وضع أسس التنمية العالمية، وعلي رأسها صحة النساء و الحقوق الإنجابية.
162 دولة اعتمدت هذه الركائز الأساسية لخلق حياة جيدة لسكان كوكب الأرض، الذي يتزيد عددهم ما يقرب من 100 مليون نسمة سنويا، ومنذ عام 2000 حتي الآن انخفضت نسبة وفاة الأمهات 34%، ولكنه ثابت من عام 2016، خاصة في تلك الدول التي تتصارع فيها الموروثات والعادات الخاطئة والأنظمة الصحية، التي تحاول طيلة الوقت زرع المساواة بين الجنسين من احتياجهم للرعاية الطبية، ويشير التقرير إلى أن نصف السيدات عاجزات عن اتخاذ أي قرارات تخص صحتهن الإنجابية أو حقوقهن الجنسية.
نمــا تعــداد ســكان العالــم بمعــدل ســنوي قــدره %1.23 خــال الفتــرة مــن 2000 إلــى 2010، وسجلت الهند وهي ثاني أكبر دولة من حيث عدد السكان معدل نمو سنوي خلال نفس الفترة، وسجلت الصين وهي أكبر دولة في العالم نمو بمعدل1.64% وسـجلت الهنـد وهـي ثانـي أكبـر دولـة مـن حيـث عـدد السـكان معـدل نمـو سـنوي%1.64 خـلال نفـس الفتـرة، وسـجلت الصيـن التـي هـي أكبـر دولـة فـي العالـم فـي عـدد السكان.
المرأة والصحة الإنجابية
في بداية العام الحالي 2024 وصل سكان كوكب الأرض إلى 80 مليارات من البشر، منها 3 مليارات منذ 36عاما، أي بمعدل مليار كل 12عاما، أي أنه يضاف 83 مليون سنويا الي سكان العالم، وهناك تقديرات الي انخفاض مستوي الخصوبة ليصل سكان العالم إلى 8.6 مليار في عام 2030، ليصل إلى 11.2مليار في عام 2100 وفقا لمتوسط المتغيرات.
وتشكل النساء 49.7٪ من سكان العالم، ومع ذلك غالبًا ما يتم تجاهل النساء والفتيات في المناقشات حول التركيبة السكانية التي غالبا ما تنتهك حقوقهن في السياسات السكانية. ويعد العمر والجنس والعرق والإعاقة، عوامل مهمة في تلقي الرعاية الصحية، خاصة في دول العالم الثالث، وتعد النساء الأفريقيات الأكثر عرضة للوفاة بسبب مضاعفات الحمل أو الولادة 130مرة أكثر من النساء في أوروبا وأمريكا الشمالية.
تموت امرأة من بين 800 كل يوم عند الولادة نتيجة لعدم تلاقيها العلاج أو الرعاية الصحية اللازمة وعدم مقدرتها علي الولادة الطبية الأمنة، 500 منهن في المناطق التي تعاني من أزمات إنسانية أو صراعات مسلحة، وهو رقم لم يتغير منذ عام 2016.
هناك أماكن في الأمريكيتين تعاني فيها النساء من أصول أفريقية معدلات أعلى لوفيات الأمهات تصل إلى ثلاثة أضعاف النساء من أصول عرقية مختلفة أو العرق الأبيض كما يعرف عالميا، وتواجه الأقليات الأصلية والإثنية أيضاً مخاطر مرتفعة تتعلق بالحمل والولادة.
في ألبانيا على سبيل المثال، كان أكثر من 90 في المائة من نساء الرومان من الفئات الاجتماعية والاقتصادية الأكثر تهميشاً يعانين من مشاكل خطيرة في الوصول إلى الرعاية الصحية، مقارنة بخمسة في المائة فقط من النساء الألبانيات العرق من الطبقات الأكثر ثراء، وتواجه النساء ذوات الإعاقة عنفا يصل الي عشرة أضعاف النساء الأخريات.
أوصت التقارير الأممية والدولية بضرورة تسليط الضوء على أهمية تصميم البرامج لتلبية احتياجات المجتمعات وتمكين النساء والفتيات من صياغة وتنفيذ حلول مبتكرة، إذا أن استخدام 79 مليار دولار إضافية في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، يمكن تجنب 400 مليون حالة حمل غير مخطط لها، وإنقاذ مليون حياة، وتحقيق 660 مليار دولار من الفوائد الاقتصادية.
هناك إجراءات وخطوات تتبناها الكثير من دول العالم لضبط الزيادة السكانية، لتتناسب مع الموارد المتاحة، كما أن هناك سياسات تم وضعها علي المستوي الدولي، ليتم تنفيذها بشكل مناسب من قبل الحكومات، وعلي رأسها تنظيم النسل، وتمويل برامج تنظيم الأسرة وجعل وسائل منع الحمل متاحة بشكل مجاني.
عائدات اقتصادية
يؤكد صندوق الأمم المتحدة للسكان، أن تنفيذ برامج الصحة الجنسية والإنجابية، يحقق مكاسب وعائدات اقتصادية هامة علي الأصعدة الفردية والمجتمعية والوطنية، حيث أن كل دولار يتم انفاقه فوق مستوى الإنفاق الحالي، علي خدمات تنظم الأسرة يمكن أن يقلل تكلفة الرعاية الصحية المرتبطة بالحمل والولادة للمراهقات بمقدار 3.70 دولار أمريكي، كما يكلف عنف الشريك علي الصعيد العالمي 5% من الناتج المحلي، و15% من الناتج المحلي في أفريقيا.
كما تُشير الدراسات إلى أن استثمار دولار أمريكي واحد في تنظيم الأسرة يمكن أن يحقق عائداً يتراوح بين 60 إلى 100 دولار أمريكي في النمو الاقتصادي مع مرور الوقت.
كما إنّ الفرص التعليمية المحدودة التي تُتاح للفتيات على الصعيد العالمي تؤدي إلى فقدان الإنتاجية والإيرادات على مدى الحياة.
مصر والاستراتيجية الوطنية للسكان والتنمية
تاريخ طويل خاضته مصر لزيادة الوعي بأهمية تنظيم الأسرة لضبط معدلات الزيادة السكانية التي تقف حائلا دون القدرة علي تحقيق الرفاهية المنشودة للمواطن المصري، حيث وضعت الاستراتيجية الوطنية للسكان والتنمية، والتي اتبعت النهج الشمولي التشاركي من خلال إدماج كل الأفراد والمؤسسات والهيئات ذات الصلة، في حملات التوعية بأهمية تنظيم الأسرة.
وطبقا للمادة 41 من الدستور المصري والتي تنص علي: “تلتزم الدولة بتنفيذ برنامج سكاني يهدف إلى تحقيق التوازن بين معدلات النمو السكاني و الموارد المتاحة، وتعظيم الاستثمار في الطاقة البشرية و تحسين خصائصها، وذلك في إطار تحقيق التنمية المستدامة”
وتحل مصر المركز الرابع عش عالميا، من حيث عدد السكان والأولي عربيا والثالثة أفريقيا، ويمثل سكان مصر 1.3% من سكان العالم، وارتفع معدل نمو السكان من 2.05% بين عامي 1996 و2006 ، وارتفع بين عامي 2006 و2017 الي 2.56% بما يفوق المعدل السنوي.
تشير نتائج المسح الصحي للأسرة المصرية عام 2021، إلي ارتفاع معدلات استخدام وسائل تنظيم الأسرة بين المتزوجات والتي يتراوح أعمارهن من 15 الي 49عام، الي 66.4% بزيادة 8 نقاط مئوية مقارنة بالمسح السكاني في عام 2014.
وبالطبع تختلف معدلات استخدام وسائل تنظيم الأسرة بين الريف والحضر، فمعدل استخدام وسائل تنظيم الأسرة في الحضر 68% مقابل 65% في الريف، طبقا لمسح السكاني عام 2021، وترتفع في محافظات الوجه البحري لتصل الي 71% وتنخفض في الوجه القبلي الي 57% وسجلت محافظة سوهاج اقل استخدام 47.2%.
أخيرا، تبذل مصر جهودا حثيثة للوصول إلى معدل نمو سكاني ملائم مع الموارد المتاحة، لتحقيق نمو وطفرة اقتصادية، إلا أن هناك انخفاض ملحوظ في وصول رسائل تنظيم الأسرة من قبل الوسائل العامة، وأيضا من قبل رجال الدين وقنوات التواصل الاجتماعي، وعليه من الأهمية على الجهات الحكومية وعلى رأسها المجلس القومي للمرأة والصحة والسكان بذل الكثير من الجهد، للوصول الي المناطق ذات الكثافة السكانية المرتفعة للتوعية بأهمية اتباع وسائل تحديد النسل أو تنظيم الأسرة.