
إرجاء الحوار لبداية العمل…. منتدى شباب العالم في نسخته الخامسة
نجحت إدارة منتدى شباب العالم على مدار سنوات قليلة في تدشين قائمة مطولة من الرعاة الرسميين ما بين: شركات عالمية ومحلية، وأكاديميات دولية، ومجموعات استثمارية مالية وعقارية وتجارية؛ فكانت هذه القائمة درعًا حصينًا في مواجهة شائعات واتهامات إهدار المال لإقامة فعاليات المنتدى. وبالرغم من النجاحات المتعددة التي حققها المنتدى ومن أبرزها إعلان الأمم المتحدة اعتماده كمنصة دولية للحوار، فإن إدارة المنتدى قد آثرت عدم تنفيذ النسخة الخامسة كجلسات حوارية وورش عمل نقاشية، ووجهت عوائد الرعاية المخصصة للتنظيم نحو تنفيذ مبادرات ومشروعات ملموسة تحقق استثمارًا اجتماعيًا وتنمويًا لشباب مصر والعالم.
حاضنات الأعمال …. مفتاح التنمية الاقتصادية
تقدمت مبادرة ريادة الأعمال والمشروعات الصغيرة والمتوسطة حزمة البرامج والمبادرات التي أعلنتها إدارة منتدى شباب العالم، وتستهدف المبادرة دعم رواد الأعمال من خلال: حاضنات أعمال، وبرامج تمويل، وبرامج تأهيل، وبرامج استشارة ودعم فني، وبرامج تدريب؛ بهدف تطوير الصناعة المحلية في مصر بوجه عام، وفي قرى ومراكز المشروع القومي “حياة كريمة” على وجه التحديد.
يبلغ عدد حاضنات الأعمال في العالم نحو 7000 حاضنة وفق الإحصائيات الصادرة عن الرابطة الدولية لابتكار الأعمال بالولايات المتحدة الأمريكية، منها نحو 900 حاضنة في أوروبا الغربية، و1400 حاضنة في أمريكا الشمالية، و270 حاضنة في بريطانيا. أما على الصعيد المحلي في مصر فيبلع عدد حاضنات ومسرعات الأعمال 21 حاضنة ومسرعة أعمال فقط، وبشكل عام ترعى بعض المنظمات الدولية مثل اليونيدو والبنك الدولي تقديم الدعم المالي لتمويل نمو حاضنات الأعمال في الدول النامية.
تكمن أهمية حاضنات ومسرعات الأعمال في ضمان استدامة المشروعات الصغيرة ونموها؛ فقد أثبت العديد من الدراسات أن نحو 50٪ من الشركات الصغيرة تتعرض لمخاطر التعثر والفشل ومن ثم الإفلاس في السنوات الأربع الأولى من تشغيل المشروع، وهذه النسبة لها تداعيات جمة على التنمية الاقتصادية المحلية، لذا تعد الحاضنات ومسرعات المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر وسيلة فعالة لاستقرار واستدامة ريادة الأعمال.
ويعكس تعاون إدارة المنتدى مع كل من: مبادرة “ابدأ” لتطوير الصناعة المصرية، واتحاد الصناعات المصرية، ومؤسسة حياة كريمة، وشركة انطلاق، ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومنظمة العمل الدولية لتنفيذ هذه المبادرة؛ نهجًا استراتيجيًا يمكن التنبؤ بنجاحه لتوافر مقومات مهمة منها الخبرة الدولية والتمويل.
“الاستثمار الاجتماعي”….. هدف النسخة الخامسة للمنتدى
خصصت إدارة المنتدى مبادرات وبرامج تستهدف تحقيق استثمار اجتماعي طويل المدى، حيث أعلنت عن إطلاق مبادرة “التعلّم للكسب” بهدف تعزيز وتنمية مهارات العمل لدى الشباب المصري والعربي والإفريقي من خلال برامج تأهيل تمكنهم من الحصول على فرص وظيفية ملائمة بالتعاون مع جهات ومؤسسات ومنظمات محلية ودولية.
والجدير بالذكر أن إجمالي عدد الشباب العاطلين عن العمل في العالم بلغ نحو 73 مليونًا عام 2022 ، أي أعلى بستة ملايين فيما قبل الجائحة عام 2019، وفقًا لتقرير “اتجاهات التوظيف العالمية للشباب” الصادر عن منظمة العمل الدولية عام 2022. ويسهم عدم الالتحاق بالتعليم والتدريب في تفاقم النسبة، حيث أوضح مؤشر الشباب غير الملتحقين بالتوظيف أو التعليم أو التدريب (NEET) الصادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في عام 2020 ارتفاع نسبة الشباب غير الملتحقين بالتوظيف أو التعليم أو التدريب إلى 23.3% ، بزيادة لم يشهدها العالم منذ 15 عام مضى.
إلى جانب التعليم والتدريب المهني، أكد التقرير أن للنوع الاجتماعي أثر بالغ على تعميق الفجوة بين الجنسين من حيث نسب فرص العمل للشباب، فقد بلغت نسبة الإناث العاملات 27.4% مقابل 40.3% من الشباب الذكور، ما يعني أن فرص عمل الشباب الذكور تقدر بنحو مرة ونصف عن الإناث مرة عن الشابات. في ذات السياق، تتسع فجوة فرص العمل بين الجنسين في الدول ذات الدخل المتوسط الأدنى، وتسجل نسبة قدرها 17.3% ، بينما تقل الفجوة في الدول ذات الدخل المرتفع ، وتسجل نسبة قدرها 2.3 %.
وعلى الصعيد العربي، تسجل الدول العربية أعلى وأسرع معدل بطالة بين الشباب في العالم، حيث وصلت نسبتهم إلى 24.8% عام 2022، وبلغ معدل البطالة للإناث 42.5%، وهو ما يقرب من ثلاثة أضعاف المتوسط العالمي والذي تبلغ نسبته 14.5%. لذا من المهم أن تراعي مبادرات المنتدى الموجه نحو التأهيل والتدريب والاستثمار الاجتماعي تخصيص مبادرات تستهدف تمكين الإناث من الشباب لتقليل فجوة فرص العمل بين الجنسين.
ختامًا، يعكس إعلان إدارة المنتدى تحويل مسار النسخة الخامسة منه نحو تنفيذ التنمية عوضًا عن مناقشة سبل تحقيقها نجاعة التخطيط الاستراتيجي الذي يحلل الوضع الراهن ويرصد بدقة الفجوات والمشكلات المحلية والعالمية، وفي مقدمتها ما خلفته الجائحة من تداعيات على إضعاف التنمية بشكل عام، وما تخلفه الحرب الروسية الأوكرانية حاليًا من آثار جمة كالتضخم وتدهور الوضع الاقتصادي. وتوضح المبادرات والمشروعات والبرامج التي أعلنتها إدارة المنتدى دقة ترتيب الأولويات وتنوع الجهات والمؤسسات والمنظمات، وشمول الفئات المستهدفة.
باحثة ببرنامج السياسات العامة