تغير المناخ

13 يومًا متبقية لإنقاذ الكوكب: ماذا حدث في اليوم الأول من قمة المناخ؟

منذ الثامنة صباح اليوم، بدأت الوفود الرسمية ورؤساء الدول والحكومات في الوصول إلى مركز الفعاليات الإسكتلندي في جلاسكو، مقر انعقاد مؤتمر المناخ. حيث وصل قادة أكثر من 120 دولة إلى المدينة   لحضور أعمال القمة التي توصف إعلاميًا بـ” قمة الأمل الأخير”، والتي تستهدف التعامل بكفاءة مع أزمة المناخ للالتفاف على وقوع كارثة وشيكة. وكان في مقدمة المشاركين الوفد المصري برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي، والوفد الأمريكي برئاسة الرئيس جو بايدن، والوفد البريطاني برئاسة رئيس الوزراء بوريس جونسون، والوفد الفرنسي برئاسة الرئيس إيمانويل ماكرون. وعلى مدار ساعات، اصطفت طوابير طويلة للمشاركة في وقائع المؤتمر خاصة وفود الأحزاب والإعلام ومنظمات المجتمع المدني وذلك أمام بوابات الدخول المختلفة، وتضمنت التحضيرات فحص نتيجة اختبار كورونا، قبل الوصول إلى منطقة التفتيش الرئيسية، ما يعكس حالة التأمين عالية الكفاءة للمؤتمر.

ومن أبرز المشاركين أيضًا رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، والأسترالي سكوت موريسون المدافع الكبير عن استخدام الفحم إذ أن بلاده هي المصدر الأكبر له عالميًا. مع غياب فاعلين أساسيين من موسكو وبكين التي تمثل أكبر مصدر لانبعاثات الغازات الدفيئة. علاوة على غياب الرئيس البرازيلي. على جانب آخر فقد ألغى الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، زيارة كانت مقررة إلى المدينة للمشاركة في أعمال قمة المناخ.

يأتي ذلك في الوقت الذي اعتبر فيه رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في ختام قمة مجموعة العشرين أنّه “في حال فشل مؤتمر جلاسكو فإنّ كلّ شيء سيفشل”، في تحذير رسمي يضفي نزعة من التشاؤم بعد ضعف التعهدات التي أطلقها قادة العشرين أمس الأحد.

يوم افتتاحي والقادم أهم

 خلال كلمته أمام المؤتمر بعد انتخابه، شكر رئيس المؤتمر، ألوك شارما، المندوبين على حضورهم إلى جلاسكو، موضحًا الحاجة الملحة إلى اتخاذ إجراءات جادة. وقال شارما إن تأثيرات تغير المناخ بدأت الظهور في جميع أنحاء العالم على شكل فيضانات وأعاصير وحرائق غابات ودرجات حرارة قياسية. وتابع -خلال كلمته الافتتاحية- “نعلم أن كوكبنا يتغير نحو الأسوأ”، داعيًا إلى ضرورة العمل المشترك لحماية الكوكب “الثمين”.

مضيفًا “أعتقد أنه يمكننا أن نحسم القضايا العالقة، والمضي قدمًا بالمفاوضات، ويمكننا إطلاق عقد من الطموح والعمل المتزايد، ويمكننا -معًا- اغتنام الفرص الهائلة للتحول الأخضر، من أجل وظائف خضراء جيدة، وطاقة أرخص وأنظف، لكن علينا أن نبدأ العمل على الأرض لإيجاد الحلول التي نحتاج إليها، وهذا العمل يبدأ اليوم، سننجح، أو نفشل، ككيان واحد”، حسب شارما.

C:\Users\Nermeen.Saeed.ecss\Desktop\البحر الأحمر\188-153239-sudan-glasgow-conference-climate_700x400.jpg

كما شهدت كلمة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريتش حث الدول النامية، على تسريع الانتقال إلى الاقتصادات الخضراء وذلك في كلمته أمام قمة المناخ المنعقدة في جلاسكو في إسكتلندا. وقال الأمين العام للأمم المتحدة، إنه مر 6 سنوات على توقيع اتفاقية باريس للمناخ، وأن هذه السنوات هي السنوات الأكثر حرارة التي تم تسجيلها. وقال إن إدمان العالم على الوقود الأحفوري، يدفع الإنسانية إلى الحافة، مضيفًا “نحن نواجه خيارًا قاسيًا، إما أن نوقفه وإما أن يوقفنا”. 

بينما أشار رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون في كلمته، إلى أنه إذا “ارتفعت درجة الحرارة بمقدار 4 درجات مئوية، سنودع مدن كبيرة، مثل ميامي والإسكندرية وشنغهاي”. وأضاف: “إذا لم نتحرك الآن فسيكون من المتأخر جدًا على أبنائنا أن يتحركوا لإنقاذ العالم”. وحذر جونسون من مصير مأساوي.

وقال: “لدينا التكنولوجيا الضرورية للتعامل مع أزمة التغير المناخي”، مشيرًا إلى أن العالم يتطلب “ثورة خضراء” في مجال المناخ، مذكرًا بهدف جمع 100 مليار دولار لمكافحة الاحترار العالمي، والذي تم التعهد به في باريس 2015. وحذر جونسون من أن العالم الآن “على بعد دقيقة واحدة من منتصف الليل”، وهو مصطلح يشير إلى نهاية العالم.

وتابع: “كوب 26 ليس نهاية المطاف، وحتى لو انتهى المؤتمر باتفاقيات ملزمة، فإن السيارات التي تعمل بالديزل ستكون لا تزال تعمل، والأبقار في مراعيها، ولن يغير أي مؤتمر وحده هذا، وإذا كانت القمم والمؤتمرات وحدها كافية لإنهاء الاحترار العالمي لكننا في موقف مختلف”.

وشدد جونسون على ضرورة مشاركة القطاع الخاص والاضطلاع بدوره في مكافحة الاحترار العالمي. وقال: “في هذه الغرفة يمكننا جمع مئات المليارات، ولكن السوق لديه مئات التريليونات”.

C:\Users\Nermeen.Saeed.ecss\Desktop\البحر الأحمر\4100afbee8.jpg

يأتي ذلك في الوقت الذي قال مستشار الأمن القومي الأمريكي، جاك سوليفان، إن قمة المناخ بجلاسكو ليست نهاية المطاف في مكافحة التغير المناخي، وأن العالم يجب أن يستمر في العمل على هذا الهدف حتى نهاية العقد الحالي. وقال سوليفان للصحفيين على متن الطائرة الرئاسية الأمريكية “إير فورس وان” قبل وصول الرئيس الأمريكي جو بايدن لجلاسكو، إنه من المهم لنا القول إن “العمل سيتواصل بعد أن تنتهي القمة ويذهب الجميع إلى بلادهم”. وأضاف “لا يسعنا أن نفشل في تحقيق تقدم ذو معنى في بناء زخم حقيقي هنا، ولكن هذه ليست نهاية المطاف”.

بينما توجه الرئيس الصيني شي جين بينج بكلمة لمؤتمر الأمم المتحدة للمناخ في جلاسجو الاثنين، في شكل بيان مكتوب، وذلك وفقًا لبرنامج رسمي. وطبقًا لقائمة المتحدثين الصادرة عن اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حيث لم يغادر الرئيس الصيني بلاده منذ ضربت جائحة كورونا.   

وكغريم تقليدي قال البيت الأبيض الاثنين، إن الرئيس الأمريكي جو بايدن شدد عقب حضوره قمة العشرين وتوجهه إلى جلاسكو لحضور قمة المناخ، على أن على هناك التزامات على الصين يجب عليها الوفاء بها”. وأضاف أن قمة جلاسكو هي فرصة للحصول على زخم كاف لمجابهة التغير المناخي. وشدد على ضرورة استمرار العمل فيما بعد قمة جلاسكو. واعتبر البيت الأبيض أن قمة جلاسكو يمكنها أن تشكل ضغطًا على “هؤلاء ممن لم يقوموا بما عليهم”.

ولكن البيت الأبيض قال إنه لا يتوقع جوابًا حاسمًا حول الوصول لتعهدات بـ 100 مليار دولار في جلاسكو لمواجهة التغير المناخي، ولكن “هناك طرق مبتكرة يمكننا من خلالها الوصول لهدف الـ 100 مليار”. وشدد البيت الأبيض على أن لدى الصين “التزامات يجب عليها الوفاء بها”، معتبرًا أن بكين “قادرة تمامًا” على العيش وفقًا لمسؤولياتها”، وأن لا شيء في العلاقات الصينية الأمريكية يمنعها من القيام بذلك.

آمال منعقدة على أجندة جلاسكو

وتنعقد الآمال حول إصدار قادة مجموعة العشرين باعتبارها الدول المسؤولة عن أكبر كم من الانبعاثات الحرارية بنسبة تصل إلى 80% التعهدات اللازمة لتصفير الانبعاث الكربوني، وكان قادة العشرين قد اتفقوا في روما يوم أمس على العمل على حصر الاحترار العالمي بـ 1.5% ووقف تمويل جميع المحطات الجديدة التي تعتمد على الفحم. إلا أن غياب الرئيسين الروسي والصيني عن القمة يجعل الآمال تتراجع بشأن مخرجات القمة الحالية.

يأتي ذلك في الوقت الذي تحضر فيه الولايات المتحدة القمة بعد انقطاع دام لمدة أربع سنوات بالإضافة إلى عشرات من رؤساء الدول والحكومات، بينهم قادة دول الاتحاد الأوروبي ورئيس الوزراء الاسترالي سكوت موريسون، سيحضرون قمة جلاسكو.

C:\Users\Nermeen.Saeed.ecss\Desktop\البحر الأحمر\Home-Destinations-Scotland-Greater-Glasgow-Clyde-Valley (1).jpg

وتتميز القمة الحالية بتسليط الضوء على الهند التي لم تقدم حتى الآن خطة للحد من الانبعاثات الكربونية باعتبارها أحد الدول المسؤولة عن قدر كبير من الانبعاثات نتيجة اعتمادها على مناجم الفحم. ومن شأن إعلان رئيس الوزراء الهندي ” نارندرا مودي “عن خطة طموحة وضع المزيد من الضغوطات على الصين لتحسين اندماجها في المنظومة.

وحسب الأجندة المقترحة فقد افتتح رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، القمة ثم سيدلي قادة العالم ببياناتهم بشأن استجابة بلدانهم لأزمة المناخ، حيث سيناقش زعماء العالم على مدى أسبوعين تقريبًا سبل التخفيف من تغير المناخ والتكيف معه والتمويل اللازم لذلك، وتعد هذه المناقشات من صميم أعمال القمة، بالإضافة إلى ما يجب القيام به بشأن اتفاقية باريس للمناخ.

أما غدًا الثلاثاء فسيتضمن مناقشة قادة العالم كيفية مساهمة الغابات والأراضي في الوصول إلى هدف 1.5 درجة مئوية، وسبل الحياة المستدامة والوفاء بوعود التكيف والتمويل.  كما سيتم تناول ابتكار التقنيات النظيفة، لما لها من دور في مكافحة الاحتباس الحراري.

يأتي ذلك في الوقت الذي سيخصص فيه يوم الأربعاء للجانب المالي والتمويل، وسيبدأ بحديث لوزير المالية البريطاني، ريشي سوناك، حول التقدم الذي تم في تمويل مكافحة التغير المناخي، وخاصة تدفق الأموال من الدول الغنية المسؤولة عن النسبة الأكبر من الانبعاثات إلى الدول النامية لمساعدتها في خفض الانبعاثات. كما ستشهد بقية اليوم مناقشات حول التمويل الخاص للمناخ وكيفية تعزيز الدعم للبلدان النامية بما فيها تخفيف الاعتماد على مصادر الوقود الأحفوري وعلى رأسها الفحم.  

كما ستتضمن وقائع المؤتمر “يوم الشباب”، وستقدم اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ بيانًا شبابيًا عالميًا، تبرز فيه دورهما في مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة وماذا يطلبونه من قادة العالم. وسيبحث الناشطون وقادة الأعمال والوزراء ما يمكن القيام به أكثر لخلق نهج مجتمعي كامل للعمل المناخي.

من منظور آخر سيفرد المؤتمر مساحة لصانعي السياسات والمزارعين واستعراض المبادرات المتصلة بالغذاء والتمويل، بالإضافة إلى عرض الابتكارات العلمية التي تحمي الطبيعة. ويخصص المؤتمر يومًا لعرض كيف تتأثر النساء بتغير المناخ وأهمية قيادتهن للاستجابة البشرية لهذه الظاهرة. وسيركز جدول أعمال هذا اليوم على المساواة بين الجنسين في العمل المناخي حيث تختتم أعمال القمة في 12 نوفمبر.

+ posts

باحث أول بالمرصد المصري

نيرمين سعيد

باحث أول بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى