
ماذا ستقدم قمة جلاسكو (Cop 26) للمناخ؟
يتوجه الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الأسكتلندية جلاسكو للمشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ في دورته السادسة والعشرين (COP26)، في الفترة من 31 أكتوبر حتى 12 نوفمبر 2021، والذي يعد من أهم المؤتمرات العالمية المعنية بتغير المناخ، حيث إن المؤتمر هو جزء من اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي، وهي معاهدة دولية وقعتها تقريبًا جميع الدول والمناطق في العالم بهدف الحد من تأثير النشاط البشري على المناخ. وهذا المؤتمر هو السادس والعشرون منذ دخول المعاهدة حيز التنفيذ في 21 مارس 1994.
ومن الجدير بالذكر أن زيارة الرئيس السيسي إلى العاصمة الأسكتلندية هي الأولى من نوعها لرئيس مصري، وسوف يتم عرض البرنامج المصري للحد من الانبعاثات الكربونية وزيادة الاعتماد على الطاقة النظيفة والتحول نحو الاقتصاد منخفض الكربون، تمهيدًا للترحيب باستضافة مصر لقمة المناخ السابعة والعشرين (COP27) العام القادم، مما يعكس حرص مصر على الحد من تغير المناخ والجهود المبذولة لتسريع الوصول للحياد الكربوني.
الجهود الدولية في مواجهة تغير المناخ وأبرز الاتفاقات الدولية
يعد تغير المناخ القضية الحاسمة في عصرنا، ونحن الآن أمام لحظة حاسمة أيضًا؛ فالآثار العالمية لتغير المناخ هي واسعة النطاق ولم يسبق لها مثيل من حيث الحجم والشدة والتأثير، من تغير أنماط الطقس التي تهدد الإنتاج الغذائي وصحة الكائنات الحية بما فيها الانسان، إلى ارتفاع منسوب مياه البحار التي تزيد من خطر الفيضانات الكارثية. والتكيف مع هذه التأثيرات سيكون أكثر صعوبة وكلفة في المستقبل إذا لم يتم القيام باتخاذ إجراءات جذرية لحل المشكلة، ومع ذلك فهناك محاولات عالمية بدأت حينما شعرت دول العالم بالخطر وارتفاع درجات الحرارة وزيادة الانبعاثات الغازية الضارة، وضرورة حماية البيئة المحيطة.
ويوضح الجدول التالي التسلسل الزمني للجهود الدولية وأهم الاتفاقات في مواجهة تغير المناخ

اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي
تعمل الأمم المتحدة في طليعة الجهود الرامية إلى الحد من الممارسات الخاطئة التي تزيد من خطر التغيرات المناخية. ففي عام 1992، ومن خلال “قمة الأرض”، أنتجت اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ كخطوة أولى في التصدي لمشكلة تغير المناخ. واليوم تتمتع هذه الاتفاقية بعضوية شبه عالمية، وصدقت 197 دولة على الاتفاقية من بينها مصر، وكان الهدف الأساسي للاتفاقية هو منع التدخل البشري “الخطير” في النظام المناخي.
وفي المؤتمر الـ21 للأطراف في باريس عام 2015، توصلت الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية إلى اتفاقية تاريخية لمكافحة تغير المناخ، وتسريع وتكثيف الإجراءات والاستثمارات اللازمة لتحقيق مستقبل مستدام منخفض الكربون، أطلق عليه “اتفاق باريس للمناخ”، ويستند اتفاق باريس على الاتفاقية، ولأول مرة تجتمع جميع الدول إلى قضية مشتركة للقيام ببذل جهود طموحة لمكافحة تغير المناخ والتكيف مع آثاره، مع تعزيز الدعم لمساعدة البلدان النامية على القيام بذلك. وعلى هذا النحو، فإنه يرسم مسارًا جديدًا في جهود المناخ العالمي.
وقع 175 زعيمًا من قادة العالم اتفاقية باريس في مقر الأمم المتحدة في نيويورك. حيث كان هذا أكبر عدد من البلدان توقع على اتفاق دولي في يوم واحد حتى الآن، وهناك الآن 184 دولة قد انضمت إلى اتفاقية باريس التي يعد هدفها الريس هو تعزيز الاستجابة العالمية لخطر تغير المناخ عن طريق الحفاظ على ارتفاع درجات الحرارة العالمية هذا القرن أيضًا إلى أقل من درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، ومواصلة الجهود للحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى أبعد من ذلك إلى 1.5 درجة مئوية.
تقرير التقييم السادس للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ
في أغسطس 2021 تم الإعلان عن تقرير التقييم السادس (AR6) الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، وظهر فيه تقدير محدث لأرصدة الكربون العالمية، وهي الحد الأقصى لمقدار ثاني أكسيد الكربون (CO2) الذي يمكن انبعاثه مع استمرار وجود فرصة للحد من الاحترار إلى 1.5 درجة مئوية أو 2 درجة مئوية.
وأظهر التقرير أن العالم يمكن أن ينبعث منه حوالي 500 جيجا طن فقط من ثاني أكسيد الكربون للحصول على فرصة بنسبة 50 % للحد من الاحترار إلى 1.5 درجة مئوية، وللحصول على فرصة بنسبة 67 % لتجنب 1.5 درجة مئوية، ستنخفض أرصدة الكربون إلى 400 جيجا طن من ثاني أكسيد الكربون. وهو ما يتطلب العمل المناخي بشكل أكثر فاعلية.
وقد تم تقديم تقدير لأرصدة الكربون المتبقية اعتبارًا من عام 2020 على أساس خمسة مكونات:
- الاحترار التاريخي حتى الآن
- ناتج الاحترار لكل طن من ثاني أكسيد الكربون، المعروف أيضًا باسم الاستجابة المناخية العابرة للانبعاثات التراكمية من ثاني أكسيد الكربون (TCRE)، وينص التقرير على أنه “يتم تقييم كل 1000 جيجا طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التراكمية من المحتمل أن يتسبب في زيادة 0.27 درجة مئوية إلى 0.63 درجة مئوية في درجة حرارة سطح الأرض بأفضل تقدير يبلغ 0.45 درجة مئوية”.
- الاحترار الذي سيحدث بمجرد وصول انبعاثات ثاني أكسيد الكربون إلى مستويات الصفر الصافي، والمعروفة باسم الالتزام بالانبعاثات الصفرية (ZEC).
- الاحترار من الغازات غير ثاني أكسيد الكربون مثل الميثان وأكسيد النيتروز.
- ردود فعل نظام الأرض مثل ذوبان الطبقة الجليدية التي من شأنها إطلاق الكربون الإضافي، والتي لم يتم أخذها في الحسبان في المنهجية في وقت سابق ولكن تمت إضافتها الآن
وقد دق هذا التقرير ناقوس الخطر حول الكوارث التي يمكن أن تحدث في النظام البيئي العالمي إذا لم يتجمع العالم كله لمواجهة تهديدات التغير المناخي، والتحول نحو الاقتصاد الاخضر.
(Cop 26) المؤتمر السادس والعشرون للأطراف في الاتفاقية الإطارية بشأن التغير المناخي
في مؤتمر الأطراف المشاركة في الاتفاقية الإطارية عام 2015 (Cop 21)، تم الاتفاق على إجراء مراجعة للتقدم المحرز كل خمس سنوات، وكانت المراجعة الأولى لمؤتمر الأطراف مقررة في عام 2020، ولكن بسبب تفشي فيروس كورونا، تم تأجيلها إلى عام 2021، وهي ما تحدث الآن بحضور عدد كبير من رؤساء الدول والحكومات على رأسهم الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وغيرها.
أعطى العالم -وخاصة بعد انتشار جائحة كورونا- اهتمامًا بالغًا للسياسات الصديقة للمناخ، وأعلنت دول عدة خططها للوصول للحياد الكربوني بحلول عام 2050، ومن المتوقع أن يضع صنّاع القرار في العالم أهدافًا جديدة طويلة الأجل للتصدي لتغير المناخ، ومن المتوقع أن تكون الأهداف جريئة وذات سقف عالٍ.
ومن المرجح أن تظهر نقطة خلاف بشأن أفضل طريقة لإدارة نظام أسواق الكربون وأرصدة ائتمانات الكربون (ما يعرف بالسندات الخضراء)، وهذه آلية من شأنها أن تسمح للدول المسؤولة عن إحداث التلوث بدفع ثمن الانبعاثات التي تتسبب فيها، وتسمح لمن لديهم اقتصادات أكثر مراعاة للبيئة (خضراء) ببيع “أرصدة الكربون”، ولكن لا ندري إذا كان الامر عادل هكذا ام لا؟
ومن المرجح مناقشة عدة أهداف في قمة جلاسكو للمناخ من أهمها:
- تأمين صافي الصفر العالمي بحلول منتصف القرن والحفاظ على 1.5 درجة مئوية.
- التكيف لحماية المجتمعات والموائل الطبيعية.
- حشد التمويل اللازم ودور الدول ومؤسسات التمويل الدولية.
- تسريع العمل لمعالجة أزمة المناخ من خلال التعاون بين الحكومات والشركات والمجتمع المدني.
ونأمل أن تنجح قمة جلاسكو في تعزيز التعاون بين الدول للحد من تغير المناخ، وتطوير آليات عمل وأطر زمنية مشتركة لجميع الأهداف الصديقة للبيئة التي حددتها كي نتأكد من أننا جميعًا نلتزم بما هو مطلوب لتحقيق ذلك. وستتمثل الأولوية القصوى في جعل البلدان تلتزم بالوصول إلى مستوى انبعاثات صفري بحلول منتصف هذا القرن، مع تخفيضات أكثر جرأة وأسرع لانبعاثات غازات الكربون بحلول عام 2030.
هذا بالإضافة إلى مناقشة ما يسمى بالحلول القائمة على الطبيعة، وهذا يعني استخدام الطبيعة نفسها لحل بعض تحديات المناخ، مثل امتصاص الكربون، أو زراعة الشجيرات والأشجار للحماية من الأحداث المناخية القاسية مثل الفيضانات أو العواصف الرملية. ومن المتوقع أيضًا تأسيس عدد من المبادرات التي تهدف إلى مواجهة تحديات معينة مثل القضاء على استخدام الفحم وحماية النظم البيئية، وبالتأكيد مساعدة الدول النامية على مواجهة تلك التحديات.
باحثة ببرنامج السياسات العامة