
مُنَاصَرة نسوية: الحماية الاجتماعية للمرأة المصرية
أولت الدولة المصرية اهتمامًا خاصًا ورعاية موجهة للمرأة في كافة النواحي الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتشريعية، حيث أصدر المجلس القومي للمرأة استراتيجية المرأة المصرية 2030 عام 2017، التي تترجم خطة التنمية المستدامة إلى إجراءات تستهدف تمكين المرأة اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيًا، فقد قدمت الاستراتيجية مقترحات لآليات الحماية المجتمعية للمرأة وفق حزمة من التشريعات والقوانين، من جهة أخرى صدق السيد رئيس الجمهورية على عدة قرارات في مارس 2017 لمناصرة دعم المرأة المعيلة، منها مبادرة المشروعات متناهية الصغر الموجهة للمرأة بهدف التمكين الاقتصادي والشمول المالي، علاوة على تخصيص برامج حماية مجتمعية مستقلة تسعى إلى توفير أمان ورعاية للمرأة سواء كانت فتاة، سيدة، أم ، مسنة، أو عاملة.
التمكين الاقتصادي والشمول المالي
يعد التمكين الاقتصادي للمرأة وسيلة مهمة للنهوض الاقتصادي للأسرة والمجتمع بشكل عام. زادت نسبة قوة المرأة المصرية في العمل على مدار 15 عام ما بين 2001 حتى 2015 بنسبة 61.4% لصالح الإناث مقابل 40% لصالح الذكور، وجاءت الزيادة لصالح الريف على الحضر كما هو موضح بالشكل (1)، وقد وصلت نسبة الأسرة التي تعولها أنثى إلى 30% من إجمالي الأسر المصرية، حيث بلغ عددهن 12 مليون أنثى معيلة حتى عام 2017. ويقصد بالمرأة المعيلة كل امرأة تتولى رعاية أسرتها ماديًا سواء غير متزوجة أو متزوجة أو مطلقة أو أرملة.
دفعت هذه النتائج الدولة إلى الاهتمام برفع نسبة المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر الموجهة للمرأة من خلال إطلاق عدة مبادرات قومية لتمكين المرأة المعيلة منها مبادرة المشروعات متناهية الصغر الممولة من بنك ناصر، وصندوق تحيا مصر، وتحت إشراف وزارة التضامن الاجتماعي، فوصلت نسبة مشروعات تمكين المرأة اقتصادياً إلى 45٪ حتى عام 2017.
شكل (1): معدل التغيير في قوة العمل وفقاً للنوع في الريف والحضر 2001-2015

المصدر/ الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، نشرة المرأة والرجل 2015 صادر في فبراير 2017
نفذ القومي للمرأة بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين، وهيئة كير الدولية، بتمويل من الحكومة اليابانية مشروع التمكين الاقتصادي والتوعية للمرأة الوافدة والمرأة المصرية على مرحلتين بدءً من 2015 وحتى 2018. من جهة أخرى نفذت المؤسسة القومية لتنمية الأسرة والمجتمع التابعة لوزارة التضامن الاجتماعي برنامجًا بمحافظة الجيزة للحد من الفقر بالتعاون مع جمعيات تنمية المجتمع المحلي بتمويل قدره 108 مليون جنيه عام 2016، بلغ نصيب المرأة من هذا البرنامج نحو 48% بإجمالي 18 ألف مشروع نسوي متنوع ما بين تجاري كبيع المفروشات والأدوات الكهربائية والبقالة، وصناعي كصناعة الكليم ومنتجات الألبان، وزراعي كتربية الأغنام وتسمين الماشية وتربية الجاموس.
في ذات السياق واستكمالًا لتمكين المرأة المصرية اقتصاديًا أطلق صندوق تحيا مصر بالتعاون مع بنك ناصر في مارس الماضي مبادرة “مستورة” لتوفير فرص عمل كمظلة حمائية للمرأة المعيلة من خلال إتاحة قرض في صورة أدوات إنتاج بقيمة 20 ألف جنيه كحد أقصى و4 آلاف جنية كحد أدنى، شريطة ألا يقل سن المرأة عن 21 سنة ولا يزيد على 60 سنة. بشكل عام تخطى إجمالي المشروعات متناهية الصغر للمرأة في المناطق الريفية والعشوائية نحو 61 ألف مشروع بتمويل 373 مليون جنيه وفق الإحصاء المدرج بتقرير حماية وتنمية المرأة والصادر عن وزارة التضامن الاجتماعي في مارس 2019، هذا بالإضافة إلى تدريب نحو 22 ألف سيدة على حرف ومهن في أفقر 10 محافظات، وإنشاء 430 مركزًا للأسر المنتجة بالقرى، وإقامة معارض للأسر المنتجة بلغت مبيعاتها نحو 33 مليون وفق المصدر السابق.
كذلك تم توفير 42 مركز في 22 محافظة لخدمة للمرأة العاملة تابع لوزارة التضامن الاجتماعي حتى مارس 2019، حيث تقوم هذه المراكز بإعداد الوجبات المطهية الجاهزة والغسيل والكي وتوفير جليسات للأطفال والمسنين، وبلغ عدد المستفيدات من هذه المراكز نحو 165 ألف سيدة. ونمت نسبة القروض الميسرة للمرأة المقدمة من وزارة التضامن الاجتماعي بنحو 75% بإجمالي 500 مليون بما يتخطى 80 ألف امرأة مستفيدة حتى عام 2019، 68% منهن في المناطق الريفية. يوضح الشكل (2) قيم رأس المال لمشروعات التمكين الاقتصادي للمرأة حتى عام 2019 وفق بيانات وزارة التضامن الاجتماعي.
شكل (2): قيم رأس مال مشروعات التمكين الاقتصادي للمرأة حتى عام 2019

المصدر/ تقرير خدمات وزارة التضامن الاجتماعي في مجال المرأة مارس 2019
وعلى صعيد الشمول المالي للمرأة مثلت إجراءات استخراج بطاقات ذكية للصرف النقدي الخطوة الأولى في سبيل تحقيق شمول مالي للمرأة، فقد أسهمت هذه الإجراءات في استخراج أوراق الثبوتية المهمة ومنها بطاقات الرقم القومي، فتم استخراج حوالي 640 ألف بطاقة رقم قومي للنساء والفتيات حتى مارس 2019، هذا بالإضافة إلى تدريبات الشمول المالي التي نفذتها وزارة التضامن الاجتماعي للرائدات الريفيات، حيث بلغ عددهن نحو 42 رائدة ريفية مدربة تعملن كمدربات على الشمول المالي للسيدات المستفيدات من برنامج تكافل وكرامة منذ أكثر من عامين.
الحماية والرعاية الاجتماعية
تحظى المرأة المصرية باهتمام كبير في برامج الحماية الاجتماعية، حيث حصلت أكثر من 2.7 مليون امرأة على دعم نقدي بأسمائهن بنسبة 89% بمعدل شهري حوالي 500 جنية، بتكلفة تخطت 14 مليار جنية سنويًا، وفق الفئات بالشكل (3)، هذا بالإضافة إلى تقديم دعم نقدي للسيدات المعيلات ما بين مطلقة وأرملة ومهجورة، ومسجونة بإجمالي 213 ألف سيدة، علاوة على تسهيل صرف النفقة من خلال إنشاء صندوق تأمين الأسرة والنساء المطلقات عام 2015، حيث بلغ عدد المستفيدات ما يزيد على 308 ألف سيدة حتى 2019 بعدد أحكام قضائية تعدى 187 حكم، وبإجمالي أكثر من 55 مليون جنيه شهريًا. أما عن دعم التأمينات الاجتماعية والمعاشات فبلغت نحو 3.4 مليار جنيه في 2019 بمتوسط معاش شهري نحو 600 جنيه لعدد 5.5 مليون سيدة من أصحاب المعاشات.
شكل (3): تصنيف المرأة المستحقة للدعم النقدي حتى مارس 2019

المصدر/ تقرير حماية وتنمية المرأة، وزارة التضامن الاجتماعي مارس 2018- مارس 2019
أما عن الرعاية الصحية فتمت إتاحة سلة غذائية لأكثر من 20 ألف سيدة أثناء فترة الحمل وبعد الوضع لمدة 1000 يوم من عمر الطفل في محافظات الصعيد بحد أقصى طفلين للأم، تضاف كنقاط على البطاقات التموينية بدعم قدره 100 جنيه شهريًا. على صعيد آخر يتم تقديم الدعم النقدي من صناديق التأمينات الاجتماعية للسيدات العاملات بالقطاع الخاص أثناء إجازة الوضع بحد أقصى 90 يوم بنسبة 57% من مرتباتهن الشهرية.
أما عن رعاية ذوات الإعاقة فقد قدمت وزارة التضامن الاجتماعي حتى مارس 2019 خدمات رعاية وتأهيل لنحو 102 ألف سيدة ذات إعاقة، ووفرت 5 آلاف طرف صناعي خلال عام 2019 فقط، وقدمت نحو 27 ألف منحة دراسية في الجامعات المصرية للطالبات الكفيفات، وقامت بدمج عدد من الفتيات ضعاف السمع والصم في 8 جامعات حكومية.
وعن رعاية السيدات المسنات، فقد أطلقت وزارة التضامن الاجتماعي منذ عامين برنامج “رفيق المسن” لإعداد كوادر شبابية لرعاية المسنين بالمنازل. من جهة أخرى تشرف الوزارة على أكثر من 160 دار للمسنين تستضيف أكثر من 3 آلاف سيدة مسنة؟ وقد أنشأت الوزارة حتى الآن 420 ناديًا نسائيًا تستفيد منه أكثر من 12 ألف سيدة مسنة. وعلى صعيد الحماية ضد العنف، فقد أطلقت الدولة برنامج “إغاثة المرأة المعنفة” بهدف معالجتها نفسيًا، وتشرف وزارة التضامن الاجتماعي على 8 مراكز لاستضافة النساء المعرضات للعنف بقوة تتخطى 1300 سيدة و113 طفلًا حتى عام 2019. وكمحاولة استباقية لمعالجة العنف الأسري، أطلقت الوزارة برنامج “مودة” لتدريب الشباب المقبلين على الزواج لدعم الاستقرار الأسري وتوعية الشباب بقيم الأسرة وسبل حل المشكلات الأسرية بطريقة سليمة.
ختامًا: بذلت الدولة المصرية على مدار السنوات الماضية جهودًا موجهة للمرأة؛ إيمانًا منها بدورها وأهميتها في دعم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للدولة، الأمر الذي أسهم إلى حد كبير في تعزيز النمو الاقتصادي للمرأة، والحد من وطأة تأنيث الفقر، خاصة مع تداعيات جائحة كوفيد-19، ولا تزال المرأة في حاجة إلى المزيد بما يحقق تكافؤ الفرص والتمثيل العادل على كافة الأصعدة.
باحثة ببرنامج السياسات العامة