مكافحة الإرهاب

يختبئون في الظلال.. خريطة التطبيقات الإلكترونية الجديدة للجماعات الإرهابية

في عالم مظلم بعيد عن المتصفحات الاعتيادية، تنشط الجماعات الإرهابية وتسخر أنظمة معقدة تسمح لمستخدمها بالإبحار دون رقيب، متصفحات خاصة مثل Tor- Onion يتم توظيفها لممارسات غير مشروعة عبر ما يعرف بالـ Dark Web، وعلى الرغم من محاولة البعض الترويج للجانب الإيجابي لل “دارك ويب” على اعتبار أنه يستخدم في ممارسات مشروعة تراها الأنظمة القمعية غير مشروعة إلا أن ذلك جزء من الصورة وليس كل.

داعش الأكثر تنظيمًا وتأثيرًا

في العام 2011 تم تأسيس موقع ” طريق الحرير” وهو متخصص في تأمين نقل الممنوعات مثل المخدرات والأسلحة وحتى تجارة الرقيق الأبيض وقد تم إغلاقه نهائيًا في عام 2013 لتظهر مواقع بديلة تقوم بتأدية نفس الخدمات للخارجين عن القانون.

وعلى صعيد الجماعات الإرهابية فقد اعتمدت في فترة من الفترات بشكل كبير على وسائل الإعلام التقليدية “فيس بوك + تويتر”، ثم تحولت بعد ذلك لاستخدام تطبيق “تليجرام”، خاصة في الفترة التي تلت عام 2013 باعتباره أكثر حماية للخصوصية، لكنه بالتجربة أصبح غير قادر على ملاقاة طموحات الجماعات الإرهابية، حيث يمكن للحكومات رصد الحسابات عليه وتتبعها بسهولة بل وحتى إغلاقها، ولم تفلح محاولات داعش وغيرها في تأسيس حسابات وهمية فبحثت المنظمات الإرهابية عن البديل الذي يتيح استمراريتها بعيدًا عن الرقابة.

وحتى الآن أثبتت الدراسات والأبحاث في هذا المجال أن تنظيم الدولة الإسلامية في الشام والعراق هو الأكثر تأثيرًا والأكثر تنظيمًا فيما يتعلق باستخدام التكنولوجيا سواء للتجنيد أو لجمع التبرعات، وهناك قسم خاص داخل التنظيم مسؤول عن استخدام ” الدارك ويب” بصورة احترافية للغاية تحمي التنظيم من ويلات الرصد والتتبع وهو ما تحاول الحكومات التصدي له.

80% تم تجنيدهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي

   معظم الدعوات التي انطلقت لجمع التبرعات لتنظيم داعش تتم عبر ” الإنترنت المظلم”. وحسب أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة فإن القاعدة تخوض أكثر من نصف معاركها في الساحة الإلكترونية. فعبر الـ “Deep web” يتمكن الإرهابيون من الحصول على مختلف أنواع الأسلحة وشراء المواد الضرورية للتغذية والمحروقات وتعبئة الهواتف النقالة وحجز تذاكر النقل الجوي والبحري بعيدًا عن رقابة الحكومات. وعمومًا فإن التواجد الإرهابي في الفضاء الإلكتروني يتسم بأنه سريع التغير، فإذا ظهر موقع إرهابي اليوم فسرعان ما يغير نمطه الإلكتروني، ثم يختفي ليظهر مرة أخرى بشكل وعنوان إلكتروني جديدين بعد فترة قصيرة.

 وحسب دراسات فإن 80% ممن انضموا إلى تنظيم داعش تم تجنيدهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن تحريك تلك المجموعات وتوظيفها لا يتم عبر نفس الوسائل وإنما يتم في خبايا الإنترنت المظلم. وكان لنمو الظاهرة التكنولوجية أكبر الأثر على زيادة وتيرة العمليات الإرهابية، وقد سجل عام 2014 على وجه التحديد العام الأسوأ في تاريخ مؤشرات الإرهاب حيث تعرضت 93 دولة في العلم بنسبة تقارب ال 60% إلى عمليات إرهابية راح ضحيتها قرابة 33 ألف شخص.

منصات الدارك ويب

في أغسطس 2019 وقعت في مدينة تكساس عملية إطلاق نار في متجر ” وول مارت” وراح ضحيتها 20 شخصًا، وقبل 60 دقيقة من وقوع الحادث كان منفذ الهجوم الإرهابي قد كتب بيانًا قام بنشره عبر منصة Chan-8 وهي إحدى منصات الدراك ويب واحتوى البيان على عنصرية ومعاداة للمهاجرين. وهو نفس الموقع الذي شهد على حادثة الهجوم على مسجدين في نيوزلندا حيث قام منفذ الهجوم باستخدام المنصة ونشر بيان ” الاستبدال العظيم” الذي ينضح بالكراهية قبل الحادث الذي وقع في مارس من العام الماضي.

C:\Users\Nermeen.Saeed.ecss\Desktop\عزام التميمي\Capture.PNG
C:\Users\Nermeen.Saeed.ecss\Desktop\عزام التميمي\Capture.PNG

البيتكوين عملة “داعش”

في الصفحة الرئيسية لموقع داعش على “الدارك ويب” تعرض لافتة إعلانية مكتوب أسفلها” تمويل المعركة الإسلامية من هنا” باللغتين العربية والإنجليزية. وبالضغط على الإعلان يتم التحويل لصفحة أخرى تحت عنوان ” صندوق الكفاح الإسلامي” وتدعو المستخدمين للتبرع للعمليات الجهادية من خلال بريد إلكتروني خاص بالمعاملات المالية كما تظهر داخل الصفحة وثيقة إلكترونية بعنوان “بيتكوين وصدقات الجهاد” وهي التي تشرح للمتبرعين كيفية إجراء معاملات سرية بغرض التبرع لدعم تنظيم الدولة الإسلامية. 

متى بدأت العملات المشفرة 

التوقيت يرجع لعام 2009 عندما قام حساب مجهول بنشر ورقة بحثية تحت عنوان ” البيتكوين: نظام نقدي إلكتروني من شخص لآخر” وهو نظام نقدي يمكن للمستخدمين من التعامل علنًا ومباشرة بين بعضهم البعض، دون الحاجة إلى وسيط بنكي أو نقدي. وفي فترات لاحقة لعام 2009 ظهرت عملات أخرى مثل “الإيثريوم” ، ويمكن التعامل في بيع وشراء هذه العملات جميعًا بدون الكشف عن هوية المستخدمين، وهي الخاصية التي سعت التنظيمات الإرهابية للاستفادة منها في وقت لاحق. وقد أصبح هذا هو النظام الرسمي للتنظيمات الإرهابية للتعامل من خلاله نقديًا وهو الأمر الذي ظهر عبر مدونة ” دار الخلافة” التابعة لتنظيم داعش حيث نشر ” تقي الدين المنذر” وثيقة بعنوان ” بيتكوين وصدقة الجهاد” دعا فيها صراحةً لاستخدام العملات الرقمية المشفرة في تمويل التنظيمات الجهادية وحسب المنذر: فإنه “لا يمكن للمرء إرسال حوالة مصرفية لمجاهد أو من يشتبه أنه مجاهد، دون أن تكون الحكومات الكافرة على علم بها، والحل المقترح هو ما يعرف بالبيتكوين لإعداد نظام للتبرع مجهول تمامًا، ويمكنك إرسال ملايين الدولارات وستصل على الفور لجيوب المجاهدين” وتلا ذلك خطوة أكثر توسعًا تمثلت في ظهور ” صندوق الكفاح الإسلامي” ، وهو صندوق رقمي على شبكة الإنترنت المظلم “دارك ويب”، وكانت المحاولة الأبرز للتبرع بالعملات الرقمية المشفرة، هي إطلاق موقع صدقة كوينز، وهو موقع تابع للجماعات الإرهابية على شبكة الإنترنت المظلم، وله أيضًا قناة على تطبيق تليجرام للتواصل الاجتماعي، ووفقًا للمنشور على موقع صدقة كوينز، فإن الموقع يهدف لتمويل عدد من المشروعات من بينها مشروع يسمى “لنذهب للصيد”، وهو خاص بتوفير الأموال اللازمة لتسليح وتدريب القناصة التابعين لهيئة تحرير الشام وتنظيم القاعدة.

C:\Users\Nermeen.Saeed.ecss\Desktop\الصحافة العربية 87\download (2).jpg

وبحسب تقارير إعلامية فرنسية فإن داعش يمتلك محفظة بيتكوين بها 9298 بيتكوين أي نحو 3 ملايين دولار.

كيف تنفق المنظمات الإرهابية ” البيتكوين”؟

حسب تقرير سابق في موقع ” المرجع” فإن تنظيم الدولة الإسلامية ” داعش”  يحول الأموال التي يتلاقها إلى وسطاء يعملون في ما يسمى بـ”نظام الحوالة” الذي يكون العاملين فيه غير منخرطين في العمليات الإرهابية، ويمكن أن يستغل التنظيم هذه الطريقة في صرف العملات الرقمية التي يتلاقها إلى عملات ورقية، ومن ثم نقلها إلى أماكن أخرى تحت سيطرة داعش.

أدلة دامغة

قامت أجهزة مكافحة الإرهاب حول العالم بإصدار تقارير رصدت عدد من الوقائع تؤكد بما لا يدع مجال للشك أن هناك علاقة وثيقة بين تنظيم داعش وعملة البيتكوين الرقمية ففي يناير ٢٠١٥ كشفت شركة “إس تو تي” التابعة لجهاز المخابرات السيبرانية في سنغافورة أدلة ووثائق، تؤكد أن خلية إرهابية تابعة لتنظيم داعش الإرهابي، تعمل داخل نطاق الأمريكيتين تلتمس من محبيها وداعميها تعزيز جهودها بجمع تبرعات بالعملات الإلكترونية “بيتكوين”. ورصد الجهاز المخابراتي رسالة عبر الإنترنت المظلم، بثها شخص عرف لاحقا باسم أبومصطفى، طلب خلالها التبرع بـ “البيتكوين” للتنظيم. واقعة أخرى حدثت من إندونيسيا، حيث جمعت جماعة متطرفة تدين لداعش بالولاء، تبرعات من مانحين محليين ودوليين، من خلال مواقع على شبكة الإنترنت المظلم. ونجحت الجماعة في جمع عملات بيتكوين تقدر بحوالي٦٠٠ ألف دولار أمريكي في أيام عن طريق الدارك ويب. 

منصات جديدة

غدت منصات التواصل الاجتماعي مثل الفيس بوك وتويتر، انستجرم وتليجرام وغيرها غير مستخدمة من قبل الجماعات الإرهابية التي سعت لاستخدام منصات أخرى للإفلات من الرقابة والتعقب الحكومي، وحسب مرصد الفتاوى التكفيرية التابع للأزهر فإن تطبيق الـ “تيك توك” تنشط عليه تنشط عليه حسابات في الآونة الأخيرة تروج للتنظيمات الإرهابية عن طريق عرض تسجيلات للعمليات الإرهابية التي تحتوي على مشاهد قتل وتنكيل بالجثث. 

C:\Users\Nermeen.Saeed.ecss\Desktop\عزام التميمي\Capture.PNG

وقد كان لهذا التطبيق أكثر من اسم قبل ذلك ولكن تم تغييره للتحايل على الخوارزميات التي أصبحت تغلق المواقع والحسابات التابعة للجماعات الإرهابية تلقائيًا. ولذلك نفذت الجماعات الإرهابية إلى عوالم جديدة من التطبيقات منها تطبيق ” Tam Tam” الروسي وعبر هذا التطبيق تم الإعلان عن تفاصيل هجوم جسر لندن، وقد لجأ تنظيم الدولة الإسلامية لتطبيق ” تام تام” بعد أن أعلن تطبيق “تليجرام” للتراسل الفوري عام 2017 عن حظر أكثر من 8500 قناة كانت تنشر بيانات ومواد دعائية متطرفة. 

C:\Users\Nermeen.Saeed.ecss\Desktop\عزام التميمي\Capture.PNG


كما طورت كل من شركة “تويتر” و”فيسبوك” و”جوجل” خوارزمياتها واستطاعت تحديد وحظر 94 بالمائة من أشرطة الفيديو الدعائية لتنظيم داعش الإرهابي، حسبما نقل الموقع عن وزارة الداخلية البريطانية.
وأصبح تطبيق “تام تام” متاحاً عام 2017 على متجرَي “آبل” و”غوغل”. وانطلق في روسيا بعدما طوّرته شركة “ميل رو”، تزامناً مع حظر السلطات الروسية تطبيق “تليجرام”، حيث تم إنشاء عدة قنوات لداعش على ” تام تام” منها ” Nasher News Agency” أو وكالة نشر للأنباء.

ومن مميزات التطبيق أن حجمه صغير “16 ميجا” ومتاح على جميع الهواتف ويعمل حتى بالإنترنت البطيء، وكل ما يحتاجه المستخدم للوصول إلى جميع المنصات هو رقم هاتف فقط، الأمر الذي جعله الملاذ الآمن لتنظيم “داعش”. ويمكن من خلاله تبادل الرسائل النصية والصور، وحتى الرسائل الصوتية والفيديوهات مع الآخرين. وأخذت التطبيقات الجديدة في التدافع والانتشار معلنة عن حقبة جديدة للإرهاب فدخلت الصين على الخط وظهر تطبيق قدمته شركة تينسنت الصينية، والتي تعد واحدة من الشركات العملاقة في مجال التكنولوجيا بالبلد الآسيوي، تطبيق الدردشات “وي شات – WeChat”، الذي تحول بسرعة الصاروخ من مجرد أداة لتبادل الرسائل إلى مصدر تهديد لكبار مواقع التواصل الاجتماعي والدردشات فيسبوك وواتساب ثم منصة جدية للجماعات الإرهابية. 

C:\Users\Nermeen.Saeed.ecss\Desktop\عزام التميمي\Capture.PNG

وأطلقت شركة تينسنت تطبيق “وي شات” في عام 2011 أي بعد مرور 7 أعوام كاملة على انطلاق موقع التواصل الاجتماعي الأكبر على مستوى العالم “فيسبوك”، وبدأ كتطبيق دردشات عادي ثم توسع ليصبح موقعا من أهم منصات التواصل حيث يعمل على الهواتف الذكية وكذلك على أجهزة الكمبيوتر، ويدعم العديد من المميزات.

وظهرت روسيا على الطريق مرة أخرى عن طريق الفيس بوك الروسي    ” VKontakte     ويعد من المواقع الأكثر شعبية في روسيا وأوكرانيا وبيلاروسيا وكازاخستان، وله تواجد أيضا بين المستخدمين العرب.

C:\Users\Nermeen.Saeed.ecss\Downloads\الارهاب الالكتروني 4.JPG

  وحسب تقرير لصحيفة الاتحاد الإماراتية فقد ظهر أكثر من تطبيق آخر،  كتطبيق ” كيو كيو” ويتابعه أكثر من 803 ملايين مستخدم نشط شهرياً، أغلبهم من المراهقين والشباب تحت سن 21 عاماً.

C:\Users\Nermeen.Saeed.ecss\Downloads\الارهاب الالكتروني 5.JPG

وتطبيق “ريديت” وهو الوريث لفكرة منتديات الإنترنت، وبه أكثر من 330 مليون مستخدم نشط شهرياً، أغلبهم من أميركا الشمالية. 

C:\Users\Nermeen.Saeed.ecss\Downloads\الارهاب الالكتروني 1.JPG

كذلك اتجهت التنظيمات الإرهابية لاستخدام تطبيق “لينكد إن”. كما ينضم للقائمة الخطرة منصة بنترست، وهي شبكة اجتماعية لنشر وتبادل الصور وبها نحو 250 مليون مستخدم.

C:\Users\Nermeen.Saeed.ecss\Downloads\لارهاب الالكتروني 2.JPG
+ posts

باحث أول بالمرصد المصري

نيرمين سعيد

باحث أول بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى